١- بابٌ


٢٠٠٠. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللهِ ﷺ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ مِنۡهُ ءَایَـٰتࣱ مُّحۡكَمَـٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَـٰبِ﴾ إلى: ﴿ٱلۡأَلۡبَـٰبِ﴾ [آية: ٧] قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ». [خ:٤٠٤٧]
الغريب: أشبهُ ما قيل في (المُحْكَماتِ) قولُ جعفر بن محمَّد: إنَّها الذي لا تحتمل إلَّا وجهًا واحدًا، والمتشابهات عكسه. وعلى هذا فلا يكون المُحكم إلَّا نَصًّا، وأسلمُ مِن هذا وأعمُّ أن يُقال: ما وَضُحَ معناه، فيدخل فيه النَّصُّ والظَّاهر. و(المُتشابه): ما تردَّدت فيه الاحتمالات فيُردُّ إلى أمِّه-أي: أصله- وهو المُحْكَم. و(الزَّيغ): الميل عَن الحقِّ. و(﴿ٱبۡتِغَاۤءَ﴾): طَلب. و(﴿ٱلۡفِتۡنَةِ﴾): الضَّلال. و(التَّأويل): ما يَؤُولُ إليه معنى المُتشابهِ، والله هو الَّذي يَعلمه قطعًا. و(الرَّاسخ في العلم): هو الثَّابت فيه. والأَوْلَى في (﴿ٱلرَّ ٰ⁠سِخُونَ﴾) أن يرتفع بالابتداء. و(﴿یَقُولُونَ﴾) خبره؛ لاستحالة مساواة عِلْمهم بالمتشابه لعلم الله تعالى، فإنَّه يعلمهُ مِن كلِّ وجه، ولأنَّ جميع الرَّاسخين يقولون: ﴿ءَامَنَّا بِهِۦ﴾، والعالم بالمتشابهات بعضهم، فكان الأَوْلَى والله أعلم. و(﴿ٱلۡأَلۡبَـٰبِ﴾): العُقول.
1. في الحديث: أنّ من علامات الزّيغ والانحراف عن الصّراط المستقيم اتّباع المتشابه من القرآن.
2. وفيه: فضيلة الرّسوخ في العلم وضرورة الثّبات فيه، والتعمّق في أخذه، والبعد عن السّطحيّة فيه. والرّسوخ قدر زائد على مجرّد العلم؛ فالرّاسخ في العلم يقتضي أن يكون عالما محقّقا، وعارفا مدقّقا، قد رسخ قدمه في أسرار الشّريعة؛ علما وحالا وعملا.

٢- بابٌ


٢٠٠١. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿وَإِنِّیۤ أُعِیذُهَا بِكَ وَذُرِّیَّتَهَا مِنَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ ٱلرَّجِیمِ﴾ [آية: ٣٦]. [خ:٤٥٤٨]
1. قال القاضي عياض: قيل المراد بأنه لا يضره أنه لا يصرعه شيطان، وقيل: لا يطعن فيه الشيطان عند ولادته بخلاف غيره، قال: ولم يحمله أحد على العموم في جميع الضرر والوسوسة والإغواء.

٣- بابٌ


٢٠٠٢. [ق] عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رسولُ الله ﷺ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ ليَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ/ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ»، فَأَنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَیۡمَـٰنِهِمۡ ثَمَنࣰا قَلِیلًا أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَا خَلَـٰقَ لَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ﴾ إِلَى آخِرِ الآيَةِ [آية: ٧٧]. قَالَ: فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ: مَا يقول لكم أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قُلنا: كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فِيَّ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضٍ لابْنِ عَمٍّ لِي، قَالَ ليْ النَّبيُّ ﷺ: «بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ»، قُلْتُ: إِذًا يَحْلِفُ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ النَّبيُّ ﷺ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ -وَهو فيها فاجر- لَقِيَ اللهَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».[خ:٤٥٤٩-٤٥٥٠]
1. في الحديث: كلام الخصوم بعضهم في بعضٍ.
2. تحريم أخذ أموال الناس بالدعاوى الفاجرة والأيْمان الكاذبة، وهو من كبائر الذنوب؛ لأنّ ما ترتَّب عليه غضب الله جل وعلا كبيرة من الكبائر.
3. شرط العقاب على مرتكب هذه اليمين، ما لم يتُب ويتحلّل من الإثم بإعادة الحقوق لأهلها، فإنْ تاب؛ فالتوبة تَجُبُّ ما قبلها، وهو إجماع العلماء.

