(٢٨) كِتابُ البُيُوعِ


١- بابُ ما جاءَ في التِّجارةِ،واتِّخاذِ الأسواقِ، وابْتغاءِ الفَضْلِ، وقولِهِ: ﴿وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَیۡعَ﴾ [البقرة:٢٧٥]، وقولِهِ: ﴿إِلَّاۤ أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً عَن تَرَاضࣲ مِّنكُمۡ﴾ [النساء:٢٩]،وقولِهِ: ﴿وَٱبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ﴾ [الجمعة:١٠]


١٠٣١. عن عَائِشةَ قَالَتْ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁ قَالَ: لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنَّ حِرْفَتِي لَمْ تَكُنْ تَعْجِزُ عَنْ مُؤْنَةِ أَهْلِي، وَشُغِلْتُ بِأَمْرِ المُسْلِمِينَ، فَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا المَالِ، وأحتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ عنه. [خ:٢٠٧٠]
1. في الحديث: فضيلة أبي بكر رضي الله عنه، وزهده وورعه غاية الورع.
2. وفيه: فضيلة العمل والاكتساب لسد حاجات المرء نفسه ومن تلزمه نفقتهم.
3. وفيه: دفاع الشخص عن نفسه، ودفع التهمة ولو لم تقع.

١٠٣٢. [ق] ومِن حديثِ أَبي مُوسى: قال عُمَرُ: أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ./ يَعْنِي: الخُرُوجَ إِلَى التِّجَارَة. [خ:٢٠٦٢]
1. قال ابن حجر: «فيه أن الصحابي الكبير القدر الشديد اللزوم لرسول الله ﷺ قد يخفى عليه بعض أمره ويسمعه من هو دونه».
2. قال ابن حجر: «في الحديث: أن العالم المُتبحر قد يخفى عليه من العلم ما يعلمه من هو دونه ولا يقدح ذلك في وصفه بالعلم والتبحر فيه»، قال ابن بطال: «وإن جاز ذلك على عمر فما ظنك بمن هو دونه».

١٠٣٣. [ق] وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ المَدِينَةَ، فَآخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى، فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ. قَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ. فَمَا رَجَعَ حَتَّى اّْسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا. الحديثَ [خ:٢٠٤٩]. وسيأتي [ر:١٧٣٢].
1. قوله: (أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ)، قال ابن حجر: «فيه ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الإيثار حتى بالنفس والأهل».
2. قوله: (بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ)، قال ابن حجر: «فيه تنزه الرجل عما يُبْذل له من مثل ذلك، وترجيح الاكتساب بنفسه بتجارة أو صناعة».
3. قال ابن حجر: «في الحديث: مباشرة الكبار التجارة بأنفسهم مع وجود من يكفيهم ذلك من وكيل وغيره».
4. قال ابن حجر: «في الحديث منقبة لسعد بن الربيع في إيثاره على نفسه بما ذكَرَ، ولعبدالرحمن بن عوف في تنزُّهه عن شيء يستلزم الحياء والمروءة اجتنابه ولو كان محتاجاً إليه».
5. قال ابن حجر: «في الحديث أن من ترك ذلك بقصد صحيح عوضه الله خيراً منه».
6. قال ابن حجر: «في الحديث أن العيش من عمل المرء بتجارة أو حرفة أولى لنزاهة الأخلاق من العيش بالهبة ونحوها».

١٠٣٤. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو المَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلَامُ فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا فِيهِ، فَنَزَلَتْ: ‹لَيسَ عَلَيكُم جُنَاحٌ أَنْ تَبتَغُواْ فَضلًا مِّن رَّبِّكُم فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ› [البقرة:١٩٨]. قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ. [خ:٢٠٥٠]

٢- بابُ كراهَةِ التِّجارةِ إِذا ألهتْ عن ذِكْرِ اللهِ، وخيرِ الكَسْبِ، وَقَال تعالى: ﴿رِجَالࣱ لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرَةࣱ وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ﴾ [النور:٣٧]


• [خت] قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ القَوْمُ يَتَبَايَعُونَ وَيَتَّجِرُونَ، وَلَكِنَّهُمْ إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللهِ لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ.
١٠٣٥. [ق] وعَن جابرٍ قال: أَقْبَلَتْ عِيرٌ ونَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فانفضَّ النَّاسُ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَإِذَا رَأَوۡا۟ تِجَـٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوۤا۟ إِلَیۡهَا وَتَرَكُوكَ قَاۤىِٕمࣰا٢﴾ [الجمعة:١١]. [خ:٢٠٦٤]
١٠٣٦. وعَنِ المِقْدَامِ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ قَالَ: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». [خ:٢٠٧٢]
1. قوله: (وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) ، قال ابن حجر: «الحكمة في تخصيص داود بالذكر أن اقتصاره في أكله على ما يعمله بيده لم يكن من الحاجة؛ لأنه كان خليفة ً في الأرض، وإنما ابتغى الأكل من طريق الأفضل».

