٤٠- بابٌ: إِذا أسلَمَ قومٌ في دَارِ الحربِ، ولهم مالٌ وأَرَضُونَ فهي لهم، وكم يُقِيم الإمام في العَرْصَةِ الَّتي غَلَبَ عليها؟


١٤٥٠. [ق] عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا؟ فِي حَجَّتِهِ، قَالَ: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا؟» ثُمَّ قَالَ: «نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ كِنَانَةَ المُحَصَّبِ، حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الكُفْرِ». وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ أَنْ لَا يُبَايِعُوهُمْ وَلَا يُؤْوُوهُمْ. [خ:٣٠٥٨]
• [خت] قال الزُّهري: والخَيْفُ: الوادي.
١٤٥١. وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا عَلَى الحِمَى، فَقَالَ: يَا هُنَيُّ اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ المُسْلِمِينَ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّ دَعْوَةَ المَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ، وَالغُنَيْمَةِ، وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ، وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ؛ فَإِنَّهُمَا إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَانِ إِلَى زرعٍ ونَخْلٍ، وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الغُنَيْمَةِ إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَأْتِنِي بِبَنِيهِ، فَيَقُولُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا لَا أَبَا لَكَ؟! فَالمَاءُ وَالكَلَأُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنَ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَايْمُ اللهِ إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ، إِنَّهَا لَبِلَادُهُمْ قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الإِسْلَامِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا المَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللهِ مَا حُمِّلت عَلَيْهِمْ مِنْ بِلَادِهِمْ شِبْرًا. [خ:٣٠٥٩]
1. في الحديث: بيان ما كان عليه عمر من القوة وجودة النظر والشفقة على المسلمين.
2. وفيه: من الفقه ألا يتخصص بالكلأ والمرعى الغني دون الفقير.
3. وفيه: أن الإمام ينظر الأصلح والأوفر فيفعله.
4. وفيه: أن الإمام يقدم مراعاة الفقراء وأحوالهم على مراعاة الأغنياء.

١٤٥٢. [ق] وعَنْ أنسٍ، عن أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ. [خ:٣٠٦٥]
الغريب:/ (الحِمَى): ما يُحْمَى مِن المَرْعَى؛ أي: يُمْنَع مِن الرَّعي. و(الصُّرَيْمَة): تصغير الصِّرْمَة، وهي القِطعة مِن الإبل. و(الكَلَأُ) مهموزًا: الأخْضَرُ مِن الحشيش، والمال هنا الإبل. و(العَرْصَةُ): موضع النُّزول.

٤١- بابٌ: إذا غَنِمَ المشركونَ مالَ مسلمٍ، ثمَّ وَجَدَه فهو أحقُّ بهِ


١٤٥٣. عن نافع أَنَّ عَبْدًا لِابْنِ عُمَرَ أَبَقَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ خَالِدٌ، فَرَدَّهُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، وَأَنَّ فَرَسًا لِابْنِ عُمَرَ عَارَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ فَظَهَرَ عَلَيْهِ، فَرَدُّوهُ عَلَى عَبْدِ اللهِ. [خ:٣٠٦٨]
١٤٥٤. وعَنه، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى فَرَسٍ يَوْمَ لَقِيَ المُسْلِمُونَ، وَأَمِيرُ المُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ -بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ- فَأَخَذَهُ العَدُوُّ، فَلَمَّا هُزِمَ العَدُوُّ رَدَّ خَالِدٌ فَرَسَهُ. [خ:٣٠٦٩]
قال البُخاري: (عَارَ): مشتقٌّ مِن العَير، وهو حمارُ وَحْشٍ؛ أي: هَرب. [بعد:٣٠٦٨]

٤٢- بابُ تحْرِيمِ الغُلُولِ وإنْ قلَّ، وقولِ اللهِ تعالى: ﴿وَمَن یَغۡلُلۡ یَأۡتِ بِمَا غَلَّ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ﴾ [آل عمران:١٦١]


١٤٥٥. [ق] عَن أَبي هُريرةَ قَالَ: قَامَ فِينَا النَّبِيُّ ﷺ، فَذَكَرَ الغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، فَقَالَ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ. عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ. عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ». [خ:٣٠٧٣]
1. قوله: (ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلول فعظمه وعظم أمره) قال النووي: «هذا تصريح بغلظ تحريم الغلول، وأصل الغلول: الخيانة مطلقا، ثم غلب اختصاصه في الاستعمال بالخيانة في الغنيمة». قال نفطويه: «سمي بذلك لأن الأيدي مغلولة عنه، أي محبوسة».
2. قوله: (لا أملك لك من الله شيئا) قال القاضي عياض: «معناه من المغفرة والشفاعة إلا بإذن الله تعالى، قال: ويكون ذلك أولا غضبا عليه لمخالفته، ثم يشفع في جميع الموحدين بعد ذلك».

