٩- بابُ مَنَاقِبِ عليِّ بن أبي طَالبٍ أَبي الحَسَنِ القُرَشيِّ الهَاشمِيِّ ﵁


• [خت] وَقَالَ عُمَرُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ . (خ: ٣٧٠٠)
• [خت] وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ». (خ: ٢٦٩٩)
١٦٧٢. [ق] وعَنْ سَهلِ بنِ سَعْدٍ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ». قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا؟ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟». فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ». فَأُتِيَ بِهِ، فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ فَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ، فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». [خ: ٣٧٠١]
1. قوله: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن تكون لك حمر النعم) قال النووي: «هي الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب، يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وأنه ليس هناك أعظم منه، وتشبيه أمور الآخرة بأعراض الدنيا إنما هو للتقريب من الأفهام، وإلا فذرة من الآخرة الباقية خير من الأرض بأسرها وأمثالها معها لو تصورت».
2. قال النووي: «وفي هذا الحديث بيان فضيلة العلم، والدعاء إلى الهدى، وسن السنن الحسنة».
3. وفيه الإيمان بالقضاء والقدر، لحصول الراية لمن لم يسع إليها ومنعها ممن سعى إليها.

١٦٧٣. [ق] ومِن حديثِ سَلَمةَ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟! فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ ﷺ، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللهُ فِي صَبَاحِهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ -أَوْ: لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ- رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ -أَوْ قَالَ: يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ- يَفْتَحُ اللهُ عَلَيْهِ». فَإِذَا عَلِيٌّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَفَتَحَ/ اللهُ عَلَيْهِ. [خ: ٣٧٠٢]
١٦٧٤. [ق] وعَنْ عَبدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فَقَالَ: هَذَا فُلَانٌ -لِأَمِيرِ المَدِينَةِ- يَذكرُ عَلِيًّا عِنْدَ المِنْبَرِ، قَالَ: فَيَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: يَقُولُ: أَبُو تُرَابٍ. فَضَحِكَ، وقَالَ: وَاللهِ مَا سَمَّاهُ إِلَّا النَّبِيُّ ﷺ، وَمَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ، فَاسْتَطْعَمْتُ الحَدِيثَ سَهْلًا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ كَيْفَ؟ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ ﵄ ثُمَّ خَرَجَ، فَاضْطَجَعَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟». قَالَتْ: فِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَ رِدَاءَهُ قَدْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ، وَخَلَصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ ظَهْرِهِ فَيَقُولُ: «اّْجْلِسْ أَبَا تُرَابٍ». مَرَّتَيْنِ. [خ: ٣٧٠٣]
1. قال النووي: «في الحديث جواز النوم في المسجد، واستحباب ملاطفة الغضبان، وممازحته، والمشي إليه لاسترضائه».
2. وفي الحديث: فضيلة عليّ رضي الله عنه، وعلوّ منزلته عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّه مشى إليه، ودخل المسجد، ومسح التّراب عن ظهره، واسترضاه تلطّفا به.
3. وفيه: تعاهد الأب لأحوال أبنائه، حتّى بعد زواجهم.
4. وفيه: تعليم للأحماء والأصهار أن يحسنوا التّعامل لأزواج بناتهم عند وقوع الخلاف بينهم.
5. وفيه: أنّ أهل الفضل قد يقع بينهم وبين أزواجهم ما جبل الله عليه البشر من الغضب والحرج، حتّى يدعوهم ذلك إلى الخروج عن بيوتهم، وليس ذلك بعائبٍ لهم.
6. وفيه: دخول الوالد بيت ابنته بغير إذن زوجها، حيث يعلم رضاه.
7. وفيه: الممازحة للغاضب بالتّكنية بغير كنيته، إذا كان لا يكره ذلك ولا يغضبه؛ بل يؤنسه من حرجه.

١٦٧٥. وعَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ عُثْمَانَ، فَذَكَرَ مِنْ مَحَاسِنِ عَمَلِهِ، قَالَ: لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوؤُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَرْغَمَ اللهُ أَنْفَكَ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ، قَالَ: هُوَ ذَاكَ بَيْتُهُ أَوْسَطُ بُيُوتِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوؤُكَ؟ قَالَ: أَجَلْ. قَالَ: فَأَرْغَمَ اللهُ بِأَنْفِكَ، اّْنْطَلِقْ فَاجْهَدْ عَلَيَّ جَهْدَكَ. [خ: ٣٧٠٤]
1. في الحَديثِ: ذِكرُ فَضلِ الصَّحابةِ لمَن عاداهم، وإرْغامُهم به.
2. وفيه: أنَّه يَنبَغي على العالِمِ الحقِّ أنْ يَصدَعَ بالحقِّ أمامَ كلِّ سائلٍ، ولا يَكون على هَوى مَن سأَلَه.