١٠٣٧. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لَا يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلَالِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ». [خ:٢٠٥٩]
1. قال ابن التين: «وجه الذم من جهة التسوية بين الأمرين، وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموماً من حيث هو والله أعلم».

٣- بابٌ: الحَلَالُ بَيِّنٌ والحَرامُ بَيِّنٌ، واتِّقاءُ الشُّبهاتِ وتفسيرُها


١٠٣٨.[ق] عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الحَلَالُ بَيِّنٌ وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ، وَالمَعَاصِي حِمَى اللهِ، مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ». [خ:٢٠٥١]
1. قال النووي: «أجمع العلماء على عظم وقع هذا الحديث، وكثرة فوائده، وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، قال جماعة: هو ثلث الإسلام، وأن الإسلام يدور عليه، وعلى حديث: الأعمال بالنية، وحديث: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وقال أبو داود السجستاني: يدور على أربعة أحاديث: هذه الثلاثة، وحديث: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وقيل: حديث ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد ما في أيدي الناس يحبك الناس».
2. قال الجرداني: «هذا الحديث قد أجمع العلماء على كثرة فوائده، ومن أمعن فيه وجده حاويًا لعلوم الشريعة؛ إذ هو مشتمل على الحث على فعل الحلال، واجتناب الحرام، والإمساك عن الشبهات، والاحتياط للدِّين والعِرض، وعدم تعاطي الأمور الموجبة لسوء الظن والوقوع في المحذور، وتعظيم القلب والسعي فيما يصلحه، وغير ذلك».
3. قال النووي: «قال العلماء: وسبب عظم موقعه أنه ﷺ نبه فيه على إصلاح المطعم والمشرب والملبس وغيرها، وأنه ينبغي ترك المشتبهات، فإنه سبب لحماية دينه وعرضه، وحذر من مواقعة الشبهات، وأوضح ذلك بضرب المثل بالحمى، ثم بين أهم الأمور، وهو مراعاة القلب فقال ﷺ: (ألا وإن في الجسد مضغة) إلى آخره».
4. قال النووي: «وأما المشتبهات فمعناه أنها ليست بواضحة الحل ولا الحرمة، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس، ولا يعلمون حكمها، وأما العلماء فيعرفون حكمها بنص، أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك، فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة، ولم يكن فيه نص ولا إجماع اجتهد فيه المجتهد، فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي فإذا ألحقه به صار حلّا، وقد يكون غير خال عن الاحتمال البين، فيكون الورع تركه، ويكون داخلًا في قوله ﷺ: "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"».
5. قوله: (فقد استبرأ لدينه وعرضه) قال النووي: «أي: حصل له البراءة لدينه من الذم الشرعي، وصان عرضه عن كلام الناس فيه».
6. قوله: (ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام) قال النووي: «يحتمل وجهين: أحدهما: أنه من كثرة تعاطيه الشبهات يصادف الحرام، وإن لم يتعمده، وقد يأثم بذلك إذا نسب إلى تقصير.
7. والثاني: أنه يعتاد التساهل، ويتمرن عليه، ويجسر على شبهة ثم شبهة أغلظ منها، ثم أخرى أغلظ، وهكذا حتى يقع في الحرام عمدا، وهذا نحو قول السلف: المعاصي بريد الكفر، أي تسوق إليه، عافانا الله تعالى من الشر»
.

• [خت] وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ: مَا رَأَيْتُ أَهْوَنَ مِنَ الوَرَعِ، دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ.
• وسيأتي حَديثُ/ عُقبة بن الحارث الَّذي قَال فيه النَّبيُّ ﷺ: «كيفَ وَقَدْ قيلَ؟»[ر:٢٣٠٠].
• وقوله لسَودَةَ زوجتِهِ: «احْتجبي مِنه»؛ لِمَا رأى مِن شِبهه بِعُتْبة. [ر:١٢٣٤]
• وقوله: «لا تأكلْ، إنَّما سَمَّيْتَ على كَلْبِك ولم تُسمِّ على الآخرِ». [ر:٢٤٦٢]
وسيأتي كلُّ ذلك، وقد تقدَّم اجتنابه ﷺ للتَّمرة السَّاقطةِ عَلى فراشه مخافةَ أن تكونَ مِن الصَّدقةِ[خ:٢٠٥٥].

