٢٠- بَابُ تَسْمِيَةِ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ فِي الجَامِعِ


النَّبيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الهَاشِمِيُّ ﷺ، عَبدُ الله بن عُثْمَانَ أبو بكر الصِّدِّيق القُرشيُّ، عُمرُ بنُ الخطَّاب العَدَويُّ، عُثمانُ بنُ عفَّانٍ القرشيُّ -خلَّفه رَسُولُ اللهِ ﷺ على ابنَتِهِ وضَرَبَ له بِسَهْمِهِ- عليُّ بنُ أَبِي طالبٍ الهاشميُّ، إِيَاسُ بْنُ البُكَيْرِ، بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق القُرَشِيِّ، حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ الهَاشِمِيُّ، حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ حَلِيفٌ لِقُرَيْشٍ، أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ القُرَشِيُّ، حَارِثَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ -قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ، كَانَ فِي النَّظَّارَةِ- خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيُّ، خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ،/ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ الأَنْصَارِيُّ، [رِفَاعَةُ بْنُ عَبدِ المُنْذِرِ]، الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ القُرَشِيُّ، زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ أَبُو طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ، أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ الزُّهْرِيُّ، سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ القُرَشِيُّ، سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ القُرَشِيُّ، سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيُّ، ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ الأَنْصَارِيُّ، وَأَخُوهُ، عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ الهُذَلِيُّ، عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الهُذَلِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، عُبَيْدَةُ بْنُ الحَارِثِ القُرَشِيُّ، عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ الأَنْصَارِيُّ، عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ -حَلِيفُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ- عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ العَدويُّ، عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، عُوَيْمِر بْنُ سَاعِدَةَ الأَنْصَارِيُّ، عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ، قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ، مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ، مُعَوِّذُ ابْنُ عَفْرَاءَ، وَأَخُوهُ، مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ: أَبُو أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ، مَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيُّ، مِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقفيُّ الأَنْصَارِيُّ.[خ:بعد٤٠٢٧]

٢١- حديثُ عاصِمِ بنِ ثابتٍ وخُبيبِ بنِ عَدِيٍّ وزيْدِ بنِ الدَّثِنَةِ


١٨٣٥. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَشَرَةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ ابْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالهَدَأَةِ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِئَةِ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ فِي مَنْزِلٍ نَزَلُوهُ، فَقَالُوا: تَمْرُ يَثْرِبَ، فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا أحَسَّ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَؤوا إِلَى مَوْضِعٍ، فَأَحَاطَ بِهِمُ القَوْمُ، فَقَالُوا: انْزِلُوا فَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ العَهْدُ وَالمِيثَاقُ أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ بالعَهْدِ وَالمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ، فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، قَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الغَدْرِ، وَاللهِ لَا أَصْحَبُكُمْ،/ إِنَّ لِي بِهَؤُلَاءِ أُسْوَةً، يُرِيدُ القَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فلمْ يَفْعَلْ فَقَتَلُوه، فَانْطُلِقَ بِخُبَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ بَنُو الحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا عَلى قَتْلَهُ، فَاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الحَارِثِ مُوسًى ليَسْتَحِدَّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالمُوسَى بِيَدِهِ، قَالَتْ: فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ، فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ، قَالَتْ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ: وَاللهِ لَوْلَا أَنْ تَحْسِبُوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ: اللهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، وقال:
لقد جمَعَ الأحزابُ حَوْلِي وألَّبُوا قَبَائلهم واسْتَجمَعُوا كلَّ مَجْمَعِ
وكلُّهم يُبدي العَدَاوةَ جاهدًا عليَّ لأنِّي في وَثَاقٍ ممنَّعِ
إلى الله أشكو غُربتي ثُمَّ كُربتي وما أرصُد الأحزان لي عند مَصْرَعي
فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ في اللهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي دِينِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الحَارِثِ فَقَتَلَهُ، فكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا الصَّلَاةَ، وَأَخْبَرَ النَّبيُّ ﷺ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ -حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِل- أَنْ يُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، فَبَعَثَ اللهُ لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا. [خ:٣٩٨٩]
الغريب:/ (فَأَحْـــصِهم) أي: عُمَّهُمْ بهلاك. و(بَـــدَدًا): متبدِّدين أينما كانوا. و(الشِّلْو): بقيَّةُ الجِسم. و(مُمَزَّع): مُقَطَّع. و(الدَّبَر): الزُّنْبُور الكبير.
1. فيه: بيان أن الله تعالى يحفظ عباده المؤمنين في الحياة وبعد الممات، وأن الموت شهادة ليس هلاكا للمسلم وإنما هو كرامة وفضل.
2. وفيه: أن المسلم الحق لا يغدر بمن غدر به.
3. وفيه: إثبات كرامات الأولياء، وحفظ الله تعالى لأوليائه وعباده الصالحين، واستجابته لدعوتهم.
4. وفيه أنه يحسن بالإمام أن يرسل جنوده لمعرفة أسرار العدو وكشف تحركاته.
5. صلاة ركعتين عند الاستشهاد سنة، فعلها خبيب وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم.
6. يجوز للأسير ألا يقبل الاستسلام وأن يرضى بالقتل.
7. جواز الدعاء على المشركين بالتعميم.
8. جواز إنشاد الشعر عند القتل.

