٢٦- بابُ مَنَاقِبِ الأنْصَارِ، وإخائِهم للمُهاجِرينَ ﵃،


وقولِهِ تَعَالى: ﴿وَٱلَّذِینَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِیمَـٰنَ﴾ الآية [الحشر: ٩]
١٧٢٨. وعَنْ غَيلانَ بن جَريرٍ قَالَ: قلتُ لأنَسٍ: أَرَأَيْتَ اسْمَ الأَنْصَارِ، كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ أَمْ سَمَّاكُمُ اللهُ؟ قَالَ: بَلْ سَمَّانَا اللهُ ﷿. كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ فَيُحَدِّثُنَا بِمَنَاقِبِ الأَنْصَارِ وَمَشَاهِدِهِمْ، وَيُقْبِلُ عَلَيَّ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَزْدِ فَيَقُولُ: فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا. [خ: ٣٧٧٦]
١٧٢٩. وعَن عَائِشَةَ قَالت: كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللهُ لِرَسُولِهِ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا، فَقَدَّمَهُ لِرَسُولِهِ فِي دُخُولِهِمْ فِي الإِسْلَامِ. [خ: ٣٧٧٧]
(بُعَاثُ): موضعٌ على مِيلَينِ مِن المدينةِ.
1. قال ابن حجر: «وقد كانت الأنصار قبل الهجرة في غاية التنافر والتقاطع لما وقع بينهم من حرب بعاث وغيرها، فزال ذلك كله بالإسلام كما قال الله تعالى: {لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم}».

١٧٣٠. [ق] وعَن أَنَسٍ قَالَ: قَالَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ -وَأَعْطَى قُرَيْشًا-: وَاللهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ العَجَبُ، إِنَّ سُيُوفَنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَاءِ قُرَيْشٍ، وَغَنَائِمُنَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ! فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَدَعَا الأَنْصَارَ فَقَالَ: «مَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟». وَكَانُوا لَا يَكْذِبُونَ، فَقَالُوا: هُوَ الَّذِي بَلَغَكَ. قَالَ: «أَوَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالغَنَائِمِ إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى بُيُوتِكُمْ؟ لَوْ سَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ». [خ: ٣٧٧٨]
١٧٣١. وزاد مِن حديث أبي هُريرة: «وَلَولَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأنْصَارِ». [خ: ٣٧٧٩]
١٧٣٢. [ق] وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَآخَى النَّبيُّ ﷺ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَكَانَ كَثِيرَ المَالِ، فَقَالَ سَعْدٌ: عَلِمَتِ الأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالًا، سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنَكَ وبَيْنِي شَطْرَيْنِ، وَلِي امْرَأَتَانِ، فَانْظُرْ/ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِك، فَلَمْ يَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ حَتَّى أَفْضَلَ شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَهْيَمْ؟». قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ: «مَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟». قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ -أَوْ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ- فَقَالَ: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». [خ: ٣٧٨١]
1. قال ابن حجر: «في الحديث أن الكسب من التجارة ونحوها أولى من الكسب من الهبة ونحوها».
2. قوله: (أقاسمك مالي نصفين وأزوجك)، قال ابن حجر: «فيه ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الإيثار حتى بالنفس والأهل».
3. قوله: (ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك)، قال ابن حجر: «فيه جواز نظر الرجل إلى المرأة عند إرادة تزويجها».
4. قوله: (بارك الله لك في أهلك ومالك) قال ابن حجر: «فيه تنزه الرجل عما يبذل له من مثل ذلك، وترجيح الاكتساب بنفسه بتجارة أو صناعة».
5. قال ابن حجر: «في الحديث: مباشرة الكبار التجارة بأنفسهم مع وجود من يكفيهم ذلك من وكيل وغيره».
6. قوله: (أولم ولو بشاة)، قال ابن حجر: «استدل به على توكيد أمر الوليمة».
7. قال ابن حجر: «يستفاد من السياق طلب تكثير الوليمة لمن يقدر».
8. قال ابن حجر: «في الحديث منقبة لسعد بن الربيع في إيثاره على نفسه بما ذكر، ولعبد الرحمن بن عوف في تنزهه عن شيء يستلزم الحياء والمروءة اجتنابه ولو كان محتاجا إليه».
9. قال ابن حجر: «في الحديث أن من ترك ذلك بقصد صحيح عوضه الله خيرا منه».
10. قال ابن حجر: «في الحديث أن العيش من عمل المرء بتجارة أو حرفة أولى لنزاهة الأخلاق من العيش بالهبة ونحوها».
11. قال ابن حجر: «في الحديث استحباب الدعاء للمتزوج».
12. قال ابن حجر: «في الحديث سؤال الإمام والكبير أصحابه وأتباعه عن أحوالهم، ولا سيما إذا رأى منهم ما لم يعهد».
13. قال ابن حجر: «في الحديث جواز خروج العروس وعليه أثر العرس من خلوق وغيره».

