٣٨- بابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وعُرَيْنةَ
١٨٩٦. [ق] عَن أنَسٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا المَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلَامِ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ. وَاسْتَوْخَمُوا المَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ فَيَشْرَبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا نَاحِيَةَ الحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ ﷺ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ. قَالَ قَتَادَةُ: وبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ المُثْلَةِ. [خ:٤١٩٢]
1. في الحديثِ: دليلٌ على التداوي والتطبُّبِ، وعلى طَهارةِ بَولِ مأكولِ اللَّحمِ؛ فإنَّ التداوي بالمحرَّماتِ والنَّجاساتِ غيرُ جائزٍ.
2. قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: «استشكل بعض العلماء تمثيله ﷺ بالعُرَنيين؛ لأنه سمل أعينهم، مع قطع الأيدي والأرجل، مع أن المرتد يقتل ولا يمثل به، والتحقيق في الجواب: هو أنه ﷺ فعل بهم ذلك قصاصا، وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أنه ﷺ إنما سمل أعينهم قصاصا؛ لأنهم سملوا أعين رعاة اللِّقاح».
3. وفيه: أنّ الجزاء من جنس العمل.
2. قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: «استشكل بعض العلماء تمثيله ﷺ بالعُرَنيين؛ لأنه سمل أعينهم، مع قطع الأيدي والأرجل، مع أن المرتد يقتل ولا يمثل به، والتحقيق في الجواب: هو أنه ﷺ فعل بهم ذلك قصاصا، وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أنه ﷺ إنما سمل أعينهم قصاصا؛ لأنهم سملوا أعين رعاة اللِّقاح».
3. وفيه: أنّ الجزاء من جنس العمل.
٣٩- غَزْوةُ ذِي قَرَد
وهِي الغزوةُ التي أَغَارُوا على لِقَاحِ النَّبِيِّ ﷺ قبْلَ خَيْبَرَ بثلاثٍ.
١٨٩٧. [ق] عَن سَلَمةَ بنِ الأَكْوَعِ قَالَ: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ ﷺ تَرْعَى بِذِي قَرَدٍ، قَالَ: فَلَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ ﷺ. قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ. قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ: يَا صَبَاحَاهْ، فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ المَدِينَةِ، ثُمَّ اّْنْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ، وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ المَاءَ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِي،/ وَكُنْتُ رَامِيًا، وَأَقُولُ:
أَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ وَاليَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ
وَأَرْتَجِزُ حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً، قَالَ: وَجَاءَ النَّبِيُّ ﷺ وَالنَّاسُ، فَقُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ، قَدْ حَمَيْتُ القَوْمَ المَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ. فَقَالَ: «يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ». ثُمَّ رَجَعْنَا وَيُرْدِفُنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا المَدِينَةَ. [خ:٤١٩٤]
الغريب: (القَرد): الصَّوف الرَّديء المتلبِّد. و(الذَّوْدُ) مِن الثِّنتين إلى التِّسع مِن إناث الإبل، وقيل: مِن الثَّلاث إلى التِّسع، ولا يُقال على الواحد في المشهور، وإنَّما يُقال على الواحد بعير، وحكى بعض اللُّغويين أنَّه يُقال على الواحد: ذَوْدٌ. و(اللِّقاحُ): النُّوقُ ذوات اللَّبن. و(الرُّضَّع) جمع رَاضِع كشاهد وشُهَّد، ويعني بذلك أنَّهم لئامٍ، مِن قول العرب: لئيم راضِع. و(حَمَيتُ) مَنَعْتُ.
1. في الحديث: إخبار النّبيّ ﷺ بالغيبيّات، ووقوعها كما أخبر، وهذا معجزةٌ من معجزاته ومن دلائل نبوّته الشّريفة ﷺ.
2. وفيه: التّحذير مِن التّقوّل على النّاس واتّهامِهم دون بيّنة.
3. وفيه: مشروعيّة الحداء وإنشاد الشّعر.
2. وفيه: التّحذير مِن التّقوّل على النّاس واتّهامِهم دون بيّنة.
3. وفيه: مشروعيّة الحداء وإنشاد الشّعر.