٤- بابُ النَّفقةِ مِنَ الكَسْبِ الطَّيِّبِ، وقولِهِ تعالى: ﴿أَنفِقُوا۟ مِن طَیِّبَـٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ﴾ [البقرة:٢٦٧]


١٠٣٩. [ق] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبيُّ ﷺ: «إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا». [خ:٢٠٦٥]
1. قال النووي: «واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يعلم رضا المالك به في العادة، فان زاد على المتعارف لم يجز، وهذا معنى قوله: (إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ) فأشار إلى أنه قدر يعلم رضا الزوج به في العادة».

١٠٤٠. [ق] وفي طريق أخرى: «إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ». [خ:٢٠٦٦]

٥- بابٌ: إِثْمُ آكلِ الرِّبا وشاهدِهِ وكاتبِهِ،وقولُهُ تعالى: ﴿ٱلَّذِینَ یَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰا۟ لَا یَقُومُونَ إِلَّا كَمَا یَقُومُ ٱلَّذِی یَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ﴾إِلى قولِهِ تعالى: ﴿لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ ۝٢٧٩﴾ [البقرة: ٢٧٥-٢٧٩]


١٠٤١. [ق] عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ، فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ، وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا». [خ:٢٠٨٥]
١٠٤٢. وعَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ وَثَمَنِ الدَّمِ، وَنَهَى عَنِ الوَاشِمَةِ وَالمَوْشُومَةِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ المُصَوِّرَ. [خ:٢٠٨٦]
الغريب: (الوَاشِمة): هي الَّتي تصنع الوُشُوم؛ وهي شروط في الوجه تُغيَّر بالكُحْل. و(المَوْشُومة): هي الَّتي يُفْعَلُ بها ذلك. و(آكلُ الرِّبا): آخذه. و(مُوكِلُه): الحامل عليه والمُعِين على أكلِه. و(المُصوِّر): يعني به مصوِّرَ ما لَه روحٌ./
1. قال النووي: «واختلف العلماء في سبب نقصان الأجر باقتناء الكلب، فقيل: لامتناع الملائكة من دخول بيته بسببه، وقيل: لما يلحق المارين من الأذى من ترويع الكلب لهم وقصده إياهم، وقيل: إن ذلك عقوبة له لاتخاذه ما نهي عن اتخاذه، وعصيانه في ذلك» .

٦- بابُ ما يَمْحَقُ بَرَكَةَ الكَسْبِ، ووجوبِ الصِّدقِ في البيعِ


١٠٤٣. [ق] عن حَكيمِ بنِ حِزَامٍ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ قال: «المُتَبايعان بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا -أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا- فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». [خ:٢٠٧٩]
1. قوله: (فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) ، قال ابن حجر: «فيه أن الدنيا لا يتم حصولها إلا بالعمل الصالح، وأن شؤم المعاصي يذهب بخير الدنيا والآخرة».
2. وفي الحديثِ: إثباتُ خِيارِ المَجلسِ لكلٍّ مِنَ البائعِ والمشتري؛ مِن إمضاءِ البَيعِ أو فَسْخِه.
3. وفيه: أن البيع يلزم بالتفرق بأبدان المتبايعين من مجلس العقد.
4. وفيه: ذم الكذب، والحث على تركه، وأنه سبب لذهاب البركة من كسب العبد.

١٠٤٤. [ق] وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «الحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ». [خ:٢٠٨٧]
1. قال السيوطي: «ممحقة أي: موضع لنقصان البركة، ومظنة له في المال بأن يسلط الله تعالى عليه وجوهاً يتلف فيها؛ إما سرقاً أو حرقاً أو غرقاً أو غصباً أو نهباً أو عوارض ينفق فيها من أمراض، وغير ذلك مما شاء الله تعالى».
2. قال النووي: «في الحديث النهي عن كثرة الحلف في البيع، فإن الحلف من غير حاجة مكروه، وينضم إليه ترويج السلعة، وربما اغتر المشتري باليمين».
3. وفيه أن الكسب الحرام وإن كَثُرَت كِمِّيّته؛ فإنه منزوع البركة لا خير فيه.

١٠٤٥. وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً وَهُوَ فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاللهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِ لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَیۡمَـٰنِهِمۡ ثَمَنࣰا قَلِیلًا﴾ الآيَةَ [آل عمران: ٧٧]. [خ:٢٠٨٨]
• [خت] قال البُخاري: وَيُذْكَرُ عَنِ العَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: كَتَبَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ مِنَ العَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، بَيْعَ المُسْلِمِ المُسْلِمَ، لَا دَاءَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غَائِلَةَ».
• [خت] قَالَ قَتَادَةُ: الغَائِلَةُ: الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالإِبَاقُ.
قال غيره: والخِبْثة: اسم للغِشِّ، وهو بكسر الخاء.

