(٣٦) كِتَابُ العِتْقِ وَالكِتَابَةِ


١- باب مَا جاء في العِتْق وفَضْله، وأيُّ الرِّقاب أفضل


١٢٢٩. [ق] عَنْ أبي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ». قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ: فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، فَعَمَدَ إِلَى عَبْدٍ لَهُ قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ -أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ- فَأَعْتَقَهُ. [خ:٢٥١٧]
1. قال ابن حجر: «فحصل بهذا العتق تكفير جميع الذنوب».
2. قال العيني: «وفيه فضل العتق، وأنّه من أرفع الأعمال وربما ينجي الله به من النَّار».
3. قال العيني: «وفيه أَن المجازاة قد تكون من جنس الْأَعمال فجوزي المُعتق للعبد بالعتقِ من النَّار».

١٢٣٠. [ق] وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللهِ، وَجِهَادٌ/ في سَبِيلِهِ». قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَعْلَاهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا». قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: «تُعِينُ صَانِعًا، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ». قلتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: «تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ». [خ:٢٥١٨]
1. قوله: (فإن لم أفعل) قال ابن حجر: «فيه مراجعة العالم في تفسير المُجْمل وتخصيص العام».
2. قال ابن بطال: «فإن قيل: كيف يكون إمساكه عن الشر صدقة؟ قيل: إذا أمسك شره عن غيره، فكأنه قد تصدق عليه بالسلامة منه، وإن كان شرّاً لا يعدو نفسه؛ فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الإثم».
3. قال ابن حجر: «في الحديث صبر المفتي والمعلم على التلميذ ورفقه به».
4. قال ابن المنير: «في الحديث إشارة إلى أن إعانة الصانع أفضل من إعانة غير الصانع؛ لأن غير الصانع مظنة الإعانة فكل أحد يُعينه غالباً، بخلاف الصانع فإنه لشهرته بصنعته يغفل عن إعانته، فهي من جنس الصدقة على المستور».

٢- بابُ حُكْمِ مَن أعتَقَ شِركًا له في عَبدٍ


١٢٣١. [ق] مالك، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ، قُوِّمَ العَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». [خ:٢٥٢٢]
١٢٣٢. [ق] ورواه أيُّوب، عن نافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوكِهِ أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مِنَ المَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقِيمَةِ العَدْلِ فَهُوَ عَتِيقٌ». قَالَ نَافِعٌ: وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي أَشَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ، أَوْ شَيْءٌ فِي الحَدِيثِ؟ [خ:٢٥٢٤]
قلتُ: وسِياق نافع لذلك الكَلام سياق الجازم بأنَّه مِن الحَديث، فهو أوْلى مِن شكِّ أيُّوب، والله أعلم.
• وقد تقدَّم حديثُ أَبي هُرَيْرَةَ في الاسْتِسعاء[ر:١٢٢١].

٣- بابُ مَن أَعْتقَ فليُشهدْ عَلى ذَلكَ


١٢٣٣. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَمَّا أَقْبَلَ يُرِيدُ الإِسْلَامَ وَمَعَهُ غُلَامُهُ، ضَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلَامُكَ قَدْ أَتَاكَ». فَقَالَ: أَمَا إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ حُرٌّ. قَالَ: فَهُوَ حِينَئذٍ يَقُولُ:
يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ [خ:٢٥٣٠]
• وفي رواية: قال أَبُو هُرَيْرَةَ: لما قَدِمتُ على النَّبيِّ ﷺ. وذكر نحوه وقال: قلتُ: هو حُرٌّ لوجه الله. [خ:٢٥٣١]

٤- بابُ اسْتلحَاقِ ولدِ الأَمَةِ، والحُكْمِ بهِ لصاحبِ الفِراشِ


١٢٣٤. [ق] عَن عُرْوة بن الزُّبير عن عائشةَ أنَّها قالت: كان عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي/ وَقَّاصٍ أَنْ يَقْبِضَ إِلَيْهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، قَالَ عُتْبَةُ: إِنَّهُ ابْنِي. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ زَمَنَ الفَتْحِ أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَأَقْبَلَ مَعَهُ بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا ابْنُ أَخِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا أَخِي ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ». مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ، فقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ». مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، وَكَانَتْ سَوْدَةُ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ. [خ:٢٥٣٣]
• [ق] وفي رواية: «الولد للفراش، وللعاهر الحَجَرُ». [خ:٢٠٥٣]
1. في الحديث: أنَّ الأحكام تجري على الظّاهر الثّابت.
2. وفيه: الأخذ بالاحتياط عند وقوع الشّبهات.

الغريب: (العاهِر): الزَّاني. و(الحَجَر): يعني به: الرَّجم، وقيل: الخَيبة.