١٦٧٦. وعَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: اّْقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ، فَإِنِّي أَكْرَهُ الِاخْتِلَافَ حَتَّى يَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ، أَوْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي. فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ الكَذِبُ. [خ: ٣٧٠٧]
١٦٧٧. [ق] وعَنْ إِبراهيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟». [خ: ٣٧٠٦]

١٠- بابُ مَنَاقِبِ جَعْفرِ بنِ أَبي طَالِبٍ والزُّبيرِ بنِ العَوَّامِ


• [خت] وقال النَّبيُّ ﷺ لجعفرٍ: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي». (خ: ٢٦٩٩)
• [خت] وقال ابن عبَّاس في الزُّبير: هُو حَوَاريُّ رسولِ الله ﷺ. (خ:٤٦٦٥)
١٦٧٨. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ ﷺ لِشِبَعِ بَطْنِي، حِينَ لَا آكُلُ الخَمِيرَ، وَلَا أَلْبَسُ الحَبِيرَ، وَلَا يَخْدُمُنِي فُلَانٌ وَلَا فُلَانَةُ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالحَصْباء مِنَ الجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ هِيَ مَعِي كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي، وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ/ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا العُكَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، فَيَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا. [خ: ٣٧٠٨]
1. فيه التقليل من الدنيا، وإيثار طلب العلم على طلب المال.
2. قال ابن الملقن: «يجوز للإنسان أن يُخبرَ عن نفسه بفضله؛ إذا اضطر إلى ذلك لاعتذار عن شيء، أو ليبين ما لزمه تبيينه إذا لم يقصد بذلك الفخر».
3. وفيه الافتخار بصحبة الأكابر إذا كان ذلك على معنى التحدث بالنعمة، والشكر لله لا على وجه المباهاة.
4. قال ابن حجر: «الاشتغال بالتجارة، يلهي الإنسان عن سماع العلم، وملازمة العالم، حتى يسمع غيره منه ما لم يسمعه هو».

١٦٧٩. وعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ. [خ: ٣٧٠٩]
١٦٨٠. وعَنْ مَروانَ بنِ الحَكَمِ قَالَ: أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُعَافٌ شَدِيدٌ سَنَةَ الرُّعَافِ، حَتَّى حَبَسَهُ عَنِ الحَجِّ، وَأَوْصَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: اّْسْتَخْلِفْ. قَالَ: وَقَالُوهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَمَنْ قال؟ فَسَكَتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ -أَحْسِبُهُ الحَارِثَ- فَقَالَ: اّْسْتَخْلِفْ، فَقَالَ عُثْمَانُ: وَقَالُوه؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ، قَالَ: فَلَعَلَّهُمْ قَالُوا: الزُّبَيْرَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ، وَإِنْ كَانَ لَأَحَبَّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ. [خ: ٣٧١٧]
وفي رواية: قالَ عثمانُ: واللهِ إِنَّكم لَتَعلَمونَ أنَّه خَيْرُكُم. ثلاثًا. [خ: ٣٧١٨]
1. في الحديث: مكانة الوصيّة في الإسلام، واهتمام السّلف بها.
2. وفيه: حرص عثمان رضي الله عنه على الاستفادة من رأي أهل الفضل والشّأن.

١٦٨١. [ق] وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قال رَسولُ الله ﷺ: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ». [خ: ٣٧١٩]
١٦٨٢. [ق] وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ الأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ، يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَلَمَّا رَجَعَ قُلْتُ: يَا أَبَتِ، رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ؟ قَالَ: أَوَهَلْ رَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ؟». فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ أَبَوَيْهِ فَقَالَ: «فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي». [خ: ٣٧٢٠]
1. قال النووي: «وفي هذا الحديث دليل لحصول ضبط الصبي وتمييزه وهو ابن أربع سنين، فإن ابن الزبير ولد عام الهجرة في المدينة، وكان الخندق سنة أربع من الهجرة على الصحيح، فيكون له في وقت ضبطه لهذه القضية دون أربع سنين، وفي هذا رد على ما قاله جمهور المحدثين أنه لا يصح سماع الصبي حتى يبلغ خمس سنين، والصواب صحته متى حصل التمييز، وإن كان ابن أربع أو دونها، وفيه منقبة لابن الزبير لجودة ضبطه لهذه القضية مفصلة في هذا السن».

١٦٨٣. وعَنْ عُرْوةَ بنِ الزُّبيرِ، عَن أَبِيْهِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ اليَرْمُوكِ: أَلَا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ، بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ عُرْوَةُ: فَكُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرْبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. [خ: ٣٧٢١]
(الحواريُّ): المُخْلِصُ فِي المحبَّة النَّاصرُ، وأصلُهُ مِن الحُوَّاري، وهو الدَّقيقُ الأبيضُ الخالصُ.