٧- بابُ أجْرِ إنْظارِ المُعْسِرِ، والتَّجاوزِ عَنِ المُوسِرِ


١٠٤٦. [ق] عن حُذيفةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «تَلَقَّتِ المَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، قَالُوا: عَمِلْتَ مِنَ الخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: كُنْتُ أُيَسِّرُ عَلَى المُوسِرِ، وَأُنْظِرُ المُعْسِرَ». قَالَ: قَالَ: «فَتَجَاوَزُوا عَنْهُ». [خ:٢٠٧٧]
1. قوله: (تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللهُ عَنْهُ)، قال ابن حجر: «فيه أن اليسير من الحسنات إذا كان خالصاً لله كفَّر كثيراً من السيئات».
2. قوله: (قَالَ لِفَتَاهُ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ)، قال ابن حجر: «فيه أن الأجر يحصل لمن يأمر به وإن لم يتول ذلك بنفسه».
3. قال النووي: «وفي هذه الأحاديث فضل إنظار المعسر، والوضع عنه إما كل الدين، وإما بعضه من كثير أو قليل، وفضل المسامحة في الاقتضاء وفي الاستيفاء، سواء استوفي من موسر أو معسر، وفضل الوضع من الدين، وأنه لا يحتقر شيئا من أفعال الخير؛ فلعله سبب السعادة والرحمة».
4. وفيه أن التيسير على الناس، في كل أمر يستطيعه الإنسان، هو عمل خير وبرّ، وإحسان.

١٠٤٧. [ق] وعَنْ أَبي هُرَيْرةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفَتَاهُ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللهُ عَنْهُ». [خ:٢٠٧٨]

٨- بابُ جوازِ مُحاولةِ الصَّنائعِ مِن الصِّياغةِ والخِياطةِ والتِّجارةِ


١٠٤٨. [ق] عن حُسين بنِ عليٍّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغْنَمِ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ،/ وَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلى وَلِيمَةِ عُرُسِي. [خ:٢٠٨٩]
١٠٤٩. [ق] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إنَّ الله حَرَّمَ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّما أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ». فَقَالَ عَبَّاسُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ: إِلَّا الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا ولسُقُفِ بيوتنا، فقال: «إِلَّا الإِذْخِرَ». [خ:٢٠٩٠]
• [ق] وفي رواية: إِلَّا الإِذْخِرَ فإنَّه لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ. [خ:١٨٣٤]
١٠٥٠. [ق] وعَنْ خَبَّابٍ قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي عَلَى العَاصِي بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: لَا أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللهُ ثُمَّ يَبْعَثكَ. قَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَمُوتَ وَأُبْعَثَ، فَسَأُوتَى مَالًا وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَ. فَنَزَلَتْ: ﴿أَفَرَءَیۡتَ ٱلَّذِی كَفَرَ بِـَٔایَـٰتِنَا وَقَالَ لَأُوتَیَنَّ مَالࣰا وَوَلَدًا﴾ [مريم:٧٧]. [خ:٢٠٩١]
١٠٥١. [ق] وعَنْ أَنسِ بنِ مَالِكٍ قال: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ ﷺ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ خُبْزًا وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ القَصْعَةِ، قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ. [خ:٢٠٩٢]
1. قوله: (إن خياطاً دعا رسول الله ﷺ)، قال ابن حجر: «فيه دلالة على أن الخياطة لا تُنافي المُروءة».
2. قوله: (إن خياطاً دعا رسول الله ﷺ لطعام صنعه)، قال ابن حجر: «فيه جواز أكل الشريف طعام من دُونه من مُحترف وغيره وإجابة دعوته».
3. قوله: (فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ)، قال ابن حجر: «فيه مؤاكلة الخادم».
4. قال ابن حجر: «في الحديث ما كان في النبي ﷺ من التواضع واللطف بأصحابه وتعاهدهم بالمجيء إلى منازلهم».
5. قال ابن حجر: «في الحديث: الإجابة إلى الطعام ولو كان قليلاً».
6. قوله: (فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ)، قال ابن حجر: «فيه الحرص على التشبه بأهل الخير والاقتداء بهم في المطاعم وغيرها».
7. وفي الحديث: بيان حب النبي ﷺ لبعض الأطعمة.
8. وفي الحديث: أن من يأكل لأهله وجلسائه يأكل ما يشتهيه حيث رآه في الإناء، إذا علم أن من يأكل معه لا يكره ذلك، وإلا فلا يتجاوز ما يليه.