٢٧- بابُ وُجُوبِ حبِّ الأنْصارِ، وأتْباعِهم منهُم


١٧٣٣. [ق] عَنِ البَراءِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ -أَوْ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ-: «الأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللهُ». [خ: ٣٧٨٣]
١٧٣٤. [ق] وعَنْ أَنَسِ بنِ مَالكٍ عَن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ». [خ: ٣٧٨٤]
1. قال النووي: «ومعنى هذه الأحاديث: أن من عرف مرتبة الأنصار وما كان منهم في نصرة دين الإسلام، والسعي في إظهاره وإيواء المسلمين وقيامهم في مهمات دين الإسلام حق القيام، وحبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحبه إياهم، وبذلهم أموالهم وأنفسهم بين يديه، وقتالهم ومعاداتهم سائر الناس إيثاراً للإسلام، وعرف من علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحب النبي - صلى الله عليه وسلم - له، وما كان منه في نصرة الإسلام وسوابقه فيه، ثم أحب الأنصار وعلياً لهذا، كان ذلك من دلائل صحة إيمانه وصدقه في إسلامه لسروره بظهور الإسلام والقيام بما يرضي الله سبحانه وتعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أبغضهم كان بضد ذلك، واستدل به على نفاقه وفساد سريرته».
2. وفيه أن الجزاء من جنس العمل، فإن الأنصار لما أحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الكرام جازاهم الله تعالى بأن جعل حبهم علامة الإيمان وبغضهم علامة النفاق.

١٧٣٥. [ق] وعنه قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَكَلَّمَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ». مَرَّتَيْنِ. [خ: ٣٧٨٦]
١٧٣٦. [ق] وعَن زَيدِ بنِ أرقَمَ: قَالَتِ الأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لِكُلِّ نَبِيٍّ أَتْبَاعٌ، وَإِنَّا قَدْ اتَّبَعْنَاكَ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا. فَدَعَا بِهِ. [خ: ٣٧٨٧]
-[ق] وفي رواية: قَالَ: «اللَّهُمَّ اّْجعَلْ أَتْباعَهُم مِنهُمْ». [خ: ٣٧٨٨]

٢٨- بابُ خَيرِ دُورِ الأنْصَارِ


١٧٣٧. [ق] عَنْ أَنَسِ بنِ مَالكٍ، عَنْ أبي أُسَيْدٍ قَالَ: قالَ النَّبيُّ ﷺ: «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجٍ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». فَقَالَ سَعْدٌ: مَا أَرَى النَّبِيَّ ﷺ إِلَّا وَقَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا! فَقِيلَ: قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى كَثِيرٍ. [خ: ٣٧٨٩]
١٧٣٨. [ق] وعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ/ قَالَ: «إِنَّ خَيْرَ دُورِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي الحَارِثِ، ثُمَّ بَنِي ساعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». فَلَحِقَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ: أَبَا أُسَيْدٍ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَيَّرَ الأَنْصَارَ، فَجَعَلَنَا أَخِيرًا؟ [فَأَدْرَكَ سَعْدٌ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ خُيِّرَ دُورُ الأَنْصَارِ فَجُعِلْنَا آخِرًا]، قَالَ: «أَوَلَيْسَ بِحَسْبِكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ الخِيَارِ؟».[خ: ٣٧٩١]
1. قوله صلى الله عليه وسلم: (خير دور الأنصار) أي خير قبائلهم، وكانت كل قبيلة منها تسكن محلة فتسمى تلك المحلة دار بني فلان، ولهذا جاء في كثير من الروايات: بنو فلان، من غير ذكر الدار، قال العلماء: «وتفضيلهم على قدر سبقهم إلى الإسلام، ومآثرهم فيه، وفي هذا دليل لجواز تفضيل القبائل والأشخاص بغير مجازفة ولا هوى، ولا يكون هذا غيبة».
2. قوله: (إن خير دور الأنصار) فيه مشروعية المفاضلة بين الفضلاء بالإجمال، والتعيين.
3. وفيه جواز المدح إذا قُصِد به الإخبار بالحق، ودعت إلى ذلك حاجة، وأُمنت الفتنة على الممدوح.

٢٩- بابُ وَصِيَّةِ النَّبيِّ ﷺ للأنْصَارِ، والوصيَّةِ بِهِم، ودُعائِهِ لهُم


١٧٣٩. [ق] وعَن أنَسِ بنِ مَالكٍ قَالَ: قال النَّبيُّ ﷺ للأنْصَارِ: «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي، وَمَوْعِدُكُمُ الحَوْضُ». [خ: ٣٧٩٣]
١٧٤٠. [ق] وفي روايةٍ [عنه، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ]: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا؟ قَالَ: «سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ». [خ: ٣٧٩٢]
1. قوله: (فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) قال القاري: «أي فحينئذ يحصل جبر خاطركم المتعطش إلى لقائي بسقيكم شربة لا تظمئون بعدها أبدا».

١٧٤١. وعَنْه قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ الأَنْصَارَ إِلَى أَنْ يُقْطِعَ لَهُمُ البَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: لَا؛ إِلَّا أَنْ تُقْطِعَ لِإِخْوَانِنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ مِثْلَهَا. قَالَ: «إِمَّا لَا، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي، فَإِنَّكم سَتُصِيبُكُمْ أَثَرَةٌ بَعْدِي». [خ: ٣٧٩٤]
1. قوله: (ستجدون بعدي أثرة)، قال ابن هبيرة: «أي استئثار عليكم، وقد دل هذا على أن الصبر على الأثرة من أبواب البر العظام».
2. قوله: (فقالت الأنصار: حتى تقطع لإخواننا من المهاجرين)، قال ابن حجر: «فيه فضيلة ظاهرة للأنصار لتوقفهم عن الاستئثار بشيء من الدنيا دون المهاجرين، وقد وصفهم الله تعالى بأنهم كانوا: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) فحصلوا في الفضل على ثلاث مراتب: إيثارهم على أنفسهم، ومواساتهم لغيرهم، والاستئثار عليهم».