٤٠- غَزْوةُ خَيْبرَ
١٨٩٨. [ق] عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لِعَامِرٍ: يا عامر؛ أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ؟ وَكَانَ عَامِرُ رَجُلًا شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالقَوْمِ يَقُولُ:
اللهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَىً لَكَ مَا اتَّقينا⁽[٧٠٣]^) وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
^
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟». قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. قَالَ: «يَرْحَمُـهُ اللهُ». وقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللهِ، لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ. فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ، حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ تعالى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مساءَ اليَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟». قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ. قَالَ: «عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟» قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةٍ. قَالَ النَّبيُّ ﷺ: «أَهْرِقُوهَا وَاكْسِرُوهَا». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا/ وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: «أَوْ ذَاكَ». فَلَمَّا تَصَافَّ القَوْمُ، كَانَ سَيْفُ عامرٍ قَصيرًا، فَتَنَاوَلَ بِهِ ساق يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ، فرجعَ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ عين رُكْبَة عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْها، قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا رَآنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي، فقَالَ: «مَا لَكَ؟». قُلْتُ لَهُ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ؟ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «كَذَبَ مَنْ قَال، وإِنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ -وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ- إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ». [خ:٤١٩٦]
١٨٩٩. [ق] وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ الصُّبحَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ قَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَساءَ صَباحُ المُنْذَرِينَ». فخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ -في رواية [خ:٤١٩٨]: يقولون: محمَّدٌ والله، محمَّدٌ والخميس- فَقَتَلَ النَّبِيُّ ﷺ المُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وَكَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ، فَصَارَتْ إِلَى دَحْيَةَ الكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. [خ:٤٢٠٠]
• وفي رواية: فَأَعْتَقَها وتزوَّجَها، قال ثابتٌ لأنسٍ: مَا أصْدقها؟ قَالَ: أَصْدقها نَفْسَها فَأَعْتَقها. [خ:٤٢٠١]
١٩٠٠. [ق] وعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللهِ ﷺ خَيْبَرَ -أَوْ قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللهِ ﷺ- أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ: اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَهُوَ مَعَكُمْ». وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الجَنَّةِ؟». قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي. قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ». [خ:٤٢٠٥]
1. قال النووي: «وفيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه، فإن دعت حاجة إلى الرفع رفع، كما جاءت به أحاديث».
2. قوله: (ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة) قال النووي: «قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعتراف بالإذعان له، وأنه لا صانع غيره، ولا راد لأمره، وأن العبد لا يملك شيئا من الأمر».
3. قال النووي: «قال أهل اللغة: (الحول) الحركة والحيلة، أي: لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: معناه لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله، وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكي هذا عن ابن مسعود ﵁، وكله متقارب».
2. قوله: (ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة) قال النووي: «قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعتراف بالإذعان له، وأنه لا صانع غيره، ولا راد لأمره، وأن العبد لا يملك شيئا من الأمر».
3. قال النووي: «قال أهل اللغة: (الحول) الحركة والحيلة، أي: لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: معناه لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله، وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكي هذا عن ابن مسعود ﵁، وكله متقارب».
١٩٠١. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: شَهِدْنَا خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِرَجُلٍ مَعَهُ يَدَّعِي الإِسْلَامَ: «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَلَمَّا حَضَرَ القِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ القِتَالِ حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الجِرَاحَةُ، فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الجِرَاحَةِ،/ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا سَهمًا فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، صَدَّقَ اللهُ حَدِيثَكَ، انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ: «قُمْ يَا فُلَانُ، فَأَذِّنْ أَنْ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ». [خ:٤٢٠٣]
1. وفي الحديث: أنّ الأعمال بالخواتيم، وأنّ الله تعالى يعلم خواتيم العباد وإن ظهر منهم عكس ما ختم لهم به.
2. وفيه: تحذيرٌ من الاغترار بظاهر العمل مهما عظم.
3. وفيه: بيان عظمة الإسلام، ومكانته الرَفيعة؛ حيث جعله الله تعالى مؤيّدًا، ومؤزّرًا بأهله، وبغير أهله.
4. وفيه: ألّا جزم أحدٌ لأحدٍ من النّاس بالجنّة ولا بالنّار، بسبب ما يراه مِن حال الإنسان من خيرٍ أو شرٍّ، إلّا لمن حكم له النّبيّ ﷺ.
2. وفيه: تحذيرٌ من الاغترار بظاهر العمل مهما عظم.
3. وفيه: بيان عظمة الإسلام، ومكانته الرَفيعة؛ حيث جعله الله تعالى مؤيّدًا، ومؤزّرًا بأهله، وبغير أهله.
4. وفيه: ألّا جزم أحدٌ لأحدٍ من النّاس بالجنّة ولا بالنّار، بسبب ما يراه مِن حال الإنسان من خيرٍ أو شرٍّ، إلّا لمن حكم له النّبيّ ﷺ.