١٠٥٢. وعن سَهلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ -قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ فَقِيلَ لَهُ: نَعَمْ، هِيَ الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا- قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا. فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ﷺ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ، اّْكْسُنِيهَا. فَقَالَ: «نَعَمْ». فَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ فِي المَجْلِسِ ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ، لَقَدْ عَرْفَتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلًا. فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ. قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ. [خ:٢٠٩٣]
• وقد تقدَّم قوله ﷺ للأنْصارية: «مُرِيْ غلامَكِ النَّجَّار يعملْ لي أعوادًا أُكلِّم النَّاس عليها»[ر:٤٥٩].
1. في الحديث: حسن خلق النبي ﷺ، وسعة جوده، وقبوله الهدية.
2. وفيه: مشروعية الإنكار عند مخالفة الأدب ظاهرا.
3. لابد للمسلم أن يدفع التهمة عن نفسه، في حال الإنكار عليه.
4. وفيه: مشروعية إعداد الكفن في الحياة.
5. وفيه: مشروعية إعداد الشيء للأمر المؤكد حدوثه قبل وقت الحاجة إليه.
6. التبرك بالنبي ﷺ، وآثاره، أما غيره من الصحابة والصالحين فلا.

٩- بابُ خِيَارِ المَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرطِ/


١٠٥٣. [ق] عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ». وَرُبَّمَا قَالَ: «أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ». [خ:٢١٠٩]
١٠٥٤. [ق] وفي رواية: قال: «المُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بَيْعَ الخِيَارِ». [خ:٢١١١]
١٠٥٥. [ق] وفي طريق آخر: «إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبايَعا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا البَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ». [خ:٢١١٢]
١٠٥٦. وعَن سالِم بنِ عَبدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: بِعْتُ مِنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ ﵁ مَالًا بِالوَادِي بِمَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا تَبَايَعْنَا رَجَعْتُ عَلَى عَقِبِي حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِهِ خَشْيَةَ أَنْ يُرَادَّنِي البَيْعَ، وَكَانَتِ السُّنَّةُ أَنَّ المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَمَّا وَجَبَ بَيْعِي وَبَيْعُهُ، رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ غَبَنْتُهُ بِأَنِّي سُقْتُهُ إِلَى أَرْضِ ثَمُودَ بِثَلَاثِ لَيَالٍ، وَسَاقَنِي إِلَى المَدِينَةِ بِثَلَاث. [خ:٢١١٦]
• وقال بخيارِ المَجلسِ ابنُ عُمَرَ، وشُرَيْحٌ، والشَّعبيُّ، وطَاوُوسُ، وعَطَاءٌ، وابنُ أَبي مُليكةَ.

١٠- بابُ التِّجارةِ في الصَّرفِ ومع اليَهُودِ وبالرَّهنِ


١٠٥٧. [ق] عَنْ أبي المِنْهَالِ قال: سَأَلْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ عَنِ الصَّرْفِ؟ فَقَالَا: كُنَّا تَاجِرَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: «إِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ نَسَاءً فَلَا يَصْلُحُ». [خ:٢٠٦٠]
١٠٥٨. [ق] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَت: اشْتَرَى رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَه. [خ:٢٠٩٦]
1. قال النووي: «في الحديث جواز معاملة أهل الذمة، والحكم بثبوت أملاكهم على ما في أيديهم».
2. قال النووي: «وفيه بيان ما كان عليه النبي ﷺ من التقلل من الدنيا، وملازمة الفقر»
3. قال النووي: «وفيه جواز الرهن، وجواز رهن آلة الحرب عند أهل الذمة».
4. قال النووي: «وأما اشتراء النبي ﷺ الطعام من اليهودي ورهنه عنده دون الصحابة، فقيل: فَعَلَه بيانًا لجواز ذلك، وقيل: لأنه لم يكن هناك طعام فاضل عن حاجة صاحبه إلا عنده، وقيل: لأن الصحابة لا يأخذون رهنه ﷺ، ولا يقبضون منه الثمن، فعدل إلى معاملة اليهودي لئلا يضيّق على أحد من أصحابه».

١١- بابُ مَا يُكرهُ مِن الخِدَاعِ في البيعِ، ومِن السَّخَبِ في الأسْواقِ


١٠٥٩. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي البُيُوعِ، فَقَالَ: «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ». [خ:٢١١٧]
١٠٦٠. وعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِي قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: أَجَلْ،/ وَاللهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِنَّاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ شَـٰهِدࣰا وَمُبَشِّرࣰا وَنَذِیرࣰا﴾ [الأحزاب:٤٥]، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وتُفتحُ بِهَا أَعْيُنٌ عُمْيٌ، وَآذَانٌ صُمٌّ، وَقُلُوبٌ غُلْفٌ. [خ:٢١٢٥]
الغَريب: (الخِلَابة): الخَديعة. و(أَجَلْ) بمعنى: نعم، وهِي ساكنة اللَّام. و(الحِرْز): الحِفظ، ويكون الموضع الَّذي يُحرَز فيه الشَّيء. و(الأُمِّيُّ): الَّذي لم يَكْتُب، ويُراد به العَرب هنا. و(الفَظُّ): الجافي في القَول. و(الغَليظ): القاسي القلب. و(السَّخَبُ): ارتفاع الأصوات واختلاطها، بالسِّين، ويُقال بالصَّاد.
1. قوله: (وَلَا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ)، يستفاد منه أن دخول الإمام الأعظم السوق لا يَحُطُّ من مرتبته؛ لأن النفي إنما ورد في ذم السَّخب فيها لا عن أصل الدخول.

