(٢٩) كِتَابُ الإِجَارَةِ
١- بابُ جَوَازِ الإجارةِ، ووجوبِ دفْعِ الأُجْرَةِ عندَ اسْتيفاءِ العَمَلِ
١١١٥. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «قَالَ اللهُ ﷿: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِه أَجْرَهُ». [خ:٢٢٢٧]
١١١٦. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ». فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ». [خ:٢٢٦٢]
قوله: (أَعْطَى بِيْ) أي: أعَطى بِسَبَبِي عَهدًا ثمَّ نَقَضَهُ.
٢- بابُ استِئْجارِ المُشْركِ عندَ الحاجةِ، وعاملَ النَّبِيُّ ﷺ يَهُودَ خَيْبَرَ
١١١٧. عَنْ عَائِشَةَ قَالت: اسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ العَاصِي بْنِ وَائِلٍ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ، فَارْتَحَلَا وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ،/ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ -هو عبد الله بن أُريقِط- فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّاحِلِ. [خ:٢٢٦٣]
الغريب: (هاديًا): دليلًا. و(خِرِّيتًا): ماهرًا حاذقًا بالدِّلالة. و(غَمسَ حِلْفًا) أي: دَخل في جوار آل العاصي.
٣- بابُ تقديرِ عَمَلِ الإِجارةِ بالزَّمانِ
١١١٨. عن ابنِ عُمرَ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: «إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَاليَهُودُ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ اليَهُودُ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ عَمِلَتِ النَّصَارَى عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ أَنْتُم تَعْمَلُونَ مِنْ صَلَاةِ العَصْرِ إِلَى مَغَارِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ. فَغَضِبَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى وَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً. قَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». [خ:٢٢٦٩]
٤- بابُ المُقَايلةِ في الإجارة، ومَن تَرك أجْرته عند مُستأجرهِ لم يخرج عَن مِلْكهِ
١١١٩. عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَثَلُ المُسْلِمِينَ وَاليَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ، فَعَمِلُوا لَهُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ الَّذِي شَرَطْتَ لَنَا، وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ. فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَفْعَلُوا، أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلًا. فَأَبَوْا، وَتَرَكُوا، وَاسْتَأْجَرَ آخَرِيْنَ بَعْدَهُمْ، فَقَالَ: أَكْمِلوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُم هَذَا وَلَكُمْ الَّذِي شَرَطْتُ لَهُمْ مِنَ الأَجْرِ. فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينُ صَلَاةِ العَصْرِ قَالوا: لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، وَلَكَ الأَجْرُ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ: أَكْمِلوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُم فإنما بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ. فَأَبَوا، فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا مِنْ هَذَا النُّورِ». [خ:٢٢٧١]
• [ق] ومِن حديثِ ابنِ عُمرَ في حديثِ الثَّلاثةِ الَّذينَ انْحطَّت على فَمِ غارِهم الصَّخرةُ... فذكر الحديثَ وقال فيه: «وَقَالَ الثَّالِثُ:/ اللهُمَّ اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي. فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالغَنَمِ وَالرَّقِيقِ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ لَا تَسْتَهْزِئْ بِي. فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أهزأُ بِكَ، فَأَخَذَ كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا»... الحديثَ [خ:٢٢٧٢]، وسيأتي [ر:١١٤٢].
٥- بابٌ: للأَجيرِ المُشتركِ أن يَأْجُرَ نفسَهُ مِن مُشركٍ
١١٢٠. [ق] عَنْ مَسْرُوقٍ قال: حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِي ابْنِ وَائِلٍ، فَاجْتَمَعَ لِي عِنْدَهُ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: أَمَا وَاللهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ فَلَا. قَالَ: وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ فَأَقْضِيكَ. فَأَنْزَلَ اللهُ ﷿ ﴿أَفَرَءَیۡتَ ٱلَّذِی كَفَرَ بِـَٔایَـٰتِنَا وَقَالَ لَأُوتَیَنَّ مَالࣰا وَوَلَدًا﴾ [مريم:٧٧]. [خ:٢٢٧٥]
٦- بابُ مَن آَجَّرَ نفسَهُ ليحمِلَ على ظَهْرِهِ، وأجرةِ السِّمسارِ
١١٢١. [ق] عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ، فَيُحَامِلُ فَيُصِيبُ المُدَّ، وَإِنَّ لِبَعْضِهِمْ لَمِئَةَ أَلْفٍ. قَالَ: مَا نَرَاهُ إِلَّا نَفْسَهُ. [خ:٢٢٧٣]
• وقد تقدَّم قولُهُ ﷺ: «لَا يَبعْ حاضرٌ لبَادٍ»، وقولُ ابنِ عبَّاسٍ: لا يكون له سِمسَارًا[ر:١٠٧٨].
