(٤٨) كتابُ الطَّلاقِ


١- بابُ سُنَّةِ الطَّلاقِ،


وقولِ اللهِ ﷿: ﴿إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَاۤءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ﴾ [الطلاق:١]
٢٣٦٨. [ق] وعَنِ ابنِ عمرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ». [خ:٥٢٥١]
٢٣٦٩. [ق] وعن يُونس بن جُبَيْرٍ قال: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: تَعْرِفُ ابْنَ عُمَرَ؟ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا، قُلْتُ: فَهَلْ عَدَّ ذَلِكَ طَلَاقًا؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ؟ [خ:٥٢٥٨]
[ق] وفي رواية عَنِ ابنِ عُمر: حُسبتْ عليَّ تطليقةً./ [خ:٥٢٥٣]
تنبيه: يعني أنَّه لو عجزَ عَنِ النُّطق بالرَّجعة أو ذهبَ عقلُه عنها، لم يكن ذلك مُخلًّا بالطَّلقة، فإنَّها واقعة مِن كلِّ بُدٍّ، وكأنَّ هَذا كان عندهم مَعْلومًا. و(اسْتَحْمقَ) تَقييدهُ بفتح التَّاء والميم، مبنيًّا للفاعل، ولا يجوز أن يُبنى للمفعول؛ لأنَّه غير مُتعدٍّ.

٢- بابُ الطَّلاقِ بالكِنَايةِ


٢٣٧٠. قَالَ الأوْزاعيُّ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ، أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَدَنَا مِنْهَا، قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، فَقَالَ لَهَا: «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الحَقِيْ بِأَهْلِكِ». [خ:٥٢٥٤]
1. قال الطحاوي: «هذا الحديث أصل في الكنايات عن الطلاق؛ لأن النبي ﷺ قال لابنة الجون حين طلقها: (الحَقِيْ بِأَهْلِكِ)».

٢٣٧١. وعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قال: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ: الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ، جَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اجْلِسُوا هَاهُنَا»، وَدَخَلَ النَّبيُّ ﷺ وَقَدْ أُتِيَ بِالجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ ﷺ قَالَ: «هَبِي لي نَفْسَكِ»، قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ المَلِكَةُ نَفْسَهَا لِسُوقَةٍ؟ قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ، فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ. قَالَ: «قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ»، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «يَا أَبَا أُسَيْدٍ، اّْكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا». [خ:٥٢٥٥]
1. قولها: (أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ) قال النووي: «في الحديث المشهور أن النبي ﷺ قال: "من استعاذكم بالله فأعيذوه" فلما استعاذت بالله تعالى لم يجد النبي ﷺ بُداً من إعاذتها وتركها، ثم إذا ترك شيئا لله تعالى لا يعود فيه».

٢٣٧٢. وفي رواية عَنه وعن سَهلٍ قالا: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ. [خ:٥٢٥٦]
(الرَّازقيَّة): هي ثيابٌ مِن الكَتَّان بيضٌ طُوالٌ.

٣- بابُ ما يُحِلُّ المطلَّقةَ ثَلاثًا


٢٣٧٣. [ق] عن عُروة أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ القُرَظِيِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي، وَإِنِّي نَكَحْتُ بَعْدَهُ/ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ القُرَظِيَّ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ الهُدْبَةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ». [خ:٥٢٦٠]
1. قال ابن عبد البر: «في قوله ﷺ لامرأة رفاعة: (لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟) دليل على أن إرادة المرأة الرجوع إلى زوجها لا يضر العاقد عليها، وأنها ليست بذلك في معنى التحليل المستحق صاحبه اللعنة».

٢٣٧٤. [ق] وعَنها أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، فَتَزَوَّجَتْ فَطَلَّقَ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: أَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ قَالَ: «لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا كَمَا ذَاقَ الأَوَّلُ». [خ:٥٢٦١]

٤- بابُ التَّخييرِ، وإذَا اختارت المُخَيَّرةُ زوجَها لم يكن ذَلك طَلاقًا،


وقوله ﷿: ﴿قُل لِّأَزۡوَ ٰ⁠جِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا وَزِینَتَهَا﴾ الآية [الأحزاب:٢٨]
٢٣٧٥. [ق] عن عائِشَةَ قالت: خَيَّرَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَاخْتَرْنَا اللهَ وَرَسُولَهُ، فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا شَيْئًا. [خ:٥٢٦٢]
وفي رواية: أفكانَ ذلك طَلاقًا؟ قال مسروقٌ: لَا أُبالي خَيَّرْتُها واحدةً أو مئةً بعد أن تختارني. [خ:٥٢٦٣]