١٧٤٢. [ق] وعَنْهُ قَالَ: قالَ النَّبيُّ ﷺ:
«لا عَيشَ إلَّا عيشُ الآخِرَهْ فأصْلِحِ الأنْصارَ والمهاجِرَهْ». [خ: ٣٧٩٥]
١٧٤٣. [ق] وعَنْهُ قَالَ: كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الخَنْدَقِ تَقُولُ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدا عَلَى الجِهَادِ مَا بَقِيْنَا أَبَدا
فَأجَابهمْ:
«اللهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ». [خ: ٣٧٩٦]
١٧٤٤. [ق] وعَنْ سَهْلِ بنِ سَعدٍ قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَنَحْنُ نَحْفِرُ الخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«اللهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ». [خ: ٣٧٩٧]
١٧٤٥. [ق] وعَنْ أنَسِ بنِ مَالكٍ قَالَ: مَرَّ أَبُو بَكْرٍ وَالعَبَّاسُ بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمْ؟/ قَالُوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ ﷺ مِنَّا. فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ بحَاشِيَةِ بُرْدٍ، قَالَ: فَصَعِدَ المِنْبَرَ -وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ اليَوْمِ- فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، وَقَدْ قَضَوُا الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ». [خ: ٣٧٩٩]
١٧٤٦. وعَن ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُتَعَطِّفًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ دَسْمَاءُ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ، وَيَقِلُّ الأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا كَالمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعُهُ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ». [خ: ٣٨٠٠]
قوله: (كَرِشِي وعَيْبَتِي) أي: جماعتي الخاصَّة بي وَموضع سِرِّي، والكَرِشُ الجماعة مِن النَّاس، قاله عِيَاض.
1. قوله صلى الله عليه وسلم: (الأنصار كرشي وعيبتي) قال النووي: «قال العلماء: معناه جماعتي وخاصتي، الذين أثق بهم، وأعتمدهم في أموري، قال الخطابي: ضرب مثلا بالكرش لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون به بقاؤه، والعيبة وعاء معروف أكبر من المخلاة يحفظ الإنسان فيها ثيابه وفاخر متاعه، ويصونها، ضربها مثلا لأنهم أهل سره وخفي أحواله».
2. قال القزاز: «ضرب المثل بالكرش؛ لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون فيه نماؤه، ويقال: لفلان كرش منثورة، أي عيال كثيرة، والعيبة: ما يحرز فيه الرجل نفيس ما عنده، يريد أنهم موضع سره وأمانته» قال ابن دريد: «هذا من كلامه ﷺ الموجز الذي لم يسبق إليه».
3. قال ابن حجر: «أي أن الأنصار يقلون، وفيه إشارة إلى دخول قبائل العرب والعجم في الإسلام، وهم أضعاف أضعاف قبيلة الأنصار، فمهما فرض في الأنصار من الكثرة كالتناسل فرض في كل طائفة من أولئك، فهم أبدا بالنسبة إلى غيرهم قليل».

٣٠- بابٌ: في قولِهِ تَعالىَ: ﴿وَیُؤۡثِرُونَ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةࣱ﴾ [الحشر: ٩]


١٧٤٧. [ق] وعَنْ أبي هُريرةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ، فَقُلْنَ: مَا عِنْدَنا إِلَّا المَاءُ، فَقَالَ النَّبيُّ ﷺ: «مَنْ يَضُمُّ -أَوْ: يُضِيفُ- هَذَا؟». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا. فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَتْ: مَا عِنْدِي إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً. فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «ضَحِكَ اللهُ اللَّيْلَةَ -أَوْ: عَجِبَ- مِنْ أفْعَالِكُمَا». فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿وَیُؤۡثِرُونَ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةࣱ﴾ [الحشر: ٩]./ [خ: ٣٧٩٨]
1. قال النووي: «فيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته من الزهد في الدنيا والصبر على الجوع وضيق حال الدنيا».
2. قال النووي: «وفيه أنه ينبغي لكبير القوم أن يبدأ في مواساة الضيف ومن يطرقهم بنفسه فيواسيه من ماله أولا بما يتيسر إن أمكنه، ثم يطلب له على سبيل التعاون على البر والتقوى من أصحابه».
3. قال النووي: «وفيه الاحتيال في إكرام الضيف إذا كان يمتنع منه رفقا بأهل المنزل لقوله: أطفئي السراج، وأريه أنا نأكل، فإنه لو رأى قلة الطعام، وأنهما لا يأكلان معه لامتنع من الأكل».
4. قوله: (فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا، إلا قوت صبياني، قال: فعلليهم بشيء) قال النووي: «هذا محمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين إلى الأكل، وإنما تطلبه أنفسهم على عادة الصبيان من غير جوع يضرهم، فإنهم لو كانوا على حاجة بحيث يضرهم ترك الأكل لكان إطعامهم واجبا، ويجب تقديمه على الضيافة، وقد أثنى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على هذا الرجل وامرأته فدل على أنهما لم يتركا واجبا، بل أحسنا وأجملا رضي الله عنهما».
5. قال النووي: «وأما هو وامرأته فآثرا على أنفسهما برضاهما مع حاجتهما وخصاصتهما، فمدحهما الله تعالى، وأنزل فيهما ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ففيه فضيلة الإيثار والحث عليه، وقد أجمع العلماء على فضيلة الإيثار بالطعام ونحوه من أمور الدنيا، وحظوظ النفوس، أما القربات فالأفضل ألا يؤثر بها؛ لأن الحق فيها لله تعالى».
6. وفيه: أن من أدب الضيافة ألا يري الرجل ضيفه أنه مان عليه، أو أن الضيف مضيق عليه، ومحرج له.
7. وفيه: أنه ليس من المسألة المذمومة عرض الضيافة على الناس.
8. وفيه: إثبات صفة الضحك والتعجب لله عز وجل على الوجه الذي يليق بجلاله وكماله، من غير تكييف، ولا تحريف، ولا تعطيل.
9. وفيه استحباب بيان الإعجاب ممن فعل حسنا.

