(٣٣) كِتَابُ اللُّقَطَةِ


١- بابٌ: إذا عَرَفَ ربُّ اللُّقطةِ عَلامتَها دُفعتْ إليه، ولم يُطالب ببيِّنة


١١٧٤. [ق] عن سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ قَالَ: لَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً، مِئَةَ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلًا». فَعَرَّفْتُهَا، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلًا». فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلَاثًا قَالَ: «احْفَظْ وِعَاءَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا». فَاسْتَمْتَعْتُ، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا. [خ:٢٤٢٦]
1. في الحديث: مراعاة الإسلام لكل أمور الحياة التي يهتم لها الإنسان وتدخل في حياته، سواء بقصد أو بغير قصد.

٢- بابُ حُكمِ ضالَّةِ الإبلِ والغَنَمِ


١١٧٥. [ق] عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا». قَالَ: فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَالَ: «هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «مَا لَكَ وَلَهَا؟! مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». [خ:٢٣٧٢]
• وفي رواية: «فإنْ لم تُعْرَف اسْتَنْفَقَ بِها صَاحبها، وكانتْ وديعةً عندَهُ[خ:٢٤٢٨]، وإلَّا فاخْلُطْها بمالِكِ[خ:٥٢٩٢]».
الغَريب: (اللُّقْطةُ) بسكون القاف، هو الشَّيء المُلْتَقَطُ، وبفتحها هو المُلْتَقِطُ، والفُقهاءُ يقولون: الأوَّل والثَّاني بالفتح، ولا يفرِّقون بينهما. و(اسْتَنْفَقَ صَاحبُها) بالرَّفع، يعني: واجدُها.
1. قيل في الجمع بين حديث أبي هذا وحديث زيد بن خالد -في الصحيحين- الذي فيه الاقتصار في التعريف على سنة واحدة: إن حديث أبي بن كعب رضي الله عنه يحمل على مزيد الورع عن التصرف في اللقطة، والمبالغة في التعفف عنها، ويحمل حديث زيد على ما لا بد منه.
2. في الحديث: بيان لمعنى من معاني الورع وترك الشبهات.
3. وفيه: مشروعية أكل ما يوجد من المحقرات ملقى في الطرقات؛ لأنه ﷺ ذكر أنه لم يمتنع من أكلها إلا تورعا؛ لخشية أن تكون من الصدقة.
4. وفيه: بيان أن أموال المسلمين لا يحرم منها إلا ما له قيمة، ويتشاح في مثله.

٣- بابٌ: لا تعريفَ فيما لَا بالَ له مِن اللُّقَطة، ويَسْتَظْهِرُ زيادةً على الحَولِ فيما لهُ بالٌ


١١٧٦. [ق] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِتَمْرةٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ: «لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ/ لَأَكَلْتُهَا». [خ:٢٤٣١]
١١٧٧. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيهَا». [خ:٢٤٣٢]
١١٧٨. [ق] وعَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ ابْنِ رَبِيعَةَ وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ فِي غَزَاةٍ، فَوَجَدْتُ سَوْطًا فَقَالَا لِي: أَلْقِهِ. قُلْتُ: لَا، وَلَكِنِّي إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ، وَإِلَّا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ. فَلَمَّا رَجَعْنَا حَجَجْنَا فَمَرَرْتُ بِالمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فِيهَا مِئَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلًا». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُ فَقَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلًا». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلًا». ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ: فَقَالَ: «اعْرِفْ عِدَّتَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ بِهَا». قال سَلمة: فأتيتُه بعدُ بمكَّة فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولًا واحد. [خ:٢٤٣٧]
يعني سَلمة أنَّه أتى سُويدَ بنَ غَفَلة بعد هذه المدَّة الَّتي شكَّ فيها.

٤- بابُ حُكْمِ لُقَطَةِ مكَّةَ، ولا تُحلَبُ ماشيةُ أحدٍ إلَّا بإذنِهِ، أو بقرينةٍ تدلُّ على الإذْنِ


-[خت] عن ابن عبَّاس، عَنِ النَّبيِّ ﷺ: «لَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إِلَّا مُعَرِّفٌ» (خ:٢٠٩٠).
• [ق] وفي رواية: «وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ»[خ:٢٤٣٣]. وسيأتي [ر:١٠٤٩].
١١٧٩. [ق] وعَنِ ابنِ عُمرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيُنْقَلَ طَعَامُهُ؟ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ». [خ:٢٤٣٥]
1. قوله: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ)، قال ابن حجر: «فيه ضرب الأمثال للتقريب للأفهام وتمثيل ما قد يخفى بما هو أوضح منه».
2. قال ابن عبد البر: «في الحديث النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئاً إلا بإذنه، وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه».
3. قال النووي: «معنى الحديث أنه ﷺ شبه اللبن في الضرع بالطعام المخزون المحفوظ في الخزانة في أنه لا يحل أخذه بغير إذنه، ففيه تحريم أخذ مال الإنسان بغير إذنه، والأكل منه والتصرف فيه، وأنه لا فرق بين اللبن وغيره».
4. قال القرطبي: «في الحديث إباحة خزن الطعام إلى وقت الحاجة إليه خلافاً لغلاة المتزهدة المانعين من الادّخار مطلقاً».