• [خت] ولم يرَ ابْنُ سِيرينَ وعَطاءٌ وإبراهيمُ والحسنُ بأجرِ السِّمسَارِ بأسًا.
• [خت] وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: لا بأسَ أنْ يقولَ: بعْ هذا الثَّوبَ، فمَا زادَ عَلى كذا وكَذا فهو لكَ.
• [خت] وقالَ ابنُ سِيرينَ: إذا قالَ: بِعْه بكَذا، فما كان مِن ربحٍ فَلَك -أو: بيني وبينك- فلا بأس به.
• [خت] وقال النَّبيُّ ﷺ: «المسلمون عَلى شُروطهم».
٧- بابُ الأُجْرةِ على الرُّقْيَةِ بكتابِ اللهِ وعَلى تعلِيْمِهِ
• [خت] وقالَ ابنُ عبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ»./
• [خت] وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَا يَشْتَرِطُ المُعَلِّمُ، إِلَّا أَنْ يُعْطَى شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ.
• [خت] وَقَالَ الحَكَمُ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ المُعَلِّمِ.
• [خت] وَأَعْطَى الحَسَنُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ.
• [خت] وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِأجرةِ القَسَّامِ بَأْسًا، وَقَالَ: كَانَ يُقَالُ: السُّحْتُ الرِّشْوَةُ فِي الحُكْمِ.
وَكَانُوا يُعْطَوْنَ عَلَى الخَرْصِ.
١١٢٢. [ق] وعَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ قَالَ: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ. فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا. فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الفاتحة:٢] فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ. فَقَالَ بَعْضُهُم: اّْقْسِمُوها. فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَنَذْكُرَ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا. فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟» ثُمَّ قَالَ: «قَدْ أَصَبْتُم، اّْقْسِمُوا وَاّْضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بسهمٍ». فَضَحِكَ النَّبيُّ ﷺ. [خ:٢٢٧٦]
الغريب: (السُّحْت): المالُ الحرامُ؛ سُمِّي به لأنَّه يُسْحِتُ حسناتِ آكلِه. و(القَلَبَةُ): الدَّاءُ.
٨- بابُ خَرَاجِ الحجَّامِ، والنَّهي عن عَسْبِ الفَحْلِ
١١٢٣. [ق] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَعْطَى الحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهَةً لَمْ يُعْطِهِ. [خ:٢٢٧٩]
١١٢٤. [ق] وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ غُلَامًا فَحَجَمَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ، أَوْ مُدٍّ أَوْ مُدَّيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ يَظْلِمُ أَحَدًا أَجْرَهُ، وَكَلَّمَ فِيهِ فَخُفِّفَ مِنْ ضَرِيبَتِهِ./ [خ: ٢٢٨٠-٢٢٨١]
١١٢٥. وعَنِ ابنِ عُمرَ قال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ عَسْبِ الفَحْلِ. [خ:٢٢٨٤]
يعني به: النَّهي عَنِ الذي يُؤخَذُ على ضِرابِ الفَحلِ مِن الجُعْلِ، وهو مُحَرَّمٌ إنْ وَقَعَ عَلى أنْ تَعُقَّ الأنْثى، وإِن كانَ على أكوامٍ مَعلومةٍ جازَ، وتركهُ أَوْلَى.
٩- بابُ إذا اسْتأجرَ أرضًا فماتَ أحدهما قامَ ورَثتُهُ مَقَامَهُ
• [خت] قالَ ابنُ سيرينَ والحسنُ والحَكمُ وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: تُمْضَى الإِجَارَةُ إِلَى أَجَلِهَا.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَعْطَى النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ حتَّى أَجْلَاهم عُمر. (خ:٢٢٨٥)
وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ جَدَّدَا الإِجَارَةَ بَعْدَمَا قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ.