٣١- بابُ مَنَاقِبِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ ﵁


١٧٤٨. [ق] عَن البَراءِ قَالَ: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ حُلَّةُ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَلمِسُونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا، فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ؟ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ خَيْرٌ مِنْهَا أَوْ أَلْيَنُ». [خ: ٣٨٠٢]
1. قال النووي: «قال العلماء: هذه إشارة إلى عظيم منزلة سعد في الجنة، وأن أدنى ثيابه فيها خير من هذه، لأن المنديل أدنى الثياب، لأنه معد للوسخ والامتهان، فغيره أفضل».

١٧٤٩. [ق] وعَنْ جابرٍ: سَمِعتُ النَّبِيَّ ﷺ يقولُ: «اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ». فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: فَإِنَّ البَرَاءَ يَقُولُ: اهْتَزَّ السَّرِيرُ، فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ». [خ: ٣٨٠٣]
1. قال الذهبي: «والعرش خلق لله مسخر، إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله، وجعل فيه شعورا لحب سعد، كما جعل تعالى شعورا في جبل أحد بحبه النبي صلى الله عليه وسلم وقال تعالى: {۞ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلࣰاۖ یَـٰجِبَالُ أَوِّبِی مَعَهُۥ وَٱلطَّیۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِیدَ} [سورة سبأ:10] وقال :{تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ} [سورة الإسراء:44]. ثم عمم فقال:{ وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ } [سورة الإسراء:44] وهذا حق وفي صحيح البخاري قول ابن مسعود: «كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل» وهذا باب واسع سبيله الإيمان».

١٧٥٠. [ق] وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ نَاسًا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنَ المَسْجِدِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «قُومُوا إِلَى خَيْرِكُمْ أَوْ سَيِّدِكُمْ». فَقَالَ: «يَا سَعْدُ إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ؟». قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. قَالَ: «حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللهِ». أَوْ: «بِحُكْمِ المَلِكِ». [خ: ٣٨٠٤]
1. قوله: (فرد رسول الله الحكم فيهم إلى سعد) قال النووي: «فيه جواز التحكيم في أمور المسلمين وفي مهماتهم العظام، وقد أجمع العلماء عليه، ولم يخالف فيه إلا الخوارج، فإنهم أنكروا على عليّ التحكيم، وأقام الحجة عليهم».
2. قال النووي: «وفيه جواز مصالحة أهل قرية أو حصن، على حكم حاكم مسلم عدا صالح للحكم أمين على هذا الأمر، وعليه الحكم بما فيه مصلحة للمسلمين، وإذا حكم بشيء لزم حكمه، ولا يجوز للإمام ولا لهم الرجوع عنه ولهم الرجوع قبل الحكم».
3. قوله: (قوموا إلى سيدكم أو خيركم) قال النووي: «فيه إكرام أهل الفضل».
4. قال القاضي عياض: «وليس هذا من القيام المنهي عنه، وإنما ذلك فيمن يقومون عليه وهو جالس، ويمثلون قياماً طول جلوسه».

٣٢- بابُ مَنَاقِبِ أُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ، وعبَّادِ بنِ بِشْرٍ، وأُبَيِّ بنِ كعبٍ، وزيْدِ بنِ ثابتٍ


١٧٥١. عَنْ أنسٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، فَإِذَا نُورٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا حَتَّى تَفَرَّقَا، فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا. يعني: أُسَيْدًا وعبَّادًا. [خ: ٣٨٠٥]
١٧٥٢. [ق] وعَنْ أَنَسِ بنِ مَالكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأُبَيٍّ: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: ﴿لَمۡ یَكُنِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ﴾ [سورة البينة]». قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَبَكَى. [خ: ٣٨٠٩]
• وفي رواية: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ القُرْآنَ». قَالَ: آللهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ العَالَمِينَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ. [خ: ٤٩٦١]
1. قال النووي: «أما بكاؤه فبكاء سرور واستصغار لنفسه عن تأهيله لهذه النعمة وإعطائه هذه المنزلة، والنعمة فيها من وجهين: أحدهما كونه منصوصا عليه بعينه، ولهذا قال: وسمّاني؟ معناه نص علي بعيني، أو قال: اقرأ على واحد من أصحابك قال: بل سمّاك، فتزايدت النعمة، والثاني قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنها منقبة عظيمة له لم يشاركه فيها أحد من الناس».
2. قال النووي: «وأما تخصيص هذه السورة بالقراءة فلأنها مع وجازتها جامعة لأصول وقواعد ومهمات عظيمة، وكان الحال يقتضي الاختصار».
3. وأما الحكمة في أمره بالقراءة على أُبيّ رضي الله عنه قال المازري والقاضي عياض: «هي أن يتعلم أُبيّ ألفاظه، وصيغة أدائه، ومواضع الوقوف، وصنع النغم في نغمات القرآن على أسلوب ألفه الشرع وقدره، بخلاف ما سواه من النغم المستعمل في غيره ولكل ضرب من النغم مخصوص في النفوس ، فكانت القراءة عليه ليتعلم منه، وقيل: قرأ عليه ليسن عرض القرآن على حفاظه البارعين فيه، المجيدين لأدائه، وليسن التواضع في أخذ الإنسان القرآن وغيره من العلوم الشرعية من أهلها، وإن كانوا دونه في النسب والدين والفضيلة والمرتبة والشهرة وغير ذلك، ولينبه الناس على فضيلة أُبيّ رضي الله عنه في ذلك، ويحثهم على الأخذ منه، وكان كذلك فكان بعد النبي صلى الله عليه وسلم رأسا وإماما مقصودا في ذلك مشهورا به».