١١٨٠. [ق] وعَنِ البرَاءِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، قُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ. فَاعْتَقَلتُ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ. قَالَ: هَكَذَا -ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى- فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ/ إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ. فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ. [خ:٢٤٣٩]
1. قال ابن حجر: «قوله: (فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ) قال أبو إسحاق: فتكلم بكلمة والله ما سمعتها من غيره -كأنه يعني قوله: (حتى رضيت)- فإنّها مشعرة بأنه أمعن في الشرب، وعادته المألوفة كانت عدم الإمعان».
2. قال المهلب بن أبي صفرة: «إنما شرب النبي ﷺ من لبن تلك الغنم؛ لأنه كان حينئذ في زمن المكارمة (عادتهم حينئذ سقي غيرهم اللبن)، ولا يعارضه حديثه لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه».
3. وفيه خدمة التابع الحر للمتبوع في يقظته والذبّ (الدفاع) عنه عند نومه.

(٣٤) كِتَابُ المَظَالِمِ والمَرَافِقِ


١- بابُ شِدَّةِ وَعِيد الظَّالم ولَعْنه، وقول الله ﷿: ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلًا عَمَّا یَعۡمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾إلى قوله:﴿عَزِیزࣱ ذُو ٱنتِقَامࣲ﴾[إبراهيم:٤٢-٤٧] وقوله:﴿أَلَا لَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [هود:١٨]


١١٨١. [ق] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ فَقَالَ: «اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ». [خ:٢٤٤٨]
1. (اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ) قال ابن دقيق العيد: «فيه دليل على تعظيم أمر الظلم واستجابة دعوة المظلوم، وذكر النبي ﷺ ذلك عقب النهي عن أخذ كرائم الأموال؛ لأن أخذها ظلم، وفيه تنبيه على جميع أنواع الظلم».
2. في الحديث تسلية للمظلوم، ووعيداً للظالم، وأنه لا يغتر بالإمهال، فإنه ليس بإهمال، وإنما هو إمهال مدة قليلة.

١١٨٢. [ق] وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ». [خ:٢٤٤٧]
الغريب: (المُهْطِع): المُسرع خوفًا وفَزَعًا. و(المُقْنِع) و(المُقْمِح): رافعٌ رأْسَهُ لشدَّة الهَوْلِ. و(الأفْئِدة): القلوب، جمع فؤاد. و(هَواءٌ): خفيفةٌ مُضطربة لشدَّة الفزع، وقيل: الخَالية عن كلِّ شيءٍ إلَّا مَا خافتْ منه. وأصل (الظُّلم): وضع الشَّيء غيرَ موضعه. و(اللَّعنة): الطَّرد والبُعْد عَنِ الله وعن رَحمته.
1. الجزاء من جنس العمل، فلما ظلم الناس في الدنيا أظلم الله عليه يوم القيامة.

٢- بابُ القِصَاصِ في المَظَالمِ، وأخْذِ الحسناتِ بها، وإثْمِ مَن ظَلَمَ شيئًا مِن الأرْضِ


١١٨٣. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ: «إِذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا، أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَسْكَنهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا». [خ:٢٤٤٠]
1. قال ابن الملقن: «قوله: (يتقاصون) أي: يتتاركون؛ لأنه ليس موضعَ مقاصة ولا حساب؛ لكن يلقي الرب جل جلاله في قلوبهم العفو لبعضهم عن بعض، فيتتاركون، أو يعوض الله بعضهم من بعض».
2. قال ابن بطال: «وهذه المقاصة التي في هذا الحديث: هي لقوم، دون قوم؛ وهم من لا تستغرق مظالمهم جميع حسناتهم؛ لأنه لو استغرقت جميعها، لكانوا ممن وجب لهم العذاب، ولما جاز أن يقال فيهم: خلصوا من النار».

١١٨٤. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ/ عَلَيْهِ». [خ:٢٤٤٩]
1. الأعمال الصالحة يفسدها ويذهب ثمرتها ظلم الناس وإيذاؤهم.
2. الدينار والدرهم هما وسيلة لجلب المنافع في الدنيا، أما في يوم القيامة؛ فالحسنات والسيئات.

١١٨٥. [ق] وعَن سَعيد بن زيدٍ قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «مَنْ ظَلَمَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». [خ:٢٤٥٢]
١١٨٦. [ق] ومِن حديثِ عائشةَ: «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». [خ:٢٤٥٣]
1. قال الشيخ ابن عثيمين: «قوله: «قيد شبر من الأرض» ليس هذا على سبيل القيد، بل هو على سبيل المبالغة، يعني فإنْ ظلم ما دونه طُوِّقه أيضًا، لكن العرب يذكرون مثل هذا للمبالغة، يعني ولو كان شيئًا قليلًا قيد شبر، فإنه سيُطوَّقه يوم القيامة».
2. أن الظلم حرام، في القليل والكثير، وهنا فائدة ذكر الشبر.