٥- بابُ بَيْعِ المُدَبَّرِ في الدَّينِ، والنَّهيِ عن بيعِ الوَلاءِ وَهِبتِهِ


١٢٣٥. [ق] عَنْ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِهِ فَبَاعَهُ، قَالَ جَابِرٌ: مَاتَ الغُلَامُ عَامَ أَوَّلَ. [خ:٢٥٣٤]
قلت: هذا الحديثُ محمولٌ عِند أصحابنا على أنَّه ﷺ باعه في دَيْنٍ سَبق التَّدبير، ويَعْضد هذا التَّأويل مَا ذكره مالك: مِن أنَّ الأمر المُجْمَع عليه عندهم أنَّ المُدَبَّر لا يوهَب ولا يحرَّك عن حاله.
١٢٣٦. [ق] وعَنِ ابن عُمَرَ قال: نَهَى النَّبيُّ ﷺ عَنْ بَيْعِ الوَلَاءِ وَهِبَتِهِ. [خ:٢٥٣٥]

٦- بابُ أخْذِ الفِداءِ في القَريبِ المُشرِكِ، ونُفُوذِ عِتقِهِ معيَّنًا


• [خت] وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ العَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: فَادَيْتُ نَفْسِي، وَفَادَيْتُ عَقِيلًا.
١٢٣٧. وعَنْ أنسِ بْن مالك أَنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ. فَقَالَ: «لَا تَدَعُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا». [خ:٢٥٣٧]
1. قال ابن هبيرة: «فيه من حسن الأدب أنهم قالوا: (ابن أختنا) ولم يقولوا: (عمك) لتكون له المنة بالترك عليهم لا عليه».

١٢٣٨. [ق] وَعَنْ هِشَامٍ قال: أَخْبَرَنِي أَبِي/ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَعْتَقَ فِي الجَاهِلِيَّةِ مِئَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِئَةِ بَعِيرٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمَلَ عَلَى مِئَةِ بَعِيرٍ، وَأَعْتَقَ مِئَةَ رَقَبَةٍ، قَالَ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَصْنَعُهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا -يَعْنِي: أَتَبَرَّرُ بِهَا-؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ». [خ:٢٥٣٨]

٧- بابُ فَضْلِ مَن أَدَّبَ جَاريَتَهُ ثمَّ أَعْتَقَها وتَزوَّجَها، وفَضْلِ المَمْلُوكِ الَّذي يؤدِّي حقَّ اللهِ وحقَّ سيِّدِهِ


١٢٣٩. [ق] عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ أَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أَدَبَها، وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَدَّى حَقَّ اللهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَهُ أَجْرَانِ». [خ:٢٥٤٧]
1. في الحديث: عظيم فضل الله وكرمه على المطيعين.
2. وفيه: دليلٌ على أنَّ من أحسن في معنيين من أيّ فعلٍ كان من أفعال البرّ، فله أجره مرّتين، والله يضاعف لمن يشاء.

١٢٤٠. [ق] وعَن أَبي هُريرةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لِلْعَبْدِ المَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ». وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ. [خ:٢٥٤٨]
1. فيه مواساة الضعفاء من العبيد ومن في معناهم وتطييب خاطرهم وحثهم على الصبر على ما امتحنوا به وأن يحتسبوا ذلك عند ربهم تبارك وتعالى.

١٢٤١. [ق] وعنه قالَ: قالَ النَّبيُّ ﷺ: «نِعْمَ مَا لِأَحَدِهِمْ، يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ». [خ:٢٥٤٩]

٨- بابُ الأَمْرِ بالإِحْسانِ للمَمْلوكِ وتَرْكِ التَّطاولِ عليهِ


١٢٤٢. [ق] وعَنِ المَعْرُورِ بن سُويْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الغِفَارِيَّ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا، فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَديهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». [خ:٢٥٤٥]
1. قوله: (أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تأكلون) قال ابن حجر: «وليس في الأمر إلزامٌ بمؤاكلة الخادم، بل فيه أن لا يستأثر عليه بشيْءٍ بل يشركه في كلِّ شيءٍ لكن بحسب ما يدفع به شر عينه».
2. في الحديث تحريم أذيّة المسلم بالقول أو الفعل، والنهي عن التنابز بالألقاب كما جاء في الآية الكريمة.
3. وفيه: بيان قرب النبي ﷺ من جميع طبقات المجتمع، بحيث يستطيع الجميع أن يحادثه ويشتكي إليه ويُناجيه.
4. وفي الحديث: تقبيح أمور الجاهلية وأخلاقها، وأنَّها زائلةٌ بالإسلام، وأنَّ على كل مسلم هجرانها واجتنابها، وألَّا يكون فيه شيءٌ من أخلاقهم.
5. وفيه: الحثُّ على الإحسان إلى الرَّقيق والخدم ومن في معناهم كالأَجير وغيره، والرِّفق بهم.
6. وفيه: فضيلةٌ ظاهرةٌ لأبي ذَرٍّ ﭬ، وبيانٌ لحسن استجابته لأمر النبيِّ ﷺ

١٢٤٣. [ق] وعَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي ومَوْلَايَ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي، أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي». [خ:٢٥٥٢]
1. قال الخطَّابيّ: «وسبب المنع أنّ الإنسان مربوبٌ معبّدٌ بإخلاص التوحيد لله تعالى وترك الإشراك به، فترك المضاهاة بالاسم لئلاّ يدخل في معنى الشرك، ولا فرق في ذلك بين الحرّ والعبد، وأمّا من لا تعبّد عليه من سائر الحيوانات والجمادات، فلا يكره أن يطلق ذلك عليه عند الإضافة، كقوله: ربّ الدّار والثّوب».
2. في الحديث: مراعاة آداب اللّسان، حتّى لو لم تقدح في الشّريعة.