٢٢- خبر عليٍّ ﵁ عند بنائه بفاطِمَةَ﵂


١٨٣٦. [ق] عَنْ عليِّ بنِ الحسينِ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَعْطَانِي مِمَّا أَفَاءَ اللهُ مِنَ الخُمُسِ يَوْمَئِذٍ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ، فَنَسْتَعِينَ بذلكَ على وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَما أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مِنَ الأَقْتَابِ والحِبالِ وَالغَرَائِرِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَتانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، حَتَّى جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا أَنَا بِشَارِفَيَّ قَدْ أُجِبَّتْ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ المَنْظَرَ، قُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ قَالُوا: فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَهُوَ فِي هَذَا البَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وعِنْدَهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا:
أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ ... ... ... ... ... ...
فَوَثَبَ حَمْزَةُ، فَاجْتبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، قَالَ عَلِيٌّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَعَرَفَ الـنَّـبـِيُّ ﷺ الَّذِي لَقِيتُ، فَقَالَ: «مَا لَكَ؟». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ، فَاجْتبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ. فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى، ثُمَّ اّْنْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأُذِنَ لَهُ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ ﷺ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ، مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتيهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ:/ وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي؟! فَعَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ ثَمِلٌ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى عَقِبَيْهِ القَهْقَرَى، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ. [خ:٤٠٠٣]
الغريب: (الشَّارِف): النَّاقة المُسنَّة، ويجمع شُرْف. و(الإِذْخِر): حشيشٌ بمكَّة، وله رِيحٌ طَيِّبة. و(الأقتاب): جمع قَتَب، وهو أداة الرَّحْل. و(جُبَّتْ): شُقَّت. و(السَّنام): على ظَهْر النَّاقة. و(بُقِرَت): نُقبت. و(الشَّرب): بفتح الشِّين، المجتمعون على الشُّرب، وهم النَّدامى. و(القَيْنَة): المغنِّية هنا. و(النِّوَاء): السِّمَان. و(طَفقَ): أخذَ وجَعلَ. و(الثَّمِلُ): السَّكْران. و(نَكَصَ): تأخَّر إلى خَلْفهِ.
1. قال النووي:«في الحديث اتخاذ الوليمة للعرس، سواء في ذلك من له مال كثير، ومن دونه».
2. قال النووي: «وفيه: جواز الاستعانة في الأعمال والاكتساب باليهودي».
3. قال النووي: «وفيه: جواز الاحتشاش للتكسب وبيعه، وأنه لا ينقص المروءة».
4. قوله: (فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما) قال النووي: «هذا البكاء والحزن الذي أصابه سببه ما خافه من تقصيره في حق فاطمة - رضي الله عنها - وجهازها والاهتمام بأمرها، وتقصيره أيضا بذلك في حق النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن لمجرد الشارفين من حيث هما من متاع الدنيا، بل لما قدمناه».
5. وفيه أن البكاء الذي يجلبه الحزن غير مذموم.
6. وفيه بيان ما رُكّب في الإنسان، من الأسف على فوت ما فيه نفعه وما يحتاج إليه.
7. في الحديث مشروعية الاستعانة في كل صناعة بالعارف بها.
8. قوله:( فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه فارتداه ) قال النووي: فيه: «أن الكبير إذا خرج من منزله تجمل بثيابه، ولا يقتصر على ما يكون عليه في خلوته في بيته، وهذا من المروءات والآداب المحبوبة».
9. قال النووي: «أما أصل الشرب والسكر فكان مباحا؛ لأنه قبل تحريم الخمر، وأما باقي الأمور فجرت منه في حال عدم التكليف فلا إثم عليه فيها؛ كمن شرب دواء لحاجة فزال به عقله، أو شرب شيئا يظنه خلاً فكان خمراً، وأما غرامة ما أتلفه فيجب في ماله، فلعل عليا - رضي الله تعالى عنه - أبرأه من ذلك بعد معرفته بقيمة ما أتلفه، أو أنه أداه إليه حمزة بعد ذلك، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أداه عنه لحرمته عنده، وكمال حقه ومحبته إياه وقرابته، وقد جاء في كتاب عمر بن شيبة من رواية أبي بكر بن عياش أن النبي صلى الله عليه وسلم غرم حمزة الناقتين».
10. قال المهلب بن أبي صفرة: «فيه أن العادة جرت بأن جناية ذوي الرحم مغتفرة».
11. قوله: (فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه ) فيه أن الصاحي لا ينبغي له أن يخاطب السكران.