١٩٠٢. وعَنْ يزيد بْن أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ، مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ ضربته أصابتها يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ. [خ:٤٢٠٦]
١٩٠٣. [ق] وعَنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ قَالَ: قَدِمْنَا خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِم الحِصْنَ، ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ -وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا- فَاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ ﷺ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ: «ادعُ مَنْ حَوْلَكَ». فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَتَهُ ﷺ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ. [خ:٤٢١١]
• [ق] وفي رواية: قال أنسٌ: إنَّ النَّبيَّ ﷺ أقامَ على صفيَّةَ بنتِ حُييٍّ بطريقِ خيبرَ ثَلاثةَ أيَّامٍ، حتَّى أعْرسَ بها، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، وَمَا كَانَ فِيهَا خُبْزٌ وَلَا لَحْمٌ، وَمَا كَانَ فِيهَا إِلَّا أَنْ أَمَرَ بِلَالًا بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ؟ فقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَت وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الحِجَابَ. [خ:٤٢١٣]
١٩٠٤. [ق] وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ ﷺ وَنَحْنُ بِاليَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ، إِمَّا قَالَ: بِضْعًا، وَإِمَّا قَالَ:/ فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ قَوْمِي، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ ﷺ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا -يَعْنِي لِأَهْلِ السَّفِينَةِ-: سَبَقْنَاكُمْ بِالهِجْرَةِ، وَدَخَلَت أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ -وَهِيَ ممَّن قَدِمَ مَعَنَا- عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ زَائِرَةً، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ عُمَرُ: الحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ البَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ. قَالَ: سَبَقْنَاكُمْ بِالهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْكُمْ. فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ: كَلَّا وَاللهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ -أَوْ: أَرْضِ- البُعَدَاءِ البُغَضَاءِ بِالحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللهِ وَفِي رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَايْمُ اللهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ للنَّبيِّ ﷺ وَأسْألُه وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَــافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَأَسْأَلُهُ، وَاللهِ لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: «فَمَا قُلْتِ لَهُ؟». قَالَتْ: قُلْتُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: «لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ». قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونَ أَرْسَالًا يَسْأَلُونَنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ.
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: ولَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الحَدِيثَ مِنِّي.
وقَالَ أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنِّي لَأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ، إِذَا لَقِيَ الخَيْلَ -أَوْ: العَدُوَّ- قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ/ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ». [خ:٤٢٣٠- ٤٢٣٢]
1. في قول عمر بن الخطاب ﵁ لأسماء بنت عميس ﵂: (سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله ﷺ ) قال الأبي: «إن هذا القول منه إنما على وجه الفرح بنعمة الله تعالى والتحدث بها؛ لما علم من عظيم شأن أجر الهجرة، لا على وجه الفخر، ولما سمعت أسماء ذلك غضبت على وجه المنافسة في الأجر».
2. في قول أسماء: (فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا يسألوني عن هذا الحديث) فيه تصريح إلى أهمية الحرص على أخذ العلم من مصادره مباشرة بدون واسطة عند الاستطاعة.
3. قال النووي: « فيه دليل لفضيلة الأشعريين، وفيه أن الجهر بالقرآن في الليل فضيلة إذا لم يكن فيه إيذاء لنائم أو لمصل أو غيرهما، ولا رياء ».
2. في قول أسماء: (فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا يسألوني عن هذا الحديث) فيه تصريح إلى أهمية الحرص على أخذ العلم من مصادره مباشرة بدون واسطة عند الاستطاعة.
3. قال النووي: « فيه دليل لفضيلة الأشعريين، وفيه أن الجهر بالقرآن في الليل فضيلة إذا لم يكن فيه إيذاء لنائم أو لمصل أو غيرهما، ولا رياء ».
١٩٠٥. [ق] وعَن أَبي هُرَيرَة قَالَ: افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، غَنِمْنَا البَقَرَ وَالإِبِلَ وَالمَتَاعَ وَالحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى وَادِي القُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ، فَبَيْنَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ العَبْدَ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا». فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ بِشِرَاكٍ -أَوْ: شِرَاكَيْنِ- فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «شِرَاكٌ -أَوْ: شِرَاكَانِ- مِنْ نَارٍ». [خ:٤٢٣٤]
١٩٠٦. وعَن عُمر بن الخَطَّابِ أنَّه قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ، مَا فُتِحَتْ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ، وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا لَهُم خِزَانَةً يَقْتَسِمُونَهَا. [خ:٤٢٣٥]