١٤٥٦. وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: كِرْكِرَةُ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هُوَ فِي النَّارِ». فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. [خ:٣٠٧٤]
قال البخاريُّ: ولمْ يذكر عبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو عَنِ النَّبيِّ ﷺ أنَّه حَرَّق مَتاعه، وهذا أَصَحُّ.
الغريب: (الغُلُول): ما يُؤخذ مِن الغنيمة بغير قَسْمٍ. و(لا أُلْفِيَنَّ): لا أَجِدَنَّ. (والصَّامتُ): يعني به: الذَّهب/ والفِضَّة ومَا أشبههما مِن جَواهر الأرْض. و(الثَّقَل) بفتح الثَّاء والقاف: العِيال، وما يَثقلُ مِن الأمْتعة.
1. قال ابن حجر: «كركرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نوبيا أهداه له هوذة بن علي الحنفي اليمامي، فأعتقه، له صحبة ولا تعرف له رواية، وقال الواقدي: كان يمسك دابة النبي صلى الله عليه وسلم عند القتال يوم خيبر».
2. فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحابي أحدا في الحق.

٤٣- بابُ المنْعِ مِن المبادرةِ إِلى ذَبْحِ المواشي مِن الغَنيمةِ إذا أَمكنتِ القِسْمةُ وقرَّتْ، وجوازِ أكلِ الطَّعامِ قبلَ القِسْمةِ


١٤٥٧. [ق] عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، وَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا، فَنَصَبُوا القُدُورَ، فَأَمَرَ بِالقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وفِي القَوْمِ خَيْلٌ يسيرٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللهُ فَقَالَ: «هَذِهِ البَهَائِمُ لهَا أَوَابِدُ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا ندَّ عَلَيكُم فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». فَقَالَ جَدِّي: إِنَّا نَرْجُوُ -أَوْ: نَخَافُ- أَنْ نَلْقَى العَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالقَصَبِ؟ فَقَالَ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ». [خ:٣٠٧٥]
١٤٥٨. [ق] وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابِ شَحْمٍ، فَنَزَوْتُ لِآخُذَهُ، فَالتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ ﷺ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ. [خ:٣١٥٣]
الغريب: (الأَوابِد): النَّوافر، جمع آبدَة. و(نَدَّ): امتنعَ بالهَرب. و(هَكَذا): إشارة إلى رَميها. و(المُدى): السَّكاكين. و(أنْهَر الدَّمَ): أسالَهُ. و(لَيس): استثناء بمعنى إلَّا. وقوله: (أمَّا السِّنُّ فعَظم...) إلى آخره قد جاء مفسَّرًا في بعض رِواياته فقال: «أمَّا السِّنُّ فَنَهْشٌ، وأمَّا الظُّفْر فخَنْق». و(نَزَوتُ): معناه: وَثبتُ.
1. في الحديث: مشروعية أكل الشحوم مما ذبحه أهل الكتاب؛ لأنها محرمة عليهم، لا علينا؛ لأنها لو كانت حراما لزجره عنها صلى الله عليه وسلم، وأعلمه تحريمها.
2. قال العيني: «وفيه: إشارة إلى ما كانوا عليه من توقير النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الإعراض عن خوارم المروءة».