٢٣- بابٌ


١٨٣٧. [ق] عن يحيى بنِ سعيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ: وَقَعَتِ الفِتْنَةُ الأُولَى -يَعْنِي مَقْتَلَ عُثْمَانَ- فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ الفِتْنَةُ الثَّانِيَةُ -يَعْنِي الحَرَّةَ- فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ الحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ الفتنة الثَّالِثَةُ فَلَمْ تَرْتَفِعْ وَلِلنَّاسِ طَبَاخٌ. [خ:٤٠٢٤]
يعني بالطَّباخ: العقل والقُوَّة، وهو بالباء خفيفةً، وبالخاء المعجمة.

٢٤- حديثُ بَنِي النَّضِيرِ


-وقَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ: كَانَتْ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ-
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿هُوَ ٱلَّذِیۤ أَخۡرَجَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مِن دِیَـٰرِهِمۡ﴾ الآية [الحشر: ٢]
وَجَعَلَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَأُحُدٍ.
١٨٣٨. [ق] عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: حَارَبَت قُرَيْظَةُ والنَّضِيرُ، فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ، فَقَتَلَ رِجَالَهمْ، وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأمْوالَهم وَأَوْلَادَهُمْ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ ﷺ فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى يَهُودَ المَدِينَةِ كُلَّهُمْ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ بالمَدِينَةِ. [خ:٤٠٢٨]
١٨٣٩. [ق] وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الحَشْرِ. قَالَ: قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ. [خ:٤٠٢٩]
١٨٤٠. [ق] وعَنْ أنسِ بنِ مالكٍ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ ﷺ/ النَّخَلَاتِ، حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، فكان بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ. [خ:٣١٢٨]
١٨٤١. [ق] وعَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: حَرَّقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهِيَ البُوَيْرَةُ، فَنَزَلَتْ: ﴿مَا قَطَعۡتُم مِّن لِّینَةٍ أَوۡ تَرَكۡتُمُوهَا قَاۤىِٕمَةً عَلَىٰۤ أُصُولِهَا فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ﴾ [الحشر: ٥]. [خ:٤٠٣١]
• [ق] وفي رواية: قَالَ: وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
لَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ حَرِيقٌ بِالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ:
أَدَامَ اللهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ [خ:٤٠٣٢]
سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ وَتَعْلَمُ أَيُّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ
الغريب: (﴿ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟﴾) يعني به يهود بني النَّضِير حين أجلاهم رسول الله ﷺ، وَحَشَرهم إلى الشَّام، وهو أوَّل الحشْر، والثَّاني: حشْرهم ليوم القيامة، قاله الحسن وقتادة. و(البُوَيْرَةَ): موضع ببلادهم. و(اللِّينَةُ): النَّخْلة مطلقًا، وقيل: الكَريمة. و(سَرَاة القوم): ساداتهم. و(مُسْتَطِير): منتشر. و(بِنُزْه): ببُعْدٍ. و(تَضير): مِن الضَّيْر، وهو الذُّلُّ والضُّرُّ.