١١٨٧. ومِن حديثِ سالمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ». [خ:٢٤٥٤]

٣- بابُ إذا حَالـَلَهُ مِن ظُلْمِهِ فَلا رُجُوعَ لهُ فيه، ولِلْمظلومِ إِذا وَجدَ مالَ ظالمِهِ أنْ يقتصَّ مِنْهُ


١١٨٨. [ق] عن عائشةَ: ﴿وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضࣰا﴾ [النساء:١٢٨] قالَت: الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ لَيْسَ يستكثِرُ مِنْهَا يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ. [خ:٢٤٥٠]
١١٨٩. [ق] وعنها قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا؟ فَقَالَ: «لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالمَعْرُوفِ». [خ:٢٤٦٠]
1. قال النووي: «في الحديث وجوب نفقة الزوجة، ووجوب نفقة الأولاد الفقراء الصغار».
2. قال النووي: «وفيه جواز سماع كلام الأجنبية عند الإفتاء والحكم، وكذا ما في معناه».
3. قال النووي: «وفيه جواز ذكر الإنسان بما يكرهه إذا كان للاستفتاء والشكوى ونحوهما».
4. قال النووي: «وفيه اعتماد العرف في الأمور التي ليس فيها تحديد شرعي».
5. فيه بيان جواز حكم الحاكم على الغائب إذا تيقن ثبوت الحق عليه.
6. وفيه جواز استماع كلام أحد الخصمين في غيبة الآخر.

١١٩٠. [ق] وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونَنَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ لَنَا: «إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ». [خ:٢٤٦١]
الغريب: (البَعْلُ): الزَّوج. و(النُّشُوزُ): التَّرفعُ عن حقوق الزَّوجيَّة، أو عن بعضها. و(المِسِّيك) مشَّدد السين: الكثير المَسْك، وهو المَنع والبُخْل؛ أي: يبخل عليها وعلى أولاده. و(يَقْرُونَنَا): يُضَيِّفُونا. و(القِرَى): الضِّيافة.
1. قال النووي: «هذه الأحاديث متظاهرة على الأمر بالضيافة والاهتمام بها وعظيم موقعها، وقد أجمع المسلمون على الضيافة، وأنها من متأكّدات الإسلام».

٤- بابُ إِباحةِ الخُصُومةِ في اسْتخراجِ الحُقوقِ وتَحريمِ اللَّدَدِ


١١٩١. [ق] عن أمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمِ النَّبيُّ ﷺ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ، وأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ/ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا». [خ:٢٤٥٨]
1. وقوله: (إنما أنا بشر) قال النووي: «معناه التنبيه على حالةِ البشرية، وأن البشر لا يعلمون من الغيب وبواطن الأمور شيئا إلا أن يطلعهم الله تعالى على شيء من ذلك، وأنه يجوز عليه في أمور الأحكام ما يجوز عليهم، وأنه إنما يحكم بين الناس بالظاهر، والله يتولى السرائر، فيحكم بالبينة وباليمين ونحو ذلك من أحكام الظاهر مع إمكان كونه في الباطن خلاف ذلك، ولكنه إنما كلف الحكم بالظاهر».
2. قال النووي: «لو شاء الله تعالى لأطلعه ﷺ على باطن أمر الخصمين فحكم بيقين نفسه من غير حاجة إلى شهادة أو يمين، لكن لما أمر الله تعالى أمته باتباعه والاقتداء بأقواله وأفعاله وأحكامه أجرى له حكمهم في عدم الاطلاع على باطن الأمور، ليكون حكم الأمة في ذلك حكمه، فأجرى الله تعالى أحكامه على الظاهر الذي يستوي فيه هو وغيره؛ ليصح الاقتداء به، وتطيب نفوس العباد للانقياد للأحكام الظاهرة من غير نظر إلى الباطن».
3. قال الشافعي: «في الحديث دلالة على أن الأمة إنما كُلِّفوا القضاء على الظاهر، وفيه أن قضاء القاضي لا يحرّم حلالاً ولا يحل حراماً».
4. وفيه بيان إثم من خاصم في باطل، حتى استحق به في الظاهر شيئاً هو في الباطن حرام عليه.
5. وفيه أن المجتهد قد يخطئ، فَيُردُّ به على من زعم أن كل مجتهد مصيب.
6. قال ابن حجر: «في الحديث موعظة الإمام الخصوم؛ ليعتمدوا الحق».

١١٩٢. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ». [خ:٢٤٥٧]
الغَريب: (الأَلَدُّ الخَصِم): الشَّديدُ الخُصومةِ، و(الأَلَدُّ): مَأخوذٌ مِن اللَّدِيدَيْن، وهما جانبا الفم والعُنُق، وكأنَّه سُمِّي بذلك لأنَّه يَلوي فمَه وعُنُقه عند الخصومة، فقدْ قالوا فيه: خصمٌ أَلْوَى، كَما قال امرؤ القيس:
ألا رُبَّ خَصْمٍ فيكِ أَلْوَى رَدَدْتُه نَصِيحٍ على تَعْذَالِه غيرِ مُؤْتَلِ
وكأنَّ أصله أنْ يُقال فيه: خَصمٌ ألدُّ، كما قالوا: خَصْمٌ أَلْوَى، لكنْ لمَّا كثُر استعمال الألدِّ عامَلوه معاملة الاسم فوصفوه بالخَصم، والأصل مَا ذكرناه، والله أعلم.
1. (أبغض الرجال) هذا من باب التغليب وإلا فإن المرأة مثل الرجل في الحكم.
2. "الألد" هو المعوج عن الحق المولع بالخصومة والماهر بها ويدخل في ذلك كثير الجدل بالباطل الجدل، والخصومة بالباطل من آفات اللسان التي تسبب الفرقة والتقاطع والتدابر بين المسلمين، والبغض من الله تعالى.
3. أن الذي يقصد بخصومته مدافعة الحق وردّه بالأوجه الفاسدة، والشبه الموهمة، هو الشخص الذي يبغضه الله تعالى.
4. أن الذي يحاج عن حق له وهو مظلوم بطريق الحجاج الشرعي، وأصول المرافعات الشرعية، فهذا لا بأس به، ولا تدخل في باب الخصومات المذمومة.
5. أن الذي يغلب غيره ويخصمه لكن بالحق فهذا حقّ وصاحبه محبوب عند الله غير مبغوض.