٥- بابُ مَن قالَ لامرأتِهِ: أنتِ عليَّ حَرامٌ،


وقولُهُ تعالىَ: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَاۤ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم:١]
• [خت] قَالَ الحَسَنُ: له نِيَّتُهُ.
• [خت] وَقَالَ أَهْلُ العِلْمِ: إِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، فَسَمَّوْهُ حَرَامًا بِالطَّلَاق وَالفِرَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا كَالَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ، فلِأَنَّهُ لَا يُقَالُ للطَّعَامِ الحِلِّ: حَرَامٌ، وَيُقَالُ لِلْمُطَلَّقَةِ: حَرَامٌ، وَقَالَ فِي المطلَّقة ثَلَاثًا: لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
• [خت] وقال نافعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا قَالَ: لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَنِي بِهَذَا، فَإِنْ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا حَرُمَتْ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ. (خ:٤٩٠٨)
• وقد تقدَّم حديث امرأةِ رِفَاعة [ر:٢٣٧٣].
٢٣٧٦. [ق] وعَنْ عُروة، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُحِبُّ العَسَلَ وَالحَلْوَاءَ، فكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ العَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ ممَّا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَغِرْتُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةَ عَسَلٍ، فَسَقَتِ النَّبِيَّ ﷺ/ مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ: أَمَا وَاللهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ. فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: إِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَإِذَا دَنَا مِنْكِ فَقُولِي له: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: لَا. فَقُولِي: مَا هَذِهِ الرِّيحُ الذي أَجِدُ مِنْكَ؟ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ. فَقُولِي: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ. وَسَأَقُولُ ذَلِك، وَقُولِي أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ ذَلِك، قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَامَ عَلَى البَابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُبَادِيَهُ بِمَا أَمَرْتِنِي بِهِ فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا قَالَتْ لَهُ سَوْدَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَالَ: «لَا»، قَالَتْ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّذي أَجِدُ مِنْكَ؟ قَالَ: «سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ»، فَقَالَتْ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ. فَلَمَّا دَارَ إِلَيَّ قُلْتُ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى صَفِيَّةَ قَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى حَفْصَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَالَ: «لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ». وقَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَاللهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ. قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي. [خ:٥٢٦٨]
الغَريب: (المَغافِيْر): جمع مُغْفُور، وهو صَمْغَة العُرْفط، وهو شَجرٌ، وهذه الصَّمغة حُلوةٌ كريهة الرِّيح. و(جَرَسْتْ): أكلتْ. وكَان النَّبيُّ ﷺ يكره أن يُوجد منه رَائحة كريهة.
1. قولها: (كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُحِبُّ العَسَلَ وَالحَلْوَاءَ) قال النووي: «قال العلماء: فيه جواز أكل لذيذ الأطعمة والطيبات من الرزق، وأن ذلك لا ينافي الزهد والمراقبة لا سيما إذا حصل اتفاقا».
2. قال الخطابي: «لم يكن حبه ﷺ لها على معنى كثرة التشهي لها وشدة نزاع النفس إليها، وإنما كان ينال منها إذا أُحضرت إليه نيلاً صالحاً فيُعلم بذلك أنها تُعجبه».