١١- بابُ مَنَاقِبِ طَلْحةَ بنِ عُبيدِ اللهِ وسعْدِ بنِ أَبِي وقَّاصٍ ﵄/


١٦٨٤. [ق] وعَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مَعَ نَبِيِّ اللهِ ﷺ فِي بَعْضِ تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ. عَنْ حَدِيثِهِمَا. [خ: ٣٧٢٢]
١٦٨٥. وعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِي وَقَى بِهَا النَّبِيَّ ﷺ قَدْ شَلَّتْ. [خ: ٣٧٢٤]
١٦٨٦. [ق] وعَنْ سَعِيد بنِ المُسَيِّبِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: جَمَعَ لِي النَّبِيُّ ﷺ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ. [خ: ٣٧٢٥]
١٦٨٧. وعنه قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلَّا فِي اليَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلَامِ. [خ: ٣٧٢٧]
١٦٨٨. [ق] وعَنْ قيسٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: إِنِّي لَأَوَّلُ العَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا يَضَعُ البَعِيرُ أَوِ الشَّاةُ، مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلَامِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ عَمَلِي. وَكَانُوا وَشَوْا بِهِ إِلَى عُمَرَ، قَالُوا: لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي. [خ: ٣٧٢٨]
(تُعَزِّرُني): تَعِيبُ عليَّ وتُقَصِّرُ بي.
1. قوله: (والله إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله تعالى) قال ابن الجوزي: «إن قيل كيف ساغ لسعد أن يمدح نفسه ومن شأن المؤمن ترك ذلك لثبوت النهي عنه، فالجواب أن ذلك ساغ له لمّا عيّره الجهال بأنه لا يحسن الصلاة، فاضطر إلى ذكر فضله، والمدحة إذا خلت عن البغي والاستطالة وكان مقصود قائلها إظهار الحق وشكر نعمة الله لم يكره ،كما لو قال القائل إني لحافظ لكتاب الله عالم بتفسيره وبالفقه في الدين قاصدا إظهار الشكر أو تعريف ما عنده ليستفاد ولو لم يقل ذلك لم يعلم حاله، ولهذا قال يوسف عليه السلام: {إني حفيظ عليم} وقال علي: «سلوني عن كتاب الله» وقال ابن مسعود: «لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني لأتيته».

١٢- بابُ مَنَاقِبِ أبي العَاصي بنِ الرَّبيعِ صِهرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ


١٦٨٩. [ق] عَنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ، إِنِّي أَنْكَحْتُ أَبَا العَاصِي بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ». فَتَرَكَ عَلِيٌّ الخِطْبَةَ. [خ: ٣٧٢٩]
1. قال النووي: «قال العلماء: في هذا الحديث تحريم إيذاء النبي ﷺ بكل حال، وعلى كل وجه، وإن تولد ذلك الإيذاء مما كان أصله مباحا، وهو حي، وهذا بخلاف غيره، قالوا: وقد أعلم صلى الله عليه وسلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعلي بقوله ﷺ: (لست أحرم حلالاً) ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين: إحداهما أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة، فيتأذى حينئذ النبي ﷺ ، فيهلك من آذاه، فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي، وعلى فاطمة، والثانية خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة».
2. وفيه: مشروعيّة غيرة الرّجل، وجواز غضبه لقرابته وحرمته، وذبّه عمّا يؤذيهم بما يقدر عليه.
3. وفيه: أنّ الشّيء وإن لم يكن محرّمًا في نفسه، ولكن يخشى أن يكون ذريعةً إلى ما لا يجوز، فينبغي اجتنابه، وترك الوقوع فيه، ومنعه.

• [ق] وفي رواية عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ، قَالَ: «حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي».[خ: ٣١١٠]

١٣- بابُ/ مَنَاقِبِ زَيْدِ بن حَارثةَ وأسامَةَ بنِ زَيْدٍ ﵄


١٦٩٠. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ ابْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللهِ إِنْ كَانَ خَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدهُ». [خ: ٣٧٣٠]
1. قوله: (وإن كان لخليقا للإمارة) قال النووي: «أي حقيقا بها. ففيه جواز إمارة العتيق، وجواز تقديمه على العرب، وجواز تولية الصغير على الكبار؛ فقد كان أسامة صغيرا جدا، توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وقيل: عشرين».
2. قال ابن حجر: «في الحديث جواز إمارة المولى، وتولية الصغار على الكبار، والمفضول على الفاضل؛ لأنه كان في الجيش الذي كان عليهم أسامة أبو بكر وعمر رضي الله عنهم».

١٦٩١. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَخْزُومِيَّةِ فَقَالُوا: مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ ﷺ [خ: ٣٧٣٢]، وسيأتي إنْ شاء اللهُ [ر:٣٠١٢].
١٦٩٢. وعَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ: نَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا وَهُوَ فِي المَسْجِدِ إِلَى رَجُلٍ يَسْحَبُ ثِيَابَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَقَالَ: اّْنْظُرْ مَنْ هَذَا؟ لَيْتَ هَذَا عِنْدِي. قَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: أَمَا تَعْرِفُ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ. قَالَ: فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، وَنَقَرَ بِيَدِهِ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَآهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَأَحَبَّهُ. [خ: ٣٧٣٤]
1. قال ابن هبيرة: «في هذا الحديث دليل على أن من جر ثوبه لا للخيلاء لم يتناوله الوعيد الذي ورد في ذلك».
2. قال ابن هبيرة: «وفيه أيضا أنه إذا رأى أحدًا على منكر في مثل ذلك المقام الذي يجمع الأشراف والأفاضل أن يسأل عنه قبل أن ينكر عليه ألا ترى إلى ابن عمر لما عرف أنه ابن أسامة أمسك عنه».