الغريب: (أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ؟) أي: مِن أرَاجيزك، وهو تصغير هَنَة، وهن كناية عن النَّكرات. و(الكَوَع): اعوجاج في الكوع مِن قِبَل اليد. و(الوكَع) في الرِّجْل، وهو أن يميلَ إبهامها على أصابعها، واسم (الأكْوع): سِنان بن عبد الله، وهو أبو سَلَمَة. و(وَجبت) أي: ثبتتِ الشَّهادة بسبب دعوة النَّبيِّ ﷺ بالرَّحمة. و(التَّمتُّع): التَّرفُّهُ إلى انقطاع مدَّة. و(المَخْمَصَة): الجوع الشَّديد. و(الإِنسيَّة): يُقال: بفتح الهمزة والنُّون، وبكسرها وسكون النُّون، والأوَّل مِن الأَنَس، وهو الإبصار، والثَّاني مِن الإنْس وهو التَّأنُّس، وقيل: هما لغتان بمعنى واحد، غير أنَّ إحداهما خالفت القياس. و(ذُباب السَّيف): طَرفه المهلِك. و(حَبِطَ): بَطَل. و(لجاهد مجاهد): رواه الحَمُّويي والمُسْتَمْلِي بفتح الجيم والهاء الأولى وكسر الثَّانية وفتح الدَّال فيهما، على أنَّ الأوَّل فعل ماضٍ، والثَّاني: جمع مُجْهَد، ورواه الكُشْمِيهني والأَصِيليُّ بكسر الهاءين وضمِّ الدَّالين منوَّنين،/ وضمِّ الميم على أنَّهما اسمان، الأوَّل: مرفوع على أنَّه خبر إنَّ، والثَّاني: إتباع له، كما قالوا: جَادٌ مُجِدٌّ، على جهة التَّأكيد، وهو الصَّواب إنْ شاء الله. و(السَّاحَة): النَّاحية. و(الخَمِيس): الجيش؛ لأنَّه يُقسم على خمسة كما تقدَّم. و(اّْرْبَعُوا): اّْرْفقوا. و(الشَّاذَّة): الخَارجة، و(الفَاذَّة): المَنْفَرِدة. و(الحَيْس): خليط التَّمر والسَّمْن والأَقِط. و(أجزأ) مهموزًا: أغنى، و(جَزى) غير مهموز: كفى. و(الطَّيالس): الأكسية، واحدها طَيْلَسَان. و(تنظروهم): ينتظروهم؛ أي: للقتال. و(سهم عَائِر): هو بالعين المهملة، وهو الَّذي لا يُعرف راميه. و(بَبَّان): بباءين يعني شيئًا واحدًا؛ أي: في الأخذ مِن الأرْض المغنومة، قال أبو عُبيد: ولا أحسبها عربيَّةً. وقال غيره: هي حبشيَّةً، قال أبو سعيد الضَّرير: ليس في كلام العرب (بَبَّان)، والصَّحيح بيَّانًا واحِدًا، والعرَبُ إذا ذكَرت مَن لا يُعرف قالوا: هذا هيَّانُ بن بيَّانُ، والمعنى: لأُسوينَّ بينهم في العطاء.
٤١- بابُ ما صَنَعَ رسولُ اللهِ ﷺ في أرْضِ خَيْبرَ، واستعمالِهِ عليها
١٩٠٧. [ق] عَن عُروةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ بِالمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا المَالِ». وَإِنِّي وَاللهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ/ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَايعَ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنِ اّْئْتِنَا وَلَا يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ. كَرَاهَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَاللهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يفْعَلُوهُ فِيَّ؟ وَاللهِ لآتِيَنَّهُمْ. فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اّْسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ نَصِيبًا. حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَإنِّيْ لَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ. فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ العَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ. فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقى عَلَى المِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ البَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ الَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اّْسْتَغْفَرَ، وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ، وَلَكِنَّا كنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتُـَبِـَدَّ به عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا. فَسُرَّ بِذَلِكَ المُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ. وَكَانَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ. [خ:٤٢٤٠]
1. قال الطبري: «في الحديث حجة على وجوب قبول خبر الواحد العدل؛ لأن فاطمة والعباس رضي الله عنهما لم يسألا أحداً بعد إخبار أبي بكر ﵁ لهما، من قوله عن النبي ﷺ: (لا نُورَث)».
2. قال ابن هبيرة: «استدللتُ من فعل أبي بكر ﵁ على متانة دينه وشدة ورعه، وأنه لو كان مسامحاً أحداً من خلق الله في حق من حقوق الله لكان قد سامح فاطمة ابنة رسول الله ﷺ والعباس عّم رسول الله، ولهذا قال: (والله لقرابة رسول الله ﷺ أحب إلي من أن أصل قرابتي)».
3. قوله: (موعدك للبيعة العشية)، قال ابن هبيرة: «ولم يبايعه وهو عنده، وهذا حسن أدب من علي ﭬ لأنه أراد أن يقصده في مجلسه ثم يبايعه ولتكون بيعة رَغْبة».
4. وفي الحديث: أنّ أمْوال النّبيّ ﷺ يتصرّف فيها خليفته في مصالح المسلمين.
5. وفيه: أنّه يلزم العالم أن يظهر ما عنده من العلم وقت الحاجة، ولا يكتمه، ولا يخاف في الحقّ لومة لائم.
6. قال النووي: « أما تأخر علي ﵁ عن البيعة: فقد ذكره علي في هذا الحديث، واعتذر أبو بكر رضي الله عنه ».
7. ومع هذا: فتأخره ليس بقادح في البيعة، ولا فيه: أما البيعة: فقد اتفق العلماء على أنه لا يشترط لصحتها مبايعة كل الناس، ولا كل أهل الحل والعقد، وإنما يشترط مبايعة من تيسر إجماعهم من العلماء، والرؤساء، ووجوه الناس، وأما عدم القدح فيه: فلأنه لا يجب على كل واحد أن يأتي إلى الإمام فيضع يده في يده ويبايعه، وإنما يلزمه إذا عقد أهل الحل والعقد للإمام الانقياد له، وألا يظهر خلافاً، ولا يشق لعصا.
8. وهكذا كان شأن علي ﵁ في تلك المدة التي قبل بيعته، فإنه لم يُظهر على أبي بكر خلافاً، ولا شق العصا، ولكنه تأخر عن الحضور عنده للعذر المذكور في الحديث، ولم يكن انعقاد البيعة وانبرامها متوقفاً على حضوره، فلم يَجب عليه الحضور لذلك، ولا لغيره، فلما لم يجب: لم يحضر.