٥- بابٌ: لا يَظلمُ المسلمُ المسلمَ، ولا يُسْلِمُه لمَن يظلمُه، ونَصْرُ المَظْلُومِ


١١٩٣. [ق] عنِ ابنِ عُمر أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ». [خ:٢٤٤٢]
1. في قوله عليه الصلاة والسلام: (ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)، قال ابن حجر: «فيه إشارة إلى ترك الغيبة؛ لأن من أظهر مساوئ أخيه لم يستره».
2. قال النووي: «في هذا فضل إعانة المسلم وتفريج الكرب عنه وستر زلاته ويدخل في كشف الكربة وتفريجها من أزالها بماله أو جاهه أو مساعدته والظاهر أنه يدخل فيه من أزالها بإشارته ورأيه ودلالته».
3. قال النووي: «أما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله هذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت، أما معصية رآه عليها وهو بعد متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك ولا يحل تأخيرها فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم تترتب على ذلك مفسدة، وأما جرح الرواة والشهود والأمناء على الصدقات والأوقاف والأيتام ونحوهم فيجب جرحهم عند الحاجة ولا يحل الستر عليهم إذا رأى منهم ما يقدح في أهليتهم وليس هذا من الغيبة المحرمة بل من النصيحة الواجبة وهذا مجمع عليه».
4. قال ابن حجر: «في الحديث أن المجازاة تقع من جنس الطاعات».
5. قال ابن حجر: «في الحديث أن من حلف أن فلانا أخوه وأراد أخوة الإسلام لم يحنث».

١١٩٤. وعَنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ ﷺ: «اّْنْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ». [خ:٢٤٤٤]
1. قال ابن الجوزي: «اعلم أن من منع شخصاً من الظلم فقد نصره على هواه، ونفعه بالمنع كما ينفعه بالنصر».
2. نقل الإسلام المفاهيم الجاهلية من الهدم إلى البناء، حيث كان الجاهليون يتناصرون سواء أكانوا مظلومين أو ظالمين لغيرهم، بالاعتداء لا بالكف والمنع.

١١٩٥. [ق] وعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». وَشَبَّكَ بين أَصَابِعِهِ. [خ:٢٤٤٦]
• وقد تقدَّم في حديث البَرَاء أنَّه ﷺ أمر بسَبْعٍ؛ مِنها: «ونَصر المظلوم»[ر:٦٢٠].

٦- بابُ الحضِّ على إِرْفاقِ الجارِ بإباحةِ غَرْز الخَشَبِ


١١٩٦. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَاللهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ. [خ:٢٤٦٣]
(أكتافكم) بالتَّاء: جمع كَتِف الإنسان، وبالنُّون: جمع كَنَف، وهو الجانب، ويُقال: الكَنِيف./
1. في الحديث: بيان ضرورة إظهار الحق للناس ولو كان مرا وصعبا عليهم.
2. قيد وضع الخشب بعدم الضرر على صاحب الجدار، وبحاجة صاحب الخشب، لأن التصرف في مال الغير ممنوع إلا بإذنه، فلا يجوز إلا لحاجة من عليه له الحق وهو الجار، كما أنه لا يوضع مع تضرره لأن الضرر لا يزال بالضرر.
3. الشارع الحكيم عظم حق الجار وحث على الإحسان إليه، في جميع صور البر والإحسان وتمكينه من المنافع التي لا ضرر فيها.

٧- بابُ أفْنيةِ الدُّورِ والجُلُوسِ فيها، وَعلى الصُّعَدَاتِ، ويفعلُ في الطُّرق مَا لا يتأذَّى المسلمونَ بِهِ


• [خت] قالتْ عائشةُ: ابْتَنَىَ أَبُو بَكْرٍ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ يُصَلِّي فِيــهِ وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَتَقصَّفَ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ مِنْهُ، والنَّبيُّ ﷺ بمكَّة. (خ:٤٧٦)
١١٩٧. [ق] وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ». فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيه، قَالَ: «فَإِذَا أَتَيْتُمْ إِلىَ المَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا». قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ». [خ:٢٤٦٥]
1. في هذا الحديث ندب إلى حسن معاملة المسلمين بعضهم لبعض؛ فإن الجالس على الطريق يمر به العدد الكثير من الناس، ويحصل بينهم معاملات كثيرة؛ فعليه بحسن المعاملة في كل هذا.

١١٩٨. [ق] ومِن حَديثِ أَنَسٍ قالَ: كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مُنَادِيًا يُنَادِي: «أَلَا إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ». قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ... الحديثَ. [خ:٢٤٦٤]
1. في الحديث: فضل أبي طلحة والصحابة رضي الله عنهم؛ إذ استجابوا لأمر الله بسرعة ودون سؤال، وهذا هو الذي ينبغي للمسلم الحق.