١٢٤٤. [ق] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَليُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، أَوْ أُكْلَةً/ أَوْ أُكْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِيَ عِلَاجَهُ». [خ:٢٥٥٧]
1. قوله: (فإن لم يجلسه): أي معه، ولا يستنكفه كما هو دأب الجبابرة فإنه أخوه، وأيضًا أفضل الطعام ما كثرت عليه الأيدي على ما ورد.
2. قال النووي: «في هذا الحديث الحث على مكارم الأخلاق والمواساة في الطعام، لا سيّما في حق من صنعه أو حمله، لأنَه ولِي حرّه ودخانه، وتعلقت به نفسه وشم رائحته، وهذا كله محمولٌ على الاستحباب».

٩- بابُ ما يجِبُ عَلى العَبدِ مِن مُراعاةِ حقِّ سيِّدِهِ وفي أَدبِهِ إذا قصَّرَ في ذَلك، وحدِّه إنْ زَنا


١٢٤٥. [ق] عن ابنِ عُمرَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ عَلَيْهِمْ ومَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». [خ:٢٥٥٤]
١٢٤٦. وفي رواية: قال ابنُ عُمَرَ: فسمعتُ هؤلاء مِنَ النَّبيِّ ﷺ، وأحسب النَّبيَّ ﷺ قال: «والرَّجل في مال أبيه راعٍ، ومسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ». [خ:٢٥٥٨]
1. قوله: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) قال النووي: «قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه، وما هو تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته».

١٠- بابٌ: في الكِتَابةِ، ومَن قالَ بِوجوبِها إِذا طلَبَها العَبدُ القويُّ على التَّكسُّبِ، وقولِهِ تعالى: ﴿وَٱلَّذِینَ یَبۡتَغُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ مِمَّا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ فَكَاتِبُوهُمۡ إِنۡ عَلِمۡتُمۡ فِیهِمۡ خَیۡرࣰا وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِیۤ ءَاتَىٰكُمۡ﴾ [النور:٣٣]


• [خت] وقال ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالًا أَنْ أُكَاتِبَهُ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ إِلَّا وَاجِبًا.
• [خت] وَقَالَ عطاءٌ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ أَنَّ سِيرِينَ سَأَلَ أَنَسًا المُكَاتَبَةَ -وَكَانَ كَثِيرَ المَالِ- فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: كَاتِبْهُ. فَأَبَى، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، وَيَتْلُو عُمَرُ: ﴿فَكَاتِبُوهُمۡ إِنۡ عَلِمۡتُمۡ فِیهِمۡ خَیۡرࣰا﴾ [النور:٣٣] فَكَاتَبَه.

١١- بابُ تَنْجِيمِ الكِتَابةِ، وجوازِ بيعِ المُكاتَبِ ممَّن يُعْتِقُهُ، وفَسْخِ الكتابةِ لِذلك


١٢٤٧. [ق] عن هِشامِ بنِ عُرْوةَ، عَنْ أبيه، عن عَائشةَ قالت: جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقيَّة -وفي روايةٍ^([خت:٢٥٦٠]): على خمسٍ- فَأَعِينِينِي. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ، وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي. فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا،/ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الوَلَاءُ. فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «خُذِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، فَأَيُّمَا شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِئَةَ شَرْطٍ، فَقَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ، مَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَعْتِقْ يَا فُلَانُ والوَلَاءُ لِيْ، إِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». [خ:٢٥٦٣]
• وفي رواية: فقالَ النَّبيُّ ﷺ: «اشْتريها فأعتقيها، وَدَعيهم يَشترطوا مَا شاؤوا». فاشْترتها عَائشة فأعتقتها، واشْترط أهلُها الولاءَ، فقال النَّبيُّ ﷺ: «الولاءُ لمَن أعتَقَ، وإن اشترطوا مئة شَرْطٍ». [خ:٢٥٦٥]
1. قال النووي: «في الحديث جواز خدمة العتيق لمعتقه برضاه».
2. قال النووي: «وفيه أنه يستحب للإمام عند وقوع بدعة أو أمر يحتاج إلى بيانه أن يخطب الناس ويبين لهم حكم ذلك، وينكر على من ارتكب ما يخالف الشرع».
3. قال النووي: «وفيه استعمال الأدب وحسن العشرة وجميل الموعظة، كقوله ﷺ: (ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله)، ولم يواجه صاحب الشرط بعينه لأن المقصود يحصل له ولغيره من غير فضيحة وشناعة عليه».
4. قال النووي: «فيه أن الخطب تبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله».
5. قال النووي: «وفيه أنه يستحب في الخطبة أن يقول بعد حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسول الله ﷺ: أما بعد. وقد تكرر هذا في خطب النبي ﷺ».
6. قال النووي: «وفيه التغليظ في إزالة المنكر والمبالغة في تقبيحه».