١٢- بابٌ: إِذا اشترى دابَّةً وهو عليها هَل يكون ذلك قضاءً؟ وما جاءَ في بيعِ الإِبلِ الجُرْبِ


١٠٦١. [ق] عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَزَاةٍ، فَأَبْطَأَ بِي جَمَلِي وَأَعْيَا، فَأَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «جَابِرٌ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ: أَبْطَأَ عَلَيَّ جَمَلِي وَأَعْيَا فَتَخَلَّفْتُ. فَنَزَلَ يَحْجُنُهُ بِمِحْجَنِهِ ثُمَّ قَالَ: «اّْرْكَبْ». فَرَكِبْتُه، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَكُفُّهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ. قَالَ: «تَزَوَّجْتَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟» قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ: «أَفَلَا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ؟» قُلْتُ: إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ وَتَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ. قَالَ: «أَمَا إِنَّكَ قَادِمٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ فَالكَيْسَ الكَيْسَ». ثُمَّ قَالَ: «أَتَبِيعُ جَمَلَكَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. فَاشْتَرَاهُ مِنِّي بِأُوقِيَّةٍ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَبْلِي، وَقَدِمْتُ بِالغَدَاةِ، فَجِئْنَا إِلَى المَسْجِدِ فَوَجَدْتُهُ عَلَى بَابِ المَسْجِدِ، قَالَ: «آلْآنَ قَدِمْتَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «فَدَعْ جَمَلَكَ، فَادْخُلْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَزِنَ لي وقيةً، فَوَزَنَ لِي بِلَالٌ فَأَرْجَحَ فِي المِيزَانِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى وَلَّيْتُ، فَقَالَ: «ادْعُ لِي جَابِرًا». قُلْتُ: الآنَ يَرُدُّ عَلَيَّ الجَمَلَ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ، قَالَ: «خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ». [خ:٢٠٩٧]
1. قوله ﷺ لبلال: (أعطه أوقية من ذهب وزده) قال النووي: فيه جواز الوكالة في قضاء الديون، وأداء الحقوق، وفيه: استحباب الزيادة في أداء الدين، وإرجاح الوزن.
2. قال النووي: «وفيه جواز طلب البيع ممن لم يعرض سلعته للبيع».
3. قال النووي: «وفيه استحباب ملاعبة الزوجين».
4. قال ابن حجر: «وفيه تفقد الإمام والكبير لأصحابه وسؤاله عما ينزل بهم وإعانتهم بما تيسر من حال أو مال أو دعاء».
5. قال ابن حجر: «وفيه جواز ضرب الدابة للسير وأن كانت غير مكلفة ومحله ما إذا لم يتحقق أن ذلك منها من فرط تعب وإعياء».
6. قال ابن حجر: «وفيه رد العطية قبل القبض لقول جابر هو لك قال لا بل بعنيه».
7. قال ابن حجر: «وفيه جواز إدخال الدواب والأمتعة إلى رحاب المسجد وحواليه واستدل من ذلك على طهارة أبوال الإبل».
8. وفيه: فضيلة لجابر رضي الله عنه، وشفقته على أخواته، وإيثاره مصلحتهن على حظ نفسه.
9. وفيه جواز بيع الدابة مع استثناء ركوبها إلى مسافة معينة.
10. قال ابن الجوزي: «هذا من أحسن التكرم لأن من باع شيئا فهو في الغالب محتاج لثمنه فإذا تعوض من الثمن بقي في قلبه من المبيع أسف على فراقه كما قيل: "وقد تخرج الحاجات يا أم مالك *نفائس من رب بهن ضنين" فإذا رد عليه المبيع مع ثمنه ذهب الهم عنه وثبت فرحه وقضيت حاجته فكيف مع ما انضم إلى ذلك من الزيادة في الثمن»