٤٤- بابُ البِشارةِ بالفتحِ، واسْتقبالِ الغُزاةِ إذا رَجَعُوا


١٤٥٩. [ق] وعَن جَرِيرِ بنِ عبدِ اللهِ قالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟» وَكَانَ بَيْتًا فِيه خَثْعَمُ يُسَمَّى الكَعْبَةَ اليَمَانِيَةِ، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِئَةٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَضَرَبَ صَدْرِي/ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: «اللهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يُبَشِّرُه، فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ لِرَسُول الله ﷺ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ. فَبَارَكَ على خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. [خ:٣٠٢٠]
• في رواية: بيت في خَثْعَم. [خ:٣٠٧٦]
1. قوله: (كأنها جمل أجرب) قال القاضي عياض: «معناه مطلي بالقطران لما به من الجرب، فصار أسود لذلك، يعني صارت سوداء من إحراقها. وفيه النكاية بآثار الباطل، والمبالغة في إزالته».
2. قال النووي: «وفي هذا الحديث استحباب إرسال البشير بالفتوح ونحوها.
3. وفيه بيان مشروعية إزالة ما يفتتن به الناس، من بناء وغيره، سواء كان إنسانا، أو حيوانا، أو جمادا»
.

١٤٦٠. [ق] وعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قال ابْنُ الزُّبَيْرِ لِابْنِ جَعْفَرٍ: أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللهِ ﷺ أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَمَلَنَا وَتَرَكَك. [خ:٣٠٨٢]
1. قوله: (فحملنا وتركك) قال ابن حجر: «فيه جواز الفخر بما يقع من إكرام النبي ﷺ».

١٤٦١. وعَنِ السَّائبِ بنِ يزيدَ قالَ: ذَهَبْنَا نَتَلَقَّى رَسُولَ اللهِ ﷺ مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ. [خ:٣٠٨٣]
1. مشروعية استقبال القادمين من حرب أو سفر.

٤٥- بابُ مَا يقولُ إذا رَجَعَ مِن الغزوِ، والابْتداءِ بالصَّلاةِ في المسجدِ والطَّعامِ عندَ القُدُومِ


١٤٦٢. [ق] عَنْ عبدِ اللهِ -هو ابنُ عُمرَ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا قَفَلَ كَبَّرَ ثَلَاثًا، وقَالَ: «آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللهُ، تَائِبُونَ عَابِدُونَ حَامِدُونَ، لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». [خ:٣٠٨٤]
1. في الحديث: استعمال حمد الله تعالى، والإقرار بنعمته، والخضوع له، والثناء عليه عند القدوم من السفر، والرجوع إلى الوطن سالمين.
2. وفيه: إحداث الحمد لله، والشكر له على ما يحدث على عباده من نعمه؛ فقد رضي من عباده بالإقرار له بالوحدانية، والخضوع له بالربوبية، والحمد والشكر عوضا عما وهبهم من نعمه تفضلا عليهم، ورحمة بهم.

١٤٦٣. [ق] وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مَقْفَلَهُ مِنْ عُسْفَانَ، وَرَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ أَرْدَفَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَعَثَرَتْ نَاقَتُهُ فَصُرِعَا جَمِيعًا، فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاَكَ. قَالَ: «عَلَيْكَ المَرْأَةَ». فَقَلَبَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهِ وَأَتَاهَا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهَا، وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا فَرَكِبَا، وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ قَالَ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ. [خ:٣٠٨٥]
3. في الحديث: ركوب المرأة خلف الرجل، وسترها عن الناس.
4. وفيه: ستر من لا يجوز رؤيته، وستر الوجه عنه.

١٤٦٤. [ق] وعن جابرِ بنِ عَبدِ اللهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ قَالَ لِي: «ادْخُلِ المَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». [خ:٣٠٨٧]
1. قال ﺍﻟﻤﻬﻠﺐ:« ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﺪﻭﻡ ﺳﻨﺔ ﻭﻓﻀﻴﻠﺔ، ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ، ﻭﺍﻟﺘﺒﺮﻙ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﻪ في ﺣﻀﺮﻩ، ﻭﻧﻌﻢ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ هي ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺧﻴﺮ، ﻭﻓﻴﻬﺎ يناجي ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺭﺑﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺫﻟﻚ ﻫﺪي ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻨﺘﻪ، ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺃﻛﺮﻡ الأﺳﻮﺓ».