(٣٧) كِتَابُ الهِبَاتِ


١- بابُ فَضْلِ الهديَّةِ، وقَبُولِها وإنْ قلَّت، والمكافأةِ عليها


١٢٤٨. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ». [خ:٢٥٦٦]
1. قال النووي: «وهذا النهي عن الاحتقار نهي للمعطية المهدية، ومعناه: لا تمتنع جارة من الصدقة والهدية لجارتها لاستقلالها واحتقارها الموجود عندها، بل تجود بما تيسر وإن كان قليلا كفرسن شاة، وهو خير من العدم، وقد قال الله تعالى: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾، وقال النبي ﷺ: (واتقوا النار ولو بشق تمرة)».
2. فيه أن الهدية إذا كانت يسيرة فهي أدل على المودة، وأسقط للمؤنة، وأسهل على المهدي؛ لاطراح التكلف، والكثير لا يتيسر كل وقت، والمواصلة باليسير تكون كالكثير.
3. وفيه استحباب جلب المودة، وإسقاط التكلف.

١٢٤٩. وعنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ». [خ:٢٥٦٨]
1. قال ابن حجر: «في الحديث الحض على التهادي ولو باليسير لأن الكثير قد لا يتيسر كل وقت، وإذا تواصل اليسير صار كثيراً».
2. قال ابن حجر: «في الحديث استحباب المودة وإسقاط التكلف».
3. قال ابن حجر: «في الحديث دليل على حسن خلقه ﷺ وتواضعه وجبره لقلوب الناس».
4. قال ابن حجر: «في الحديث إجابة من يدعو الرجل إلى منزله ولو عَلِمَ أن الذي يدعوه إلى شيء قليل».
5. قال المهلب: «لا يبعث على الدعوة إلى الطعام إلا صدق المحبة، وسرور الداعي بأكل المدعو من طعامه، والتحبب إليه بالمؤاكلة».

١٢٥٠. [ق] وعن عَائشةَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، يتبعُونَ -أَوْ: يَبْتَغُونَ- بِذَلِكَ مَرْضَاةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ. [خ:٢٥٧٤]
١٢٥١. [ق] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ: «أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟» فَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «كُلُوا». وَلَمْ يَأْكُلْ، فإن قِيلَ: هَدِيَّةٌ، ضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَكَلَ مَعَهُمْ. [خ:٢٥٧٦]
1. إنَّما كان ﷺ يَأكُلُ الهديَّة، ولا يَأكُلُ الصَّدقةَ؛ لِمَا في الهديَّةِ مِن تَآلُف القُلوبِ، والدُّعاءِ إلى المحبَّةِ، وجائزٌ أنْ يُثيبَ عليها بمِثلِها وأفضَلَ منها، فتَرتفِعَ المنَّةُ والذِّلَّةُ، ولا يَجوزُ ذلك في الصَّدقةِ، فافترَقَ حُكمُهما؛ لافتراقِ المعْنى فيهما.

١٢٥٢. وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا. [خ:٢٥٨٥]
1. كان ﷺ إذا قبل الهدية (يُثِيبُ عليها)، أي: يكافئ من أعطاه بهديةٍ مثلها أو خيرًا منها؛ من باب ردِّ الحسنى بأحسن منها أو مثلها، ولئلا يكون لأحدٍ عليه ﷺ يدٌ، ولا يلزمه لأحدٍ منةٌ.

٢- بابُ تَبَسُّطِ الرَّجلِ فيما أَهدىَ لِصديقِهِ، وأكلِهِ منهُ وإنْ لم يَأذن لَهُ


١٢٥٣. [ق] عَنِ القَاسِمِ -هو ابْن محمَّدٍ- عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، وَأَنَّهُمُ اشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا،/ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». [خ:٢٥٧٨]
1. فيه أن موالي أزواج النبي ﷺلا تحرم عليهن الصدقة، وإن حَرُمت على الأزواج.
2. فيه جواز أكل الغني مما تُصُدّق به على الفقير، إذا أهداه له.
3. فيه بيان جواز قبول الغني هدية الفقير.
4. فيه أن من حَرُمت عليه الصدقة جاز له أكل عينها إذا تغير حكمها.
5. وفيه استحباب قبول الهدية، وإن نَزُرَ قدرها جبراً لخاطر المهدي.
6. فيه بيان أن لمن تُصُدّق عليه بصدقة أن يتصرف فيها بما شاء، ولا ينقص أجر المتصدق.

