١٧- بابُ النَّهي عَنِ التَّصْرِيَةِ والتَّحْفِيلِ


١٠٧٦. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرةَ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ: «لَا تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ». [خ:٢١٤٨]
• وفي روايةٍ: «وهو بالخَيارِ ثلاثًا»، وقال: «صاعًا مِن طَعامٍ». [خ:٢١٤٨]
• وفي رواية: «ففي حَلَبَتِها صاعٌ مِن تمرٍ». [خ:٢١٥١]
١٠٧٧. [ق] وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّهَا، فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ. [خ:٢١٤٩]
الغريب: (لَا تُصَرُّوا): الرِّواية الصَّحيحة بضمِّ التَّاء وفتح الصَّاد على وزن (تُزَكُّوا)، وعَلى تعليله، وهو مِن التَّصرية، وهي جمع الماء في الحوض، فأصله على هذا: تُصَرْيُوا، فاستُثقلت الضَّمَّة على الياء فنُقلت إلى الرَّاء، ثمَّ حُذفت لالتقاء السَّاكنين. وإنَّما ضمَّن الشارع اللَّبن المحلوب بالصَّاع رَفعًا للخُصومة، وخصَّه بالتَّمر لأنَّه الأيَسر عليهم. و(التَّحفيلُ): هو التَّصرية، و(الحَفْل) و(المِحْفَل): هو الجمع الكثير مِن النَّاس.

١٨- بابُ النَّهي عَن بيعِ الحاضِرِ للبَادِي وعَن تَلَقِّي السِّلَعِ


١٠٧٨. [ق] عَنِ ابنِ عبَّاسٍ قال: قالَ رسولُ الله ﷺ: «لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ». قيل لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ: «لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟» قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا. [خ:٢١٥٨]
1. الحكمة في النهي لئلا يُخْدَعوا، فيشترى منهم سلعهم بأقل من قيمتها بكثير.

١٠٧٩. [ق] وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى/ يُهْبَطَ بِهَا إِلَى السُّوقِ». [خ:٢١٦٥]
١٠٨٠. وفي رواية: قال عبد الله: كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبانَ فَنَشْتَرِي مِنْهُمُ الطَّعامَ، فَنَهانا النَّبِيُّ ﷺ أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّىَ يُبْلَغَ بِهِ سُوقُ الطَّعامِ. [خ:٢١٦٦]
اختُلف في هذا النَّهي: هل هو لحقِّ الله تعالى فيُفسخ، وهو الَّذي أَشار إليه البخاري بقوله: إنَّه مردودٌ وصاحبه آثم. والجمهور على أنَّه لحقِّ الآدمي بما يدخل عليه مِن الضَّرر. ثمَّ اختُلف فيمَن يرجع عليه الضَّمير، فقال الشَّافعي: هو البائع، فيدخل عليه ضَرر الغَبْن فيكون صاحبه بالخِيَار. وقال مالك: بل هم أهل السُّوق فيخيَّر أهل السُّوق. ويختلف في النَّهي عن بيع الحاضر للبادي على نحو ذلك.

١٩- بابُ إلغاءِ الشَّرطِ الفاسدِ في البيعِ ولزومِ الشَّرطِ الصَّحيحِ


١٠٨١. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً فَتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا: نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». [خ:٢١٦٩]
• [ق] وفي روايةٍ: فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِئَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». [خ:٢١٦٨]
1. قال النووي: «في الحديث جواز خدمة العتيق لمعتقه برضاه».
2. قال النووي: «وفيه أنه يستحب للإمام عند وقوع بدعة أو أمر يحتاج إلى بيانه أن يخطب الناس ويبين لهم حكم ذلك وينكر على من ارتكب ما يخالف الشرع».
3. قال النووي: «وفيه استعمال الأدب وحسن العشرة وجميل الموعظة كقوله ﷺ: (مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ) ولم يواجه صاحب الشرط بعينه لأن المقصود يحصل له ولغيره من غير فضيحة وشناعة عليه».
4. قال النووي: «فيه أن الخطب تبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله».
5. قال النووي: «وفيه أنه يستحب في الخطبة أن يقول بعد حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسول الله ﷺ: أما بعد، وقد تكرر هذا في خطب النبي ﷺ».
6. قال النووي: «وفيه التغليظ في إزالة المنكر والمبالغة في تقبيحه»