٢٠٠٣. وعَنْ عَبدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفى أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ فِيهَا: لَقَدْ أُعْطي فيها مَا لَمْ يُعْطَ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَیۡمَـٰنِهِمۡ ثَمَنࣰا قَلِیلًا﴾ [آية: ٧٧] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. [خ:٤٥٥١]
1. قال النووي: «في الحديث النهي عن كثرة الحلف في البيع، فإن الحلف من غير حاجة مكروه، وينضم إليه ترويج السلعة، وربما اغتر المشتري باليمين».

٢٠٠٤. [ق] وعَن ابنِ أَبي مُلَيْكَة أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِي بَيْتٍ فِي حُجْرَةٍ، فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفَى فِي كَفِّهَا، فَادَّعَتْ عَلَى الأُخْرَى، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لذَهَبَتْ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ»، ذَكِّرُوهَا بِاللهِ تعالى، وَاقْرؤوا عَلَيْهَا: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَیۡمَـٰنِهِمۡ﴾ [آية: ٧٧] فذَكَّرُوهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ». [خ:٤٥٥٢]
الغريب: (عَهْدُ الله): ميثاقهُ الَّذي أخذه على المُكلَّفين بالقيام بالحقِّ والعدل. و(﴿یَشۡتَرُونَ﴾): يَبِيْعونَ، وهو مِن الأضداد. و(الخَلَاق): الحظُّ والنَّصيبُ. و(الصَّبْرُ): الحبسُ، ووصفَ اليمينَ بالصَّبر؛ لأنَّها يُصْبَر عليها، أي يُحبس. و(الفَاجر): الكاذب.
1. قال النووي: «هذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد أحكام الشرع، ففيه أنه لا يقبل قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه، بل يحتاج إلى بينة أو تصديق المدعى عليه، فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك، وقد بين ﷺ الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه؛ لأنه لو كان أعطي بمجردها لادعى قوم دماء قوم وأموالهم واستبيح، ولا يمكن المدعى عليه أن يصون ماله ودمه، وأما المدعي فيمكنه صيانتهما بالبينة».

٤- بابٌ


٢٠٠٥. [ق] عَنِ ابنِ عُمَرَ أَنَّ اليَهُودَ جَاؤُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ: «كَيْفَ تَفْعَلُونَ فيمَن زَنَى مِنْكُمْ؟» قَالُوا: نُحَمِّمُهُمَا وَنَضْرِبُهُمَا. فَقَالَ: «لَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ؟» فَقَالُوا: لَا نَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ؛ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا الَّذِي يُدَرِّسُهَا مِنْهُمْ كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَطَفِقَ يَقْرَأُ مَا دُونَ يَدِهِ، وَمَا وَرَاءَهَا، وَلَا يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ، فَنَزَعَ يَدَهُ عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا: هِيَ آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا/ قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ توْضَعُ الجَنَائِزِ عِنْدَ المَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ صَاحِبَهَا يَحْنِي عَلَيْهَا يَقِيهَا الحِجَارَةَ. [خ:٤٥٥٦]
قلت: صوابه: (يَجْنَأُ) بالجيم والهمزة، وهو الانْحِناء بالصَّدرِ.
1. قوله ﷺ: (فقال ما تجدون في التوراة؟) قال النووي: «قال العلماء: هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم، إنما هو لإلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم، ولعله ﷺ قد أوحي إليه أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم لم يغيروه كما غيروا أشياء، أو أنه أخبره بذلك من أسلم منهم، ولهذا لم يخف ذلك عليه حين كتموه».

٥- بابٌ


٢٠٠٦. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ﴿كُنتُمۡ خَیۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ﴾ [آية: ١١٠] قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلَامِ. [خ:٤٥٥٧]
قلت: فيكون (﴿كُنتُمۡ﴾) بمعنى أنتم، مخاطبة للصَّحابة، وهو محكيٌّ عن مالك وغيره. وقيل: جميع أمَّة محمَّد ﷺ، وكنتم في عِلْم الله، أو في اللَّوح المحفوظ. والله أعلم.
1. قوله تعالى: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾، قال ابن هبيرة: «معناه: من أجل حبكم الخير لكل الناس، تريدون أن يدخل جميع الناس الجنة، وأن يسلموا ويعملوا الخير».
2. قوله: (عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل)، قال ابن هبيرة: «يعني أنه لو وكل الناس إلى نهضاتهم لأبطأوا جداً، ولكنه سبحانه يدخلهم الجنة في السلاسل؛ أي يسلكهم طرق الجنة على كره منهم»