١٧٥٣. [ق] وعَنْهُ: جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَرْبَعَةٌ،/ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيٌّ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدٌ. قَالَ قتادة: قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي. [خ: ٣٨١٠]

٣٣- بابُ مَنَاقِبِ أَبِي طَلْحةَ ﵁


١٧٥٤. [ق] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ اّْنْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ القِدِّ، يَكْسِرُ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثةً، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ ومَعَهُ الجَعْبَةُ مِنَ النَّبْلِ، فَيَقُولُ: «اّْنثُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ». فَأَشْرَفَ النَّبِيُّ ﷺ يَنْظُرُ إِلَى القَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَا تُشْرِفْ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ القَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تُنْقِزانِ القِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِ أَبِي طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ أو ثَلَاثًا. [خ: ٣٨١١]
(تُنْقِزَان): تُسرعان بالقِرَبِ.

٣٤- بابُ مَنَاقِبِ عَبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ ﵁


١٧٥٥. [ق] عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِلَّا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدࣱ مِّنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ عَلَىٰ مِثۡلِهِۦ﴾ الآيَةَ [الأحقاف: ١٠]. [خ: ٣٨١٢]
١٧٥٦. [ق] وعَنْ محمَّد، عن قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ المَدِينَةِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الخُشُوعِ، فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا، ثُمَّ خَرَجَ وَتَبِعْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ المَسْجِدَ قَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ. قَالَ: وَاللهِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ، فَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَلكَ: رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ -ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا/ وَخُضْرَتِهَا- وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَسْفَلُهُ فِي الأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ، فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِي: اّْرْقَه. فَقُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ، فَأَتَانِي مِنْصَفٌ، فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي، فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَاهَا، فَأَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ، فَقِيلَ لَي: اسْتَمْسِكْ. فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإِسْلَامُ، وَذَلِكَ العَمُودُ عَمُودُ الإِسْلَامِ، وَتِلْكَ العُرْوَةُ الوُثْقَى، فَأَنْتَ عَلَى الإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ». وَذَلكَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ. [خ: ٣٨١٣]
١٧٥٧. وعَنْ [ابن] أبي مُوسى قَالَ: أَتَيْتُ المَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَامٍ فَقَالَ: أَلَا تَجِيءُ فَأُطْعِمَكَ سَوِيقًا وَتَمْرًا، وَتَدْخُلَ فِي بَيْتٍ؟! ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ حِمْلَ قَتٍّ، فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا. [خ: ٣٨١٤]
1. فيه بيان أن المبشرين في الجنة أكثر من عشرة.
2. قوله: (ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم)، قال النووي: «هذا إنكار من عبد الله بن سلام حيث قطعوا له بالجنة، فيحمل على أن هؤلاء بلغهم خبر سعد بن أبي وقاص بأن ابن سلام من أهل الجنة، ولم يسمع هو ويحتمل أنه كره الثناء عليه بذلك تواضعا وإيثارا للخمول وكراهة للشهرة».

٣٥- بابُ مَنَاقِبِ خَدِيجةَ بنتِ خُوَيلد، وتَزويجِ النَّبيِّ ﷺ إيَّاها


١٧٥٨. [ق] عَنْ عَليِّ بنِ أَبِي طالبٍ ﵁، عنِ النَّبيِّ ﷺ قَالَ: «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ». [خ: ٣٨١٥]
1. قال النووي: «الأظهر أن معناه أن كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها، وأما التفضيل بينهما فمسكوت عنه».

١٧٥٩. [ق] وعَنْ عائشةَ قَالَت: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي -في روايةٍ: بِثَلَاثِ سِنِيْنَ [خ:٦٠٠٤]- لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا -في روايةٍ: فربَّما قلتُ له: كَأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ، فَيَقُولُ: «إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ». [خ:٣٨١٨]- وَأَمَرَهُ اللهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ -في رواية: ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ [خ:٣٨١٨] وفي لفظ آخر:- فَيُهْدِي فِي خَلَائِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ.[خ: ٣٨١٦]
1. قال العيني: «فيه ثبوت الغيرة وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء، فضلا عمن دونهن، وكانت عائشة تغار من نساء النبي ﷺ، ولكن تغار من خديجة أكثر، وذلك لكثرة ذكر رسول الله، ﷺ إياها».
2. قال ابن حجر: «ومما اختصت به خديجة سبقها نساء هذه الأمة إلى الإيمان، فسنت ذلك لكل من آمنت بعدها، فيكون لها مثل أجرهن، لما ثبت «أن من سن سنة حسنة» وقد شاركها في ذلك أبو بكر الصديق بالنسبة إلى الرجال، ولا يعرف قدر ما لكل منهما من الثواب بسبب ذلك إلا الله عز وجل».
3. وقال النووي: «في هذه الأحاديث دلالة لحسن العهد، وحفظ الود، ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر حيا وميتا، وإكرام معارف ذلك الصاحب».
4. قوله: (وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة)، قال ابن حجر: «فيه أن من أحب شيئا أحب محبوباته وما يشبهه وما يتعلق به».