١٤٦٥. [ق] وَعَنْ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ضُحًى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ. [خ:٣٠٨٨]
١٤٦٦. [ق] وعن جابرِ بنِ عَبدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً. [خ:٣٠٨٩]
• وعنه أيضًا قال:/ اشْتَرَى النَّبِيُّ ﷺ بَعِيرًا بِأُوْقِيَّتَيْنِ وَدِرْهَمٍ -أَوْ دِرْهَمَيْنِ- فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا أَمَرَ بِبَقَرَةٍ فَذُبِحَتْ، فَأَكَلُوا مِنْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ المَسْجِدَ، فَأُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَوَزَنَ لِي ثَمَنَ البَعِيرِ. [خت:٣٠٨٩]
1. في الحديث: إطعام الإمام والرئيس أصحابه عند القدوم من السفر.

٤٦- بابُ قَسْمِ الغَنِيمةِ، ومَصرفِ الخُمُسِ


١٤٦٧. عن زيد بن أسْلم، عَنْ أبيه أنَّ عَمرَ بنَ الخطَّابِ قالَ: لَوْلَا آخِرُ المُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ.[خ:٣١٢٥]
1. في الحديث: رعاية الإمام لمصالح الأمة الحاضرة والمستقبلة.

١٤٦٨. [ق] وعن حُسَيْن بن عليٍّ أنَّ عليًّا ﵁ قال: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِيَ، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ وَالغَرَائِرِ وَالحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَتَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَرَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا شَارِفَايَ قَد اّْجْتُبَّتْ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ المَنْظَرَ مِنْهُمَا. فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ فَقَالُوا: فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَهُوَ فِي هَذَا البَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ فِي وَجْهِي الَّذِي لَقِيتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا لَكَ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ، فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ. فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ، فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي؟ فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ،/ فَنَكَصَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى عَقِبَيْهِ القَهْقَرَى، وَخَرَجْنَا مَعَهُ. [خ:٣٠٩١]
الغَريب: (الشَّارِف): المُسِنُّ مِن الإبل. و(اجْتُبَّتْ): قُطعت. و(بُقِرَتْ): نُقبت. و(الأَقْتاب): جمع قَتَبٍ، وهي أَداة الرَّحْلِ. و(الشَّرْب) بفتح الشِّين: الجماعة على الشَّراب. و(طَفِقَ): أخذ وجَعلَ. و(ثَمِلٌ): سَكران. و(نَكَصَ): رَجَع. وكان هذا قبل تحريم الخمر. والله أعلم.
1. قال أبو داود: «سمعت أحمد بن صالح يقول: في هذا الحديث أربع وعشرون سنة».
2. قوله: (وشارفاي مناختان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار)، قال ابن حجر: «فيه الإناخة على باب الغير إذا عرف رضاه بذلك وعدم تضرره به».
3. قوله: (فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما)، قال ابن حجر: «فيه أن البكاء الذي يجلبه الحزن غير مذموم».
4. قال ابن حجر: «في الحديث أن المرء قد لا يملك دمعه إذا غلب عليه الغيظ».
5. قال ابن حجر: «في الحديث ما ركب في الإنسان من الأسف على فوت ما فيه نفعه وما يحتاج إليه، وذلك لتصورعلي رضي الله عنه تأخر الابتناء بزوجته بسبب فوات ما يستعان به عليه».
6. قال ابن حجر: «في الحديث أن للإمام أن يمضي إلى بيت من بلغه أنهم على منكر ليغيره».
7. قال ابن حجر: «أن الصاحي لا ينبغي له أن يخاطب السكران».
8. قوله: (فنكص رسول الله ﷺ على عقبيه القهقرى)، قال ابن حجر: «فيه أن الذاهب من بين يدي زائل العقل لا يوليه ظهره».
9. وفي الحديث: مساوئ الخمر، ومضارها، وما تؤدي إليه من العداوة والبغضاء.