٦- بابٌ


٢٠٠٧. [ق] عن جابر بن عبد الله قَالَ: فِينَا نَزَلَتْ: ﴿إِذۡ هَمَّت طَّاۤىِٕفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِیُّهُمَا﴾ [آية: ١٢٢] قَالَ: نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ بَنُو حَارِثَةَ وَبَنُو سَلِمَةَ، وَمَا نُحِبُّ -وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: وَمَا يَسُرُّنِي- أَنَّهَا لَمْ تُنْزَلْ؛ لِقَوْلِ اللهِ ﷿: ﴿وَٱللَّهُ وَلِیُّهُمَا﴾ [آية: ١٢٢]. [خ:٤٥٥٨]

٧- بابٌ


٢٠٠٨. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ، أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ: إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ»: «اللهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللهُمَّ اّْشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاّْجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ» يَجْهَرُ بِذَلِكَ. وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ: «اللهُمَّ اّْلعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا». لِأَحْيَاءٍ مِنَ العَرَبِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ: ﴿لَیۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَیۡءٌ﴾ [آية: ١٢٨]. [خ:٤٥٦٠]
قلتُ: هؤلاء المدعوُّ لهم كانوا أسلموا، فحبَسَهم أهلُ مكَّةَ عن الهِجرةِ وعذَّبُوهم، فدعا لهم النَّبيُّ ﷺ حتَّى تخلَّصوا مِنهم، وتمَّت لهم الهِجرة، والَّذين دعا عليهم هم رِعْل وذَكْوَان وعُصَيَّة الَّذين قَتلوا أصحاب النَّبيِّ ﷺ ببئر مَعُونة، والسُّنُون أعوام الجدْبِ، فأُجيب النَّبيُّ ﷺ في ذلك، فقُحِطت قريشٌ -وهي مُضر- سبعَ سنينَ حتَّى أكلوا الجلود والعِظام، حتَّى جاؤوا للنَّبيِّ ﷺ فاستعطفوه، فدعا لهم فَسُقُوا.

٨- بابٌ


٢٠٠٩. عَنِ البَراء بن عَازِبٍ قَالَ: جَعَلَ/ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللهِ ابْنَ جُبَيْرٍ، وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَلكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا. [خ:٤٥٦١]
٢٠١٠. وعَنْ أَنَسٍ أنَّ أبا طلحة قَالَ: غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ. [خ:٤٥٦٢]
٢٠١١. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ﴾ قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ ﵇ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ ﷺ حِينَ قَالُوا: ﴿إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ﴾ [آية: ١٧٣]. [خ:٤٥٦٣]
1. في الحديث: أهميّة التّوكّل الصّادق على الله تعالى، وحسن اللّجوء إليه وأنّ فيه النّجاة.