١٧٦٠. [ق] وعَنْ عبدِ الله بن أبي أَوْفَى قَالَ: بَشَّرَ النَّبيُّ ﷺ خَدِيجةَ بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.[خ: ٣٨١٩]
1. قال السهيلي: «النكتة في قوله: (من قصب)، ولم يقل من لؤلؤ أن في لفظ القصب مناسبة لكونها أحرزت قصب السبق بمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها، ولذا وقعت هذه المناسبة في جميع هذا الحديث».

١٧٦١. [ق] وعَن أَبي هُرَيرة قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ ﷺ،/ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِه خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ، مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ -أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ- فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَليها السَّـلام مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ. [خ: ٣٨٢٠]
1. في تكملة الحديث أنها قالت: (الله هو السلام)، قال ابن حجر: «قال العلماء في هذا القصة دليل على وفور فقهها؛ لأنها لم تقل «وعليه السلام». كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد «السلام على الله» فنهاهم النبي ﷺ، وقال: «إن الله هو السلام، فقولوا التحيات لله».، فعرفت خديجة لصحة فهمها أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضا دعاء بالسلامة، وكلاها لا يصلح أن يرد به على الله فكأنها قالت: كيف أقول: عليه السلام والسلام اسمه، ومنه يطلب، ومنه يحصل، فيستفاد منه أنه لا يليق بالله إلا الثناء عليه فجعلت مكان رد السلام عليه الثناء عليه، ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره فقالت: (وعلى جبريل السلام)، ثم قالت: (وعليك السلام)».
2. قال ابن حجر رحمه الله: «ومِن صريح ما جاء في تفضيل خديجة ما أخرجه أبو داود والنسائي وصحَّحه الحاكم، من حديث ابن عباس، رَفَعَهُ: (أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خُويلد، وفاطمة بنت محمد)، قال الشيخ ابن عثيمين: «وفصَّل بعض أهل العلم، فقال: إن لكل منهما مزيَّة لم تلحقْها الأخرى فيها؛ ففي أول الرسالة لا شك أن المزايا التي حصلت عليها خديجة لم تلحقْها فيها عائشة، ولا يمكن أن تساويها، وبعد ذلك، وبعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم حصل من عائشة مِن نَشرِ العلم ونشر السنَّة وهداية الأمة ما لم يَحصُل لخديجة، فلا يصحُّ أن تفضل إحداهما على الأخرى تفضيلاً مطلقًا، بل نقول: هذه أفضل من وجه، وهذه أفضل من وجه، ونكون قد سلكْنا مسلك العدل، فلم نهدر ما لهذه من المزية، ولا ما لهذه من المزية، وعند التفصيل يحصل التحصيل».

١٧٦٢. [ق] وعَنْ عائشةَ قالت: اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ فَقَالَ: «اللهُمَّ هَالَةَ». قَالَتْ: فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا. [خ: ٣٨٢١]
الغريب: (القَصَبُ): قَصَبُ الزُّمرُّدِ. و(الصَّخَبُ): اختلاطُ الأصْواتِ. و(النَّصَبُ): التَّعبُ والمَشقَّةُ.
1. قولها: (فارتاح لذلك) قال النووي: «أي هش لمجيئها، وسُرَّ بها لتذكره بها خديجة وأيامها، وفي هذا كله دليل لحسن العهد، وحفظ الود، ورعاية حرمة الصاحب والعشير في حياته ووفاته، وإكرام أهل ذلك الصاحب»
2. قولها: (عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين) قال النووي: «معناه عجوز كبيرة جدا حتى قد سقطت أسنانها من الكبر، ولم يبق لشدقها بياض شيء من الأسنان، إنما بقي فيه حمرة لثاتها»
3. قال القاضي عياض: قال المصري وغيره من العلماء: «الغيرة مسامح للنساء فيها، لا عقوبة عليهن فيها؛ لما جبلن عليه من ذلك، ولهذا لم تُزجَر عائشة عنها».

٣٦- بابُ مَنَاقِبِ جَرِيرِ بنِ عَبدِ اللهِ البَجَليِّ ﵁


١٧٦٣. [ق] عَنْ جَريرٍ قَالَ: مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ. [خ: ٣٨٢٢]
1. قال النووي: «معناه ما منعني الدخول عليه في وقت من الأوقات، ومعنى ضحك تبسم كما صرح به في الرواية الثانية، وفعل ذلك إكراما ولطفا وبشاشة، ففيه استحباب هذا اللطف للوارد، وفيه فضيلة ظاهرة لجرير»
2. وفيه بيان أن لقاء الناس بالتبسم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النبوة، وهو مناف للتكبر ، وجالب للمودة.