١٢٥٤. [ق] وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ. فقَالَ: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». [خ:٢٥٧٧]

٣- بابُ مَن أهْدَى إلى صَاحبِهِ وتحرَّى لبعضِ نِسائِهِ، وما لا يُرَدُّ مِن الهَديَّةِ، ومَن أحقُّ بها؟


١٢٥٥. [ق] عَن هشام بن عُروة، عَنْ أبيهِ، عَن عَائشةَ أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللهِ ﷺ كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ هِي فِيهِ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ أَخَّرَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللهِ ﷺ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ هَدِيَّةً فَلْيُهْدِ لَهُ حَيْثُ كَانَ مِنْ نِسَائِهِ. فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا. فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ. قَالَ: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا. فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ. فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: «لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ؛ فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ». قَالَتْ: فقلتُ: أَتُوبُ إِلَى اللهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ. ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَسْأَلْنَكَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ. فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةُ أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟» فَقَالَتْ: بَلَى. فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ فَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ. فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ فَأَغْلَظَتْ وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللهَ العَدْلَ فِي/ بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ. فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ، هَلْ تَكَلَّمُ؟ قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالَتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ: «إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ». [خ:٢٥٨١]
1. قوله: (حتى إذا كان رسول الله ﷺ في بيت عائشة بعث صاحب الهدية بها)، قال ابن حجر: «فيه قصد الناس بالهدايا أوقات المسرة ومواضِعها ليزيد ذلك في سرور المُهدى إليه».
2. قال ابن حجر: «في الحديث تنافس الضرائر وتغايرهن على الرجل، وأن الرجل يسعه السكوت إذا تقاولن، ولا يميل مع بعضٍ على بعض».
3. قوله: (ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله ﷺ)، قال ابن حجر: «فيه جواز التشكي والتوسل في ذلك، وما كان عليه أزواج النبي ﷺ من مهابته والحياء منه حتى راسلنه بأعز الناس عنده فاطمة».
4. قوله: (أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله!)، قال ابن حجر: «فيه سرعة فهمهن ورجوعهن إلى الحق والوقوف عنده».
5. قولها: (يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة) قال النووي: «معناه يسألنك التسوية بينهن في محبة القلب، وكان صلى الله عليه وسلم يسوي بينهن في الأفعال والمبيت ونحوه، وأما محبة القلب فكان يحب عائشة أكثر منهن».
6. قال النووي: «وأجمع المسلمون على أن محبتهن لا تكليف فيها، ولا يلزمه التسوية فيها؛ لأنه لا قدرة لأحد عليها إلا الله سبحانه وتعالى، وإنما يؤمر بالعدل في الأفعال».
7. وفيه أنَّ الغيرة من الأمور الّتي جبلت عليها المرأة، ولا تلام عليها إلّا إذا أنزلت الغيرة في غير منزلتها، ويكره منها ذلك، وعلى الزّوج التّعامل معها بلطفٍ في هذا السّياق.

١٢٥٦. وعن ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ قال: كَانَ أَنَسٌ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ، قَالَ: وَزَعَمَ أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ. [خ:٢٥٨٢]
١٢٥٧. وعَنْ عَائِشَةَ قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا». [خ:٢٥٩٥]

٤- بابُ النَّهي عَن أنْ يَهَبَ لبعضِ أولادِهِ دونَ بعضٍ، وعَنِ الرُّجوعِ في الِهبَةِ إلَّا للولدِ


١٢٥٨. [ق] عَنِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ قال: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ ﷺ. فَأَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ». قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. [خ:٢٥٨٧]
١٢٥٩. [ق] وفي طَريق أُخْرى: أنَّ أبَا النُّعمان أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا، فَقَالَ: «أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَه» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَارْجِعْهُ». [خ:٢٥٨٦]
• [ق] وفي رواية: قال رَسول الله ﷺ: «لا أَشْهدُ على جَوْرٍ». [خ:٢٦٥٠]
1. قوله: (أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟)، قال ابن حجر: «فيه الندب إلى التآلف بين الإخوة، وترك ما يُوقع بينهم الشحنات أو يورث العقوق للآباء».
2. قال ابن حجر: «في الحديث جواز الميل إلى بعض الأولاد والزوجات دون بعض وإن وجبت التسوية بينهم في غير ذلك».
3. قوله: (فرجع فردَّ عطيّته)، قال ابن حجر: «فيه المبادرة إلى قبول الحق».

١٢٦٠. [ق] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ». [خ:٢٥٨٩]
1. الحديث دليل على تحريم العَود في الهبة، لأن هذا من لؤم الطبع والدناءة، يقول ابن دقيق العيد: وقد ورد التشديد في التشبيه من وجهين: أحدهما: تشبيه الراجع بالكلب، الثاني: تشبيه الرجوع فيه بالقيء.
2. وفيه أنه لا فرق بين كون الراجع غنيا أو فقيرا، فلو افتقر الواهب ثم أراد أن يرجع على الموهوب له لم يجز.