٤٧- بابُ مَصْرَفِ الفَيءِ وقصَّةِ تَبُوكَ


١٤٦٩. [ق] عن عُروة بن الزُّبير أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنتَ رَسُولِ اللهِ ﷺ سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَةً لَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، قَالَتْ: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ وَصَدَقَتَهُ بِالمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغ. فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ، وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكٌ فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ، وَقَالَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، كَانَت لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ. قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى اليَوْمِ. [خ:٣٠٩٢-٣٠٩٣]
1. قال الطبري: «في الحديث حجة على وجوب قبول خبر الواحد العدل؛ لأن فاطمة والعباس لم يسألا أحدا بعد إخبار أبي بكر﵁ لهما، من قوله عن النبي ﷺ: (لا نورث)».
2. قال ابن هبيرة: «استدللت من فعل أبي بكر ﵁ على متانة دينه وشدة ورعه، وأنه لو كان مسامحا أحدا من خلق الله في حق من حقوق الله لكان قد سامح فاطمة ابنة رسول الله ﷺ والعباس عم رسول الله ﷺ، ولهذا قال: (والله لقرابة رسول الله ﷺ أحب إلي من أن أصل قرابتي)».
3. قوله: (إني أخاف إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ)، قال ابن هبيرة: «فيه أنه لا ينبغي للعالم، ولا لذي الخطر الكبير أن يتجاوز عن شيء في معصية الله في أمر زهيد ولا شيء يسير».
4. وفيه: أنه يلزم العالم أن يظهر ما عنده من العلم وقت الحاجة، ولا يكتمه، ولا يخاف في الحق لومة لائم.

١٤٧٠. [ق] وعَن مَالكِ بن أَوْسِ بن الحَدَثَانِ قال: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي أَهْلِي حِينَ مَتَعَ النَّهَارُ إِذَا رَسُولُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ يَأْتِينِي، فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ حصيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَالَ: يَا مَالِ، إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ، فَاقْبِضْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ،/ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي. قَالَ: فَاقْبِضْهُ أَيُّهَا المَرْءُ. فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا، وَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ جَلَسَ يَرْفَا يَسِيرًا، ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمَا، فَدَخَلَا فَسَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا. وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَقَالَ الرَّهْطُ -عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ-: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. قَالَ عُمَرُ: تَيْدَكُمْ أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ»؟ يُرِيدُ رَسُولُ اللهِ ﷺ نَفْسَهُ. قَالَ الرَّهْطُ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا باللهَ، تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللهَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ فِي هَذَا الفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَمَاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡهُمۡ فَمَاۤ أَوۡجَفۡتُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ خَیۡلࣲ وَلَا رِكَابࣲ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یُسَلِّطُ رُسُلَهُۥ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ ۝٦ مَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِ كَیۡ لَا یَكُونَ دُولَةَۢ بَیۡنَ ٱلۡأَغۡنِیَاۤءِ مِنكُمۡۚ وَمَاۤ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُوا۟ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ ۝٧﴾ [الحشر:٦]، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، وَاللهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، قَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا المَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللهِ، فَعَمِلَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ، هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ، أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ، هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَ عُمَرُ: ثُمَّ تَوَفَّى اللهُ نَبِيَّهُ ﷺ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ ﷺ. فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللهُ أَبَا بَكْرٍ، فَكُنْتُ أَنَا وَلِيَّ أَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي، وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، جِئْتَنِي يَا عَبَّاسُ تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا -يُرِيدُ عَلِيًّا- يُرِيدُ نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ»./ فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُذْ وَلِيتُهَا. فَقُلْتُمَا: اّْدْفَعْهَا إِلَيْنَا. فَبِذَلِكَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ. قَالَ: فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي ثَمَّ قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ؟! فَوَاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لَا أَقْضِي بَيْنَكُما قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، فَإِنِّي أَكْفِيكُمَاهَا. [خ:٣٠٩٤]
الغَريب: (الزَّيغ): الميلُ، خاف أبو بكرٍ أنْ يميل عَنِ الحقِّ إلى غيره. و(تَعْرُوه): تنزلُ به وتُصِيبه. و(مَتَع النَّهارُ): اشتدَّ حرُّه وارْتفع. و(يَا مَالِ): تَرْخِيم مالك. و(الرَّضْخ): ما يُعطى بغير تقدير. و(هَلْ لَكَ): فيه حَذفٌ، أي: إِذْن. و(الفَيءُ) هنا ما غُنم بغير قتالٍ، وأصله الرُّجوع. و(أوجَفْتُمْ): أسْرعتمْ. و(الرِّكَاب): الإبِل. و(احْتَازَهَا): حَازَها. و(بثَّهَا): فَرَّقها. و(تَلْتَمِسَان): تَطْلبان.
1. في الحديث: أن للحاكم العالم أن يفصل في الأمور الشائكة ويرتب أمور الدولة بما فيه المصلحة، بعد مشاورة أهل العلم والاختصاص.
2. وفيه: بيان أن الأنبياء لا يورثون مالا، وإنما ميراثهم العلم، وما تركوه من المال هو صدقة.
3. وفيه: مشروعية الاعتذار عن الولايات والتكليفات التي يكلف بها المسلم من قبل الحاكم إذا علم من نفسه ضعفا، أو عدم القيام بحق الولاية.