١٦٩٣. وعَنْ أَبِي عُثمانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالحَسَنَ فَيَقُولُ: «اللهُمَّ أَحِبَّهُمَا، فَإِنِّي أُحِبُّهُمَا». [خ: ٣٧٣٥]

١٤- بابُ مَنَاقِبِ عَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ ﵄


١٦٩٤. [ق] عَن سَالم، عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبيِّ ﷺ، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبيِّ ﷺ، وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا أَعْزَبَ، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي المَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ النَّبيِّ ﷺ، فَرَأَيْتُ فِي المنامِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْني البِئْر، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لِي: لَنْ تُرَاعَ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبيِّ ﷺ فَقَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ». قالَ سالمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا. [خ: ٣٧٣٨-٣٧٣٩]
١٦٩٥. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ/ قَالَ لَهَا: «إِنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ». [خ: ٣٧٤٠-٣٧٤١]
1. فيه جواز تمني الرؤيا الصالحة؛ ليعرف صاحبها ماله عند الله، وتمني الخير والعلم والحرص عليه.
2. وفيه مشروعية النيابة في قص الرؤيا.
3. وفيه فضل قيام الليل وأنه مما يقي من عذاب جهنم.

١٥- بابُ مَنَاقِبِ عمَّارٍ وحُذَيْفَةَ ﵄


١٦٩٦. [ق] عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَدِمْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْتُ: اللهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو الدَّرْدَاءِ. فَقُلْتُ: إِنِّي دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَيَسَّرَكَ لِي، قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالوِسَادِ وَالمِطْهَرَةِ؟! وَفِيكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللهُ مِنَ الشَّيْطَانِ -قال: يَعْنِي- عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ؟ -يَعني: عمَّارًا- أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ ﷺ الَّذِي لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ غَيْرُهُ؟ -يَعْنِي حذيفةَ- ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ يَقْرَأُ عَبْدُ اللهِ: ﴿وَٱلَّیۡلِ إِذَا یَغۡشَىٰ﴾ [الليل: ١] فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: ‹وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ... وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى› [الليل: ١-٣]، فقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ. [خ: ٣٧٤٢]
تنبيهٌ: عبد الله بن مسعودٍ هو كانَ صاحبَ نَعْلَي رَسولِ الله ﷺ ومِطْهَرَتِهِ ووِسادتِهِ كان بِرَسْمِ تَهْيِئَةِ ذلكَ للنَّبيِّ ﷺ.

١٦- بابُ مَنَاقِبِ عَبدِ اللهِ بنِ عبَّاس، وعَبدِ الله بن مسعودٍ ﵄


١٦٩٧. عَنْ عِكْرمةَ، عَنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي النَّبِيُّ ﷺ إِلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ». [خ: ٣٧٥٦]
وفي رواية: «اللَّهُمَّ عَلِّمْه الكِتابَ».[خ: ٣٧٥٦]، وقد تقدَّمت.
1. قال النووي: «فيه استحباب الدعاء لمن عمل عملا خيّرا مع الإنسان، وفيه إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، فكان من الفقه بالمحل الأعلى».
2. وفيه استحباب الدعاء لمن نبغ من طلاب العلم؛ حضّاً له وترغيباً لغيره، كي يقتدوا به في النبوغ، والفطنة.

١٦٩٨. [ق] وعَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَقَالَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا». وقال: «اسْتَقْرِؤوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ». [خ: ٣٧٥٩-٣٧٦٠]
1. قوله: (خذوا القرآن من أربعة وذكر منهم ابن مسعود) قال النووي: «قال العلماء: سببه أن هؤلاء أكثر ضبطا لألفاظه، وأتقن لأدائه، وإن كان غيرهم أفقه في معانيه منهم، أو لأن هؤلاء الأربعة تفرغوا لأخذه منه ﷺ مشافهة، وغيرهم اقتصروا على أخذ بعضهم من بعض، أو لأن هؤلاء تفرغوا لأن يؤخذ عنهم، أو أنه ﷺ أراد الإعلام بما يكون بعد وفاته ﷺ من تقدم هؤلاء الأربعة وتمكنهم، وأنهم أقعد من غيرهم في ذلك، فليؤخذ عنهم».