١١٩٩. [ق] ومِن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رسولَ الله ﷺ قَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ بِطَرِيقٍ، واشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي. فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلَأ خُفَّهُ مَاءً، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ قَالَ: «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ». [خ:٢٤٦٦]
وسَيأتي حديث عُمرَ بنِ الخطَّابِ الطَّويل. [ر:٢٢٠٣]
1. قوله: (في كل كبد رطبة أجر) قال النووي: «معناه في الإحسان إلى كل حيوان حيّ بسقيه ونحوه أجر، وسمي الحيّ ذا كبد رطبة، لأن الميت يجف جسمه وكبده».
2. قال النووي: «في الحديث الحث على الإحسان إلى الحيوان المحترم، وهو ما لا يؤمر بقتله، فأما المأمور بقتله فيمتثل أمر الشرع في قتله، كالكلب العقور، والفواسق الخمس المذكورات في الحديث وما في معناهن، وأما المحترم فيحصل الثواب بسقيه والإحسان إليه أيضا بإطعامه وغيره سواء كان مملوكا أو مباحًا، وسواء كان مملوكا له أو لغيره».

٨- بابُ الارْتفاقِ بالسُّباطةِ وبِسِعَةِ الطُّرُقِ والآطامِ


١٢٠٠. [ق] عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ -أوْ قَالَ: لَقَدْ- أَتَى النَّبِيُّ ﷺ سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا. [خ:٢٤٧١]
١٢٠١. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَضَى النَّبِيُّ ﷺ إِذَا اشتَجرُوا فِي الطَّرِيقِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ. [خ:٢٤٧٣]
١٢٠٢. [ق] وعَنْ أُسامةَ بنِ زَيدٍ قَالَ: أَشْرَفَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ المَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ مَوَاقِعَ الفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ/ القَطْرِ». [خ:٢٤٦٧]
الغريب: (السُّبَاطة): الزِّبل المُجتمع بأَفْنِيةِ الدُّور. و(التَّشَاجُر): الاخْتلاف. و(الأُطُم) بضمِّ الهمزة: الحِصْن، ويُجمع: آطامًا، وهي أيضًا الآجَام. و(المواقع): جمع موقع وهو السَّقط. و(خِلَال): بين.
1. قال النووي: «والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم، أي: إنها كثيرة، وتعم الناس لا تختص بها طائفة، وهذا إشارة إلى الحروب الجارية بينهم، كوقعة الجمل، وصفين، والحرة، ومقتل عثمان ومقتل الحسين رضي الله عنهما ، وغير ذلك، وفيه معجزة ظاهرة له ﷺ ».

٩- بابُ مَن أَتْلفَ شيئًا ممَّا يُرْتَفَقُ به ضَمِنَهُ، ولا ضَمانَ فيما لا يُنْتَفَعُ به منها


١٢٠٣. عن أنسِ بنِ مالكٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتِ القَصْعَةَ، فَضَمَّهَا وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، وَقَالَ: «كُلُوا». وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا، فَدَفَعَ القَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ وَحَبَسَ المَكْسُورَةَ. [خ:٢٤٨١]
1. قال ابن هبيرة: «في الحديث استحباب مداراة النساء».
2. قال ابن العربي: «كأنه إنما لم يؤدب الكاسرة ولو بالكلام، لما وقع منها من التعدي لما فهم من أن التي أهدت أرادت بذلك أذى التي هو في بيتها والمظاهرة عليها».
3. وفي الحديث: حسن خلقه ﷺ ، وإنصافه وحلمه.
4. وفيه: أن الغيرة قد تقع من أفضل النساء، حتى لو كن زوجات الرسول ﷺ

١٢٠٤. [ق] وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ». [خ:٢٤٧٦]
١٢٠٥. [ق] وعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى نِيرَانًا تُوقَدُ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ: «عَلَامَ تُوقَدُ هَذِهِ النِّيرَانُ؟» قَالَ: الحُمُرُ الإِنْسِيَّة. قَالَ: «اّْكْسِرُوهَا وَأَهْرِيقُوهَا». قَالُوا: أَلَا نُهَرِيقُهَا، وَنَغْسِلُهَا؟! قَالَ: «اّْغْسِلُوا». وَكَانَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ: الحُمُر الأَنَسِيَّة، بِنَصْبِ الأَلِفِ وَالنُّونِ. [خ:٢٤٧٧]
١٢٠٦. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتِ اتَّخَذَتْ عَلَى سَهْوَةٍ لَهَا سِتْرًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَهَتَكَهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ، فَكَانَتَا فِي البَيْتِ يَجْلِسُ عَلَيْهَا. [خ:٢٤٧٩]
• [خت] وأُتي شُرَيح في طُنْبور كُسِرَ فلم يقضِ فيه بشيء.
الغريب: (المُقْسِط): العادل. و(القَاسِط): الجائر. و(يَضَعُ الجزية) قيل: يُلْزِمُها النَّصارى؛ وقيل: لا يَقْبَلها منهم لكثرةِ الأموالِ. و(فَيْضُ المال): كثرتُه، وذلك يكون إذا أخرجتِ الأرض كنوزها كما جاء في الحديث.