١٧٦٤. [ق] وعَنْ جَريرٍ أيضًا قَالَ: كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو الخَلَصَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الكَعْبَةُ اليَمَانِيَةُ، أَوِ الكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟». قَالَ: فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِي خَمْسِينَ وَمِئَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ. قَالَ: فَكَسَرْنَا وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ. [خ: ٣٨٢٣]

٣٧- بابُ مَنَاقِبِ حُذَيفةَ بنِ اليَمَانِ ﵁


١٧٦٥. وعَنْ عائِشَةَ قالت: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ هَزِيمَةً بَيِّنَةً، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ، فَاجْتَلَدَتْ أُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ، فَنَادَى: أَيْ عِبَادَ اللهِ أَبِي أَبِي، فَقَالَتْ: فَوَاللهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللهُ لَكُمْ، قَالَ عُرْوَةُ: فَوَاللهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللهَ ﷿./ [خ: ٣٨٢٤]
1. فيه: شدة الكرب والهول الذي وقع فيه المسلمون يوم أحد.
2. وفيه: أن الشيطان يترصد الصالحين في أعمالهم، فينبغي الحذر من الوقوع في حبائله.

٣٨- بابُ مَنَاقِبِ هِنْدِ بنتِ عُتْبَةَ ﵂


١٧٦٦. [ق] عَنْ عائِشَةَ قالت: جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مِنْ أَهْلِ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ مَا أَصْبَحَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. قَالَ: «وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه». قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا بِالمَعْرُوفِ». [خ: ٣٨٢٥]
1. فيه جواز سماع كلام الأجنبية للحاجة.
2. وفيه جواز ذكر الانسان بما يكره للشكوى والفتيا، إذا لم يقصد الغيبة.
3. وفيه اعتماد العرف في الأمور التي ليس فيها تحديد شرعي، فقد جعل لها من النفقة الكفاية، وهذا راجع إلى ما كان متعارفا في نفقة مثلها وأولادها.
4. وفيه أن من ظفر بحقه من عند شخص أنكره عليه له أن يأخذ حقه من ذلك الشخص إذا قدر ولم يترتب على ذلك مفسدة وكان ذلك ظاهرا كدين ونفقة ونحوها.
5. وفيه جواز خروج الزوجة من بيتها لحاجتها من محاكمة واستفتاء وغيرهما، إذا أذن لها زوجها في ذلك، أو علمت رضاه به.

٣٩- بابُ ذِكْرِ زِيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ


١٧٦٧. عَنِ ابنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ الوَحْيُ، فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ سُفْرَةٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ: إِنِّي لَسْتُ بِآكِلٍ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلَا آكُلُ إِلَّا مَا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، وكَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ المَاءَ، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللهِ! إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ. [خ: ٣٨٢٦]
١٧٦٨. وقال ابنُ عُمَر: إِنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ اليَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فَأَخْبِرْنِي؟ فَقَالَ: لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللهِ. قَالَ زَيْدٌ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ اللهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قَالَ زَيْدٌ: وَمَا الحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللهَ. فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ. قَالَ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ، فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قَالَ: وَمَا الحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللهَ. فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُ فِي إِبْرَاهِيمَ خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ. [خ: ٣٨٢٧]
• [خت] وقال اللَّيث: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ/ قَالَتْ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا، مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الكَعْبَةِ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَاللهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي. وَكَانَ يُحْيِي المَوْؤُودَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ: لَا تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَ مُؤْنَتَهَا. فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لِأَبِيهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مُؤْنَتَهَا. [خت: ٣٨٢٧]

٤٠- بابُ ذِكْرِ أُمورٍ كانت في الجاهِليَّةِ


١٧٦٩. عَنْ قيسِ بنِ أَبي حازمٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ، فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ، فَقَالَ: مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ؟ قَالُوا: حَجَّتْ مُصْمِتَةً. فقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ. فَتَكَلَّمَتْ، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: امْرُؤٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ. قَالَتْ: أَيُّ المُهَاجِرِينَ؟ قَالَ: مِنْ قُرَيْشٍ. قَالَتْ: مِنْ أَيِّ قُرَيْشٍ؟ قَالَ: إِنَّكِ لَسَؤولٌ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ. قَالَتْ: مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الأَمْرِ الصَّالِحِ الَّذِي جَاءَ اللهُ بِهِ بَعْدَ الجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: بَقَاؤُكُمْ عَلَيْهِ مَا اسْتَقَامَتْ بِكُمْ أَئِمَّتُكُمْ. قَالَتْ: وَمَا الأَئِمَّةُ؟ قَالَ: أَمَا كَانَ لِقَوْمِكِ رُؤوسٌ وَأَشْرَافٌ، يَأْمُرُونَهُمْ فَيُطِيعُونَهُمْ؟ قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: فَهُمْ أُولَئِكِ عَلَى النَّاسِ. [خ: ٣٨٣٤]
1. في الحديث: النهي عن فعل شيء من أفعال الجاهلية مخالف لتعاليم الإسلام.
2. وفيه: إنكار البدعة، حتى على من يظن أن فعله سنة.
3. وفيه: أهمية استقامة الحكام والرؤساء؛ لما فيه من استقامة الرعية، وأداء الحقوق، ووضع كل شيء في موضعه.
4. وفيه: الرفق بالسائل إذا كانت مسائله فيما تنفع نفسه وغيره من المسلمين.