٦- بابُ ما ذُكِرَ في طلاقِ المُكْرَهِ والمَجنونِ والسَّكْرانِ والغَضبانِ


• [خت] قَالَ عُثْمَانُ: لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلَاقٌ.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ.
• [خت] وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: لَا يَجُوزُ طَلَاقُ المُوَسْوِسِ.
• [خت] وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا بَدَا بِالطَّلَاقِ لَهُ شَرْطُهُ.
• [خت] وَقَالَ نَافِعٌ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ البَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بَانتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
• [خت] وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ قَالَ: إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا: يُسْأَلُ عَمَّا قَالَ وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ بِتِلْكَ اليَمِينِ؟ فَإِنْ كَانَ سَمَّى أَجَلًا وَأَرَادَهُ وَعَقَدَه حِينَ حَلَفَ، جُعِلَ ذَلِكَ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ.
• [خت] وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنْ قَالَ: لَا حَاجَةَ/ لِي فِيكِ، نِيَّتُهُ، وَطَلَاقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانهِمْ.
• [خت] وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا قَالَ: إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، فَإِنِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ.
• [خت] قال [الحسن]: إِذَا قَالَ: الحَقِي بِأَهْلِكِ نِيَّتُهُ.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الطَّلَاقُ عَنْ وَطَرٍ، وَالعَتَاقُ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللهِ.
• [خت] وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنْ قَالَ: مَا أَنْتِ بِامْرَأَتِي؛ نِيَّتُهُ، وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا فَهُوَ مَا نَوَى.
• [خت] وَقَالَ عَلِيُّ بن أبي طالبٍ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ القَلَمَ رُفِعَ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ.
• [خت] وَقَالَ عليٌّ: كُلُّ طلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ المَعْتُوهِ.
• [خت] وقال قَتادة: إذا طلَّق في نفسِه فليس بشيءٍ.
٢٣٧٧. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ».[خ:٥٢٦٩]
وسيأتي قول النَّبيِّ ﷺ للمقرِّ على نفسِه بالزِّنا: «هل بك جنونٌ؟ هل أَحْصَنتَ؟» قال: نعم، فأمَرَ به فرُجم. [ر:٣٠١٩]
1. قوله: (هل بك جنونٌ؟) إما قاله ليتحقق حاله، فإن الغالب أن الإنسان لا يصر على الإقرار بما يقتضي قتله من غير سؤال، مع أن له طريقا إلى سقوط الإثم بالتوبة، وفي الرواية الأخرى: (أنه سأل قومه عنه فقالوا: ما نعلم به بأسا ) وهذا مبالغة في تحقيق حاله، وفي صيانة دم المسلم.
2. قال النووي: «وفيه إشارة إلى أن إقرار المجنون باطل، وأن الحدود لا تجب عليه، وهذا كله مجمع عليه».

٧- بابُ الخُلعِ، وكيفَ الطَّلاقُ فيهِ؟ وقولِهِ تعالىَ:


﴿وَلَا یَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَأۡخُذُوا۟ مِمَّاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ شَیۡـًٔا إِلَّاۤ أَن یَخَافَاۤ أَلَّا یُقِیمَا حُدُودَ ٱللَّهِ﴾ [البقرة:٢٢٩]
• [خت] وأَجازَ عمرُ الخُلْعَ دونَ السُّلطانِ، وأجازَ عثمانُ الخُلعَ دونَ عِقَاصِ رَأْسِها.
• [خت] وقال طَاوُوسٍ: ﴿إِلَّاۤ أَن یَخَافَاۤ أَلَّا یُقِیمَا حُدُودَ ٱللَّهِ﴾ [البقرة:٢٢٩]: فيما اّْفترضَ لكلِّ وَاحدٍ منهما على صاحبِهِ في العِشرةِ والصُّحبةِ، ولم يَقُلْ قولَ السُّفهاءِ: لا يَحِلُّ حتَّى تقولَ: لا أغتسلُ لكَ مِن جَنَابةٍ.
٢٣٧٨. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: جَاءَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى رَسولِ الله ﷺ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتِ بن قيسٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ، إِلَّا أَنِّي أَخَافُ الكُفْرَ -وفي رواية[خ:٥٢٧٥]: ولكنْ لا أُطِيْقُهُ- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟» فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِفِرَاقِهَا. [خ:٥٢٧٦]
وفي رواية: أنَّه ﷺ قَال لَه: «اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً».[خ:٥٢٧٣]
1. قال ابن هبيرة: «وهو أول خلع في الإسلام».
2. وفي الحديث: تسمية المعاملة السّيّئة للزّوج كفرًا؛ لما فيها من الاستهانة بالعلاقة الزّوجيّة، وجحود حقوقها المشروعة، وهذا يدخل في كفران العشير، وينافي ما يقتضيه الإسلام.