٤٨- بابُ مَا تركَ النَّبِيُّ ﷺ بعدَ موتِهِ


١٤٧١. عَنْ أَبي إِسْحاق -هو السَّبيعي- قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الحَارِثِ قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَّا سِلَاحَهُ وَبَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً. [خ:٣٠٩٨]
١٤٧٢. [ق] وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَعَثَهُ إِلَى البَحْرَيْنِ، وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الكِتَابَ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَ نَقْشُ الخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطارٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللهِ سَطْر. [خ:٣١٠٦]
١٤٧٣. وعن عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَتَيْنِ لَهُمَا قِبَالَانِ، فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ البُنَانِيُّ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ ﷺ. [خ:٣١٠٧]
١٤٧٤. [ق] وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ كِسَاءً مُلَبَّدًا وَقَالَتْ: فِي هَذَا نُزِعَ رُوحُ رَسُولِ اللهِ ﷺ. [خ:٣١٠٨]
• وفي رواية: إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِاليَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الَّتِي تَدْعُونَهَا المُلَبَّدَةَ. [خت:٣١٠٨]
١٤٧٥. وعَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ ﷺ انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً/ مِنْ فِضَّةٍ. قَالَ عَاصِمٌ-وهو الرَّواي عَن ابْن سيرين-: رَأَيْتُ القَدَحَ وَشَرِبْتُ فِيهِ. [خ:٣١٠٩]
١٤٧٦. [ق] وعن عليِّ بن حسينٍ أنَّ المِسْوَر بْنَ مَخْرَمَةَ لَقِيَهُ حِيْنَ قدِمُوا المَدِيْنَةَ مِن عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعاوِيَةَ مَقْتَلَ حُسينِ بْنِ عَلِيٍّ ﵀، فَقَالَ لَهُ: هَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ القَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَا يُخْلَصُ إِلَيْهِ أَبَدًا حَتَّى تُبْلَغَ نَفْسِي... الحديثَ [خ:٣١١٠]، وسيأتي إن شاء الله [ر:١٦٨٩، ١٧٢٢].

٤٩- بابُ قولِ اللهِ ﷿: ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ﴾ [الأنفال:٤١]


قال البخاريُّ: يَعْنِي: لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَخَازِنٌ، وَاللهُ يُعْطِي». (خ: ٧١، ١٠٣٧)
١٤٧٧. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: لَا نَكْنِيكَ أَبَا القَاسِمِ، وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا. فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ وُلِدَ لِي غُلَامٌ، فَسَمَّيْتُهُ القَاسِمَ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: لَا نَكْنِيكَ أَبَا القَاسِمِ، وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَحْسَنَتِ الأَنْصَارُ، تَسَمَّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ». [خ:٣١١٥]
١٤٧٨. [ق] وعَنْ معاويةَ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَاللهُ المُعْطِي وَأَنَا القَاسِمُ، وَلَا تَزَالُ هَذِهِ الأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». [خ:٣١١٦]
1. قال ابن تيمية: «الفقه في الدين: فهم معاني الأمر والنهي، ليستبصر الإنسان في دينه ، ألا ترى قوله تعالى: (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)، فقرن الإنذار بالفقه؛ فدل على أن الفقه ما وزع عن محرم، أو دعا إلى واجب، وخوف النفوس مواقعه المحظورة».
2. قال النووي: «وفيه فضيلة العلم، والتفقه في الدين، والحث عليه؛ وسببه: أنه قائد إلى تقوى الله تعالى».
3. وقد اختلف في المقصود بهذه الطائفة، وكذلك اختلف في مكانها؛ فقيل: هم العلماء والفقهاء، وقيل: هم أصحاب الحديث، وقيل: هم المجاهدون في سبيل الله تعالى، وقد ورد أنهم بالشام، وأنهم ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وورد أن آخرهم ببيت المقدس، والأولى الجمع بين هذه الأقوال كلها بأن هذه الطائفة تكون متناثرة بين طوائف الأمة؛ فمن الممكن أن يكونوا من العلماء والمجاهدين والفقهاء والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وقد يكونون مجتمعين في مكان أو متفرقين في البلدان.
4. في الحديث آية على صدق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه منذ أخبر بذلك وهذه الطائفة لا تزال موجودة في الأمة لم تنقطع في زمان من الأزمنة.
5. وفيه: فضل لزوم هذه الطائفة؛ فإنهم منصورون معانون.
6. وفيه: فضل الثبات على الحق والعمل به.

