(٥) كتابُ الغُسْلِ


١- باب حكم الغُسْلِ من الجنابة وَصِفَته


لقوله تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمۡ جُنُبࣰا فَٱطَّهَّرُوا۟ۚ﴾ [المائدة:٦] و﴿لَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ﴾ إلى قوله: ﴿حَتَّىٰ تَغۡتَسِلُوا۟ۚ﴾ [النساء:٤٣].
١٤٣. [ق] عَنْ عَائِشَةَ زوج النَّبي ﷺ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا] اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي المَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ الشَّعَرِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ. [خ:٢٤٨]
١٤٤. [ق] وعنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، دَعَا بِشَيْءٍ نَحْو الحِلَابِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ. [خ:٢٥٨]
١٤٥. [ق] وعَنْ ميمونةَ ﵂ قَالَتْ: صَبَبْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ غُسْلًا، فَأَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَغَسَلَهما، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ -في أخرى[خ:٢٦٠]: دَلَكَ بِها الحَائِطَ- ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ، وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا. [خ:٢٥٩]
• [ق] وفي أخرى: ثمَّ غسلَ وَجهه ويديه، ثمَّ غسلَ رأسَه ثلاثًا. [خ:٢٦٥]
• [ق] وفي أخرى: تَوَضَّأَ وضوءهُ للصَّلاة غيرَ رِجْلَيهِ. [خ:٢٤٩]
• [ق] وفي أخرى: فناولتُه خِرْقَةً فقال بيده هكذا، ولم يُرِدْها، فَجعلَ ينْفُضُ الماءَ بيدِه. [خ:٢٦٦]
(الحِلَاب): إناءٌ يُحْلَبُ فيه، وقد توهَّمه البخاري طِيبًا، وليس كذلك على ما قاله الخطَّابيُّ وغيرُهُ.
1. فيه جواز تصريح المرأة بما قد يُسْتَحَيا منه لبيان الحق.
2. وفيه جواز نظر المرأة إلى عَورة زوجها؛ لأن ميمونة ﵂ وصفت كيفية اغتساله ﷺ من الجنابة من أوله إلى آخره بما في ذلك تطهير الفرج.

٢- بابٌ: ليس تقديرُ الماءِ بصاعٍ ولا غيرِهِ لازمًا، واغتسالُ الرَّجلِ مع امرأَتِهِ مِن إناءٍ واحدٍ، وكمْ يُفِيْضُ على رأسِهِ؟ والتيمُّنُ في الغُسْلِ


١٤٦. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ ﷺ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ: الفَرَقُ. [خ:٢٥٠]
1. في الحديث: بيان حسن عشرة النبي ﷺ لزوجاته.

١٤٧. [ق] وعنها أنَّها سَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ رَسول اللهِ ﷺ، فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوٍ مِنْ صَاعٍ، فَاغْتَسَلَتْ وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ. [خ:٢٥١]
١٤٨. [ق] وعَنْ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ -وَسأله قومٌ عَنِ الغُسْلِ فَقَالَ-: يَكْفِيكَ صَاعٌ. فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي. فَقَالَ جَابِرٌ: كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْكَ شَعَرًا، وَخَيْرٌ مِنْكَ. ثُمَّ أَمَّنَا فِي ثَوْبٍ. [خ:٢٥٢]
1. قال العيني: «فيه بيان ما كان السلف عليه من الاحتجاج بفعل النبي ﷺ والانقياد إلى ذلك».
2. وفيه جواز الرد على من يماري بغير علم، إذ القصد من ذلك إيضاح الحق والإرشاد إلى من لا يعلم.