٨- بابُ خيَارِ الأَمَةِ تحتَ العبدِ/ إذا أُعْتقتْ


٢٣٧٩. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا -في رواية [خ:٥٢٨٢]: لبني فلان- يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي، وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعبَّاسٍ: «يَا عَبَّاسُ، أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا؟!» فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ رَاجَعْتِهِ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «إِنَّمَا أَشْفَعُ»، قَالَتْ: فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. [خ:٥٢٨٣]
1. في الحديث: الشّفاعة من الحاكم عند الخصم في خصمه إذا ظهر حقّه، وإشارته عليه بالصّلح أو التّرك.
2. وفيه: أنّ من يسأل من الأمور ممّا هو غير واجب عليه فعله، فله ردّ سائله وترك قضاء حاجته، وإن كان الشّفيع سلطانا أو عالما أو شريفا.
3. قال ابن حجر: فيه جواز مناجاة المرأة دونَ زوجها سرًّا إذا كان المناجي ممن يُؤمَن.
4. قال ابن حجر: فيه تنبيه الصاحب صاحبَه على الاعتبار بآيات الله وأحكامه؛ لتعجيبِ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم العباسَ من حب مغيثٍّ بَرِيرة.
5. وفيه حسن أدب بريرة رضي الله عنها؛ لأنها لم تفصح بردّ الشفاعة، وإنما قالت: "لا حاجة لي فيه".
6. أن فرط الحبّ يذهب الحياء؛ لما ذكر من حال مغيث، وغلبة الوجد عليه حتى لم يستطع كتمان حبّها.

• وقد تقدَّم حَديث بَريرَةَ بكمالِهِ في العِتقِ [ر:١٢٤٧].

٩- بابُ مَن قَالَ: لا يجوزُ نِكَاحُ الكِتابيَّات


٢٣٨٠. عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ النَّصْرَانِيَّةِ وَاليَهُودِيَّةِ قَالَ: إِنَّ اللهَ حَرَّمَ المُشْرِكَاتِ عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَلَا أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيْئًا أَكْبَرَ مِنْ أَنْ تَقُولَ المَرْأَةُ: رَبُّهَا عِيسَى، وَهُوَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللهِ. [خ:٥٢٨٥]

١٠- بابُ عِدَّةِ مَن أسلَمَ مِن المُشركاتِ


٢٣٨١. وقال عطاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ المُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَالمُؤْمِنِينَ، كَانُوا مُشْرِكِي أَهْلِ الحَرْب، يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَمُشْرِكِي أَهْلِ عَهْدٍ لَا يُقَاتِلُهُمْ وَلَا يُقَاتِلُونَهُ، فكَانَ إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ، فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إِلَيْهِ، وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ، وَلَهُمَا مَا لِلْمُهَاجِرِينَ -ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَهْلِ العَهْدِ مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ- وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَهْلِ العَهْدِ لَمْ يُرَدُّوا وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ. [خ:٥٢٨٦]
٢٣٨٢. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَتْ قَرِيبَةُ ابنةُ أَبِي أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَطَلَّقَهَا وتَزَوَّجَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَتْ أُمُّ الحَكَمِ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ تَحْتَ عِيَاضِ ابْنِ غَنْمٍ الفِهْرِيِّ، فَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمانَ الثَّقَفِيُّ. [خ: ٥٢٨٧]

١١- بابٌ: إذا أسْلمتِ المُشْرِكةُ والنَّصرانيةُ تحتَ الذِّمِّيِّ أو الحَربيِّ


• [خت] عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: إِذَا أَسْلَمَتِ النَّصْرَانِيَّةُ قَبْلَ زَوْجِهَا/ بِسَاعَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ.
• [خت] وَقَالَ دَاوُدُ عَنْ إِبْراهِيمَ الصَّائِغِ: سُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ العَهْدِ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا فِي العِدَّةِ، أَهِيَ امْرَأَتُهُ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَصَدَاقٍ.
• [خت] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا أَسْلَمَ فِي العِدَّةِ يَتَزَوَّجُهَا.
وَقَالَ اللهُ: ﴿لَا هُنَّ حِلࣱّ لَّهُمۡ وَلَا هُمۡ یَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [الممتحنة:١٠].
• [خت] وَقَالَ الحَسَنُ وَقَتَادَةُ فِي مَجُوسِيَّيْنِ أَسْلَمَا: هُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، فَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا الآخَر وَأَبَى الآخَرُ بَانَتْ، ولَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: امْرَأَةٌ مِنَ المُشْرِكِينَ جَاءَتْ إِلَى المُسْلِمِينَ، أَيُعَاضُ زَوْجُهَا مِنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَءَاتُوهُم مَّاۤ أَنفَقُوا۟﴾ [الممتحنة:١٠]؟ قالَ: لَا، إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ وَبَيْنَ أَهْلِ العَهْدِ.
• [خت] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَذَا كُلُّهُ فِي صُلْحٍ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ.
• وقد تقدَّم حديث عائشةَ في مبايعة النِّساء [ر:٢١٨٩].