٥- بابُ هِبَةِ الرَّجلِ لامْرأتِهِ، والمرأةِ لزوجِها أو لغيرِهِ


• وقد تقدَّم قوله ﷺ: «العَائدُ في هِبته كالكلبِ يعودُ في قَيئهِ». [خ:٢٥٨٩]
• [خت] وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَبِي لِي بَعْضَ صَدَاقِكِ أَوْ كُلَّهُ. ثُمَّ لَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى طَلَّقَهَا فَرَجَعَتْ فِيهِ، قَالَ: يَرُدُّ إِلَيْهَا إِنْ كَانَ خَلَبَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ لَيْسَ فِي شَيْءٍ/ مِنْ أَمْرِهِ خَدِيعَةٌ جَازَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَءَاتُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ صَدُقَـٰتِهِنَّ نِحۡلَةࣰۚ فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَیۡءࣲ مِّنۡهُ نَفۡسࣰا فَكُلُوهُ هَنِیۤـࣰٔا مَّرِیۤـࣰٔا ۝٤ وَلَا تُؤۡتُوا۟ ٱلسُّفَهَاۤءَ أَمۡوَ ٰ⁠لَكُمُ ٱلَّتِی جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِیَـٰمࣰا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِیهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُوا۟ لَهُمۡ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰا ۝٥﴾ [النساء:٤].
١٢٦١. [ق] عَن عائشةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ ﷺ فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ. الحديثَ. [خ:٢٥٨٨]
١٢٦٢. [ق] وعَنْ أَسْماءَ ابْنةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لِيَ مَالٌ إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ، فَأَتَصَدَّقُ؟ قَالَ: «تَصَدَّقِي، وَلَا تُوعِي فَيُوعَى عَلَيْكِ». [خ:٢٥٩٠]
• [ق] وفي أخرى: قالَ: «أَنْفِقي ولا تُحْصِي فَيُحْصِي اللهُ عَلَيكِ، ولا تُوعِي فيُوعِي اللهُ عَليكِ». [خ:٢٥٩١]
1. قوله: (تصدقي ولا توعي فيوعي الله عليك) قال النووي: «هذا محمول على ما أعطاها الزبير لنفسها بسبب نفقة وغيرها، أو مما هو ملك الزبير، ولا يكره الصدقة منه، بل رضي بها على عادة غالب الناس».
2. فيه كراهة إحصاء الصدقة؛ لئلا يكون سبباً للبخل، وانقطاع فضل الله تعالى.
3. قوله: (ولا تحصي فيحصي الله عليك) فيه بيان أن الجزاء من جنس العمل.
4. فيه بيان ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام من العناية بتعليم أمته السخاء والجود حتى يُفيض الله عليهم من بركاته.

١٢٦٣. [ق] وعَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِيَّ ﷺ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قَالَتْ: أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي، قَالَ: «أَوَ فَعَلْتِ؟» قلتُ: نَعَمْ. قَالَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ». [خ:٢٥٩٢]
1. جواز تصرف الزوجة في ملكها بغير إذن زوجها، ما لم تكن سفيهة.
2. الصدقة على القريب المسكين الذي يحتاج إلى الخدمة أفضل من العتق، لما فيه من الصدقة والصلة.
3. من وسائل تقوية روابط الزوجية، أن تخبر الزوجة زوجها بما صنعت، أو ما ترغب في عمله.
4. ينبغي للمسلم أن يسترشد بآراء أهل العلم، حتى يضع الأمور في مواضعها.
5. أن الأعمال تتفاضل في الثواب بحسب ما يترتب عليها من المنفعة.
6. فيه الاعتناء بأقارب الأم إكراماً لحقها، وهو زيادة في برها.

١٢٦٤. [ق] وعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ؛ تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللهِ ﷺ. [خ:٢٥٩٣]

٦- بابُ مَن لمْ يَقْبَلِ الهديَّةَ لعلَّةٍ، وتحريمِ الهَدايا للوُلاةِ


• [خت] قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: كَانَتِ الهَدِيَّةُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ ﷺ هَدِيَّةً، وَاليَوْمَ رِشْوَةٌ.
• وقد تقدَّم قولُ النَّبيِّ ﷺ للصَّعْبِ بْن جَثَّامة حين أهْدى حِمار الوَحش فردَّه عليه: «إنَّا لم نَّرده عَليك إلَّا أنَّا حُرُمٌ» [ر:٩٨٧].
1. قوله: (إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم) قال النووي: فيه: «أنه يستحب لمن امتنع من قبول هدية ونحوها لعذر أن يعتذر بذلك إلى المُهدي تطييبا لقلبه».

١٢٦٥. [ق] وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا مِنَ الأَزْدِ -يُدْعَى ابْنَ الأُتْبِيَّةِ- عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي قَالَ: «فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ». ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ:/ «اللهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟» ثَلَاثًا. [خ:٢٥٩٧]
1. في الحديث: محاسبة العمال ومنعهم من قبول الهدية ممن لهم عليه حكم.
2. وفيه: التأديب بالكلمة القوية عند الحاجة.
3. وفيه: أنَّ العالم إذا رأى متأوِّلًا قد أخطأ في تأويله خطأً يعمُّ النَّاس ضرره؛ أن يعلم النّاس كافَّةً بموضعِ خطئه، ويُعرِّفهم بالحجَّة القاطعة.
4. استعمال النبي ﷺ للرجل على غير قومه حتى لا تقع المحاباة.
5. عدم اكتفاء النبي ﷺ بثقته بالرجل، بل لما رجع حاسبه على ما أُرسل إليه.
6. وضوح الصحابة ﵃، فلم يُخف الرجل ما أُعطي وما أُهدي له.
7. مِنْ مداخل الشيطان تسمية الأشياء بغير مسمياتها.
8. مغبّة هذا الأمر، وخطورة الرشوة، ولو كان باسم «هدية»، وأن من أخذ شيئا من أموال الناس فإنه سوف يأتي يوم القيامة يحمل ما أخذه، ينوء بحمل ما تمتع به في الدنيا.