١٤٩. [ق] وعنه وقيل له: كَيْفَ الغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ؟ فَقالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَأْخُذُ ثَلَاثَ أَكُفٍّ فَيُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ. فَقَالَ/ الحَسَنُ -هو ابْنُ محمَّد ابْنُ الحنفيَّة-: إِنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ؟ فَقُلْتُ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَكْثَرَ مِنْكَ شَعَرًا. [خ:٢٥٦]
١٥٠. [ق] وعَنْ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا»، وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا. [خ:٢٥٤]
(الفَرَقُ) بفتح الرَّاء، وقد رُوي بإسكانها، والأوَّل المعروف، وهو قَدَحٌ يَسَعُ ثلاثة أَصْوُعٍ على مَا قاله سُفيان.
١٥١. وَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قالت: كُنَّا إِذَا أَصَابَ إِحْدَانَا جَنَابَةٌ، أَخَذَتْ بِيَدَيْهَا ثَلَاثًا فَوْقَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ بِيَدِهَا عَلَى شِقِّهَا الأَيْمَنِ، وَبِيَدِهَا الأُخْرَى عَلَى شِقِّهَا الأَيْسَرِ. [خ:٢٧٧]

٣- بابُ جوازِ الدَّورانِ على نِسائِهِ في غُسْلٍ واحدٍ


١٥٢. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قالتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا. [خ:٢٦٧]
1. قال ابن القيم: «القوى تزيد بالطيب، كما تزيد بالطعام والشراب».

١٥٣. [ق] وعَنْ أنسِ بنِ مالكٍ ﵁ قال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ، قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَوَكَانَ يُطِيقُهُ؟ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ. [خ:٢٦٨]
• [خت] وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ: تِسْعُ نِسْوَةٍ. (خ:٢٨٤)
(النَّضْخ) بالخاء المعجمة لا بالحاء المهملة، وهو سُطوع بقيَّة رائحة الطِّيب وقوَّتها.
1. في الحديث جواز معاودة الجماع بغُسل واحد لزوجة واحدة أو لعدة زوجات، وعدم كراهية الإكثار من الجماع عند القدرة عليه.
2. وفيه جواز تأخير الغسل، وأنه لا تجب المبادرة به.

٤- بابٌ: إذا ذَكَرَ في المَسجدِ أنَّه جُنُبٌ خَرَجَ ولا يتيمَّمُ، والمؤمنُ لا يَنْجُس


١٥٤. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ قِيَامًا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَقَالَ لَنَا: «مَكَانَكُمْ». ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ. [خ:٢٧٥]
1. في الحديث تعليم النبي ﷺ لأصحابه وأُمته ألا يتحرج أحد من أعمال الطهارة، وفعل ما شرعه الله إذا ذكره، ولا يتحرج من الناس.

١٥٥. [ق] وعنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَرِيقِ المَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» قَالَ: كُنْتُ جُنُبًا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. قَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ إِنَّ المُؤمِنَ لَا يَنْجُسُ». [خ:٢٨٣]
(انبجست) للحَمُّويي والكُشْمِيْهَنِي. وللمُسْتَمْلي: (انْتَجَسْتُ) وكِلاهما -والله أعلم- تَصحيف، وصوابه: (انخَنَسْتُ) مِن الانْخناس، وهو التَّأخُّر./
1. قال النووي: «في هذا الحديث استحباب احترام أهل الفضل وأن يوقرهم جليسهم ومُصَاحبهم، فيكون على أكمل الهيئات وأحسن الصفات. وقد استحب العلماء لطالب العلم أن يحسن حاله في حال مجالسة شيخه، فيكون متطهرًا متنظّفًا بإزالة الشعور المأمور بإزالتها وقص الأظفار وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة وغير ذلك؛ فإن ذلك من إجلال العلم والعلماء».
2. قال النووي: «وفي هذا الحديث أيضاً من الآداب أن العالم إذا رأى من تابعه أمراً يخاف عليه فيه خلاف الصواب سأله عنه، وقال له صوابه وبين له حكمه».