٩- بابٌ


٢٠١٢. عَنْ عُروةَ بنِ الزُّبيرِ أنَّ أُسَامةَ بن زيدٍ أخبرَه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بنَ زيدٍ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الحَارِثِ ابْنِ الخَزْرَجِ، قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي المَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ والمسلمين، وَفِي المجلسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عبدُ الله بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثمَّ قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْهِمْ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَيُّهَا المَرْءُ، لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجلسِنَا، اّْرْجِعْ إلى رَحْلك، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. فقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اّْغْشَنَا به فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. وَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَل النَّبيُّ ﷺ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ دَابَّتَهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ النَّبيُّ ﷺ: «أَيا سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ -يُرِيدُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ- قَالَ كَذَا وَكَذَا». قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يا رَسُولَ اللهِ، اّْعْفُ عَنْهُ، وَاّْصْفَحْ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدِ/ اّْصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ البحيرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالعِصَابَةِ، فَلَمَّا أتى اللهُ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ، فَذَلِكَ الَّذِي فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَكَانَ النَّبيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الخلاف كَمَا أَمَرَهُمُ اللهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَلَتَسۡمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمِنَ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوۤا۟ أَذࣰى كَثِیرࣰا﴾ الآية [آية: ١٨٦]، وَقَالَ: ﴿وَدَّ كَثِیرࣱ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَوۡ یَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدࣰا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم﴾ إلى آخر الآية [البقرة: ١٠٩]، وكَانَ النَّبيُّ ﷺ يَتَأَوَّلُ فِي العَفْوِ مَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ الله فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بَدْرًا فَقَتَلَ اللهُ بِه صَنَادِيد قُرَيْشٍ، قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ، فَبَايِعُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلَى الإِسْلَامِ، فَأَسْلَمُوا. [خ:٤٥٦٦]
الغريب: (فَدَكِيَّة): عمل فَدَك، وهي خَشِنةٌ لها خَمَل؛ أي: زِئْبَرةٌ. و(عَجَاجَة الدَّابة): غبارها الكثيف. و(البُحيرة): هنا البَلْدة، وتُجمع بَحَائر. سُمِّيت بذلك لِسعتها. و(العِصابة): يعني عِمامة المُلْك التي كانوا يعصِّبون بها ملوكهم. و(شَرِق): اغتصَّ، وأصله الاختناق بالماء.
1. قوله: (وأردف وراءه أسامة وهو يعود سعد بن عبادة) قال النووي: «فيه جواز الإرداف على الحمار وغيره من الدواب إذا كان مطيقا، وفيه جواز العيادة راكبًا».
2. قال النووي: «وفيه بيان ما كان عليه النبي ﷺ من التواضع، حيث كان يُردف خلفه».
3. وفيه أن ركوب الحمار ليس بنقص في حق العظماء.
4. قوله: (فسلم عليهم النبي ﷺ) قال النووي: «فيه جواز الابتداء بالسلام على قوم فيهم مسلمون وكفار، وهذا مجمع عليه».
5. قوله: (أي سعد! ألم تسمع ما قال أبو حُباب) قال النووي: «فيه الاستراحة ببث الشكوى للصاحب، ولمن يُتَسلى بحديثه، ويُنتفع برأيه».
6. قال النووي: «وفيه جواز ذكر الكافر بكنيته إذا اشتهر بها».
7. قوله: (ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة) قال النووي: «معناه: اتفقوا على أن يجعلوه ملكهم، وكان من عادتهم إذا ملكوا إنسانا أن يتوجوه ويعصبوه».
8. في الحديث أنه ينبغي لمن يشير على الكبير بشيء، أن يورده بصورة العرض عليه، لا الجزم، فقد قال الصحابة للنبي ﷺ: ( لو أتيت عبدالله بن أبي).
9. وفيه إباحة مشي التلامذة، والشيخ راكب.

١٠- بابٌ


٢٠١٣. [ق] عَنْ أَبِي سَعيدٍ الخُدْريِّ أَنَّ رِجَالًا مِنَ المُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى الغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ اعْتَذَرُوا، وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ: ﴿لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ یَفۡرَحُونَ بِمَاۤ أَتَوا۟ وَّیُحِبُّونَ أَن یُحۡمَدُوا۟ بِمَا لَمۡ یَفۡعَلُوا۟﴾ الآيَةَ [آية: ١٨٨]. [خ:٤٥٦٧]
1. قال الشيخ السعدي: «دلت الآية بمفهومها على أن من أحب أن يحمد ويثنى عليه بما فعله من الخير واتباع الحق إذا لم يكن قصده بذلك الرياء والسمعة أنه غير مذموم، بل هذا من الأمور المطلوبة التي أخبر الله أنه يجزي بها المحسنين له الأعمال والأقوال، وأنه جازى بها خواص خلقه وسألوها منه كما قال إبراهيم: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾ ، وقال : ﴿سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ ، وقد قال عباد الرحمن: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾، وهي من نعم الباري على عبده ومننه التي تحتاج إلى شكر».

٢٠١٤. [ق] عن عَلْقمةَ بنِ وَقَّاصٍ قَالَ: إنَّ مَرْوَانَ قَالَ لبَوابِه: اّْذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا، لتعذبون أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذِه الآية؟! إِنَّمَا دَعَا/ النَّبِيُّ ﷺ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ. ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِیثَـٰقَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ﴾ [آية: ١٨٧] كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: ﴿یَفۡرَحُونَ بِمَاۤ أَتَوا۟ وَّیُحِبُّونَ أَن یُحۡمَدُوا۟ بِمَا لَمۡ یَفۡعَلُوا۟﴾ [آية: ١٨٨]. [خ:٤٥٦٨]
تنبيه: القراءة المشهورة: ﴿أَتَوا۟﴾ مِن الإتيان، وهو المجيء، وهو مناسب لتفسير أبي سعيدٍ وابن عبَّاس، وقد وقَعَ هنا في الأصل مِن كلام مروانَ: ‹أُوتوا› مِن الإيتاء، وهو الإعطاء، وقد رُويت قراءة عن سعيد بن جُبَير، وأبي عبد الرَّحمن السُّلَمِي، وفيها بُعْدٌ، والأُولى أَوْلَى. والله أعلم.