١٠- بابُ إِذا هَدَمَ حائطًا فليَبْنِ مثلَهُ/


١٢٠٧. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي؟ ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ: اللهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِسَاتِ. وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا. فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الغُلَامَ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: الرَّاعِي. قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: لَا، إِلَّا مِنْ طِينٍ». [خ:٢٤٨٢]
الغريب: (المُومِسَات): جمع مُومِسَة، وهي الزَّانية. و(كَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ) أي: هَدموها، وكان جُريج عابدًا لا عالمًا، أَلا ترى اشتغاله بالنَّفل الَّذي هو الصَّلاة عَنِ الواجب الَّذي هو إجابة أمِّه؟! والله أعلم.
1. قال العلماء هذا دليل على أنه كان الصواب في حقه إجابتها؛ لأنه كان في صلاة نفل، والاستمرار فيها تطوع لا واجب، وإجابة الأم وبرها واجب، وعقوقها حرام، وكان يمكنه أن يخفف الصلاة ويجيبها ثم يعود لصلاته، فلعله خشي أنها تدعوه إلى مفارقة صومعته، والعود إلى الدنيا ومتعلقاتها وحظوظها، وتضعف عزمه فيما نواه وعاهد عليه.
2. قال النووي: «وفي الحديث: عظم بر الوالدين، وتأكد حق الأم، وأن دعاءها مجاب، وأنه إذا تعارضت الأمور بدئ بالأهم».
3. قال النووي: «فيه أن الله تعالى يجعل لأوليائه مخارج عند ابتلائهم بالشدائد غالبا، قال الله تعالى: {وَمَن یَتَّقِ ٱللَّهَ یَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجࣰا} [سورة الطلاق:2]. وقد يجري عليهم الشدائد بعض الأوقات زيادة في أحوالهم، وتهذيبا لهم، فيكون لطفا».
4. قال النووي: «وفيه استحباب الوضوء للصلاة عند الدعاء بالمهمات».
5. قال النووي: «وفيه أن الوضوء كان معروفا في شرع من قبلنا».
6. قال النووي: «ومنها إثبات كرامات الأولياء، وهو مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة».
7. وفيه أن صاحب الصدق مع الله تعالى لا تضره الفتن.

١١- بابُ تَحْريمِ النُّهْبَى بِغَيرِ إذْنِ المالكِ


١٢٠٨. عَن عَبدِ اللهِ بنِ يَزِيدَ قال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ النُّهْبَى وَالمُثْلَةِ. [خ:٢٤٧٤]
١٢٠٩. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ». [خ:٢٤٧٥]
وقال أبو عبد الله: تَفسيرُه: يُنْزَعُ مِنه. يريد الإيمان.
الغريب: (النُّهْبَى): اسمٌ لما يُؤخذ مِن الأمْوالِ هَجمًا وخَطفًا مِن غير قِسْمة؛ ومنه سُمِّي ما يُؤخذ مِن أموال العدوِّ: نَهْبًا، والإِيمان المنفيُّ هنا هو الإِيمانُ الكَاملُ أو النَّافعُ.

(٣٥) كِتَابُ الشَّرِكَةِ والرُّهُوْنِ


١- بابُ الشَّركةِ في الطَّعامِ والعُروضِ، وكيف القِسْمةُ في النِّهْد


١٢١٠. [ق] عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ،/ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ، وَهُمْ ثَلَاثُ مِئَةٍ وَأَنَا فِيهِمْ، فرُحْنا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الجَيْشِ فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ، فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ. قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى البَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الضَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الجَيْشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنُصِبَا ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِّلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ مِن تَحْتِهِمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا. [خ:٢٤٨٣]
1. قوله: (بعثنا رسول الله ﷺ وأمر علينا أبا عبيدة) قال النووي فيه: «أن الجيوش لا بد لها من أمير يضبطها وينقادون لأمره ونهيه، وأنه ينبغي أن يكون الأمير أفضلهم، أو من أفضلهم، قالوا: ويستحب للرفقة من الناس وإن قلوا أن يؤمروا بعضهم عليهم وينقادوا له».
2. قال النووي: «في هذا بيان ما كان الصحابة عليه من الزهد في الدنيا، والتقلل منها، والصبر على الجوع وخشونة العيش، وإقدامهم على الغزو مع هذه الحال».

١٢١١. [ق] وعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: خَفَّتْ أَزْوَادُ القَوْمِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ ﷺ فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ؟ فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ؟، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَدَعَا وَبَرَّكَ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ». [خ:٢٤٨٤]
١٢١٢. [ق] وعن رَافع بن خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ العَصْرَ، فَنَنْحَرُ جَزُورًا فَتُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ، فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ. [خ:٢٤٨٥]
١٢١٣. [ق] وعَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعريِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُم». [خ:٢٤٨٦]
الغَريب: (الضَّرِب): الجُبيل الصَّغير، وهو بفتح الضاد وكسر الرَّاء. و(رُحِّلَت) مشدَّد الحاء: جُعل عليها رَحْلُها. و(احْتَثَى) هو بالحَاء المهملة وبالتَّاء والثَّاء المثلَّثة، يعنوا: أخذوا بأيديهم حَثْوة حَثْوة. و(النَّهْد): هو أن يَنْهَدَ كلُّ واحد مِن الجماعة بما عنده مِن الطَّعام، فيجمعَه معَ غيره ليُقسم؛ أي يتقدَّم بذلك، ومِنه: نَهْدُ المرأةِ.
1. قال ابن حجر: «في الحديث استحباب خلط الزاد في السفر وفي الإقامة أيضاً».
2. قال النووي: «في هذا الحديث استحباب المواساة في الزاد وجمعه عند قلته، وجواز أكل بعضهم مع بعض في هذه الحالة، وسواء تحقق الإنسان أنه أكل أكثر من حصته أو دونها أو مثلها فلا بأس بهذا، لكن يستحب له الإيثار والتقلل، لا سيما إن كان في الطعام قلة».