١٤٧٩. وعَنْ أَبِي هُريرةَ أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «مَا أُعْطِيكُمْ وَلَا أَمْنَعُكُمْ، أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ». [خ:٣١١٧]
1. في الحديث: التنبيه لكل قاسم بعده صلى الله عليه وسلم أن يكون على مثل حاله صلى الله عليه وسلم، بحيث يقسم بأمر الله تعالى، لا بالهوى أو لأغراض أخرى.
2. وفيه: أن الأرزاق والأموال إنما هي أمانة من الله تعالى عند الناس.

١٤٨٠. وَعَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ: سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ». [خ:٣١١٨]
1. في الحديث: بيان أن الأموال العامة ليست مرتعا لمن ولاه الله عليها؛ لأنه سيحاسب عليها يوم القيامة.
2. قال ابن حجر: «أي: يتصرفون في مال المسلمين بالباطل، وهو أعم من أن يكون بالقسمة وبغيرها، وفيه ردع الولاة أن يأخذوا من المال شيئا بغير حقه أو يمنعوه من أهله».

٥٠- بابُ تَحْليلِ الغَنَائمِ وقولِ اللهِ ﷿: ﴿وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِیرَةࣰ تَأۡخُذُونَهَا﴾ الآيةَ [الفتح: ٢٠]


١٤٨١. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ ﷺ: «غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلَا أَحَدٌ/ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا. فَغَزَا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلَاةَ العَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنتِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللهُمَّ اّْحْبِسْهَا عَلَيْنَا. فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، فَجَمَعَ الغَنَائِمَ، فَجَاءَتْ -يَعْنِي النَّارَ- لِتَأْكُلَهَا، فَلَمْ تَطْعَمْهَا، فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ. فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ، فَلْيُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ. فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ. فَجَاؤوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعُوهَا، فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا، ثُمَّ أَحَلَّ اللهُ لَنَا الغَنَائِمَ، رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا». [خ:٣١٢٤]
الغَريب: (الخَلِفَات): جمع خَلِفَةٍ، وهي النَّاقة الَّتي دنا وِلادُها، وكأنَّ مقصود هذا النَّبيِّ أن لا يجاهدَ معه إلَّا مَن تفرَّغ عَنِ التَّعلُّق بهذه الأمور الَّتي يُخاف مِنها فساد النِّيَّة في الجهاد وكراهته، فيضعُفُ العَزْمُ، ويُرْغَب عن تمنِّي الشَّهادة. وقوله للشَّمس: (أَنْتِ مَأْمُورَةٌ) أي: مُسَخَّرة مُصرَّفة، مِن قولهم: مُهْرةُ مأمورة؛ أي: مُدرَّبة مُذلَّلَة.
1. قوله: (لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها)، قال ابن حجر: «فيه أن الأمور المهمة لا ينبغي أن تفوض إلا لحازم فارغ البال لها؛ لأن من له تعلق ربما ضعفت عزيمته وقلت رغبته في الطاعة، والقلب إذا تفرق ضعف فعل الجوارح وإذا اجتمع قوي».
2. قوله: (فيكم الغلول)، قال ابن حجر: «فيه معاقبة الجماعة بفعل سفهائها».
3. ستر الله هذه الأمة ورحمها بخلاف الأمم السابقة، فقد كان من يفعل غلولا أو معصية يفضحه الله، فلله الحمد والمنة على الإسلام والسنة.
4. ينبغي للإنسان إذا أراد طاعة أن يفرغ قلبه وبدنه لها، حتى يأتيها وهو مشتاق إليها، وحتى يؤديها على مهل وطمأنينة وانشراح صدر.

١ متى قال النبي ﷺ: «وهل ترك لنا عقيلٌ منزلًا»؟

٥/٠