9. وما نُقل عنه قدحٌ في البيعة ولا مخالفة، ولكن بقي في نفسه عتب، فتأخر حضوره إلى أن زال العتب.
10. وكان سبب العتب: أنه مع وجاهته وفضيلته في نفسه في كل شيء، وقربه من النبي ﷺ، وغير ذلك: رأى أنه لا يُستبد بأمر إلا بمشورته، وحضوره، وكان عذر أبي بكر وعمر وسائر الصحابة واضحاً؛ لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين، وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة، ولهذا أخروا دفن النبي ﷺ حتى عقدوا البيعة؛ لكونها كانت أهم الأمور، كيلا يقع نزاع في مدفنه أو كفنه أو غسله أو الصلاة عليه أو غير ذلك، وليس لهم من يفصل الأمور، فرأوا تقدم البيعة أهم الأشياء.
11. قال ابن حجر: «وكأنهم كانوا يعذرونه في التخلف عن أبي بكر في مدة حياة فاطمة، لشغله بها وتمريضها، وتسليتها عما هي فيه من الحزن على أبيها ﷺ ؛ ولأنها لما غضبت من رد أبي بكر عليها فيما سألته من الميراث: رأى عليٌّ أن يوافقها في الانقطاع عنه».
2. قال ابن هبيرة: «استدللتُ من فعل أبي بكر ﵁ على متانة دينه وشدة ورعه، وأنه لو كان مسامحاً أحداً من خلق الله في حق من حقوق الله لكان قد سامح فاطمة ابنة رسول الله ﷺ والعباس عّم رسول الله، ولهذا قال: (والله لقرابة رسول الله ﷺ أحب إلي من أن أصل قرابتي)».
3. قوله: (موعدك للبيعة العشية)، قال ابن هبيرة: «ولم يبايعه وهو عنده، وهذا حسن أدب من علي ﭬ لأنه أراد أن يقصده في مجلسه ثم يبايعه ولتكون بيعة رَغْبة».
4. وفي الحديث: أنّ أمْوال النّبيّ ﷺ يتصرّف فيها خليفته في مصالح المسلمين.
5. وفيه: أنّه يلزم العالم أن يظهر ما عنده من العلم وقت الحاجة، ولا يكتمه، ولا يخاف في الحقّ لومة لائم.
6. قال النووي: « أما تأخر علي ﵁ عن البيعة: فقد ذكره علي في هذا الحديث، واعتذر أبو بكر رضي الله عنه ».
7. ومع هذا: فتأخره ليس بقادح في البيعة، ولا فيه: أما البيعة: فقد اتفق العلماء على أنه لا يشترط لصحتها مبايعة كل الناس، ولا كل أهل الحل والعقد، وإنما يشترط مبايعة من تيسر إجماعهم من العلماء، والرؤساء، ووجوه الناس، وأما عدم القدح فيه: فلأنه لا يجب على كل واحد أن يأتي إلى الإمام فيضع يده في يده ويبايعه، وإنما يلزمه إذا عقد أهل الحل والعقد للإمام الانقياد له، وألا يظهر خلافاً، ولا يشق لعصا.
8. وهكذا كان شأن علي ﵁ في تلك المدة التي قبل بيعته، فإنه لم يُظهر على أبي بكر خلافاً، ولا شق العصا، ولكنه تأخر عن الحضور عنده للعذر المذكور في الحديث، ولم يكن انعقاد البيعة وانبرامها متوقفاً على حضوره، فلم يَجب عليه الحضور لذلك، ولا لغيره، فلما لم يجب: لم يحضر.
9. وما نُقل عنه قدحٌ في البيعة ولا مخالفة، ولكن بقي في نفسه عتب، فتأخر حضوره إلى أن زال العتب.
10. وكان سبب العتب: أنه مع وجاهته وفضيلته في نفسه في كل شيء، وقربه من النبي ﷺ، وغير ذلك: رأى أنه لا يُستبد بأمر إلا بمشورته، وحضوره، وكان عذر أبي بكر وعمر وسائر الصحابة واضحاً؛ لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين، وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة، ولهذا أخروا دفن النبي ﷺ حتى عقدوا البيعة؛ لكونها كانت أهم الأمور، كيلا يقع نزاع في مدفنه أو كفنه أو غسله أو الصلاة عليه أو غير ذلك، وليس لهم من يفصل الأمور، فرأوا تقدم البيعة أهم الأشياء.
11. قال ابن حجر: «وكأنهم كانوا يعذرونه في التخلف عن أبي بكر في مدة حياة فاطمة، لشغله بها وتمريضها، وتسليتها عما هي فيه من الحزن على أبيها ﷺ ؛ ولأنها لما غضبت من رد أبي بكر عليها فيما سألته من الميراث: رأى عليٌّ أن يوافقها في الانقطاع عنه».