١١- بابٌ


٢٠١٥. [ق] عن كُرَيبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ في بيتِ مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً، ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ قَعَدَ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: «﴿إِنَّ فِی خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفِ ٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ﴾ [آية: ١٩٠]»، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ، فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى. [خ:٤٥٦٩]
• وقد تقدَّم حديثُ ابنِ عبَّاسٍ على هذا مسَاق آخر [ر:٧٥].
(٤)- سُورةُ النِّساءِ
٢٠١٦. عَن عُروَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ يَتِيمَةٌ فَنَكَحَهَا، وَكَانَ لَهَا عَذْقٌ، وَكَانَ يُمْسِكُهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ شَيْءٌ، فَنَزَلَتْ فِيهِ: ﴿وَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تُقۡسِطُوا۟ فِی ٱلۡیَتَـٰمَىٰ﴾ [آية:٣] أَحْسِبُهُ قَالَ: كَانَتْ شَرِيكَتَهُ فِي ذَلِكَ العَذْقِ وَفِي مَالِهِ. [خ:٤٥٧٣]
٢٠١٧. [ق] وعَنْ عُروةَ أيضًا أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللهِ ﷿: ﴿وَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تُقۡسِطُوا۟ فِی ٱلۡیَتَـٰمَىٰ﴾ [آية:٣] فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذِهِ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، تَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ، وَيُعْجِبُهُ جمالها ومَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا عَنْ ذلك أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ، فَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ، قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَإِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللهِ ﷺ/ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿وَیَسۡتَفۡتُونَكَ فِی ٱلنِّسَاۤءِ﴾ [آية: ١٢٧]، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللهِ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَتَرۡغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ﴾ [آية: ١٢٧]: رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ حتَّى تَكُونُ قَلِيلَةَ المَالِ وَالجَمَالِ، قَالَ: فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَنْ رَغِبُوا فِي مَالِهِ وَجَمَالِهِ مِن يَتَامَى النِّسَاءِ إِلَّا بِالقِسْطِ، مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذَا كُنَّ قَلِيلَاتِ المَالِ وَالجَمَالِ. [خ:٤٥٧٤]
قال البُخاريُّ: ﴿مَثۡنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَـٰعَ﴾ [آية:٣] يَعْنِي: اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثًا وَأَرْبَعًا، وَلَا تُجَاوِزُ العَرَبُ رُبَاعَ.
٢٠١٨. [ق] عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَن كَانَ غَنِیࣰّا فَلۡیَسۡتَعۡفِفۡ وَمَن كَانَ فَقِیرࣰا فَلۡیَأۡكُلۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ﴾ [النساء: ٦] أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي اليَتِيمِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ مَكَانَ قِيَامِهِ عَلَيْهِ بِمَعْرُوفٍ. [خ:٤٥٧٥]
٢٠١٩. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِذَا حَضَرَ ٱلۡقِسۡمَةَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینُ﴾ [آية:٨]، قَالَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ، وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ. [خ:٤٥٧٦]

١- بابٌ


٢٠٢٠. [ق] عَنْ جَابِرٍ قَالَ: عَادَنِي النَّبِيُّ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ فِي بَنِي سَلِمَةَ مَاشِيَيْنِ، فَوَجَدَنِي النَّبِيُّ ﷺ لَا أَعْقِلُ شَيْئًا، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ رَشَّ عَلَيَّ فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ: مَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي مَالِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَنَزَلَتْ: ﴿یُوصِیكُمُ ٱللَّهُ فِیۤ أَوۡلَـٰدِكُمۡ﴾ [آية: ١١]. [خ:٤٥٧٧]
1. قوله: (فأتاني رسول الله ﷺ وأبو بكر يعودانني ماشيين) قال النووي: «فيه فضيلة عيادة المريض، واستحباب المشي فيها».
2. هذا الحديث بوب عليه الإمام البخاري في صحيحه: باب عيادة المغمى عليه، قال ابن المنير: فائدة الترجمة ألا يُعتقد أن عيادة المغمى عليه ساقطة الفائدة لكونه لا يعلم بعائده.
3. قال ابن حجر: «ومجرد علم المريض بعائده لا تتوقف مشروعية العيادة عليه؛ لأن وراء ذلك جبر خاطر أهله، وما يُرجى من بركة دعاء العائد ووضع يده على المريض والمسح على جسده والنفث عليه عند التعويذ إلى غير ذلك».
4. قال النووي: «وفيه جواز وصية المريض وإن كان يذهب عقله في بعض أوقاته بشرط أن تكون الوصية في حال إفاقته وحضور عقله».