١٢- بابٌ: في قولِهِ تعالى:


﴿لِّلَّذِینَ یُؤۡلُونَ مِن نِّسَاۤىِٕهِمۡ تَرَبُّصُ أَرۡبَعَةِ أَشۡهُرࣲ فَإِن فَاۤءُو﴾ [البقرة:٢٢٦]: رَجَعوا
٢٣٨٣. عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: آلَى رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ نِسَائِهِ -في رواية [خ:٥٢٨٩]: شهرًا- وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، آلَيْتَ شَهْرًا؟ قَالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». [خ:٥٢٨٩]
٢٣٨٤. وعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ فِي الإِيلَاءِ الَّذِي سَمَّى اللهُ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَ الأَجَلِ إِلَّا أَنْ يُمْسِكَ بِالمَعْرُوفِ، أَوْ يَعْزِمَ الطَّلَاقَ كَمَا أَمَرَ اللهُ. [خ:٥٢٩٠]
٢٣٨٥. وقالَ ابنُ عُمرَ: إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ. [خ:٥٢٩١]
• [خت] وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَائِشَةَ، وَاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ.

١٣- بابُ حُكْمِ المَفقودِ في أهلِهِ ومالِهِ


• [خت] قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: إِذَا فُقِدَ فِي الصَّفِّ عِنْدَ القِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً.
• [خت] وَاشْتَرَى ابْنُ مَسْعُودٍ جَارِيَةً فالتَمَسَ صَاحِبَهَا سَنَةً، فَلَمْ يَجِدْهُ وَفُقِدَ، فَأَخَذَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ، وَقَالَ: اللهُمَّ عَنْ فُلَانٍ، فَإِنْ أَتَى فُلَانٌ فَلِي وَعَلَيَّ، وَقَالَ: هَكَذَا افْعَلُوا في اللُّقَطَةِ.
• [خت] وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الأَسِيرِ يُعْلَمُ مَكَانُهُ: لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ، وَلَا يُقْسَمُ مَالُهُ، فَإِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَسُنَّتُهُ/ سُنَّةُ المَفْقُودِ.
وذكر في هذا الباب حديثَ زيد بن خالدٍ في اللُّقَطَة، ومقصودُه منه قولهُ ﷺ: «مَا لَكَ وَلَهَا؟! مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ وَتَأكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّىَ يَلْقَاهَا رَبُّهَا». وقد تقدَّم ذِكره في اللُّقَطَة [ر:١١٧٥].

١٤- بابُ الظِّهارِ، وقولِ اللهِ ﷿: ﴿قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِی تُجَـٰدِلُكَ فِی زَوۡجِهَا﴾


إِلى قولِهِ: ﴿سِتِّینَ مِسۡكِینࣰا﴾ [المجادلة: ١-٤]
• [خت] وقال مَالِكٌ: إِنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ ظِهَارِ العَبْدِ؟ فَقَالَ: نَحْوَ ظِهَارِ الحُرِّ. قَالَ مَالِكٌ: وَصِيَامُ العَبْدِ شَهْرَانِ.
• [خت] وَقَالَ الحَسَنُ بْنُ الحُرِّ: ظِهَارُ الحُرِّ وَالعَبْدِ مِنَ الحُرَّةِ وَالأَمَةِ سَوَاءٌ.
• [خت] وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ إِنَّمَا الظِّهَارُ مِنَ النِّسَاءِ.
وَفِي العَرَبِيَّةِ: ﴿لِمَا قَالُوا۟﴾ [المجادلة: ٣]: أَيْ: فِيمَا قَالُوا، أو فِي نقض مَا قَالُوا، وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ اللهَ تعالى لَمْ يَدُلَّ عَلَى المُنْكَرِ وَقَوْلِ الزُّورِ.