١٩٠٨. وعَن ابنِ عُمَرَ قَالَ: مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ. [خ:٤٢٤٣]
١٩٠٩. وعَنْ عَائِشَةَ، قالت: فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا: الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ. [خ:٤٢٤٢]
١٩١٠. [ق] وعَنْ أَبِي سَعِيْدٍ وأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَمَّرَهُ عَلَيْهَا. [خ:٤٢٤٦]
١٩١١. [ق] وعَن ابنِ عُمَرَ قَالَ: أَعْطَى النَّبيُّ ﷺ خَيْبَرَ ليَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. [خ:٤٢٤٨]
٤٢- غَزْوةُ زَيْدِ بْنِ حارِثَةَ وعُمرةُ القَضاءِ
• وقد تقدَّم مِن حديثِ ابنِ عُمرَ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ/ أَمَّرَ أُسَامةَ عَلى قَومٍ، فَطَعَنوا في إِمَارَته، فَقالَ: «إِنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْله، وَايْمُ اللهِ لقدْ كَانَ خَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ».[ر:١٦٩٠]
1. قوله: (وإن كان لخليقا للإمارة) قال النووي: «أي حقيقا بها، ففيه جواز إمارة العتيق، وجواز تقديمه على العرب، وجواز تولية الصغير على الكبار؛ فقد كان أسامة ﵁ صغيرا جدا، توفي النبي ﷺ وهو ابن ثماني عشرة سنة، وقيل: عشرين».
2. قال النووي: «وفيه جواز تولية المفضول على الفاضل للمصلحة».
2. قال النووي: «وفيه جواز تولية المفضول على الفاضل للمصلحة».
١٩١٢. [ق] وعَنِ البَرَاءِ قَالَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي ذِي القَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كُتِبَ الكِتَابُ، كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، قَالُوا: لَا نُقِرُّ لَكَ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «امْحُ: رَسُولَ اللهِ». قَالَ: لَا وَاللهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا. فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلَاحَ إِلَّا فِي القِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا، أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَنا وقُضيَ الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ. فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ، فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِي: يَا عَمِّ يَا عَمِّ. فَتَنَاوَلَهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ: «دُونَكِ بنتَ عَمِّكِ احْمليها». فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ، قَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أخذتها، وَهِيَ بِنْتُ عَمِّي. وَقَالَ جَعْفَرٌ: بنتُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي. وَقَالَ زَيْدٌ: بنتُ أَخِي. فَقَضَى بِهَا رَسُول اللهِ ﷺ لِخَالَتِهَا وَقَالَ: «الخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ». وَقَالَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ». وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي». وَقَالَ لِزَيْدٍ: «أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا». قَالَ عَلِيٌّ: أَلَا تَتَزَوَّجُ بِنْتَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: «إِنَّهَا بنتُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ». [خ:٤٢٥١]
١٩١٣. وعَن ابنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَتَرْنَاهُ مِنْ غِلْمَانِ المُشْرِكِينَ وَمِنْهُمْ أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ. [خ:٤٢٥٥]
1. قوله: (هذا ما قاضى عليه محمد) قال النووي: قال العلماء: «معنى قاضى هنا فاصل وأمضى أمره عليه، ومنه قضى القاضي، أي: فصل الحكم وأمضاه، ولهذا سميت تلك السنة عام المقاضاة وعمرة القضية وعمرة القضاء كله من هذا، وغلَّطوا من قال: إنها سميت عمرة القضاء لقضاء العمرة التي صد عنها؛ لأنه لا يجب قضاء المصدود عنها إذا تحلل بالإحصار كما فعل النبي ﷺ وأصحابه في ذلك العام».
2. قال النووي: «وفيه أن للإمام أن يعقد الصلح على ما رآه مصلحة للمسلمين، وإن كان لا يظهر ذلك لبعض الناس في بادئ الرأي».
3. قال النووي: «وفيه احتمال المفسدة اليسيرة لدفع أعظم منها أو لتحصيل مصلحة أعظم منها إذا لم يمكن ذلك إلا بذلك».
4. قال النووي: «وهذا الذي فعله علي ﵁ من باب الأدب المستحب؛ لأنه لم يفهم من النبي صلى الله عليه وسلم تحتيم محو علي بنفسه، ولهذا لم ينكر، ولو حتم محوه بنفسه لم يجز لعلي تركه، ولما أقره النبي ﷺ على المخالفة».
5. قال ابن حجر: «(الخالة بمنزلة الأم)؛ أي في هذا الحكم الخاص؛ لأنها تقرب منها في الحنو والشفقة، والاهتداء إلى ما يصلح الولد».
6. قال ابن حجر: «فوقع منه - ﷺ - تطييب خواطر الجميع وإن كان قضى لجعفر، فقد بيَّن وجه ذلك، وحاصله أن المقضيَّ له في الحقيقة الخالة وجعفر تبع لها؛ لأنه كان القائم في الطلب لها».
2. قال النووي: «وفيه أن للإمام أن يعقد الصلح على ما رآه مصلحة للمسلمين، وإن كان لا يظهر ذلك لبعض الناس في بادئ الرأي».