٥- بابُ وجوبِ سَتْرِ العَوْرةِ في المَلأِ، واستحبابِهِ في الخَلَاءِ


١٥٦. [ق] عَنْ مَيمونةَ ﵂ قالت: سَتَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنَ الجَنَابَةِ. [خ:٢٨١]
١٥٧. [ق] وعَنْ أمِّ هانئٍ ﵂ قالت: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ عَامَ الفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» فَقُلْتُ: أُمُّ هَانِئٍ. [خ:٢٨٠]
١٥٨. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ. فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فجَمَحَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ وهو يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ، ثَوْبِي يَا حَجَرُ. حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ. وَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْبًا». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالحَجَرِ، سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْبًا بِالحَجَرِ. [خ:٢٧٨]
1. قال العراقي: «في الحديث دليل على إباحة كشف العورة في الخلوة في حالة الاغتسال».
2. قال ابن بطال: «فيه إباحة النظر إلى العورة عند الضرورة الداعية إلى ذلك من مداواة أو براءة مما رمي به من العيوب كالبرص وغيره».
3. قال القرطبي: «إنما كان بنو إسرائيل تفعل هذا معاندة للشرع ومخالفة لموسى وهو من جملة عتوهم وقلة مبالاتهم باتباع شرع موسى ألا ترى أن موسى ﵇ كان يستتر عند الغسل فلو كانوا أهل توفيق وعقل اتبعوه ثم لم تكفهم مخالفتهم له حتى آذوه بما نسبوا إليه من آفة الأدرة فأظهر الله براءته مما قالوا فيه بطريق خارق للعادة زيادة في أدلة صدق موسى ومبالغة في قيام الحجة عليهم».
4. قال العراقي: «وفيه بيان شدة ما ابتلي به الأنبياء والصالحون من أذى السفهاء والجهال وصبرهم عليها».
5. قال العراقي: «أنه لولا تأثر الحجر بالضرب وبقاء الندب فيه لعد أهل السفاهة والجهل والعتو والاختلاق هذا عبثا فكان يحصل لموسى ﵇ بذلك أذى زايد على ما تقدم والقصد رفع الأذى عنه لا جلبه إليه».

١٥٩. [ق] ومِن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى عَنِ الِاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يُفْضِي بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ... الحديثَ. [خ:٥٨٤]
• [خت] وَقَالَ بَهْزٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «اللهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ».
الغريب: (جَمَح): أسرعَ في نُفْرَةٍ. (النَّدَبُ) بفتح الدَّال: أثر الجُرح. و(طَفِقَ): معناه أخذَ وجَعلَ.

٦- بابُ غُسلِ المرأةِ إذا احْتلمتْ، ووُضُوءِ الجُنُبِ إِذا أَرادَ النَّومَ


١٦٠. [ق] عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ». [خ:١٣٠]
1. في الحديث: سؤال المرأة الرجل الأجنبي بنفسها في أمر دينها، وإن كان مما يُستحيى منه، وترك الاستحياء لمن عرضت له مسألة دينية.
2. وفيه زجر من يلوم على من يسأل عما جَهِله، وإن كان مما يُستحيى منه.

١٦١. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسولُ اللهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ. [خ:٢٨٨]
١٦٢. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ أَنَّهُ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ». [خ:٢٩٠]
• [ق] وفي رواية: «إذا توضَّأ أحدُكم فليرُقدْ وَهُو جُنُب»./ [خ:٢٨٧]

٧- بابٌ: لا غُسْلَ إلَّا مِن الدَّفْق، ونسخُهُ


١٦٣. [ق] عَنْ زَيدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ ﵁ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ﵁ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُمْنِ؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ. فَسَأَلتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ، وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. [خ:١٧٩]
١٦٤. [ق] وعَنْ أبي أيُّوبٍ ﵁ قَال: أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ﵁أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ؟ قَالَ: «يَغْسِلُ مَا مَسَّ المَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي». [خ:٢٩٣]
١٦٥. [ق] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ الغَسْلُ». [خ:٢٩١]
(الشُّعَبُ الأرْبَع): الفَخذان وجَانبا الفَرْج. و(جَهَدَها) بفتح الهاء: أتْعبها بالإيلاج، وهو المعبَّر عنه في رواية أخرى^([حم:٦٦٧٠]) بالتقاء الخِتَانَيْنِ.

(٦) كِتَابُ الحَيْضِ، وقولُهُ تعالى: ﴿وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِیضِۖ قُلۡ هُوَ أَذࣰى﴾ الآية [البقرة:٢٢٢]


وقولُهُ ﵇ لعائشةَ حين حاضتْ: «إِنَّ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» وسيأتي إن شاء الله تعالى [ر:٨٤٧].