١٠٨٢. [ق] عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوْفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ». [خ:٢٧٢١]
1. قال الخطابي: «الشروط في النكاح مختلفة، فمنها ما يجب الوفاء به اتفاقًا، وهو ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، قال: ومنها ما لا يوفى به اتفاقًا؛ كسؤال طلاق أختها، ومنها ما اختلف فيه؛ كاشتراط ألا يتزوَّج عليها، أو لا يتسرَّى، أو لا ينقلها من منزلها إلى منزله».

٢٠- بابُ ذِكْرِ الرِّبَويَّاتِ وأصْنافِها، وذِكْرِ الصَّرفِ


١٠٨٣. [ق] عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ التَمَسَ صَرْفًا بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي، فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنَ الغَابَةِ. وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَاللهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَه مِنْهُ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الذَّهَبُ بالوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالبُرُّ بِالبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ»./ [خ:٢١٧٤]
1. قوله: (فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ فَتَرَاوَضْنَا)، قال ابن حجر: «فيه المماكسة في البيع والمُراوضة وتقليب السلعة، وفائدته الأمن من الغبن».
2. قوله: (وَاللهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَه مِنْهُ)، قال ابن حجر: «فيه أن من العلم ما يَخفى على الرجل الكبير القدر حتى يُذَكِّره غيره».
3. قال ابن حجر: «في الحديث أن الإمام إذا سمع أو رأى شيئاً لا يجوز ينهى عنه ويرشد إلى الحق».
4. قال ابن حجر: «في الحديث أن من أفتى بحكم حسن أن يَذْكُر دليله».

١٠٨٤. [ق] وعَنْ أَبي بَكْرَة قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَالفِضَّةَ بِالفِضَّةِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالفِضَّةِ، وَالفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْتُمْ». [خ:٢١٧٥]
١٠٨٥. [ق] وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الوَرِقَ بِالوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ». [خ:٢١٧٧]

٢١- بابُ مَن قالَ: لا رِبا إلَّا في النَّسيئةِ


١٠٨٦. [ق] عن عَمروِ بنِ دِينارٍ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ الزَّيَّاتَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ يَقُولُ: الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُهُ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: أسَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللهِ؟ فَقَالَ: كُلَّ ذَلِكَ لَا أَقُولُ، وَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللهِ مِنِّي، وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا رِبا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ». [خ:٢١٧٨]
1. قال ابن حجر: «في قصة أبي سعيد مع ابن عمر ومع ابن عباس أن العالم يناظر العالم ويوقفه على معنى قوله ويَرَدُّهُ من الاختلاف إلى الاجتماع ويحتج عليه بالأدلة».
2. قوله: (وَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللهِ مِنِّي)، قال ابن حجر: «فيه إقرار الصغير للكبير بفضل التقدم».

• قلت: ظاهر هذا أنَّه يجوز بيع الذَّهب بالذَّهب مُتفاضلًا إذا كان يدًا بيد، وكذلك الفضَّة بالفضَّة، وإلى هذا ذهب ابن عبَّاس وابن عُمر وأسامة بن زيد وعبد الله بن الزُّبير وزيد بن أرقم. وجمهور الصَّحابة ومَن بعدهم على منع ذلك للأحاديث المذكورة قبل هَذا الباب، ورأوا أنَّها ناسخة لحديث أسامة، وقد رجع عن ذلك ابنُ عبَّاس وابنُ عُمر.