٢٠٢١. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ المَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ والثُّلث، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ. [خ:٤٥٧٨]

٢- بابٌ


٢٠٢٢. عَنْ عِكْرمة، عن ابنِ عبَّاسٍ: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا یَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ كَرۡهࣰا وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُوا۟ بِبَعۡضِ مَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ﴾ [آية: ١٩] قَالَ: كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاؤوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاؤوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا، وَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ. [خ:٤٥٧٩]

٣- بابٌ


٢٠٢٣. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مَوَ ٰ⁠لِیَ﴾ [آية: ٣٣] قَالَ: وَرَثَةً. ﴿وَٱلَّذِینَ عَقَدَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ﴾ [آية: ٣٣]: كَانَ/ المُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ يَرِثُ المُهَاجِرِيُّ الأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ؛ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَلِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مَوَ ٰ⁠لِیَ﴾ [آية: ٣٣] نُسِخَتْ، ثُمَّ قَالَ: ﴿وَٱلَّذِینَ عَقَدَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ﴾ [آية: ٣٣] مِن النُّصْرَةِ وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ المِيرَاثُ، وَيُوصَى لَهُ. [خ:٤٥٨٠]
قلت: المولى اسم مُشْتَرَكٌ يُقال على الوارث والنَّاصر والمُعْتِقِ والمُعْتَق، وعلى المالك، وعلى الوليِّ في الدِّين، وعلى الحليف، وهو في الآية للوارث.
1. قال النووي: «قال الحسن: كان التوارث بالحلف، فنسخ بآية المواريث، قلت: أما ما يتعلق بالإرث فيستحب فيه المحالفة عند جماهير العلماء، وأما المؤاخاة في الإسلام والمحالفة على طاعة الله تعالى والتناصر في الدين والتعاون على البر والتقوى وإقامة الحق فهذا باق لم ينسخ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة وأما قوله ﷺ: (لا حلف في الإسلام) فالمراد به حلف التوارث والحلف على ما منع الشرع منه».

٤- بابٌ


٢٠٢٤. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ -هو ابْن مَسْعُودٍ-: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «اقْرَأْ عَلَيَّ»، قُلْتُ: أقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: «إنِّي أُحبُّ أنْ أسْمعَه مِن غَيرِي». فَقَرَأْتُ عَلَيهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بلغتُ: ﴿فَكَیۡفَ إِذَا جِئۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةِۭ بِشَهِیدࣲ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰۤؤُلَاۤءِ شَهِیدࣰا﴾ [آية: ٤١] قَالَ: «أَمسِكْ». فَإِذَا عَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ. [خ:٤٥٨٢]
1. قال النووي: «في الحديث استحباب استماع القراءة والإصغاء لها والبكاء عندها وتدبرها، واستحباب طلب القراءة من غيره ليستمع له، وهو أبلغ في التفهم والتدبر من قراءته بنفسه».
2. قال النووي: «وفيه تواضع أهل العلم والفضل ولو مع أتباعهم».
3. قال ابن الجوزي: «وإنما بكى ﷺ عند هذه الآية لأنه لابدّ له من الشهادة، والحكم على المشهود عليه إنّما يكون بقول الشاهد، فلّما كان هو الشاهد، وهو الشافع بكى على المفرّطين منهم».