١٦٩٩. وعَنْ/ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالهَدْيِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا أَعْلمُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِالنَّبِيِّ ﷺ مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ. [خ: ٣٧٦٢]
١٧٠٠. [ق] وعَنْ أبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ فَمَكُثْنَا حِينًا ومَا نُرَى إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ ﷺ؛ لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ. [خ: ٣٧٦٣]
١٧٠١. [ق] وعَنْ شَقيقِ بنِ سَلَمةَ قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ اللهِ فَقَالَ: لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ ﷺ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَاللهِ لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ أَنِّي مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَمَا أَنَا خَيْرُهُمْ. قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي الحِلَقِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ، فَمَا سَمِعْتُ رَادًّا يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ. [خ: ٥٠٠٠]
1. قال النووي: «في هذا الحديث جواز ذكر الإنسان نفسه بالفضيلة والعلم ونحوه للحاجة، وأما النهي عن تزكية النفس فإنما هو لمن زكاها ومدحها لغير حاجة، بل للفخر والإعجاب، وقد كثرت تزكية النفس من الأماثل عند الحاجة كدفع شر عنه بذلك، أو تحصيل مصلحة للناس، أو ترغيب في أخذ العلم عنه، أو نحو ذلك. فمن المصلحة قول يوسف ﷺ: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} ومن دفع الشر قول عثمان رضي الله عنه في وقت حصاره أنه جهز جيش العسرة، وحفر بئر رومة. ومن الترغيب قول ابن مسعود هذا، وقول سهل بن سعد: «ما بقي أحد أعلم بذلك مني»، وقول غيره: على الخبير سقطت، وأشباهه».
2. قال النووي: «وفيه أن الصحابة لم ينكروا قول ابن مسعود أنه أعلمهم، والمراد أعلمهم بكتاب الله كما صرح به، فلا يلزم منه أن يكون أعلم من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم بالسنة، ولا يلزم من ذلك أيضا أن يكون أفضل منهم عند الله تعالى، فقد يكون واحدٌ أعلم من آخر بباب من العلم أو بنوع والآخر أعلم من حيث الجملة، وقد يكون واحدٌ أعلم من آخر، وذاك أفضل عند الله بزيادة تقواه وخشيته وورعه، وزهده وطهارة قلبه، وغير ذلك، ولا شك أن الخلفاء الراشدين الأربعة كل منهم أفضل من ابن مسعود».

١٧- بابُ مَنَاقِبِ أَبِي عُبيدةَ بنِ الجَرَّاحِ ﵁


١٧٠٢. [ق] عَن أَنَسِ بنِ مَالكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ». [خ: ٣٧٤٤]
١٧٠٣. [ق] وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَهْلِ نَجْرَانَ: «لَأَبْعَثَنَّ حَقَّ أَمِينٍ». فَأَشْرَفَ أَصْحَابُهُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ. [خ: ٣٧٤٥]
1. قال النووي: «أي تطلعوا إلى الولاية، ورغبوا فيها حرصا على أن يكون هو الأمين الموعود في الحديث، لا حرصا على الولاية من حيث هي».
2. قال النووي: «وأما الأمين فهو الثقة المرضي، قال العلماء: والأمانة مشتركة بينه وبين غيره من الصحابة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم خص بعضهم بصفات غلبت عليهم، وكانوا بها أخص».

١٨- بَابُ مَنَاقِبِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ ﵄


• [خت] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَانَقَ النَّبِيُّ ﷺ الحَسَنَ. (خ٢١٢٢)
١٧٠٤. وعَنْ أبي بَكْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَلَى المِنْبَرِ، وَالحَسَنُ إِلَى جَنْبِهِ، ويَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ مَرَّةً، وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيْمَتَين مِنَ المُسْلِمِينَ». [خ: ٣٧٤٦]
١٧٠٥. وعَنْ أسامةَ بْنِ زَيدٍ، عَن النَّبيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالحَسَنَ وَيَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا». أَوْ كَمَا قَالَ. [خ: ٣٧٤٧]
١٧٠٦. وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أُتِيَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ فَجُعِلَ فِي طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ، وَقَالَ فِي حُسْنِهِ شَيْئًا،/ فَقَالَ أَنَسٌ: كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَانَ مَخْضُوبًا بِالوَسْمَةِ. [خ: ٣٧٤٨]
١٧٠٧. [ق] وَعَنِ البرَاءِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَالحَسَنُ عَلَى عَاتِقِهِ، يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ». [خ: ٣٧٤٩]
١٧٠٨. وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ -وَحَمَلَ الحَسَنَ- وَهُوَ يَقُولُ:
بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لَيْسَ شَبِيهًا بِعَلِيٍّ
وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ. [خ: ٣٧٥٠]
1. في الحديث: ما كان عليه الصّحابة ﵃ من الحبّ والألفة بينهم، ومعرفة بعضهم فضل بعضٍ.
2. وفيه: حبّ أبي بكرٍ لآل النّبيّ ﷺ.
3. وفيه: أنّ الإمام لا ينقص من قدره ملاعبة الأطفال والتّودّد إليهم.