٢٢- بابُ النَّهي عن بيْعِ المُزَابنةِ


١٠٨٧. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ. وَالمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالكَرْمِ كَيْلًا. [خ:٢١٧١]
• [ق] وفي رواية: إنْ زاد فَلِي، وإن نَقَصَ فَعَلَيَّ. [خ:٢١٧٢]
١٠٨٨. [ق] ومِن حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ وَالمُحَاقَلَةِ، وَالمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رُؤوسِ النَّخْلِ. [خ:٢١٨٦]
الغريب: (المُزَابَنةُ): مَأخوذة مِن الزَّبْن وَهو الدَّفع، وكأنَّ كلَّ وَاحد مِن المتبايعَيْنِ يدفع الآخر عن حقِّه، وحاصلها عند/ الشَّافعي: بيع مجهولٍ بمجهولٍ، أو بمعلوم مِن جنس يَحْرُم الرِّبا في نقده، وخالفه مالك في هذا القيد الآخر فقال: سواءٌ كان ربويًّا أو غيره. و(المُحَاقَلَةُ): مأخوذ مِن الحَقْلِ، وهي المَزْرَعةُ، وتُجمع مَحَاقِل، كما قال ﷺ للأنْصار: «ما تصنعون بِمِحَاقِلِكُم؟»^([خ:٢٣٣٩]) وفي مثل هذا للعَرب: لا تُنْبِتُ البَقْلَة إلَّا الحَقْلَة. وأَوْلَى ما قيل في المحاقلة المنهيِّ عنها أنَّها كِرَى الأرْض على ما تُنْبتُهُ.

٢٣- بابُ ما جاءَ في العَرِيَّةِ


١٠٨٩. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أرْخَصَ فِي بَيْعِ العَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ. [خ:٢١٩٠]
١٠٩٠. [ق] وعَنْ سَهْلِ بنِ أبي حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَرَخَّصَ فِي العَرَايا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا، يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا. [خ:٢١٩١]
• [ق] وفي رواية: بخَرْصِهَا كَيْلًا. [خ:٢١٩٢]
• [خت] قالَ البخاريُّ: قَالَ مَالِكٌ: العَرِيَّةُ: أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ، وَيَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ، فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: العَرِيَّةُ: لَا تَكُونُ إِلَّا بِالكَيْلِ مِنَ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ، لَا تَكُونُ بِالجِزَافِ. قال: وَمِمَّا يُقَوِّيهِ قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: بِالأَوْسُقِ المُوَسَّقَةِ.
• [خت] وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ: العَرَايَا: نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا، رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاؤوا مِنَ التَّمْر.
• [خت] وقال موسى بن عُقبة: والعَرَايا نخلاتٌ معلوماتٌ يأتيها فيشتريها.
قلت: ولم أرَ خلافًا بين أهل اللُّغة في أنَّ العَرِيَّةَ اسم للنَّخلة المُعطى ثمرُها، وقد سَمَّت العرب عطايا خاصَّةً بأسماء خاصَّة؛ كالمَنِيحَةِ: اسمٌ للشَّاة المُعطى لبنها، والأفْقَار: اسمٌ لما أُعير ركوب فقاره، والإخْبال: اسمٌ لما يُنتفع به مِن المَال. ولهذا فسَّر مَالك وأحمد بن حنبل وإسحاق والأوْزاعي العَريَّةَ المذكورةَ في الحديثِ بأنَّها إعطاء الرَّجل مِن جملة حائطِهِ نخلة أو نخلتين عامًا، غير أنَّهم اختلفوا في كثيرٍ مِن شروطها وأحكامها، استوعبنا ذلك في كتابنا: «المفهم لِمَا أشكل مِن كتاب مُسلم»./

٢٤- بابُ بيْعِ الثِّمارِ قَبْلَ بدوِّ صَلَاحها


١٠٩١. عن زَيدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ، فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ تَقَاضِيهِمْ، قَالَ المُبْتَاعُ: إِنَّهُ أَصَابَ الثَّمَرَ الدُّمَانُ، أَصَابَهُ قُشَامٌ -عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ: «فَإِمَّا لَا، فَلَا تَبتَاعُوا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُ الثَّمَرِ». كَالمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ. [خ:٢١٩٣]
• [خت] وَلَمْ يَكُنْ زَيْدٌ يَبِيعُ ثِمَارَ أَرْضِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا، فَيَتَبَيَّنَ الأَصْفَرُ مِنَ الأَحْمَرِ. رواه معلَّقًا.
١٠٩٢. [ق] وَعَنِ ابنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، نَهَى البَائِعَ وَالمُبْتَاعَ. [خ:٢١٩٤]
١٠٩٣. [ق] وعَنْ جابرِ بنِ عبدِ الله قال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشَقِّحَ. قِيلَ: وَمَا تُشَقِّحُ؟ قَالَ: تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا. [خ:٢١٩٦]
١٠٩٤. [ق] وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا تُزْهِي؟ قَالَ: حَتَّى تَحْمَرَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟». [خ:٢١٩٨]
1. فيه تحريم أكل أموال الناس بغير حق، ولو بما فيه صورة رضا من الطرفين.