3. قال النووي: «وفيه احتمال المفسدة اليسيرة لدفع أعظم منها أو لتحصيل مصلحة أعظم منها إذا لم يمكن ذلك إلا بذلك».
4. قال النووي: «وهذا الذي فعله علي ﵁ من باب الأدب المستحب؛ لأنه لم يفهم من النبي صلى الله عليه وسلم تحتيم محو علي بنفسه، ولهذا لم ينكر، ولو حتم محوه بنفسه لم يجز لعلي تركه، ولما أقره النبي ﷺ على المخالفة».
5. قال ابن حجر: «(الخالة بمنزلة الأم)؛ أي في هذا الحكم الخاص؛ لأنها تقرب منها في الحنو والشفقة، والاهتداء إلى ما يصلح الولد».
6. قال ابن حجر: «فوقع منه - ﷺ - تطييب خواطر الجميع وإن كان قضى لجعفر، فقد بيَّن وجه ذلك، وحاصله أن المقضيَّ له في الحقيقة الخالة وجعفر تبع لها؛ لأنه كان القائم في الطلب لها».
٤٣- غَزْوةُ مُؤْتَةَ مِن أرْضِ الشَّامِ/
١٩١٤. عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَّرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ». قَالَ عَبْدُ اللهِ: كُنْتُ فِيهِمْ فِي تِلْكَ الغَزْوَةِ، فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ فِي القَتْلَى، وَوَجَدْنَا مَا فِي جَسَدِهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ مِنْ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ. [خ:٤٢٦١]
١٩١٥. وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَها جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَها ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ -وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ- حَتَّى أخذَ الرَّايةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ». [خ:٤٢٦٢]
١٩١٦. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ قالتْ: لمَّا جاءَ قَتْلُ ابْنِ رَوَاحةَ وَابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفرِ بْنِ أبي طَالبٍ جَلَسَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ صَائِرِ البَابِ -تَعْنِي مِنْ شَقِّ البَابِ- فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، قَالَ: فَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، قَالَ: [فَذَهَبَ الرَّجلُ] ثُمَّ أَتَى فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَأَمَرَ أَيْضًا، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ غَلَبْنَنَا، فَزَعَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللهُ أَنْفَكَ، فَوَاللهِ مَا أَنْتَ تَفْعَلُ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ مِنَ العَنَاءِ. [خ:٤٢٦٣]
١٩١٧. وعَنْ عَامر قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَيَّا ابْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ. [خ:٤٢٦٤]
١٩١٨. وعَنْ قَيس بن [أبي] حَازم قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ يَقُولُ: لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ. [خ:٤٢٦٥]
٤٤- بعْثُ النَّبيِّ ﷺ أسامةَ بنَ زيدٍ إلى الحُرَقَاتِ من جُهَيْنَةَ
١٩١٩. [ق] عَنْ أُسامةَ بنِ زيدٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى الحُرَقَةِ، وصَبَّحْنَا القَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ،/ فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ، وَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: «يَا أُسَامَةُ، قَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟!». قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا. قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ. [خ:٤٢٦٩]
1. في الحديث: أخذ النّاس بظواهرهم، أمّا ما في القلوب فموعده يوم القيامة.
2. وفيه: عظم حقّ كلمة التّوحيد وأهلها.
3. وفيه: أخذ الإمام على يد المخطئ أيّا كانت مكانته عنده.
4. وفيه: أنّ الإنسان المؤمن يجب أن يحذر من أن يسفك دم إنسانٍ مسلمٍ يقول: لا إله إلَّا الله.
2. وفيه: عظم حقّ كلمة التّوحيد وأهلها.
3. وفيه: أخذ الإمام على يد المخطئ أيّا كانت مكانته عنده.
4. وفيه: أنّ الإنسان المؤمن يجب أن يحذر من أن يسفك دم إنسانٍ مسلمٍ يقول: لا إله إلَّا الله.
١٩٢٠. [ق] وعَنْ سَلَمةَ بنِ الأَكْوَع قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ البُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ. [خ:٤٢٧٠]
٤٥- بابُ غَزْوةِ الفَتْحِ
١٩٢١. [ق] عَنِ ابنِ عبَّاسٍ أَنَّ النَّبيَّ ﷺ خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ المدينة وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ المَدِينَةَ، فَسَارَ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ يَصُومُ وَيَصُومُونَ، حَتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ -وَهُوَ مَا بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ- أَفْطَرَ وَأَفْطَرُوا. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ الآخِرُ فَالآخِرُ. [خ:٤٢٧٦]
١٩٢٢. عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَامَ الفَتْحِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ ابْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ، لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ بُدَيْلُ ابْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. فَرَآهُم نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: «اّْحْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ خَطْمِ الجبل، حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى المُسْلِمِينَ». فَحَبَسَهُ العَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ القَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ، فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ غِفَارُ. قَالَ: مَا لِي وَلِغِفَارَ./ ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ، قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثمَّ مَرَّتْ سُلَيْمُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الأَنْصَارُ، عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، اليَوْمَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ، اليَوْمَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ. ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ، وَهِيَ أَقَلُّ الكَتَائِبِ، فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ ﷺ مَعَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: «مَا قَالَ؟». قَالَ: قال كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: «كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللهُ فِيهِ الكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الكَعْبَةُ». قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالحَجُونِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ العَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ أهَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ؟ قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ كُدَى، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ يَوْمَئِذٍ رَجُلَانِ: حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ جابِرٍ الفِهْرِيُّ. [خ:٤٢٨٠]
1. في الحديث: العفو عند المقدرة، وحرص النّبيّ ﷺ على هداية النّاس، وبعد أخلاقه عن الانتقام.