١٧٠٩. وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ ﷺ مِنَ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. [خ: ٣٧٥٢]
١٧١٠. وعَنِ ابْن أبي نُعْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، وَسَأَلَهُ عَنِ المُحْرِمِ -قَالَ شُعْبَةُ: أَحْسِبُهُ يَقْتُلُ الذُّبَابَ؟- فَقَالَ: أَهْلُ العِرَاقِ يَسْأَلُونَ عَنِ الذُّبَابِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ ابْنَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا». [خ: ٣٧٥٣]
1. فيه اهتمام ابن عمر بما جرى من قتل الحسين رضي الله عنه؛ حتى إنه لم يجب السائل عن مسألة من الفقه، بل قال له من التقريع ما قال.
2. أن من لم يظهر التبرؤ مما فعله قومه وجماعته، فهو موافق لهم في فعلهم.
3. وفيه فقه ابن عمر ﵁، وحسن جوابه وفتواه؛ ممّا يجدر بكلّ مستفتٍ أن يراعيه.

١٩- بابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ ﵁


١٧١١. عَن ابنِ أَبي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ -يعني: بينَ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاس وعبدِ اللهِ بنِ الزُّبير- فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَتُحِلَّ مَا حَرَّمَ اللهِ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللهِ؛ إِنَّ اللهَ كَتَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَبَنِي أُمَيَّةَ مُحِلِّينَ، وَإِنِّي وَاللهِ لَا أُحِلُّهُ أَبَدًا، قَالَ: قَالَ النَّاسُ: بَايِعْ ابنَ الزُّبَيْرِ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ بِهَذَا الأَمْرِ عَنْهُ؟ أَمَّا أَبُوهُ: فَحَوَارِيُّ رَسُولِ اللهِ ﷺ -يُرِيدُ الزُّبَيْرَ- وَأَمَّا جَدُّهُ: فَصَاحِبُ الغَارِ -يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ- وَأُمُّهُ: فَذَاتُ النِّطَاقِ -يُرِيدُ أَسْمَاءَ- وَأَمَّا خَالَتُهُ: فَأُمُّ المُؤْمِنِينَ -يُرِيدُ عَائِشَةَ- وَأَمَّا عَمَّتُهُ: فَزَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ -يُرِيدُ خَدِيجَةَ- وَأَمَّا جَدَّتُهُ فَعَمَّةُ النَّبِيِّ ﷺ -يُرِيدُ صَفِيَّةَ- ثُمَّ عَفِيفٌ فِي الإِسْلَامِ، قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ، وَاللهِ إِنْ وَصَلُونِي وَصَلُونِي [مِن قَرِيبٍ]، وَإِنْ رَبُّونِي رَبُّونِي أَكْفَاءٌ كِرَامٌ، فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ وَالأُسَامَاتِ وَالحُمَيْدَاتِ -يُرِيدُ: أَبْطُنًا مِنْ بَنِي أَسَدِ بنِ تُوَيْتٍ، وَبَنِي أُسَامَةَ وَبَنِي أَسَدٍ- إِنَّ ابْنَ أَبِي العَاصِي بَرَزَ يَمْشِي القُدَمِيَّةَ -يَعْنِي عَبْدَ المَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ- وَإِنَّهُ لَوَّى ذَنَبَهُ. يَعْنِي: ابْنَ الزُّبَيْرِ. [خ: ٤٦٦٥]
الغريب: (غَدَوْتُ): بَكَّرْتُ. و(مُحِلِّين): مُسْتَبِيحين القتال في الحَرم. و(لا أُحِلُّه): لا أستبيحه. وقوله: (وَأَيْنَ بِهَذَا الأَمْرِ عَنْهُ؟) يعني: الخلافة، أي: هو أَوْلَى بها مِن غيره لِما ذُكر مِن نَسبه/ وبيته وحُسنِ حاله. و(وصلوني): قرَّبوني. و(رَبُّوني): تَعَاهدوني بإصلاح الحال وإن لم يُقَرِّبوني، وهو مِن التَّربية. و(أَكْفَاءُ): أمثال ونُظَراء. وقوله: (فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ) يعني: أنَّ ابنَ الزُّبير أقبلَ على هذه القبائل الحقيرة فأكرمهم، وأعرض عَنِ ابن عبَّاس مع أنَّه يعترف بحقِّه ويعرف بيته ويُثني عليه بالحقِّ. و(بَرَز يَمشي القُدَمِيَّة) يعني: بذلك عبد الملك، أي: خَرَج وظَهَرَ، قال أبو عُبيد: يعني به: التَّبختر. وقال ابن قُتيبة: يُقال: فلان يمشي القُدَمِيَّة والتَّقَدُّمِيَّة؛ أي: يَقْدُم بهمَّته وأفعاله. وقوله في ابن الزُّبير: (لَوَّى ذَنَبَهُ) يعني: أنَّه لم يبرز للمَعروف، ولم يُبْدِ له صَفْحَته. قلت: يعني أنَّه بَخِل بالمعروف، وقد كان يَبْخَلُ. والله أعلم.
1. في الحديث: فضيلة ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما وفقهه للأمور وحسن أدبه عند الخلاف.
2. وفيه: خطورة الصّراع على أمور السّياسة والحكم.