٥- بابٌ


٢٠٢٥. [ق] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿أَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُوا۟ ٱلرَّسُولَ وَأُو۟لِی ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ﴾ [آية: ٥٩] قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي سَرِيَّةٍ. [خ:٤٥٨٤]

٦- بابٌ


٢٠٢٦. عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ فِي شَرِيجٍ مِنَ الحَرَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ». فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إِلَى جَارِكَ». وَاسْتَوْعَى لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِيُّ، كَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ، قَالَ الزُّبَيْرُ: فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَاتِ إِلَّا نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا یُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ یُحَكِّمُوكَ فِیمَا شَجَرَ بَیۡنَهُمۡ﴾ [آية: ٦٥]. [خ:٤٥٨٥]
الغريب: (الشَّرِيج) و(الشَّراج): مَسِيل ماء السَّماء. و(الجَدْرُ): الأصل، وهو بفتح الجيم، وقد تُكْسر. و(اسْتَوْعَى): اسْتوفى. و(أَحْفَظَهُ): أغضبه. و(شَجَر بينهم): اخْتلفوا فيه.
1. وفي الحديث: حكم الإمام على الخصم بما ظهر له من الحقّ البيّن، بعد إشارته بالصّلح وامتناع الخصم من الصّلح.
2. وفيه: الاقتداء بالنّبيّ ﷺ في غضبه ورضاه، وجميع أحواله، وأن يكظم المؤمن غيظه، ويملك نفسه عند غضبه، ولا يحمله الغضب على التّعدّي والجور، بل يعفو ويصفح.
3. وفيه: أنّ للحاكم أن يستوفي لكلّ واحدٍ من المتخاصمين حقّه إذا لم ير منهما قبولًا للصّلح ولا رضًا بما أشار به.
4. وفيه: توبيخ من جفا على الإمام والحاكم، ومعاقبته بما يستحقّه دون ظلمٍ له.

٧- بابٌ


٢٠٢٧. [ق] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ/ يَقُولُ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»، وَكَانَ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «﴿مَعَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ وَٱلصِّدِّیقِینَ وَٱلشُّهَدَاۤءِ وَٱلصَّـٰلِحِینَ﴾ [آية: ٦٩]» فعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ. [خ:٤٥٨٦]

٨- بابٌ


٢٠٢٨. عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: وتلا: ﴿إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِینَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاۤءِ وَٱلۡوِلۡدَ ٰ⁠نِ﴾ [النساء: ٩٨] قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ. [خ:٤٥٨٨]
٢٠٢٩. [ق] وعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: ﴿فَمَا لَكُمۡ فِی ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ فِئَتَیۡنِ﴾[النساء: ٨٨] رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ أُحُدٍ، فَكَانَ النَّاسُ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ: فَرِيقٌ يَقُولُ: اقْتُلْهُمْ، وَفَرِيقٌ يَقُولُ: لَا، فَنَزَلَتْ: ﴿فَمَا لَكُمۡ فِی ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ فِئَتَیۡنِ﴾ [آية: ٨٨] قَالَ: «إِنَّهَا طَيْبَةُ، تَنْفِي الخَبَثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الفِضَّةِ». [خ:٤٥٨٩]

٩- بابٌ


٢٠٣٠. [ق] عَن سَعِيدِ بن جُبَيرٍ قَالَ: اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الكُوفَةِ، فَدَخَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَمَن یَقۡتُلۡ مُؤۡمِنࣰا مُّتَعَمِّدࣰا فَجَزَاۤؤُهُۥ جَهَنَّمُ﴾ [آية: ٩٣] هِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ، وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ. [خ:٤٥٩٠]
• [ق] وفي رِوَايةِ: قَالَ: هَذِه آيةٌ مكيَّةٌ نَسَخَتْها آيةٌ مدنيَّةٌ، الَّتي في سُورةِ النِّساءِ. [خ:٤٧٦٢]
٢٠٣١. [ق] وَعَنْهُ: ﴿وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَنۡ أَلۡقَىٰۤ إِلَیۡكُمُ ٱلسَّلَـٰمَ لَسۡتَ مُؤۡمِنࣰا﴾ [آية: ٩٤] قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ فَلَحِقَهُ المُسْلِمُونَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿تَبۡتَغُونَ عَرَضَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا﴾ [آية: ٩٤] تِلْكَ الغُنَيْمَةُ قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿ٱلسَّلَـٰمَ﴾. [خ:٤٥٩١]