٧- بابُ إذا وَهبَ أو وَعدَ ثمَّ مَاتَ أحدُهما قبلَ وصولِ الهديَّةِ إليه، وهِبَةِ الدَّيْن


• [خت] وقال الحسَنُ: أيُّهما مَات قَبْلُ فهي لوَرثته إذا قَبضها الرَّسولُ.
• [خت] ووهبَ الحسنُ بن عليٍّ لرَجلٍ دَيْنَه.
١٢٦٦. [ق] وعَن جابرٍ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا» -ثَلَاثًا- فَلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا يُنَادي: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَعَدَنِي. فَحَثَى لِي ثَلَاثًا. [خ:٢٥٩٨]
• [خت] وقال النَّبيُّ ﷺ: «مَنْ كَانَ عَليهِ دَيْنٌ فَلْيُعْطِه أوْ لِيَتَحَلَّلْه مِنْهُ».
١٢٦٧. وعن جَابرِ بنِ عبدِ اللهِ أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، فَاشْتَدَّ الغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَكَلَّمْتُهُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي، فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَائِطِي وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ، وَلَكِنْ قَالَ: «سَأَغْدُو عَلَيْكَ». فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ فِي النَّخْلِ فَدَعَا فِي ثَمَرِهِ بِالبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ حقَّهم، وَبَقِيَ لَنَا مِنْ ثَمَرِهَا بَقِيَّةٌ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَهُوَ جَالِسٌ، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اسْمَعْ -وَهُوَ جَالِسٌ- يَا عُمَرُ». فَقَالَ عُمرُ: أَلَا نَكُونُ؟ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، وَاللهِ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ. [خ:٢٦٠١]

٨- بابُ هِبةِ الشَّاءِ، والمَهديِّ له أحقُّ بالهديَّة مِن جُلسائه


• [خت] وَقَالَتْ أَسْمَاءُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ: وَرِثْتُ عَنْ أُخْتِي عَائِشَةَ بِالغَابَةِ، وَقَدْ أَعْطَانِي مُعَاوِيَةُ بِهِ مِئَةَ أَلْفٍ، فَهُوَ لَكُمَا.
١٢٦٨. عن عُروةَ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: «أَحَبُّ الحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا المَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ». وَكَانَ النَّبيُّ ﷺ انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ/ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبيَّ ﷺ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا: إِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ فِي المُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ جَاؤونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ: طَيَّبْنَا يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِيه مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبيِّ ﷺ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. قال الزُّهْريُّ: فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا مِن سَبْيِ هَوَازِنَ. [خ:٢٦٠٧]
١٢٦٩. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ أَخَذَ سِنًّا، فَجَاءَ صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالُوا لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا». ثُمَّ قَضَاهُ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ: «أَفْضَلُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». [خ:٢٦٠٩]
١٢٧٠. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، وكَانَ يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ ﷺ، فَيَقُولُ أَبُوهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، لَا يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ ﷺ أَحَدٌ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «بِعْنِيهِ». فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ لَكَ. فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ قَالَ: «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللهِ، فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». [خ:٢٦١٠]
1. في الحديث: ما كان الصّحابة ﵃ عليه من التّوقير للنّبيّ ﷺ ، بعدم تقدّمهم عليه في المشي.

• [خت] قال البُخاريُّ: ويُذكر عن ابن عبَّاس أنَّ جُلَسَاءَهُ شركاؤه -يعني: في الهديَّة- ولا يصحُّ.

٩- بابُ قَبُولِ الهديَّةِ مِنَ المشركينَ، والهديَّةِ لهم


• [خت] وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ. (خ:١٤٨١)
١٢٧١. [ق] وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ثَلَاثِينَ وَمِئَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟» فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَيْعًا أَوْ عَطِيَّةً». أَوْ قَالَ: «أَمْ هِبَةً؟» قَالَ: بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ/ بِسَوَادِ البَطْنِ فَشُوِيَ، وَايْمُ اللهِ، مَا فِي الثَّلَاثِينَ وَالمِئَةِ إِلَّا قَدْ حَزَّ النَّبِيُّ ﷺ لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، وَفَضَلَتِ القَصْعَتَانِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى البَعِيرِ. أَوْ كَمَا قَالَ. [خ:٢٦١٨]
1. قوله: (وإن كان غائباً، خبأ له) قال النووي: « فيه مواساة الرفقة فيما يعرض لهم من طرفة وغيرها، وأنه إذا غاب بعضهم خبئ نصيبه ».
2. قال ابن حجر: «في الحديث جواز قبول الهدية من المشرك؛ لأنه سأله هل يبيع أو يهدي؟».
3. قوله: (ما في الثلاثين والمئة إلا قد حز النبي ﷺ له حُزة)، قال ابن حجر: «فيه ظهور البركة في الاجتماع على الطعام».