١٠٦٢. *[ق] وعَنْ**/ عَمرٍو -هو ابْنُ دينار- قالَ: كَانَ هَا هُنَا رَجُلٌ اسْمُهُ نَوَّاسٌ،* وَكَانَتْ عِنْدَهُ إِبِلٌ هِيمٌ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ فَاشْتَرَى تِلْكَ الإِبِلَ مِنْ شَرِيكٍ لَهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ شَرِيكُهُ، فَقَالَ: بِعْنَا تِلْكَ الإِبِلَ، فَقَالَ: مِمَّنْ بِعْتَهَا؟ قَالَ: مِنْ شَيْخٍ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: وَيْحَكَ، ذَاكَ -وَاللهِ- ابْنُ عُمَرَ، فَجَاءَهُ فَقَالَ: إِنَّ شَرِيكِي بَاعَكَ إِبِلًا هِيمًا وَلَمْ يَعْرِفْكَ. قَالَ: فَاسْتَقْهَا، فَلَمَّا ذَهَبَ يَسْتَاقُهَا قَالَ: دَعْهَا، رَضِينَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «لَا عَدْوَى». [خ:٢٠٩٩]
الغَريب: (المِحْجَنُ): عودٌ في طرفه خُطَّافٌ. و(الكَيْس الكَيْس): حضٌّ على الاجتهادِ في ابْتغاءِ الوَلَدِ، وهو منصوبٌ بإضمارِ فعلٍ. و(الإِبلُ الهِيمُ): الجُرُبُ المطليَّة بالقَطِران، وهي يشتدُّ عطشها لحرارة الجَرب والقَطِران. و(اسْتَقها): بمعنى سُقها؛ أي: احْملها.
1. قال الخطابي: «لستُ أدري ما العدوى من هذا الحديث، وإنما الهِيم جماعة الأَهْيَم والهَيْما: وهو العطشان، ومنه قوله عزّ وجلّ: [فشاربون شُرب الهيم]، وقيل: هي التي لا تَرْوى، فإن كان أراد هذا المعنى فما أرى أنّ للعدوى مَدْخلاً في هذا، إلا أن يكون ذلك داء إذا رَعَت مَعَ سائر الإبل أو تُرِكت معها ظُنّ بها العدوى، وقد يُحتمل أن يكون ذلك من الهُيام، وهو كالجنون، يُصيبها فلا تلزم القَصْد في سَيْرها، وهذا المعنى أيضا مثل الأوّل، إلا أن يكون يُصيبها ذلك من داء كما قلنا، والله أعلم».
2. (إِنَّ شَرِيكِي بَاعَكَ إِبِلًا هِيمًا وَلَمْ يَعْرِفْكَ)، قال ابن حجر: «فيه توقي ظلم الرجل الصالح».
3. وفي الحديث: فضيلة ابن عمر رضي الله عنهما، وحسن اتباعه لرسول الله ﷺ، ورضائه بما قضاه، وإن توهم في الظاهر أن فيه ضررا.
4. وفيه: بيع الشيء المعيب، إذا علم المشتري به ورضيه، ورد السلعة بعيبها إذا أخفاه البائع عن المشتري.

١٣- بابُ أَمْرِ المتبايعَينِ بالكَيْلِ، وأنَّه على البائعِ والمُعطي، وقولِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ﴾ [المطففين:٣] أي: كَالوا لهم وَوَزَنُوا لهم.


• [خت] ويُذكر عن عُثْمَان أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «إذا بِعْتَ فكِلْ، وإذا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ».
١٠٦٣. عَنْ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاسْتَعَنْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَضَعُوا مِنْ دَيْنِهِ، فَطَلَبَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «اذْهَبْ فَصَنِّفْ تَمْرَكَ أَصْنَافًا، العَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، وَعَذْقَ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَيَّ». فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَجَلَسَ عَلَى أَعْلَاهُ -أَوْ فِي وَسَطِهِ- ثُمَّ قَالَ: «كِلْ لِلْقَوْمِ». فَكِلْتُهُمْ حَتَّى أَوْفَيْتُهُمُ الَّذِي لَهُمْ، وَبَقِيَ تَمْرِي كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ. [خ:٢١٢٧]
• وفي رواية: قال: «جُذَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ». فما زالَ يكيلُ لي حتَّى أَدَّى. [خ:٢١٢٧]
1. فيه: مشروعية طلب تخفيف الديون إذا أثقل الدين صاحبه، ولكن دون إلزام للدائن.

١٠٦٤. وعَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِب، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ». [خ:٢١٢٨]
1. قال الشيخ السعدي: «أصح ما قيل فيه، وفي معناه: أنه الطعام الذي يخرجه صاحب البيت على عائلته، وهو الذي يدل عليه، وهو المناسب للمعنى، وهذا الكلام من النبي ﷺ أصل كبير، وقاعدة أساسية، وميزان لما دلت عليه الآية الكريمة: قال تعالى: {وَٱتَّقُوا۟ یَوۡمࣰا تُرۡجَعُونَ فِیهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسࣲ} [سورة الفرقان:67]. ، فمعنى كيلوا طعامكم: أي قدروه بمقدار كفاية المنفَقِ عليهم من غير زيادة ولا نقصان؛ فإن في ذلك سلوكاً لطريق الاقتصاد والحزم والعقل».
2. لا يعارض هذا الحديث حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الصحيحين: «... كان عندي شطر شعير، فأكلت منه حتى طال علي، فكلته ففني»؛ وأجيب بأن الكيل عند المبايعة مندوب إليه؛ لأنه محبوب من أجل تعلق حق المتابيعين، وأما الكيل عند الإنفاق فمكروه؛ لأن الباعث عليه الشح.