٢- بابُ تَعديلِ الحَيَوان في القِسْمةِ، والنَّهي عَن أن يَسْتأثرَ أحدُ الشُّركاءِ بشيءٍ دونَهُم


١٢١٤. [ق] عن رَافع بن خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَابُوا/ إِبِلًا وَغَنَمًا، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي أُخْرَيَاتِ القَوْمِ، فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا القُدُورَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِالقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ فَأَعْيَاهُمْ، وَكَانَ فِي القَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللهُ. ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ لِهَذِهِ البَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». فَقَالَ رافعٌ: إِنَّا نَرْجُو -أَوْ: نَخَافُ- العَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالقَصَبِ؟ قَالَ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ». [خ:٢٤٨٨]
1. كان من عادة النبي -ﷺ - الجميلة أن يكون في آخر الجيش؛ رفقا بالضعيف والمنقطع، فكذا ينبغي للقواد والأمراء، وهكذا ينبغي ملاحظة الضعفاء العاجزين في كل الأحوال، في إمامة الصلاة وغيرها.
2. تأديب الإمام لرعيته وجنده، فقد أدبهم النبي -ﷺ - على هذه العجلة والتصرف، قبل أخذ إذنه، فكان جزاؤهم حرمانهم مما أرادوا.
3. الحديث دليل على القاعدة الفقهية: من تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه.

١٢١٥. [ق] وعَنْ جَبَلَةَ بن سُحَيْمٍ قال: كُنَّا بِالمَدِينَةِ وَأَصَابَتنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ: لَا تَقْرنوا؛ فَإِنَّ النَّبيَّ ﷺ نَهَى عَنِ القِرَانِ، إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ. [خ:٢٤٩٠]
الغريب: (أُكْفِئَت): قُلِبَتْ، قالَ الكِسائيُّ: كَفَأْتُ الإِناءَ وكَفَيْتُهُ وأَكْفَيْتُهُ: إذا قَلَبته، وأَكْفَأته: إذا أَمَلته. و(الأَوَابدَ): الوَحْش النَّوافر. و(المُدَى): السَّكاكين، واحدها مُدْيَة. و(السَّنَة): الجَدْب هنا. و(القِرَان في التَّمرِ): هو أنْ يأكلَ تمرتينِ في مرَّةٍ واحدةٍ. و(ليس السنَّ): بمعنى إلَّا، وهي مِن حروف الاسْتثناء.
1. يتأكد النهي إذا كان الطعام فيه قلة والحاجة إليه شديدة، وقد بوب ابن حبان للحديث بقوله: ذكر الزجر عن القران في الأكل إذا كان المأكول فيه قلة وحاجتهم إليه شديدة.

• وقد تقدَّم: «لا يُفَرَّقُ بين مجتمِعٍ، ولا يُجْمَع بين مفترقٍ خشيةَ الصَّدقة، وما كان مِن خَلِيطَين فإنَّهما يترادَّان بينهما بالسَّوِيَّة» في كتاب الزَّكاة [ر:٧٢٣].

٣- بابُ القِسْمةِ بالقُرْعةِ عند التَّشاحِّ، وإِذا صحَّتِ القِسْمةُ فلا رُجوع فيها، وقولِهِ تعالى: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُدۡحَضِینَ﴾ [الصافات:١٤١]


• [خت] وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، وقد أقَرعَ ﷺ بين السِّتة المماليك، فأعْتق اثنين بالقُرعة.
١٢١٦. وعَنِ النُّعمان بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اّْسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ/ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا جَمِيعًا». [خ:٢٤٩٣]
1. في هذا المثل دليل على أنه ينبغي لمعلم الناس أن يضرب لهم الأمثال؛ ليقرب لهم المعقول بصورة المحسوس، قال الله -تعالى-: {وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَـٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا یَعۡقِلُهَاۤ إِلَّا ٱلۡعَـٰلِمُونَ} [سورة العنكبوت:43]. ، وكم من إنسان تشرح له المعنى شرحاً كثيراً وتُردِّدُه عليه فلا يفهم، فإذا ضربت له مثلا بشيء محسوس يفهمه ويعرفه.
2. إثبات القرعة، وأنها جائزة.
3. يجوز قسمة العقار المُتَفاوت بالقرعة وإن كان فيه علو وسفل.
4. يحق لصاحب العلو أن يمنع صاحب السُّفل أن يلحق ضرراً بالعقار.
5. ليس لصاحب السفل أن يحدث ما يلحق الضرر بصاحب العلو، فإن فعل ذلك؛ لزمه إصلاحه.
6. فائدة ترك المنكر لا تعود على تاركه فحسب، بل على المجتمع بأسره، وكذلك مفسدة فعل المنكر.
7. حرية الإنسان ليست مطلقة، بل مقيدة بضمان حقوق الناس من حوله، وضمان مصالحهم.