٢٥- بابُ إذا أرادَ بيْعَ تمرٍ بتمرٍ خيرٍ منه، كيفَ يَصْنَعُ؟ ومَن باعَ نخلًا قد أُبِّرَتْ؟


١٠٩٥. [ق] عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟» قَالَ: لَا وَالله يا رَسُولَ اللِه، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاث. فَقَالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا». [خ:٢٢٠١]
(الجَمْعُ مِن التَمْرِ): المُجتمع مِن أصناف مختلفة. و(الجَنِيبُ): صِنف مِن التَّمر عالٍ.
1. فيه: أنه كان من عادة رسول الله ﷺ إذا نهى عن شيء له بديل من المباح؛ أن يذكر هذا البديل.
2. وفيه: أن من لم يعلم بتحريم الشيء فلا حرج عليه حتى يعلمه.

١٠٩٦. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتهَا لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ»./ [خ:٢٢٠٤]
(إِبَار النَّخل): تلقيحُه، وهو أنْ يَجْعَلَ في أُنثى النَّخل مِن فُحولها، فتثبُتُ عند ذلك ثمرتُها، وفَصِيحُه: أَبَرْت النَّخلَ -مخفَّف الرَّاء- ومُضارع ذَلك: آبرُ بضمِّ الباء وكسرها، ويُقال: أَبَّرْتُ النَّخلة تأبيرًا، مشدَّد الباء، يُقال: تَأَبَّر الفَسِيلَ: إذا قَبِلَ الفَحل.

٢٦- بابُ حَمْلِ النَّاسِ على العُرْفِ الجَاري فيما بينهم في النُّقود والمَكَايلِ والمَوازين


• [خت] وقال شُرَيْح للغَزَّالِين: سُنَّتُكمْ بَيْنَكُم.
١٠٩٧. عَنْ عَائِشَةَ: قَالَتْ هِنْدٌ ﵂ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا؟ قَالَ: «خُذِي أَنْتِ وبنيكِ بِالمَعْرُوفِ». [خ:٢٢١١]
1. فيه جواز سماع كلام الأجنبية للحاجة.
2. وفيه جواز ذكر الإنسان بما يكره للشكوى والفتيا، إذا لم يقصد الغيبة.
3. وفيه اعتماد العرف في الأمور التي ليس فيها تحديد شرعي، فقد جعل لها من النفقة الكفاية، وهذا راجع إلى ما كان متعارفا في نفقة مثلها وأولادها.
4. وفيه أن من ظفر بحقه من عند شخص أنكره عليه له أن يأخذ حقه من ذلك الشخص إذا قدر ولم يترتب على ذلك مفسدة وكان ذلك ظاهراً كدين ونفقة ونحوها.
5. وفيه جواز خروج الزوجة من بيتها لحاجتها من محاكمة واستفتاء وغيرهما، إذا أذن لها زوجها في ذلك، أو علمت رضاه به.

١٠٩٨. [ق] وعنها: ﴿وَٱبۡتَلُوا۟ ٱلۡیَتَـٰمَىٰ حَتَّىٰۤ إِذَا بَلَغُوا۟ ٱلنِّكَاحَ فَإِنۡ ءَانَسۡتُم مِّنۡهُمۡ رُشۡدࣰا فَٱدۡفَعُوۤا۟ إِلَیۡهِمۡ أَمۡوَ ٰ⁠لَهُمۡۖ وَلَا تَأۡكُلُوهَاۤ إِسۡرَافࣰا وَبِدَارًا أَن یَكۡبَرُوا۟ۚ وَمَن كَانَ غَنِیࣰّا فَلۡیَسۡتَعۡفِفۡۖ وَمَن كَانَ فَقِیرࣰا فَلۡیَأۡكُلۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِذَا دَفَعۡتُمۡ إِلَیۡهِمۡ أَمۡوَ ٰ⁠لَهُمۡ فَأَشۡهِدُوا۟ عَلَیۡهِمۡۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِیبࣰا ۝٦ لِّلرِّجَالِ نَصِیبࣱ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَ ٰ⁠لِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَلِلنِّسَاۤءِ نَصِیبࣱ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَ ٰ⁠لِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنۡهُ أَوۡ كَثُرَۚ نَصِیبࣰا مَّفۡرُوضࣰا ۝٧﴾ [النساء:٦]، أُنْزِلَتْ فِي وَالِي اليَتِيمِ الَّذِي يَقومُ عَلَيْهِ وَيُصْلِحُ فِي مَالِهِ، إِنْ كَانَ فَقِيرًا فليأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ. [خ:٢٢١٢]