٢٥- قَتْلُ كَعْبِ بنِ الأَشْرفِ


١٨٤٢. [ق] عَنْ جابرِ بنِ عَبدِ اللهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللهَ وَرَسُولَهُ؟». فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ: «قُلْ». فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ. قَالَ: وَأَيْضًا وَاللهِ لَتَمَلُّنَّهُ. قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ، فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ. قَالَ: نَعَم. قَال: ارْهَنُونِي. قَالَ: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ قَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ. قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ العَرَبِ؟/ قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ. قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا، فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ، هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ -قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلَاحَ- فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ، وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ -وقال في رواية: قَالَتْ: أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ. فقَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ- إِنَّ الكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ. قَالَ: وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ معهُ برَجُلَيْنِ -قَالَ في رِوَاية: أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالحَارِثُ بْنُ أوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ- فَقَالَ: إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ، فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ. وَقَالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ. فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ رِيحًا -أَيْ: أَطْيَبَ- قَالَ: عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ العَرَبِ وَأَكْمَلُ العَرَبِ. فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشَمَّ رَأْسَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي؟ قَالَ: نعَمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ، قَالَ: دُونَكُمْ. فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرُوهُ. [خ:٤٠٣٧]
1. قال النووي: «واتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب كيف أمكن الخداع إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل، وقد صح في الحديث جواز الكذب في ثلاثة أشياء أحدها في الحرب».
2. قال المازري: «إنَّما قُتل كعب على هذه الصّفة لأنه نقض عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهجاه وسبّه وعاهده ألا يُعين عليه أحداً، وجاءه مع أهل الحرب مُعيناً عليه، وقد أشكل قتله على هذه الصفة على بعضهم ولم يعرف هذا الوجه، والجواب ما قلناه».
3. وفيه جواز التعريض بالكفر في سبيل تحقيق مصلحة شرعية معتبرة من جنس ما فعل محمد بن مسلمة، وذلك أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يقول فأذن له، غير أن كلامه لم يكن من قبيل الكفر الصريح والطعن الصريح، إنما أوهم المقابل وخدعه، فهو من باب التعريض والتورية.