2. وفيه: بيان مَكانة مكّة والكعبة، وأنّهما لا يستباحان.
3. وفيه: أنّ فتح مكّة لم يكن حربًا انتقاميّة، وإنّما كان يومًا مباركًا تعظّم فيه الكعبة، وتعزّ فيه قرَيشٌ بالإسلام.
2. وفيه: بيان مَكانة مكّة والكعبة، وأنّهما لا يستباحان.
3. وفيه: أنّ فتح مكّة لم يكن حربًا انتقاميّة، وإنّما كان يومًا مباركًا تعظّم فيه الكعبة، وتعزّ فيه قرَيشٌ بالإسلام.
١٩٢٣. [ق] وعَن عَبدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ، وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ يُرَجِّعُ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِي لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ. [خ:٤٢٨١]
١٩٢٤. [ق] وَعَن أُسَامَةَ بْن زَيْدٍ قَالَ زَمَنَ الفَتْحِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا؟ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ؟». ثُمَّ قَالَ:/ «لَا يَرِثُ الكَافِرُ المؤمنَ، وَلَا يَرِثُ المُؤْمِنُ الكافرَ». [خ:٤٢٨٣]
١٩٢٥. [ق] وَعَن أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَكَّةَ وَحَوْلَ البَيْتِ سِتُّونَ وَثَلَاثُ مِئَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: «جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ، وَمَا يُبْدِئُ البَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ». [خ:٤٢٨٧]
1. قوله: فجعل يطعنها بعود كان في يده ويقول: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) (جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يُعيد) قال النووي: «وفي هذا استحباب قراءة هاتين الآيتين عند إزالة المنكر».
١٩٢٦. وَعَن أبي قِلابة، عن عَمرو بنِ سَلمة قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ، مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَهُ، أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْحَى إليه كَذَا. فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الكَلَامَ، فَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي، وَكَانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلَامِهِمُ الفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اّْتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: قد جِئْتُكُمْ وَاللهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ حَقًّا، فَقَالَ: «صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا». فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الحَيِّ: أَلَا تُغَطُّوا عَنَّا اّْسْتَ قَارِئِكُمْ؟ فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ القَمِيصِ. [خ:٤٣٠٢]
(خطم الجبل) بالخاء المنقوطة والجيم رواية النَّسفي والفارسي، ويعني به أَنْف الجبل، وهو طَرَفه السائل منه، وهو المسمَّى بالكُرَاع، ورواه سائر الرُّواة: (حَطْم) بالحاء المهملة. و(الخيل) بالخاء المنقوطة؛ يعني به مُجتمع الخيل الَّذي تَنْحَطم فيه؛ أي: تتضايقُ حتَّى كان بعضها يكسِرُ بعضًا. و(الحَطم): الكَسر. و(الكتيبة): القِطعة مِن العسكر المنضم، مأخوذ مِن الكَتْب، وهو الضمُّ الجمع./ و(حبَّذا يوم الذِّمَار) أي: حين الغضب للحرم والأهل، أي: الانتصار لمَن بمكة، وقد فات أبا سفيان ذلك لمَّا غُلِبَ. و(الحجون): موضع بمكَّة قريب مِن الصَّفا. و(كَدَاء) ثَنِيَّةٌ بأعلى مكَّة، بفتح الكاف والمدِّ. و(كُدَى) بضمِّ الكاف والقصر، ثنيَّة بأسفل مكَّة، هذا هو أصحُّ ما قيل، وقيل في السُّفلى: كُدَيٌّ بالتَّصغير. و(يُقَرُّ في صَدري): يَقُرُّ ويثبت، وإِمامة عَمرو بن سَلَمة وهو صبيٌّ في الفرائض دليلٌ للشَّافعيِّ ولمِن وافقَهُ على جَوازِ إمامَةِ غيرِ البالِغِ في الفَرض، وخالفَ في ذلك مالكٌ ومَن قالَ بقوله، واعتذرَ عن الحديث وَأنَّ ذلك إنَّما كان في أوَّل الإسلام؛ لقلَّة مَن كان في ذلك المحلِّ مِن القُرَّاء، والله أعلم.
1. فيه: مشروعيّة إمامة الصّبيّ المميّز في الفريضة.