٢٠- بابُ مَنَاقِبِ عَدِيِّ بنِ حاتمٍ ﵁


١٧١٢. عَنْ عَمرو بن حُرَيْث، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ بْن الخطَّابِ فِي وَفْدٍ، فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلًا رَجُلًا يُسَمِّيهِمْ، فَقُلْتُ: أَمَا تَعْرِفُنِي يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: بَلَى؛ أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا. فَقَالَ عَدِيٌّ: فَلَا أُبَالِي إِذًا. [خ: ٤٣٩٤]

٢١- بابُ مَنَاقِب بِلَالِ بنِ رَبَاحٍ مولى أَبِي بكْرٍ، وسالمٍ مَوْلى أَبِي حُذَيفة ﵄


• [خت] وقال النَّبِيُّ ﷺ: «سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ». (خ١١٤٩)
١٧١٣. عَنْ جابرِ بنِ عَبدِ اللهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا. يَعْنِي: بِلَالًا. [خ: ٣٧٥٤]
1. قوله: (وأعتق سيدنا) قال ابن بطال: «مجازًا (يعني بلالاً)، قاله تواضعًا أو أنه من سادات هذه الأمة، وليس هو أفضل من عمر بلا ريب».

١٧١٤. وَعَنْ قَيْسٍ أَنَّ بِلَالًا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِنَفْسِكَ فَأَمْسِكْنِي، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِلَّهِ فَدَعْنِي وَعَمَلَ اللهِ. [خ: ٣٧٥٥]
١٧١٥. [ق] وعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: ذُكِرَ عَبْدُ اللهِ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «اسْتَقْرِؤوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَبَدَأَ بِهِ،/ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ». قَالَ: لَا أَدْرِي بَدَأَ بِأُبَيٍّ أَوْ بِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ؟ [خ: ٣٧٥٨]

٢٢- بابُ الوَصَاةِ بأهلِ بيتِ النَّبيِّ ﷺ وقَرابتِهِ


١٧١٦. عَنِ ابنِ عُمَرَ، عَنْ أَبي بَكرٍ قَالَ: اّْرْقُبُوا مُحَمَّدًا ﷺ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ. [خ: ٣٧١٣]
١٧١٧. [ق] وَقَالَ أَبُو بَكرٍ في حَديثهِ في مِيراثِ رسول الله ﷺ -وَسَيأتي إِنْ شَاء الله [ر:١٩٠٧]-: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي. [خ: ٣٧١٢]

٢٣- بابُ ذِكْرِ مُعَاويةَ وخَالدِ بنِ الوَليدِ ﵄


١٧١٨. عَن ابْن أبي مُلَيْكَةَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ لَكَ فِي أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ قد أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ؟ قَالَ: أَصَابَ؛ إِنَّهُ فَقِيهٌ. [خ: ٣٧٦٥]
وفي رواية: قَالَ: دَعْهُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللهِ ﷺ. [خ: ٣٧٦٤]
1. وفي الحديث: بيان فضل معاوية رضي الله عنه وعلمه، وشهادة حبر الأمَّة له بذلك.
2. وفيه: مشروعيّة الإيتار بركعةٍ واحدةٍ.

١٧١٩. وعَنْ حُمران بن أَبانَ، عَن مُعَاوية قَالَ: إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلَاةً لَقَدْ صَحِبْنَا النَّبيَّ ﷺ فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيْهِما، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا. يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ. [خ: ٣٧٦٦]
١٧٢٠. وعَن أَنسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَها جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَها ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ». -وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ- «حَتَّى أَخَذَها سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ». [خ: ٣٧٥٧]