١٧٧٠. وعَن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: إِنَّ أَوَّلَ قَسَامَةٍ كَانَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بَنِي هَاشِمٍ، كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ فَخِذٍ أُخْرَى، فَانْطَلَقَ مَعَهُ فِي إِبِلِهِ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدِ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ، فَقَالَ: أَغِثْنِي بِعِقَالٍ أَشُدُّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِي، لَا تَنْفِرُ الإِبِلُ، فَأَعْطَاهُ عِقَالًا فَشَدَّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ، فَلَمَّا نَزَلُوا عُقِلَتِ الإِبِلُ إِلَّا بَعِيرًا وَاحِدًا، فَقَالَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ: مَا شَأْنُ هَذَا البَعِيرِ لَمْ يُعْقَلْ مِنْ بَيْنِ الإِبِلِ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عِقَالٌ. قَالَ: فَأَيْنَ عِقَالُهُ؟ قَالَ: فَحَذَفَهُ بِعَصًا كَانَ فِيهَا أَجَلُهُ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ المَوْسِمَ؟ قَالَ: مَا أَشْهَدُ، وَرُبَّمَا شَهِدْتُهُ. قَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّي رِسَالَةً مَرَّةً مِنَ الدَّهْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَتَبَ إِذَا أَنْتَ شَهِدْتَ المَوْسِمَ فَنَادِ: يَا آلَ قُرَيْشٍ. فَإِذَا أَجَابُوكَ فَنَادِ: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ./ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَسَلْ عَنْ أَبِي طَالِبٍ فَأَخْبِرْهُ: أَنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي فِي عِقَالٍ، وَمَاتَ المُسْتَأْجَرُ. فَلَمَّا قَدِمَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ، أَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: مَا فَعَلَ صَاحِبُنَا؟ قَالَ: مَرِضَ، فَأَحْسَنْتُ القِيَامَ عَلَيْهِ، فَوَلِيتُ دَفْنَهُ. قَالَ: قَدْ كَانَ أَهْلَ ذَلِكَ مِنْكَ، فَمَكُثَ حِينًا، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي أَوْصَى إِلَيْهِ أَنْ يُبْلِغَ عَنْهُ وَافَى المَوْسِمَ، فَقَالَ: يَا آلَ قُرَيْشٍ. قَالُوا: هَذِهِ قُرَيْشٌ. قَالَ: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ؟ قَالُوا: هَذِهِ بَنُو هَاشِمٍ. قَالَ: أَيْنَ أَبُو طَالِبٍ؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو طَالِبٍ. قَالَ: أَمَرَنِي فُلَانٌ أَنْ أُبْلِغَكَ رِسَالَةً، أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فِي عِقَالٍ. فَأَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤَدِّيَ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ فَأنتَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا، وَإِنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ قَوْمِكَ إِنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ أَبَيْتَ قَتَلْنَاكَ بِهِ. فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالُوا: نَحْلِفُ. فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي هَذَا بِرَجُلٍ مِنَ الخَمْسِينَ، وَلَا تُصْبِرْ يَمِينَهُ حَيْثُ تُصْبَرُ الأَيْمَانُ. فَفَعَلَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَرَدْتَ خَمْسِينَ أَنْ يَحْلِفُوا مَكَانَ مِئَةٍ مِنَ الإِبِلِ، يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ؟ هَذَانِ البَعِيرَانِ فَاقْبَلْهُمَا مِنِّي وَلَا تُصْبِرْ يَمِينِي حَيْثُ تُصْبَرُ الأَيْمَانُ. فَقَبِلَهُمَا، فَجَاءَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا حَالَ الحَوْلُ وَمِنَ الثَّمَانِيَةِ وَالأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ. [خ: ٣٨٤٥]
١٧٧١. وعَن ابن عبَّاسٍ أنَّه قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اّْسْمَعُوا مِنِّي مَا أَقُولُ لَكُمْ، وَأَسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ، وَلَا تَذْهَبُوا فَتَقُولُوا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، مَنْ طَافَ بِالبَيْتِ فَلْيَطُفْ مِنْ وَرَاءِ الحِجْرِ، وَلَا تَقُولُوا: الحَطِيمُ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَحْلِفُ، فَيُلْقِي سَوْطَهُ أَوْ نَعْلَهُ أَوْ قَوْسَهُ. [خ: ٣٨٤٨]
1. قال ابن هبيرة: «في هذا الحديث أن العالم ينبغي أن يفصح فيما يذكره ولا يحجم القول ولا يخفض الصوت إلا لحال يقتضي ذلك، كما أن السائل ينبغي له أن يصدع بالقول ويحسن السؤال.

١٧٧٢. وعَنْ عَمرو بن مَيمون قَالَ: رَأَيْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ، قَدْ زَنَتْ فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ. [خ: ٣٨٤٩]
١٧٧٣. وعَن ابن عبَّاس قَالَ: خِلَالٌ مِنْ خِلَالِ الجَاهِلِيَّةِ: الطَّعْنُ/ فِي الأَنْسَابِ، وَالنِّيَاحَةُ. وَنَسِيَ الثَّالِثَةَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَيَقُولُونَ: إِنَّهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالأَنْوَاءِ. [خ: ٣٨٥٠]
1. قوله: (الطعن في الأنساب) قال القاضي عياض: «قال تعالى: {إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى...} فعرّف نعمته بالأنساب للتعارف والتواصل، فمن تسوّر على قطعها والغَمْص فيها، فقد كفر نعمة ربّه وخالف مراده».

١ آخى النبي ﷺ بين عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وبين (…):

٥/٠