١- بابٌ: تجوزُ مباشرةُ الحائضِ، واستعمالُها في كلِّ شيءٍ إلَّا النِّكاح


١٦٦. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهِيَ حَائِضٌ، وَرَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَئِذٍ مُجَاوِرٌ فِي المَسْجِدِ، يُدْنِي لَهَا رَأْسَهُ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا فَتُرَجِّلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ. [خ:٢٩٦]
١٦٧. [ق] وعنها أنَّها قالتْ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَّكِئُ فِي حَجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ يَقْرَأُ القُرْآنَ. [خ:٢٩٧]
1. قال النووي: «فيه جواز قراءة القرآن مضطجعاً ومتكئًا على الحائض وبقرب موضع النجاسة».

١٦٨. [ق] وعنها: كَانَ النَّبيُّ ﷺ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ. [خ:٣٠٠]
١٦٩. [ق] وعنها قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا. قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ/ النَّبِيُّ ﷺ يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟! [خ:٣٠٢]
١٧٠. [ق] وعَنْ ميمونةَ ﵂: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حَائِضٌ. [خ:٣٠٣]
1. في الحديث بيان ما كان عليه النبي ﷺ من الأخلاق الكريمة، وحسن عشرته لأزواجه، وجواز مداعبة الرجل لزوجته، وإدخال السرور عليها بمثل هذا.

١٧١. [ق] وعَنْ أمِّ سَلَمَةَ ﵂ قالتْ: بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مُضْطَجِعَةٌ فِي خَمِيصَةٍ إِذْ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي، فَقَالَ: «أَنُفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. فَدَعَانِي فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ. [خ:٢٩٨]
الغريب: (المُجاور): المعتَكف هنا. و(فَورَ حَيْضَتها): معظمُها. و(الحَيضَةُ) بفتح الحاء المصدر، وبكسرها الدَّم. و(الإِرْبُ): الحَاجة، وأصله العضو، وهو بكسر الهمزة وسكون الرَّاء. ويُقال: أَرَب، بفتح الهمزة والرَّاء. و(الخَميصَة): كِساءٌ له أعلام. و(الخَمِيلَة): كِساء له زئبر وهو الخَمل.
1. في الحديث ما كان عليه الصلاة والسلام من التواضع، وحسن العشرة، ومن الزهادة في الدنيا، حيث كان ينام مع أزواجه في الثياب التي يَحِضن فيها، ويغتسل معهن في إناء واحد.

٢- بابُ ترْكِ الحائضِ الصَّومَ والصَّلاةَ، وتَفعلُ المناسِكَ كلَّها إلَّا الطَّوافَ، وتَحْضُرُ العيدَ وتعتزلُ المُصَلَّى، وتقضي الصَّومَ ولا تقضي الصَّلاةَ


١٧٢. [ق] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي أَضْحَى -أَوْ: فِطْرٍ- إِلَى المُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ». فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ». قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟» قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا». [خ:٣٠٤]
1. يُستحب للخطيب في العيدين أن يفرد النساء بالموعظة، ويخبرهن بما يَخصهن من تقوى الله، والنهي عن كُفران العشير، وما يلزمهن من ذلك.
2. فضل الصدقة وأنها من الأسباب التي يتقى بها النار، وفي الحديث: (اتقوا النار ولو بِشِق تمرة)، وأن الصدقة تُكَفِّر الذُّنوب التي بين المخلوقين.
3. في الحديث: مراجعة المتعلم للعالم، والتابع للمتبوع فيما قاله إذا لم يظهر له معناه.

١٧٣. [ق] وقال ﷺ لعَائِشَةَ ﵂ حِينَ حَاضَت: «اّْفْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي». [خ:٣٠٥]
(العَشير): المُعاشِر، وهو المخالِط، ويَعني به هنا الزَّوج. و(اللُّبُّ): العَقل. و(الحَازم): هو المتشمِّر للأمور، العَازم عليها.
١٧٤. [ق] وعَنْ حَفصةَ، عَنْ أمِّ عطيَّةَ ﵂ قالت: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «يَخْرُجُ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ، وَالحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ، وَتعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى». قَالَتْ حَفْصَةُ: فَقُلْتُ: آلحُيَّضُ؟ فَقَالَتْ: أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ، وَكَذَا وَكَذَا./ [خ:٣٢٤]
1. فضل يوم العيد وكونه مرجوًّا لإجابة الدعاء، والاهتمام بتكثير الحاضرين في العيد للدعاء والذكر.
2. من طريقة نساء الصحابة تستر الأبكار ونحوهن في البيوت وعدم خروجهن.
3. قوله: (وتعتزل الحيض المصلى) قال ابن المنير: «الحكمة في اعتزالهن أن في وقوفهن وهن لا يصلين مع المصليات إظهار استهانة بالحال. فاستحب لهن اجتناب ذلك».