١٠- بابٌ: في الحَوَالَة والحَمْل
١١٢٦. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ». [خ:٢٢٨٧]
١١٢٧. وعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ، قَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا. فَقَالَ: «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟» قَالُوا: لَا. فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟» قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟» قَالُوا: ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ. فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: «هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟» قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ. قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.[خ:٢٢٨٩]
التَّفسير: (الحَوالة): تحويلُ الحقِّ مِن ذمَّةٍ إلى ذمَّةٍ تَبرَأُ بها الذِّمَّةُ الأُولى ما لم يكن غُرور مِن عيب الثَّانية، وهي مُستثناة مِن الدَّين بالدَّين. و(الحَمْلُ): التزام مَن ليس عليه أنْ يقومَ عن غيرِهِ بحقٍّ ولا يرجعُ عليهِ، كما فعل أبو قَتَادَةَ.
١١- بابُ الكَفالةِ بالدُّيونِ وبالوجْهِ والوَفَاءِ بالعِدَةِ/
• [خت] وقد أخذ حَمزةُ بنُ عَمرٍو الأسْلَميُّ كفيلًا مِن رَجل وَقَعَ على جاريةِ امرأتِه حتَّى قدِم على عُمرَ، وكان عُمرُ قد جَلَدَهُ مئةً وعَذَرَهُ بالجهالة.
• [خت] وقال جريرٌ والأشْعثُ لعبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ في المرتدِّينَ: اسْتَتِبْهُمْ وكَفِّلْهم. فتابوا، وكَفَلَهم عَشَائِرَهُم.
• [خت] وقالَ حمَّادٌ: إذا تَكفَّلَ بنفسٍ فماتَ فَلا شيءَ عَليهِ.
• [خت] وقالَ الحكمُ: يَضْمَنُ.
• [خت] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ «أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ. فَقَالَ: كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا. قَالَ: فَأْتِنِي بِالكَفِيلِ. قَالَ: كَفَى بِاللهِ كَفِيلًا. قَالَ: صَدَقْتَ. فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي البَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ التَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى البَحْرِ فَقَالَ: اللهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلَا فَقُلْتُ: كَفَى بِاللهِ كَفِيلًا. فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْتُ: فكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا. فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي اجَتهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا. فَرَمَى بِهَا فِي البَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ اّْنْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا المَالُ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ المَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ، وَقَالَ: وَاللهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ. قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ شَيئًا؟ قَالَ: إِنِّي أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتيتُ فِيهِ. قَالَ: فَإِنَّ اللهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ دينَارٍ رَاشِدًا». أخرجه البخاري معلَّقًا[خت:٢٠٩١].
١١٢٨. [ق] وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا». فَلَمْ يَجِئْ مَالُ البَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَا لِي حَثْيَةً، فَعَدَدْتُهَا/ فَإِذَا هِيَ خَمْسُ مِئَةٍ، وَقَالَ: خُذْ مِثْلَيْهَا. [خ:٢٢٩٦]
(٣٠) كِتَابُ الوَكَالَةِ وَالقِسْمَةِ
• [خت] وقد أشَرك النَّبيُّ ﷺ عليًّا في هَدْيِهِ ثمَّ أمرَه بِقِسْمَتِها. (خ: ٢٥٠٦، ١٧١٧)
١١٢٩. عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي صَاغِيَتِي بِمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ بِالمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ قَالَ: لَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ. فَكَاتَبْتُهُ: عَبْدُ عَمْرٍو، فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لِأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ، فَأَبْصَرَهُ بِلَالٌ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ فَقَالَ: أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ! لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ. فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا خَلَّفْتُ لَهُمُ ابْنَهُ لِأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا، قُلْتُ لَهُ: اّْبْرُكْ. فَبَرَكَ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي لِأَمْنَعَهُ، فَتَجَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بِسَيْفِهِ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الأَثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ. [خ:٢٣٠١]
الغريب: (الصَّاغية): القَرابة، وهي مِن الصَّغو الَّذي هو الميل. و(أُحْرِزه): أجعلُه في حِرزٍ -يعني به أُميَّة- أراد أن يُلحقه بالجبل ليتحفَّظ فيه. و(تَجلَّلُوه بالسُّيوفِ): ضربوه بها حتَّى صارت عليه كالجُلِّ.