١٥- بابُ الإِشارةِ في الطَّلاقِ وفي الأُمُورِ


• [خت] وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا يُعَذِّبُ اللهُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا». وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ. (خ:١٣٠٤)
• [خت] وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: أَشَارَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَيَّ: «خُذِ النِّصْفَ». (خ:٢٤٢٤)
• [خت] وَقَالَ أَنَسٌ: أَوْمَأَ النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ. (خ:٦٨١)
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْمَأَ النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ: «لَا حَرَجَ». (خ:٨٤)
وذكر في الباب أحاديثَ مُسندةً في هذا المعنى، وقد تكرَّرت.

١٦- بابُ اللِّعانِ،


وقولِ اللهِ ﷿: ﴿وَٱلَّذِینَ یَرۡمُونَ أَزۡوَ ٰ⁠جَهُمۡ﴾ إِلى قولِهِ: ﴿إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ﴾ [النور:٦-٩]
فإِذا قذفَ الأخْرسُ امرأتَهُ بِكتابةٍ أو إِشارةٍ أو إيماءٍ مَعروفٍ، فهو كالمتكلِّمِ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ قَد أَجازَ الإشارةَ في الفَرائضِ، وهو قولُ بعضِ أهْلِ الحِجازِ وأهلِ العِلمِ، قال الله تعالى: ﴿فَأَشَارَتۡ إِلَیۡهِ قَالُوا۟ كَیۡفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِی ٱلۡمَهۡدِ صَبِیࣰّا﴾ [مريم:٢٩].
• [خت] وقال الضَّحَّاك: ﴿إِلَّا رَمۡزࣰا﴾ [آل عمران:٤١]: الإشارة./
وقال بعض النَّاس: لا حدَّ ولا لِعان، ثمَّ زَعَمَ: إنْ طَلَّقوا بِكتابٍ أو إشارةٍ أو إيماءٍ جاز. وليس بين الطَّلاق والقَذْف فرقٌ، فإنْ قال: القَذْف لا يكون إلَّا بكَلام، قيل له: كذلك الطَّلاق لا يكون إلَّا بكَلام، وإلَّا بَطَل الطَّلاق والقَذْف، وكَذلك العِتق، وكَذلك الأصمُّ يُلاعن.
• [خت] وقال الشَّعبيُّ وقتادةُ: إذَا قالَ: أنتِ طَالق فأَشار بأصابعه، تَبِينُ مِنه بإشارته.
• [خت] وقالَ إِبْراهيمُ: الأخرسُ إذا كَتب الطَّلاق بيدِه لَزِمَهُ.
• [خت] وقال حمَّادٌ: الأخرسُ والأصمُّ إن قالَ برأسِهِ جازَ.

١٧- بابٌ: إِذا عَرَّض بِنَفْيِ الوَلدِ


٢٣٨٦. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وُلِدَ لِي غُلَامٌ أَسْوَدُ، فَقَالَ له: «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «مَا أَلْوَانُهَا؟» قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: «فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَنَّى ذَلِكَ؟» قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ، قَالَ: «فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ». [خ:٥٣٠٥]
1. أن التعريض بالقذف ليس قذفا، فلا يوجب الحد، كما أنه لا يعد غيبة إذا جاء مستفتيا، ولم يقصد مجرد العيب والقدح .
2. أن الولد يلحق بأبويه، ولو خالف لونه لونهما، قال ابن دقيق العيد: فيه دليل على أن المخالفة في اللون بين الأب والابن بالبياض والسواد لا تبيح الانتفاء.
3. الاحتياط للأنساب، وأن مجرد الاحتمال والظن، لا ينفي الولد من أبيه، فإن الولد للفراش.
4. فيه حسن تعليم النبي ﷺ، وكيف يخاطب الناس بما يعرفون ويفهمون، فهذا أعرابي يعرف الإبل وضرابها وأنسابها أزال عنه هذه الخواطر بهذا المثل، الذي يدركه فهمه وعقله، فراح قانعا مطمئنا.
5. وهذا الحديث من أدلة القياس في الشرع، قال الخطابي: هو أصل في قياس الشبه.