٢٦- قَتْلُ أَبِي رافِعٍ عبدِ اللهِ بنِ أَبِي الحُقَيق


ويُقالُ: سَلاَّمُ بنُ أَبِي الحُقَيْق، كان بخيبرَ، ويُقال: في حِصنٍ له بأرضِ الحِجازِ.
١٨٤٣. عَنِ البَراء بن عَازبٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى أَبِي رَافِعٍ اليَهُودِيِّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَتِيكٍ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللهِ ﷺ وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الحِجَازِ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ، وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ، قَالَ عَبْدُ اللهِ لِأَصْحَابِهِ: اّْجْلِسُوا مَكَانَكُمْ، فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ، فَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ لَعَلِّي أَنْ أَدْخُلَ. فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنَ البَابِ، ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً،/ وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ البَوَّابُ: يَا عَبْدَ اللهِ، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ البَابَ. فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ البَابَ، ثُمَّ عَلَّقَ الأَغَالِيقَ عَلَى وَدٍّ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَى الأَقَالِيدِ فَأَخَذْتُهَا، فَفَتَحْتُ البَابَ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْهَرُ عِنْدَهُ، وَكَانَ فِي عَلَالِيَّ لَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعِدْتُ إِلَيْهِ، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ، قُلْتُ: إِنِ القَوْمُ نَذِرُوا بِي لَمْ يَخْلُصُوا إِلَيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ. -وفي رواية [خ:٤٠٤٠]: ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ، وَصَعِدْتُ إِلَى أَبِي رَافِعٍ فِي سُلَّمٍ، وَالبَيْتُ مُظْلِمٌ، قَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ- فَإِذَا هُوَ وَسْطَ عِيَالِهِ، لَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ البَيْتِ، قُلْتُ: أَبَا رَافِعٍ. قَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ وَأَنَا دَهِشٌ، فَمَا أَغْنَيْتُ شَيْئًا، وَصَاحَ فَخَرَجْتُ مِنَ البَيْتِ، فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ فَقَالَ: لِأُمِّكَ الوَيْلُ، إِنَّ رَجُلًا فِي البَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ. قَالَ: فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ ضَبِيبَ السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ، فَعَرَفْتُ أَنِّي قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا بَابًا، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَهُ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي، وَأَنَا أُرَى أَنِّي قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِي -وفي وراية: فانفكَّتْ- فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى البَابِ، فَقُلْتُ: لَا أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ، أَقَتَلْتُهُ؟ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي عَلَى السُّورِ، فَقَالَ: أَنْعى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الحِجَازِ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: النَّجَاءَ، فَقَدْ قَتَلَ اللهُ أَبَا رَافِعٍ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: «ابْسُطْ رِجْلَكَ». فَبَسَطْتُ رِجْلِي فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّما لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ. [خ:٤٠٣٩]
الغريب: (الأغَالِيق) و(الأَقالِيد): المفاتيح. و(الوَدُّ): الوَتَد. و(السَّمَر): الحديث باللَّيل. و(أَثْخَنْتُه): أثقلتُهُ بالضَّرب. و(ضَبِيب السَّيف): ظُبَتُه، وهو حَدُّه، وله ظُبَتَان، أي: حدَّان،/ وهما الغِرَارَان أيضًا. و(النَّاعي): المُعْلِمُ بالموت.
1. قوله: (فانطلق رجل منهم فدخل حصنهم)، قال ابن حجر: «فيه جواز التجسس على المشركين وطلب غِرتهم».
2. قال ابن حجر: «في الحديث: جواز اغتيال ذوي الأذية البالغة منهم، وكان أبو رافع يُعادي رسول الله  ويؤلب عليه الناس».
3. قال ابن حجر: «في الحديث جواز إبهام القول للمصلحة».

٢٧- غزوةُ أُحُدٍ، وقولُهُ تعالى: ﴿وَإِذۡ غَدَوۡتَ مِنۡ أَهۡلِكَ تُبَوِّئُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ مَقَـٰعِدَ لِلۡقِتَالِ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ﴾ [آل عمران: ١٢١] وذَكرَ آياتٍ.


١٨٤٤. عنِ البَراءِ قَالَ: لَقِينَا المُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ، وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ ﷺ جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ -يعني ابنَ جُبَيرٍ- وَقَالَ: «لَا تَبْرَحُوا، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلَا تَبْرَحُوا، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلَا تُعِينُونَا». فَلَمَّا الْتَقينا هَرَبُوا حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الجَبَلِ، يَرْفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ، قَدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ، فَأَخَذُوا يَقُولُونَ: الغَنِيمَةَ الغَنِيمَةَ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: عَهِدَ النَّبِيُّ ﷺ إِليَّ أَنْ لَا تَبْرَحُوا. فَأَبَوْا، فَلَمَّا أَبَوْا صَرَفَ الله وُجُوهَهُمْ، فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا، وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ: «لَا تُجِيبُوهُ». قَالَ: أَفِي القَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ قَالَ: «لَا تُجِيبُوهُ». قَالَ: أَفِي القَوْمِ ابْنُ الخَطَّابِ؟ فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قُتِلُوا، فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَأَجَابُوا. فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللهِ، أَبْقَى اللهُ لكَ مَا يُخْزِيكَ. وقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: اّْعْلُ هُبَلُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَجِيبُوهُ». قَالُوا: فمَا نَقُولُ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ». قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: إنَّ لَنَا العُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَجِيبُوهُ». قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللهُ مَوْلَانَا، وَلَا مَوْلَى لَكُمْ». قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالحَرْبُ سِجَالٌ، وَتَجِدُونَ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي. [خ:٤٠٤٣]
1. في الحديث: بيان عاقبة مخالفة أوامر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تسبب للإنسان الهزيمة والخسران.
2. وفيه: بيان أن المسلم إذا عصى الله ورسوله فقد استوى من جهة مع غير المسلم، فإذا كان نزال بينهما فالغلبة لمن أخذ بأسباب الدنيا من كثرة العدد والسلاح والعتاد.
3. وفيه: الأخذ بأسباب النصر وبالأسباب الدنيوية، مع التوكل على الله.
4. وفيه: أنه يجب على الجند طاعة القائد فيما يأمرهم به؛ لأن مخالفة أوامره من أعظم أسباب الهزيمة.