١- بابٌ: في الوَكَالةِ على الصَّرفِ، وإِذا رَأَىَ الوكيلُ شيئًا يَفْسُدُ أصلَحَهُ
١١٣٠. [ق] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُم بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، قَالَ: «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟» قَالَ: إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ بِصَاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ. فَقَالَ: «لَا تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا». وقال في الميزان مثل ذلك. [خ:٢٣٠٢]
١١٣١. وعَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِيَّ/ ﷺ. فَأُرْسِلَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ مَنْ يَسْأَلُهُ، وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذلكَ، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَيُعْجِبُنِي أَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ. [خ:٢٣٠٤]
٢- بابُ التَّوكيلِ في قَضَاءِ الدُّيونِ وتَفْويْضِ الخِيَرةِ للوكيلِ فيما يقعُ به القَضاءُ
١١٣٢. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: «أَعْطُوهُ». فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلَّا سِنًّا فَوْقَهَا. فَقَالَ: «أَعْطُوهُ». فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَى اللهُ بِكَ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». [خ:٢٣٠٥]
١١٣٣. وفي رواية: أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ ﷺ يتقاضاه فأَغْلَظَ، فهمَّ به أصحابه، فقال رسولُ الله ﷺ: «دَعوه؛ فإنَّ لصاحبِ الحقِّ مَقالًا». ثمَّ قال: «أعطوه سِنًّا مِثل سِنِّه». قالوا: يا رسولَ الله! لَا نجد إلَّا أمْثَلَ مِن سِنِّهِ. قال: «أعطوه؛ فإنَّ خيركم أحسنكم قَضاءً». [خ:٢٣٠٦]
• [ق] ومِن حديث جابرِ بنِ عبدِ اللهِ في حديث بيع الجمل مِن النَّبيِّ ﷺ قال فيه: فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ قالَ النَّبيُّ ﷺ: «يَا بِلَالُ، اقْضِهِ وَزِدْهُ». أو: «أقْرِضْه». [خ:٢٣٠٩]
٣- بابٌ: إذا تَركَ الوكيلُ شيئًا أو أَقْرضهُ فأجازَهُ الموكِّلُ جازَ
• [خت] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ. فقَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ. قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ». فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ. قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لَا أَعُودُ. فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ،/ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ». فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فجَعَل يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ. قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهَا. قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: ﴿ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُ﴾ [البقرة:٢٥٥] حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: «مَا هِيَ؟» قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: ﴿ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُ﴾ [البقرة:٢٥٥]، وَقَالَ: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَكَ الشَّيْطَانُ حَتَّى تُصْبِحَ. -وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ- فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُذْ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «ذَاكَ شَيْطَانٌ». [خت:٢٣١١]
قلتُ: ذكر البخاري هذا الحديث معلَّقًا لا مُسندًا عند جمهور رُواته، وقد أسندَه القاضي شُريح ابن محمَّد في رِوايته عنه.
٤- بابُ الوَكَالةِ في الحُدُودِ والتَّحبيسِ
١١٣٤. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ قَالَ: جِيءَ بِالنُّعَيْمَانِ -أَوْ ابْنِ النُّعَيْمَانِ- شَارِبًا فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَنْ كَانَ فِي البَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوا، قَالَ: فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ، فَضَرَبْنَاهُ بِالنِّعَالِ وَالجَرِيدِ. [خ:٢٣١٦]
١١٣٥. [ق] وعَنْ أَنسِ بنِ مالكٍ قال: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصاريٍّ بِالمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَن تَنَالُوا۟ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران:٩٢] قامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتابهِ: ﴿لَن تَنَالُوا۟ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران:٩٢] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ،/ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ شِئتَ. فَقَالَ: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَايحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَايحٌ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فيها، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ». قَالَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.
وقال رَوْحٌ عَنْ مَالِكٍ: «رَابحٌ» بالباء. [خ:٢٣١٨]