٢٧- بابُ مَا جاء في الشُّفْعة، وبَيْعِ الشَّريكِ مِن شَرِيكِهِ، ومُعاملةِ المُشركينَ


١٠٩٩. [ق] عن جابر: جَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ. [خ:٢٢١٣]
• [ق] وفي رواية: قَضى رَسول الله ﷺ بالشُّفعة في كلِّ ما لم يُقْسَم. وذكر نحوه. [خ:٢٢١٤]
١١٠٠. [ق] وعن عبد الرَّحمن بن أبي بكر قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ له النَّبِيُّ ﷺ: «بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً؟» -أَوْ قَالَ: «هِبَةً»- قَالَ: لَا، بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً. [خ:٢٢١٦]
(المُشْعَان): الشَّعِثُ المُنْتَفِشُ الشَّعرِ.
1. قال ابن حجر: «في الحديث جواز قبول الهدية من المشرك؛ لأنه سأله هل يبيع أو يهدي؟».
2. وفيه: مشروعية شراء الأشياء من الشخص المجهول الذي لا يعرف، حتى يطلع على ما يلزم التورع عنه، أو يوجب ترك مبايعته؛ من غصب، أو سرقة، أو شبههما.

٢٨- بابُ تحريمِ بيعِ الحُرِّ والخِنْزِيرِ والخَمْرِ والنَّجاسَاتِ والصُّورِ


١١٠١. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «قَالَ اللهُ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ/ يُعْطِ أَجْرَهُ». [خ:٢٢٢٧]
1. قوله (وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ): قال ابن حجر: «خص الأكل بالذكر لأنه أعظم مقصود، قال المهلب: "وإنما كان إثمه شديدًا لأن المسلمين أكفاء في الحرية، فمن باع حرًّا فقد منعه التصرف فيما أباح الله له وألزمه الذل الذي أنقذه الله منه"».
2. قوله: (وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ) قال ابن حجر: «وهو في معنى من باع حرًّا فأكل ثمنه؛ لأنه استوفى منفعته بغير عوض، وكأنه أكلها؛ ولأنه استخدمه بغير أجرة وكأنه استعبده»

١١٠٢. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيرةَ أيضًا قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ». [خ:٢٢٢٢]
1. في الحديث: بشارة ببقاء الإسلام، وسيادته في الأرض.
2. وفيه: أن الدين عند الله الإسلام، وهو دين الأنبياء جميعا.
3. وفيه: تغيير المنكر باليد للمستطيع، دون أن يجر ذلك مفسدة أعظم

١١٠٣. [ق] وعَنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: بلغَ عُمَرَ أَنَّ فلانًا بَاعَ خَمْرًا، فَقالَ: قَاتل اللهُ فُلانًا، ألم يَعْلَم أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قال: «قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا»؟. [خ:٢٢٢٣]
الغريب: (قَاتلَ اللهُ اليَهُودَ) أي: قَتَلَهم وأهْلَكَهم، وقيل: لعنهم. و(جَمَلُوهَا): أذابوها. و(الجَميلُ): الشَّحم المُذاب.
1. قوله (قاتل الله فلانا، ألم يعلم)، قال ابن حجر: «فيه إقالة ذوي الهيئات زلاتهم؛ لأن عمر اكتفى بتلك الكلمة عن مزيد عقوبة ونحوها».
2. قوله: (قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها)، قال ابن حجر: «فيه إبطال الحيل والوسائل إلى المحرم».
3. وفيه: استعمال القياس في الأشباه والنظائر.