١٠- بابٌ


٢٠٣٢. [ق] عَن زَيدِ بنِ ثَابتٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَمْلَى عَلَيْهِ: ﴿لَّا یَسۡتَوِی ٱلۡقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ ﴿وَٱلۡمُجَـٰهِدُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ﴾ [آية: ٩٥] فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، واللهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ. وَكَانَ أَعْمَى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿غَیۡرُ أُو۟لِی ٱلضَّرَرِ﴾ [آية: ٩٥]. [خ:٤٥٩٢]
٢٠٣٣. [ق] وعَنِ البَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَّا یَسۡتَوِی ٱلۡقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [آية: ٩٥] قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ادْعُوا فُلَانًا». فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ أَوِ الكَتِفُ، فَقَالَ: «اكْتُبْ: ﴿لَّا یَسۡتَوِی ٱلۡقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾» وَخَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ،/ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا ضَرِيرٌ. فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا: ﴿لَّا یَسۡتَوِی ٱلۡقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ غَیۡرُ أُو۟لِی ٱلضَّرَرِ وَٱلۡمُجَـٰهِدُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ﴾ [آية: ٩٥]. [خ:٤٥٩٤]
1. في الحديث: أنّ من حبسه العذر عن الجهاد وغيره من أعمال البرّ؛ يبلغ بنيّته الصّالحة أجر العامل إذا كان لا يستطيع العمل الذي ينويه.
2. وفيه: مشروعيّة كتابة القرآن الكريم.

٢٠٣٤. وعَن ابنِ عَبَّاسٍ: أنَّه قَالَ: ﴿لَّا یَسۡتَوِی ٱلۡقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [آية: ٩٥] عَنْ بَدْرٍ، وَالخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ. [خ:٤٥٩٥]

١١- بابٌ


٢٠٣٥. عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ نَاسًا مِنَ المُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ المُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ المُشْرِكِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، يَأْتِي السَّهْمُ يُرْمَى بِهِ فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ظَالِمِیۤ أَنفُسِهِمۡ﴾ الآية [آية: ٩٧]. [خ:٤٥٩٦]
٢٠٣٦. وعَنْهُ: ﴿إِن كَانَ بِكُمۡ أَذࣰى مِّن مَّطَرٍ أَوۡ كُنتُم مَّرۡضَىٰۤ﴾ [آية: ١٠٢] قالَ: عَبْدُ الرَّحمنِ ابنُ عَوفٍ وَكَان جَرِيحًا. [خ:٤٥٩٩]

١٢- بابٌ


٢٠٣٧. [ق] عَنْ عَائِشَةَ: ﴿وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضࣰا﴾ [آية: ١٢٨] قالَت: الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِك. [خ:٤٦٠١]
الغريب: (النُّشوز): البُغْض. و(البَعْل): الزَّوج. و(أُحْضِرَت): أُلزمت وطُوِّقَت. و(الشُّحُّ): الامتناع مِن بذْلِ ما يطلبه مِنها وتكلُّفه.
1. قال ابن كثير: «يقول تعالى مخبرا ومشرعا عن حال الزوجين: تارة في حال نفور الرجل عن المرأة، وتارة في حال اتفاقه معها، وتارة في حال فراقه لها، فإذا خافت المرأة من زوجها أن ينفر عنها أو يعرض عنها، فلها أن تسقط حقها أو بعضه من نفقة أو كسوة أو مبيت أو غير ذلك من الحقوق عليه، وله أن يقبل ذلك منها فلا جناح عليها في بذلها ذلك له، ولا عليه في قبوله منها، ولهذا قال تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾ ثم قال ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ أي: من الفراق، وقوله: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ﴾ أي الصلح عند المشاحة خير من الفراق، ولهذا لما كبرت سودة بنت زمعة عزم رسول الله ﷺ على فراقها، فصالحته على أن يمسكها، وتترك يومها لعائشة، فقبل ذلك منها وأبقاها على ذلك».

١٣- بابٌ


٢٠٣٨. عَنْ إبراهيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللهِ فَجَاءَهُ حُذَيْفَةُ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا ثمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ. قَالَ الأَسْوَدُ: سُبْحَانَ اللهِ، إِنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ فِی ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ﴾ [آية: ١٤٥] فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللهِ، وَجَلَسَ حُذَيْفَةُ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، فَرَمَانِي بِالحَصَا فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ، لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ ثُمَّ تَابُوا، فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ. [خ:٤٦٠٢]
٢٠٣٩. [ق] وعَنِ البَراءِ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ، وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: ﴿یَسۡتَفۡتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ یُفۡتِیكُمۡ فِی ٱلۡكَلَـٰلَةِ﴾ [آية: ١٧٦]. [خ:٤٦٠٥][للمخرج: تحذف الواو: المتردية، النطيحة]
(٥)- سُورةُ المائدةِ

١ في قوله تعالى: ﴿آياتٌ مُحكَماتٌ﴾ [آل عمران: ٧]، قال المصنف رحمه الله- أن أسلم ما قيل في معناها أن يقال:

٥/٠