١٢١٧. [ق] وعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال: إنَّما جَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ. [خ:٢٤٩٥]

٤- بابُ الشَّركةِ في الذَّهبِ والحَيوانِ والعُروضِ والطَّعامِ، ومشاركةِ الذِّمِّيِّ


١٢١٨. [ق] عن سليمان بن أَبِي مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا المِنْهَالِ عَنِ الصَّرْفِ يَدًا بِيَدٍ، قَالَ: اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِي شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً، فَجَاءَنَا البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، فَسَأَلْنَاهُ عَنِ الصَّرْفِ يَدًا بِيدٍ، فَقَالَ: فَعَلْتُ أَنَا وَشَرِيكِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَسَأَلْنَا النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً رُدُّوْهُ». [خ:٢٤٩٧]
١٢١٩. [ق] وعن عُقْبَةَ بنِ عامرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَعْطَاهُ غَنَمًا فقَسَمَها عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «ضَحِّ بِهِ أَنْتَ». [خ:٢٥٠٠]
1. وفي الحديث: مشروعية التوكيل في قسمة العطايا والهبات.
2. وفيه: قبول العطية والتضحية بها.

١٢٢٠. وَعَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ هِشَامٍ فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ فَيَقُولَانِ لَهُ: أَشْرِكْنَا فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ دَعَا لَكَ بِالبَرَكَةِ فَيَشْرَكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى المَنْزِلِ. [خ:٢٥٠١]
1. قوله: (أَشْرِكْنَا فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ دَعَا لَكَ بِالبَرَكَةِ)، قال ابن حجر: «فيه طلب البركة حيث كانت، والرد على من زعم أن السعة من الحلال مذمومة».

١٢٢١. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيرةَ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ قال: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ في عَبْدٍ عَتَقَ كُلُّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا ليَسْتَسْعِــي العَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيهِ». [خ:٢٥٠٤]
١٢٢٢. [ق] وعَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللهِ ﷺ خَيْبَرَ اليَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. [خ:٢٤٩٩]

٥- بابُ جَوازِ الرَّهْنِ في الحَضَرِ، ورَهْنِ الأَسْلحةِ عندَ أهلِ الذِّمَّةِ


١٢٢٣. عَنْ أَنسٍ قال: لَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ ﷺ دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَا أَصْبَحَ لِآلِ مُحَمَّدٍ وَلَا أَمْسَى إِلَّا صَاعٌ»،/ وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ. [خ:٢٥٠٨]
1. فيه: مباشرة الشريف والعالم شراء الحوائج بنفسه، وإن كان له من يكفيه؛ لأن جميع المؤمنين كانوا حريصين على كفاية أمره وما يحتاج إلى التصرف فيه، رغبة منهم في رضاه وطلب الآخرة والثواب.
2. وفيه: إجابة الدعوة على الطعام القليل.

١٢٢٤. [ق] ومِن حديث عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. [خ:٢٥٠٩]
١٢٢٥. [ق] وعنها أنَّها قالت: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. [خ:٢٩١٦]
• [خت]وفي رواية: درعٌ مِن حَدِيدٍ. (خ: ٢٢٥١)
١٢٢٦. [ق] وعن جابرِ بنِ عَبدِ اللهِ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللهَ وَرَسُولَه»؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا. فَأَتَاهُ، فَقَالَ: أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ. فَقَالَ: اّْرْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ. قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ العَرَبِ؟... وذكر الحديثَ قال: وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ.[خ:٢٥١٠] وسيأتي الحديثُ [ر:١٨٤٢].
الغريب: (الإِهَالَةُ): الوَدَكُ. و(السَّنِخَةُ): المتغيِّرة الرَّائحة. و(اللَّأْمَةُ): السِّلاح.

٦- بابٌ: الرَّهْنُ مَركوبٌ ومَحْلُوبٌ، واخْتلافُ الرَّاهنِ والمُرْتَهِنِ


• [خت] وَقَالَ مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: تُرْكَبُ الضَّالَّةُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَتُحْلَبُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ.
١٢٢٧. وعَنِ الشَّعبي، عَنْ أبي هُرَيرةَ قال: قال رسولُ الله ﷺ: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ». [خ:٢٥١٢]
١٢٢٨. [ق] وعَن ابنِ عبَّاس أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى أَنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ. [خ:٢٥١٤]
1. قال النووي: «هذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد أحكام الشرع، ففيه أنه لا يقبل قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه، بل يحتاج إلى بينة أو تصديق المدعى عليه، فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك، وقد بين ﷺ الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه، لأنه لو كان أعطي بمجردها لادعى قوم دماء قوم وأموالهم واستبيح، ولا يمكن المدعى عليه أن يصون ماله ودمه، وأما المدعي فيمكنه صيانتهما بالبينة».

١ وجد أُبيَّ بن كعب ﵁ صُرَّة فيها مئة دينار، فأمره النبي ﷺ بأن يُعرِّفها:

٥/٠