الغَريب: (مُشْعَان): طويلٌ جدًّا فوقَ الطُّول، يُقال: شَعر مُشْعَان: إذَا كان مُنْتَفِشًا. و(بِبَحْرهِم): بقرُاهم؛ أي: أقطع ذلك له. و(البِحَار): القُرى، واحدها بَحِيرَة. قاله الهَرَويُّ وغيره.

١٠- بابُ الإعْمارِ، وهِبَةِ العَقارِ والعَاريةِ


١٢٧٢. عن عَبد الله بن عُبيد الله بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ بَنِي صُهَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ جُدْعَانَ اّْدَّعَوْا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَعْطَى ذَلِكَ صُهَيْبًا، فَقَالَ مَرْوَانُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكُمَا عَلَى ذَلِكَ؟ فقَالُوا: ابْنُ عُمَرَ. فَدَعَاهُ، فَشَهِدَ لَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ ﷺ صُهَيْبًا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً، فَقَضَى بهِ مَرْوَانُ بِشَهَادَتِهِ لَهُمْ. [خ:٢٦٢٤]
١٢٧٣. [ق] وعن جابرٍ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالعُمْرَى، أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ. [خ:٢٦٢٥]
١٢٧٤. وعن عبدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ أَبْيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ، ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَت: اّْرْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِي، فَإِنَّهَا تُزْهَى أَنْ تَلْبَسَهُ فِي البَيْتِ، وَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُنَّ دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ بِالمَدِينَةِ إِلَّا أَرْسَلَتْ إِلَيَّ تَسْتَعِيرُهُ. [خ:٢٦٢٨]
1. قولها: (فما كانت امرأة تُقيَّن بالمدينة إلا أرسلت إليَّ تستعيره)، قال ابن حجر: «فيه أن عارية الثياب للعروس أمر معمول به مُرغَّب فيه».
2. قال ابن الجوزي: «أرادت عائشة أنهم كانوا أولاً في حال ضيق وكان الشيء المُحتقر عندهم إذ ذاك عظيم القدر».

الغَريب: (الحُجْرة): الدَّار، سُمِّيت بذلك لأنَّها مَحْجُورة. و(العُمْرَى): إسْكان الدَّار طُولَ العُمُرِ، أَعمرتُ الرَّجلَ الدَّارَ؛ أي: جعلتُها له كذلك. و(القِطْرُ): ضَرْبٌ مِن بُرُود اليمن يُقالُ لها: القِطْريَّة، والقِطْرُ: النُّحَاسُ، قاله الخليل. و(تُزْهَى): تتكبَّر أن تَلبسَه، وهو مبنيٌّ لمَا لم يُسمُّ فاعله. و(تُقَيَّن): تُزيَّن وتُحسَّن.

١١- بابُ المِنحَةِ وَفَضْلِها


١٢٧٥. [ق] عَنْ أَبِي هُريرةَ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «نِعْمَ المَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ، تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ». [خ:٢٦٢٩]
١٢٧٦. [ق] وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ المَدِينَةَ/ مِنْ مَكَّةَ، وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيءٌ وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأَرْضِ وَالعَقَارِ، قَاسَمَهُمُ الأَنْصَارُ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ، وَيَكْفُوهُمُ العَمَلَ وَالمؤنَةَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ سُلَيْمٍ أَعْطَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ عِذَاقًا، فَأَعْطَاهُنَّ النَّبِيُّ ﷺ أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلَاتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتالِ أَهْلِ خَيْبَرَ فَانْصَرَفَ إِلَى المَدِينَةِ رَدَّ المُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ، فَرَدَّ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى أُمِّهِ عِذَاقَهَا، فَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ ﷺ أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ. [خ:٢٦٣٠]
• [خت] وفي رواية: مَكَانَهُنَّ مِن خَالصِهِ.
الغريب: (المِنْحَة): هي النَّاقة والشَّاة تُعطى لتُحلَب ويُنتفع بلبنها، هَذا أصلها، ثمَّ قد أُطلق على كلِّ عطيَّةٍ، حكاه الهَرويُّ. و(الصَّفِيُّ): الخالصةُ اللَّبَنِ الطَّيِّبةِ. و(العَذق) بفتح العين: النَّخلة، وبكسرها: الكِبَاسة، وهي العُرْجُون الَّذي فيه الثَّمر. و(العِذَاق): النَّخَلات المجتمعة.

١٢- بابُ إِذا وَجَدَ في الأرْض ما ليس مِن جِنْسِها


١٢٧٧. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أَبْتَعِ الذَّهَبَ. وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا. فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلَامٌ. وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ. قَالَ: أَنْكِحُوا الغُلَامَ الجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَتَصَدَّقَا». [خ:٣٤٧٢]

١ حكم النبي ﷺ بالولد للفراش في قصة عتبة بن أبي وقاص، وأمر زوجه (...) أن تحتجب من الولد؛ لما رأى من شبهه بعتبة.

٥/٠