١٧٥. [ق] وعَنْ مُعَاذَةَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ ﵂: أَتَجْزِي إِحْدَانَا صَلَاتُهَا إِذَا طَهُرَتْ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟! قَدْ كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَلَا يَأْمُرُنَا، أَوْ قَالَتْ: فَلَا نَفْعَلُهُ. [خ:٣٢١]
1. فيه الإنكار حال مشابهة أهل البدع فأنكرت عائشة السؤال بقولها: (أحرورية أنت؟) وهذا الإنكار حمل عليه الظن بأن السؤال كان بقصد التّعنّت، وفيه جواز ترك السائل وعدم إجابته إذا كان يسأل للتعنّت. فعائشة ﵂ لم تُجب السائلة إلا بعد أن اتضح لها أنها تسأل سؤال تعلّم.

(تَجِزي) بفتح التَّاء: بمعنى تقضي.

٣- بابُ الاسْتحاضَةِ، وَأحكامِها


١٧٦. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أنَّها قَالت: قالتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: إِنِّي لَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي». [خ:٣٠٦]
١٧٧. وعنها أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ، فَرُبَّمَا وَضَعَتِ الطَّسْتَ تَحْتَهَا مِنَ الدَّمِ، وَزَعَمَ أَنَّ عَائِشَةَ رَأَتْ مَاءَ العُصْفُرِ، فَقَالَتْ: كَأَنَّ هَذَا شَيْءٌ كَانَتْ فُلَانَةُ تَجِدُهُ. [خ:٣٠٩]
• وفي رواية [خ:٣١٠]: اعتَكَفَتْ مَعهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ وكانتْ ترى الدَّم والصُّفْرَة والطَّسْتُ تحتَها وهي تُصلِّي.
الغريب: الدِّماء الَّتي تخرج مِن الرَّحِم ثلاثة: دم حيض، وهو الخارج على وجه الصِّحة مِن المُعْصِرِ فصاعدًا. ودم نِفاسٍ: وهو الخارج بسبب الولادة. ودم علَّةٍ وفسادٍ: وهو دم الاسْتحاضة.