١٨- بابُ كَيفيَّةِ اللِّعانِ، وأيْنَ يُلتَعَن؟


٢٣٨٧. [ق] عَنْ سَهلِ بن سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ عُوَيْمِرَ العَجْلَانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ: يَا عَاصِمُ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ؟ فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَسَطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ/ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا»، فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وكَانَتْ سُنَّةَ المُتَلَاعِنَيْنِ. [خ:٥٣٠٨]
• [ق] وفي رواية: فقال النَّبيُّ ﷺ: «قَدْ قضىَ اللهُ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ» قال: فتلاعنَا في المَسْجِدِ وَأَنا شاهدٌ، فلمَّا فَرغا قال: كذبتُ عليها يا رسولَ اللهِ إنْ أَمْسَكْتُها. فطلَّقَها ثلاثًا قبل أن يأمرَه رسولُ اللهِ ﷺ حِين فَرغا مِن التَّلاعُنِ، ففارقهَا عِند النَّبيِّ ﷺ، فقالَ: ذلكَ تفريقٌ بين كلِّ مُتلاعِنَيْن. قال ابن شِهابٍ: فكانت السُّنَّة في أنْ يُفرَّق بين المُتلاعنين، وكانتْ حَاملًا، وَكانَ ابنُها يُدعى لأمِّه، قالَ: ثمَّ جَرَتِ السُّنَّة في مِيراثها أنَّها تَرثه ويرثُ منها ما فرَضَ اللهُ لها. [خ:٥٣٠٩]
-وفي رواية: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أُرَاهَا إِلَّا قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا». فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى المَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ. [خ:٥٣٠٩]
٢٣٨٨. [ق] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ التَّلَاعُنُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ، فَجَاءهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ مَعَ أهْلِه رَجُلًا، فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا الأَمْرِ إِلَّا بِقَوْلِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وُجِدَ عِنْدَ أَهْلِهِ آدَمَ خَدْلًا كَثِيرَ اللَّحْمِ -في رواية [خ:٥٣١٦]: جَعْدًا قَطَطًا- فَقَالَ رسولُ الله ﷺ: «اللهُمَّ بَيِّنْ»، فَجَاءَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ، فَلَاعَنَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُمَا، فقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي المَجْلِسِ: هِيَ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، رَجَمْتُ هَذِهِ»؟ فَقَالَ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلَامِ السُّوءَ. [خ:٥٣١٠]
الغريب: (الوَحَرَةُ) بالحاء المُهملة، وَهي دُويبة حمراءُ/ تَلْصَق بالأرْض. و(الأَعْيَن): الوَاسع العينين. و(الآدَمُ): الشَّديد الأُدْمَةِ، وهي سُمْرة بحُمْرة. و(الخَدْلُ): الكَثير لحم السَّاقين، يُقال: رَجلٌ خَدْلٌ وامرأةٌ خَدلاء. و(القَطَط): الشَّديد الجُعودة؛ كشَعر السُّودان.
1. قوله: (فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ)، وقوله: (مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا الأَمْرِ إِلَّا بِقَوْلِي)، قال ابن حجر: «فيه أن البلاء موكل بالمنطق وأنه إن لم يقع بالناطق وقع بمن له به صِلة».
2. قال النووي: «قال العلماء: وجوز اللعان لحفظ الأنساب ودفع المضرة عن الأزواج».
3. قوله: (فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَسَائِلَ وَعَابَهَا) قال النووي: «المراد كراهة المسائل التي لا يحتاج إليها لا سيما ما كان فيه هتك ستر مسلم أو مسلمة أو إشاعة فاحشة أو شناعة على مسلم أو مسلمة قال العلماء: أما إذا كانت المسائل مما يحتاج إليه في أمور الدين وقد وقع فلا كراهة فيها وليس هو المراد في الحديث».

١٩- بابُ التَّفريقِ بين المُتلاعِنَينِ، وإِلْحاقِ الوَلدِ بأمِّهِ


٢٣٨٩. [ق] عَنِ ابنِ عُمر قال: فَرَّقَ نبيُّ اللهِ ﷺ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي العَجْلَانِ، وَقَالَ: «اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» فَأَبَيَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. [خ:٥٣١١]
• [ق] وفي رواية: «حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا»، قَالَ: مَالِي؟ قَالَ: «لَا مَالَ لَكَ؛ إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَلِكَ أَبْعَدُ لَكَ».[خ:٥٣١٢]
٢٣٩٠. [ق] وعنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الوَلَدَ بِالمَرْأَةِ. [خ:٥٣١٥]

١ قال ابن عباس: (طلاق (…) والمستكره ليس بجائز). :

٥/٠