• [ق] ومِن حديث أَبي هُرَيْرَةَ: «فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا». [خ:٢٢٢٤]
١١٠٤. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَاتُ سُورَةِ البَقَرَةِ مِن آخِرِهَا، خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ فِي الخَمْرِ». [خ:٢٢٢٦]
١١٠٥. [ق] وعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ مِنِ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَقُولُ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا». فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاّْصْفَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ. [خ:٢٢٢٥]
الغريب: (المُقْسِط): العَادل. و(القَاسِط): الجَائر. و(يضعُ الجِزيةَ) قيل: يَضربُها ويُلزمها للنَّصارى، وقيل: يَضَعها -أي: لا يَقبلُها- لاستغناء النَّاس عنها بما أَخرجتْ لهم الأرضُ مِن الأموالِ. و(الخَمْر): ما خَامر العقل؛ أي: سَتره وغطَّاه، ولا فرق عندنا بين المعتصَر مِن العِنَب وغيره. وَ(رَبَا): انتفخ وزَفَرَ.

٢٩- بابُ بيْعِ الحَيوانِ نَسِيئةً إذا اختلفتِ المَنَافعُ، وجوازِ بيعِ الرَّقيقِ المَعِيبِ إذا بَيَّنَ


• [خت] وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ.
• [خت] وَقَالَ/ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ يَكُونُ البَعِيرُ خَيْرًا مِنَ البَعِيرَيْنِ.
• [خت] وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا، وَقَالَ: آتِيكَ بِالآخَرِ غَدًا رَهْوًا إِنْ شَاءَ اللهُ.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: لَا رِبَا فِي الحَيَوَانِ: البَعِيرُ بِالبَعِيرَيْنِ، وَالشَّاةُ بِالشَّاتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ.
• قَالَ أَبُو محمَّدٍ الأَصِيليُّ: لا يصحُّ عن ابْنِ سِيرِينَ قوله: لَا بَأْسَ ببَعِيرٍ بِبَعِيرَيْنِ ودِرْهَمٍ بدِرْهَمَين نَسِيئَةً.
١١٠٦. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيها، وَإِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ». [خ:٢٢٣٤]
1. فيه: التنبيه على ترك توبيخ صاحب المعصية خاصة إذا أقيم عليه الحد.
2. قال ابن عثيمين: «إذا قال قائل: إذا باعها، فما الفائدة إذا كانت قد ألفت الزنا، والعياذ بالله؟ نقول: لأنه إذا تغيرت بها الأحوال، فربما تتغير حالها، وأيضا إذا باعها، فسوف يخبر المشتري بأنها أمة تزني، وسوف يكون المشتري شديدا عليها حتى يمنعها من ذلك».

٣٠- بابُ مَن قالَ: يُلتذُّ مِن الحامِلِ والمستبرأة بما دُوْنَ الوَطءِ


• [خت] وَلَمْ يَرَ الحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُقَبِّلَهَا أَوْ يُبَاشِرَهَا.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا وُهِبَتِ الوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ، أَوْ بِيعَتْ أَوْ عَتَقَتْ فَلْيُسْتَبْرَأْ رَحِمُهَا بِحَيْضَةٍ، وَلَا تُسْتَبْرَأُ العَذْرَاءُ.
• [خت] وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الحَامِلِ مَا دُونَ الفَرْجِ. قَالَ اللهُ ﷿: ﴿إِلَّا عَلَىٰۤ أَزۡوَ ٰ⁠جِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ﴾ [المؤمنون:٦].
١١٠٧. [ق] وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ». وَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ. [خ:٢٢٣٥]
(يُحَوِّي) أي: يجعل لها حِواءً؛ أي: سِترًا يسترُها به.