٢٤- بابُ مَنَاقِبِ فاطِمَةَ ﵂


١٧٢١. [ق] عَنْ عَليِّ بنِ أَبي طَالبٍ ﵁ أنَّ فَاطِمَةَ شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَا، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ/ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لِأَقُومَ، فَقَالَ: «عَلَى مَكَانِكُمَا». فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، وَقَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي؟! إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». [خ: ٣٧٠٥]
1. قوله: (خير مما سألتماني)، قال ابن حجر: «الذي يظهر أن المراد أن نفع التسبيح مختص بالدار الآخرة، ونفع الخادم مختص بالدار الدنيا، والآخرة خير وأبقى».
2. قال ابن حجر: «يحتمل أن يكون من واظب على هذا الذكر لا يتضرر بكثرة العمل، ولا يشق عليه ولو حصل له التعب».
3. قال ابن حجر: «في الحديث ما كان عليه السلف الصالح من شظف العيش وقلة الشيء وشدة الحال، وأن الله حماهم الدنيا مع إمكان ذلك صيانة لهم من تبعَاتها، وتلك سنة أكثر الأنبياء والأولياء».
4. قال ابن حجر: «في الحديث بيان إظهار غاية التعطف والشفقة على البنت والصهر ونهاية الاتحاد برفع الحشمة والحجاب حيث لم يُزعجهما عن مكانهما فتركهما على حالة اضطجاعهما».
5. قال ابن هبيرة: «في الحديث جواز الاستخدام للرجل الصالح والمرأة الصالحة، ألا ترى أن فاطمة ﵂ طلبت من أبيها ﷺ خادماً ولم ينكر ذلك عليها؟».
6. قال ابن هبيرة: «فيه أن التسبيح خير من خادم؛ لأنه جمع لها بين تسبيح الله ثلاثا وثلاثين وحمده ثلاثا وثلاثين، وتكبيره أربعة وثلاثين يُكمل ذلك مائة، فيكتب الله به ألف حسنة، ولقد عوضها رسول الله ﷺ بِنعم العوض، فإن كل من سبح بهذه التسبيحات عاملاً بهذا الحديث، ممن بلغه ويبلُغُه إلى يوم القيامة فإن لفاطمة بركة من عمله؛ لأنها هي التي أثارت هذه السنة بسؤالها المبارك فصار العاملون كلهم بهذا الحديث حيث كانت هي المثيرة له خادِمين بالثواب الذي يتصل من عملهم إليها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء فعاضها الله عز وجل عن خادم واحد بألوف الألوف من الخدم».
7. وفيه: أن الإنسان يحمل أهله على ما يحمل عليه نفسه من إيثار الآخرة على الدنيا، إذا كانت لهم قدرة على ذلك.
8. وفيه: جواز أن تشتكي البنت لأبيها ما تلقاه من الشدة، ولم ينكر عليها أنها اشتكت.

١٧٢٢. [ق] وعَنِ المِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي». [خ: ٣٧١٤]
• وقدْ تقدَّمَ بِشارةُ النَّبيِّ ﷺ بأنَّها أوَّلُ أهلِ بيتِهِ لُحُوقًا بهِ [ر:١٦٣٣].
1. قال النووي: «هذه معجزة ظاهرة له ﷺ، بل معجزتان، فأخبر ببقائها بعده، وبأنها أول أهله لحاقا به، ووقع كذلك».

٢٥- بابُ مَنَاقِبِ عائِشَةَ أمِّ المؤمنين ﵂


١٧٢٣. [ق] عَن أَبِي سَلَمةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا: «يَا عَائِشَة، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ». فَقُلْتُ:﵇ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا نَرَى. تُرِيدُ رَسُولَ اللهِ ﷺ. [خ: ٣٧٦٨]
1. قال النووي: «فيه فضيلة ظاهرة لعائشة ﵂، وفيه استحباب بعث السلام، ويجب على الرسول تبليغه».
2. قال النووي: «وفيه بعث الأجنبي السلام إلى الأجنبية الصالحة إذا لم يخف ترتب مفسدة، وأن الذي يبلغه السلام يرد عليه».

١٧٢٤. [ق] وعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ ابْنةُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». [خ: ٣٤١١]
1. قال ابن القيم: «الثريد مركَّب من لحم وخبز، واللحم سيد الآدام، والخبز سيد الأقوات، فإذا اجتمعا لم يكن بعدها غاية».
2. قال النووي: «قال العلماء: معناه أن الثريد من كلّ الطعام أفضل من المرق، فثريد اللحم أفضل من مرقه بلا ثريد، وثريد ما لا لحم فيه أفضل من مرقه، والمراد بالفضيلة: نفعه والشبع منه، وسهولة مساغه والالتذاذ به، وتيسر تناوله، وتمكن الإنسان من أخذ كفايته منه بسرعة، وغير ذلك، فهو أفضل من المرق كله ومن سائر الأطعمة، وفضل عائشة على النساء زائد كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة».

١٧٢٥. وعَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ: [عَلَى] رَسُولِ اللهِ ﷺ وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ. [خ: ٣٧٧١]
١٧٢٦. وعَنْ أَبِي وَائلٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارًا وَالحَسَنَ إِلَى الكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ، خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِن ابْتَلَاكُمْ لِتَبْتَغوهُ أَمْ إِيَّاهَا.[خ: ٣٧٧٢]
1. في الحديث: أنّ الإنسان يتحرّى في الفتن الحقّ، وما يرضي الله عزّ وجلَ، لا ما يرضي هواه.

١٧٢٧. وعنه قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالُوا: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، وَاللهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيدُ الخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ، فَمُرِي رَسُولَ اللهِ ﷺ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُمَا كَانَ -أَوْ: حَيْثُمَا دَارَ- قَالَتْ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ:/ فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا عَادَ إِلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا». [خ: ٣٧٧٥]
• وقد تقدَّم قوله: إِنَّها أحبُّ النَّاس إِليه. [ر:١٦٤٧].
1. قال ابن حجر: «فيه قصد الناس بالهدايا أوقات المسرة ومواضعها ليزيد ذلك في سرور المُهدى إليه».

١ قال النبي ﷺ: "لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه" هو:

٥/٠