٤- بابُ اغتسالِ الحائضِ إِذا طهُرت، ونقضِها شَعَرها، واستعمالِها الطِّيبَ حينئذٍ


١٧٨. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ، قَالَ: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا». قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بها؟ قَالَ: «تَطَهَّرِي بِهَا». قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِي بها». فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ، فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. [خ:٣١٤]
• [ق] وفي رواية: «خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً وتوضَّئي» ثلاثًا أو قال: «توضَّئي بها» ثمَّ استحيا وأعرض بوجهه./ [خ:٣١٥]
١٧٩. [ق] وعنها أنَّها قالتْ: أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقِ الهَدْيَ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ: «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي -وفي رواية[خ:٣١٧]: وأَهِلِّي بِحَجٍّ- وأمْسكِي عَنْ عُمْرتكِ»، ففعلتُ. الحديثَ [خ:٣١٦]، وسيأتي[ر:٨٥٣].
١٨٠. [ق] وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ ﵂ قالت: كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَنْ زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا نَكْتَحِلَ، وَلَا نَتَطَيَّبَ، وَلَا نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ. [خ:٣١٣]
• وفي رواية: عَنْ حَفصةَ عَنْ أمِّ عطيَّة عَنِ النَّبيِّ ﷺ. [خ: ٥٣٤١]
الغريب: (فِرْصَة) بالفاء وكسرها وبالصَّاد المهملة، وهي القِطعة مِن الجِلد، وعلى هذا فيكون الصَّحيح في: (مَسْك) فتح الميم فإنَّه الجِلد، ويشهد لهذا قوله في الرِّواية الأخرى [خ:٣١٥]: (مُمَسَّكة)؛ أي: قِطْعة جِلْدٍ جُعِلَ فيها مسكٌ، وقد قيَّدنا ميم (مِسْك) بالكسر يعني به شيئًا مِن مِسكٍ، عَبَّر عنه بقطعة. و(الحَصْبَة): المُحَصَّب، وهو موضع خارج مكَّة ينزل فيه الحاجُّ عند رجوعهم مِن مِنَى. و(العَصْب): بُرُود اليمن الغِلاط. و(النُّبْذَة): الشَّيء اليسير، وأدخل فيه الهاء لأنَّه بمعنى القطعة، وهي بضمِّ النُّون. و(الكُسْت): القُسْط، أُبدلتِ الكاف مِن القاف، والتَّاء مِن الطَّاء، وقد رُوي بالقاف وبالطَّاء في «كتاب مسلم». و(الأظْفَارِ): يعني بها هنا الظُّفُر الذي يُتبخَّر به. ووقع في «البخاري» عند جميع الرُّواة فيما علمتُ: (مِن كُسْتِ أظفارٍ) بالإضافة، وليس بشيء لأنَّهما نوعان مختلفان، غير أنَّ بعضهم قدْ حذف الألف فقال: ظَفَار، وكأنَّه عنى بها المدينة الَّتي باليمن، ويلزمه على هذا ألَّا يَصْرِفَها؛ كحذَام، أو يبنيها على الكَسر كفخارِ.

٥- بابُ إقبالِ المَحيضِ وإدْبارِهِ، والصُّفْرةِ والكُدْرَةِ


• قد تقدَّم قوله ﵇: «فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي/ عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي». [ر:١٧٦]
• [خت] وقال البخاريُّ: وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ، فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ القَصَّةَ البَيْضَاءَ، تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الحَيْضَةِ، وَبَلَغَ ابنة زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ نِسَاءً كُن يَدْعُونَ بِالمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ، فَقَالَتْ: مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ.
1. بيان علو منزلة الزوج؛ إذ لا يعتد على غيره بأكثر من ثلاث ليال، ويعتد من وفاته أربعة أشهر وعشرا؛ لاستبراء الرحم وغير ذلك.

١٨١. وعَنْ أمِّ عطيَّةَ ﵂ قالت: كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالكُدْرَةَ شَيْئًا. [خ:٣٢٦]
قلت: تَعني بعد الطُّهر. وكذا في «كتاب أبي داود»^([٣٠٧]). و(الدِّرجَة) جمع دُرْجَة، وهي وِعَاء تَجعل فيه المرأة ما تحتاج إليه مِن الخِرَقِ وغيرها. وروايتها بكسر الدَّال وفتح الرَّاء. و(الكُدْرَةَ): أنْ يتغيَّر دَمها إلى الغُبْرَة، وبعدها إلى الصُّفْرة، وبعدها تكون القَصَّةُ البيضاءُ، وهي ماءٌ أبيض كالقصِّ، وهو الجِصُّ.

٦- بابٌ: إذا قالتِ المرأةُ: إنَّها حاضت في شَهرٍ ثلاثَ حِيَضٍ، وما يُصدَّقُ النِّساءُ فيهِ مِن ذلِكَ، 16:06


لقولِ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا یَحِلُّ لَهُنَّ أَن یَكۡتُمۡنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِیۤ أَرۡحَامِهِنَّ﴾ [البقرة:٢٢٨]
• [خت] وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ: إِنْ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثًا فِي شَهْرٍ صُدِّقَتْ.
• [خت] وَقَالَ عَطَاءٌ: أَقْرَاؤُهَا مَا كَانَتْ. وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ.
• [خت] وَقَالَ عَطَاءٌ: الحَيْضُ يَوْمٌ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ.
• [خت] وسُئل ابْنُ سِيرِينَ عَنِ المَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قُرْئِهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ؟ قَالَ: النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ.
١٨٢. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: «لَا، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي». [خ:٣٢٥]

١ في غسل النبي ﷺ من الجنابة: كان يأخذ:

٥/٠