١٤- بابُ النَّهي عَن بيعِ الطَّعامِ قبلَ قَبضِهِ وإن بيعَ جِزَافًا


١٠٦٥. [ق] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ طَعَامًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ./ قالَ طَاووسُ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ ذَلكَ؟ قَالَ: ذَاكَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ، وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ. [خ:٢١٣٢]
• [ق] وفي روايةٍ [خ:٢١٣٥] قالَ ابنُ عبَّاسٍ: ولا أَحْسِبُ كلَّ شيءٍ إلَّا مِثْلَهُ.
١٠٦٦. [ق] وعنِ ابنِ عُمَرَ قالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ». [خ:٢١٣٣]
• وفي رواية: «حتَّى يَسْتَوْفِيَهُ». [خ:٢١٢٦]
١٠٦٧. [ق] وعنه قال: لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَبْتَاعُونَ جِزَافًا -يَعْنِي الطَّعَامَ- يُضْرَبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ. [خ:٢١٣٧]

١٥- بابُ النَّهيِ عن بيعِ الرَّجلِ على بيعِ أخيْهِ، وعَنِ النَّجْشِ، وجوازِ بيعِ المُزايدةِ


١٠٦٨. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ». [خ:٢١٣٩]
١٠٦٩. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا. [خ:٢١٤٠]
1. وفي الحديث: بيان حرص النبي ﷺ على كل ما هو خير لأمته، ورفقه بها، حتى في المصالح الدنيوية.
2. وفيه: النهي عن اتباع طرق البيع والشراء التي تؤدي إلى احتكار السلع، وغلاء الأسعار.
3. وفيه: أن الإمام وولي الأمر يرشد الناس في أعمال بيوعهم وشرائهم داخل الأسواق.

١٠٧٠. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ النَّجْشِ. [خ:٢١٤٢]
١٠٧١. [ق] عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَاحْتَاجَ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ؟» فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بِكَذَا وَكَذَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. [خ:٢١٤١]
الغريب: (النَّجْشُ): الزِّيادةُ في ثَمنِ السِّلعةِ ليغرَّ غيرَهُ، ومحمَلُ النَّهي عن بيعِ الرَّجلِ على بيعِ أخيهِ وَعَنِ الخِطْبَة على خِطْبَتهِ على ما إذا تَقَاربا وتراكنا. والله أعلم.

١٦- بابُ النَّهي عَن بُيُوعٍ كانت الجاهليَّةُ تَبْتَاعُها


١٠٧٢. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ، وَكَانَ بَيْعًا يبتاعُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا. [خ:٢١٤٣]
١٠٧٣. [ق] وَعَنْ أَبِي سعيدٍ الخُدريِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى عَنِ المُنَابَذَةِ -وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالبَيْعِ إِلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ- وَنَهَى عَنِ المُلَامَسَةِ. وَالمُلَامَسَةُ: لَمْسُ الثَّوْبِ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ. [خ:٢١٤٤]
١٠٧٤. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى عَنِ/ المُلَامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ. [خ:٢١٤٦]
١٠٧٥. [ق] وعَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: المُلَامَسَةِ، وَالمُنَابَذَةِ. [خ:٢١٤٧]
الغَريب: (حَبَل الحَبَلةِ): بفتح البَاء فيهما، وأصْل الحَبَل في بنات آدم، والحَمل في غيرهم، قاله أبو عُبَيدٍ، فأمَّا (الحَبْلة) الَّتي هي الكَرْمَةُ فبسكون الباء، وقد تُفتح. و(الجَزور): بفتح الجيم، ما يُجزَر مِن الإبلِ، والجَزَرَة مِن غيرها. و(لِبْستانِ): بكسر اللَّام، تثنية لِبْسَة، وهي الهيئة؛ ويعني بهما: الاحْتباء في ثوبٍ واحدٍ وليس على فَرْجِه منه شيء. و(اشْتمال الصَّمَّاء): وهي أن يلتفَّ في الثَّوب ولا يَدَعَ لِيَدَيْهِ مَخْرجًا.

١ آخى النبي ﷺ بين عبدالرحمن بن عوف ﵁ وبين (....)

٥/٠