١٨٤٥. [ق] وعَن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ، فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: «فِي الجَنَّةِ». فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. [خ:٤٠٤٦]
١٨٤٦. [ق] وعَنْ أنسٍ أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ بَدْرٍ، فَقَالَ: غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالِ النَّبِيِّ ﷺ، لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللهُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أُجِدُّ. فَلَقِيَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَهُزِمَ النَّاسُ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ، -يَعْنِي المُسْلِمِينَ- وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ المُشْرِكُونَ./ فَتَقَدَّمَ بِسَيْفِهِ فَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَقَالَ: أي سَعْدُ، إِنِّي أَجِدُ رِيحَ الجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ. فَمَضَى فَقُتِلَ، فَمَا عُرِفَ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِشَامَةٍ -أَوْ بِبَنَانِهِ- وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ. [خ:٤٠٤٨]
1. فيه جواز الوعد الحسن، وإلزام النفس بما هو خير.
2. فيه أن المجاهد الصادق المقبل على الله الحريص على بلوغ منازل الشهداء، قد يشم رائحة الجنة؛ فيكون أدعى لمواصلة الجهاد، وهذا تثبيت من الله لعباده المخلصين.
3. وفيه جواز الحكم بالقرائن، وهذا تجده في تعرف أخت أنس بن النضر عليه ببنانه.

١٨٤٧. [ق] وعَن زيدِ بنِ ثابتٍ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى أُحُدٍ، رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ، وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةً تَقُولُ: نُقَاتِلُهُمْ، وَفِرْقَةً تَقُولُ: لَا نُقَاتِلُهُمْ، فَنَزَلَتْ: ﴿فَمَا لَكُمۡ فِی ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ فِئَتَیۡنِ وَٱللَّهُ أَرۡكَسَهُم بِمَا كَسَبُوۤا۟﴾ [النساء: ٨٨]. وَقَالَ: «إِنَّهَا طَيْبَةُ تَنْفِي الذُّنُوبَ، كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الفِضَّةِ». [خ:٤٠٥٠]
١٨٤٨. [ق] وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِيْنا هَذِهِ الآيَةُ: ﴿إِذۡ هَمَّت طَّاۤىِٕفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا﴾ في بَنِي سَلِمَةَ وَبَنِي حَارِثَةَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ، وَاللهُ يَقُولُ: ﴿وَٱللَّهُ وَلِیُّهُمَا﴾ [آل عمران: ١٢٢]. [خ:٤٠٥١]
١٨٤٩. [ق] وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ، وَمَعَهُ رَجُلَانِ يُقَاتِلَانِ عَنْهُ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، كَأَشَدِّ القِتَالِ مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ. [خ:٤٠٥٤]
١٨٥٠. [ق] وعنه قَالَ: نَثَلَ لِي النَّبِيُّ ﷺ كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي». [خ:٤٠٥٥]
١٨٥١. [ق] وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ اّْنْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ، كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ بِجَعْبَةٍ مِنَ النَّبْلِ، فَيَقُولُ: «انْثُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ». قَالَ: وَيُشْرِفُ النَّبِيُّ ﷺ يَنْظُرُ إِلَى القَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَا تُشْرِفْ، يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ القَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تُنْقِزَانِ القِرَبَ -وفي رواية: يَنْقُلَانِ القِرب- عَلَى مُتُونِهِمَا تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِ أَبِي طَلْحَةَ، إِمَّا مَرَّتَيْنِ وإِمَّا ثَلَاثًا. [خ:٤٠٦٤]
١٨٥٢. وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ/ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللهِ أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ فاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللهِ، أَبِي أَبِي. فَوَاللهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ: وَاللهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقيَ اللهَ ﷿. [خ:٤٠٦٥]