٣١- بابُ ما جاءَ في السَّلَمِ وشُرُوطِهِ، وجَوازِ أَخْذِ الرَّهْنِ فيهِ


١١٠٨. [ق] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسولُ اللهِ ﷺ المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ في التَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ»./ [خ:٢٢٤٠]
١١٠٩. وعن محمَّدِ بنِ أَبِي المُجَالِدِ قَالَ: بَعَثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبُو بُرْدَةَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فَقَالَا: سَلْهُ، هَلْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ يُسْلِفُونَ فِي الحِنْطَةِ؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ: كُنَّا نُسْلِفُ نَبِيطَ أَهْلِ الشَّأْمِ فِي الحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّيْتِ -في رواية [خ:٢٢٥٤]: والزَّبيب، مكان الزَّيت- فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. قُلْتُ: إِلَى مَنْ كَانَ أَصْلُهُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ بَعَثَانِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ يُسْلِفُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَمْ نَسْأَلْهُمْ: أَلَهُمْ حَرْثٌ أَمْ لَا؟ [خ:٢٢٤٤]
1. قوله: (ثُمَّ بَعَثَانِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ يُسْلِفُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ)، قال ابن حجر: «فيه رجوع المختلفين عند التنازع إلى السنة».

١١١٠. وفي رواية قال: إنَّا كنَّا نُسْلِفُ على عهدِ رسول الله ﷺ وأبي بكرٍ وعُمَرَ في الحِنطة والشَّعير والزَّبيب والتَّمْر. [خ:٢٢٤٢]
١١١١. [ق] وعنْ عَائِشَةَ قَالَت: اشْتَرَى رَسُولُ اللهِ ﷺ طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ. [خ:٢٢٥١]

٣٢- بابُ عَرْضِ الشُّفْعةِ على صاحبِها قَبْلَ البيعِ، وأيُّ الجارَين أحقُّ بها


• [خت] قَالَ الحَكَمُ: إِنْ أَذِنَ لَهُ قَبْلَ البَيْعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ.
• [خت] وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَنْ بِيعَتْ شُفْعَتُهُ وَهْوَ شَاهِدٌ لَا يُغَيِّرُهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ.
١١١٢. وعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَجَاءَ المِسْوَرُ ابْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى إِحْدَى مَنْكِبَيَّ، إِذْ جَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا سَعْدُ ابْتَعْ مِنِّي بَيْتَيَّ فِي دَارِكَ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللهِ مَا أَبْتَاعُهُمَا. فَقَالَ المِسْوَرُ: وَاللهِ لَتَبْتَاعَنَّهُمَا. فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللهِ لَا أَزِيدُكَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ مُنَجَّمَةً -أَوْ مُقَطَّعَةً- قَالَ أَبُو رَافِعٍ: لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَ مِئَةِ دِينَارٍ، وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «الجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ»، مَا أَعْطَيْتُكَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ. فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ. [خ:٢٢٥٨]
1. في الحديث: حرص الصحابة على موافقة السنن والعمل بها، والسماحة بأموالهم في جنب ذلك.

١١١٣. وعَنْ عَائِشَةَ قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا». [خ:٢٢٥٩]
(الصَّقَبُ): المجاوَرةُ؛ ويُقال بالصَّاد والسِّين.
1. ينبغي مراعاة شعور الجار الأقرب؛ لأنه يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها بخلاف الأبعد، وكذلك هو الأسرع إجابة لما يقع لجاره.
2. يؤخذ من الحديث تقديم العلم على العمل، ولذلك سألت عائشة -رضي الله عنها- عن حكم المسألة قبل المباشرة في الفعل.

٣٣- باب/ مَن ابْتاعَ عَقَارًا فَوَجَدَ فيهِ ما ليسَ مِن جِنْسِهِ،هَلْ يكونُ للمُشتري أو للبائعِ؟ والصُّلحِ في ذلك


١١١٤. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ، وَلَمْ أَبْتَعِ الذَّهَبَ. وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلَامٌ. وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ. قَالَ: أَنْكِحُوا الغُلَامَ الجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَتَصَدَّقَا».
1. في الحديث بيان ورع البائع والمشتري، وزهدهما في شيء لا يعرفان حكم الله فيه.
2. قال العراقي: «فيه فضل الإصلاح بين المتنازعين وأن القاضي يستحب له الإصلاح بين المتنازعين كما يستحب لغيره».

[خ:٣٤٧٢]

١ في تصرية الإبل والغنم قال النبي ﷺ في من ابتاعها: «وهو بالخيار (...)».

٥/٠