٢٨- بابٌ: في قولِهِ تَعالَى: ﴿إِذۡ تُصۡعِدُونَ وَلَا تَلۡوُۥنَ عَلَىٰۤ أَحَدࣲ﴾ إلى قولِهِ: ﴿غَفُورٌ حَلِیمࣱ﴾ [آل عمران: ١٥٣-١٥٥]


١٨٥٣. عَنِ البَراءِ بنِ عَازب قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللهِ ابْنَ جُبَيْرٍ، وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ. [خ:٤٠٦٧]
١٨٥٤. وعَنْ أنسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا، يَسْقُطُ وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ. [خ:٤٠٦٨]
-[خت] وقال أنسٌ: شُجَّ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ؟!». فَنَزَلَتْ: ﴿لَیۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَیۡءٌ﴾ [آل عمران: ١٢٨].

٢٩- بابُ قَتْلِ حَمْزةَ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ ﵁


١٨٥٥. عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ قَالَ لِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ، نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ، فَسَأَلْنَا عَنْهُ، فَقِيلَ لَنَا: هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ كَأَنَّهُ حَمِيتٌ. قَالَ: فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ نَسيْرُ، فَسَلَّمْنَا فَرَدَّ السَّلَامَ، قَالَ: وَعُبَيْدُ اللهِ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ مَا يَرَى وَحْشِيٌّ إِلَّا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: يَا وَحْشِيُّ أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا وَاللهِ، إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِي العِيصِ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا بِمَكَّةَ، فَكُنْتُ أَسْتَرْضِعُ لَهُ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الغُلَامَ مَعَ أُمِّهِ فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، فَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ. قَالَ: فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللهِ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ بِبَدْرٍ،/ فَقَالَ لِي مَوْلَايَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ. قَالَ: فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ -وَعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ- خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى القِتَالِ، فَلَمَّا أَنِ اّْصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ، خَرَجَ سِبَاعٌ فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا سِبَاعُ، يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ البُظُورِ، أَتُحَادُّ اللهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَ: ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ، فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ، قَالَ: وَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي، فَأَضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيْهِ، قَالَ: فَكَانَ ذَلكَ العَهْدَ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ، فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الإِسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ رُسُلًا، وقِيلَ: إِنَّهُ لَا يَهِيجُ الرُّسُلَ، فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: «آنْتَ وَحْشِيٌّ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟». قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنَ الأَمْرِ مَا بَلَغَكَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي؟». قَالَ: فَخَرَجْتُ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ، قُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ، لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ. قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثَلْمَةِ جِدَارٍ، كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرُ الرَّأْسِ، قَالَ: فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي، فَوضعتها بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ. قَالَ: وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ. زاد في رواية مِن حديث ابْن عُمَرَ: فَقَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ: وَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَتَلَهُ العَبْدُ الأَسْوَدُ. [خ:٤٠٧٢]
الغريب: (معتجرٌ بعِمامةٍ): مُعتمٌّ بها. و(حِيالَ أُحدٍ): قريبًا منه. و(الأوْرق): الَّذي يضرِبُ لونُهُ إلى السَّواد. و(الثُّنَّة): ما بين السُّرَّة إلى العَانة.

١ قالت عنه إحدى بنات الحارث: "والله ما رأيتُ أسيرًا خيرًا من (….) ووالله لقد وجدته يومًا يأكل قطفًا من عنب في يده، وإنه لموثق بالحديد، وما بمكة من ثمرة".

٦/٠