(٤٩) كتاب العِدَد


١- بابُ قولِهِ تعالى: ﴿وَٱلَّـٰۤـِٔی یَىِٕسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِیضِ مِن نِّسَاۤىِٕكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ﴾ [الطلاق:٤]


• [خت] قال مجاهدٌ: إنْ لم يَعْلَموا يَحِضنَ أمْ لا يَحِضنَ، واللَّائي قَعدنَ عَنِ الحَيض، واللَّائي لم يَحِضنَ ﴿فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشۡهُرࣲ﴾ [الطلاق:٤].
٢-﴿وَأُو۟لَـٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن یَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّ﴾ [الطلاق:٤].
٢٣٩١. [ق] عَنْ أَبِي سَلَمة بنِ عبدِ الرَّحمنِ أنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا: سُبَيْعَةُ كَانَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا، تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ حُبْلَى، فَخَطَبَهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَهُ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ تَنْكِحِي حَتَّى تَعْتَدِّي آخِرَ الأَجَلَيْنِ. فَمَكُثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ، ثُمَّ جَاءَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «انْكِحِي».[خ:٥٣١٨]
٢٣٩٢. وعَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، فَأَذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ. [خ:٥٣٢٠]
• [خت] وقَالَ إِبْرَاهِيمُ/ فِيمَنْ تَزَوَّجَ فِي العِدَّةِ، فَحَاضَتْ عِنْدَهُ ثَلَاثَ حِيَضٍ: بَانَتْ مِنَ الأَوَّلِ، وَلَا تَحْتَسِبُ بِهِ لِمَنْ بَعْدَهُ.
• [خت] وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: تَحْتَسِبُ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَى سُفْيَانَ.
• [خت] وَقَالَ مَعْمَرٌ: يُقَالُ: قَرَأَتِ المَرْأَةُ: إِذَا دَنَا حَيْضُهَا، وَأَقْرَأَتْ: إِذَا دَنَا طُهْرُهَا، وَيُقَالُ: مَا قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ. إِذَا لَمْ تَجْمَعْ وَلَدًا فِي بَطْنِهَا.

٣- قِصَّةُ فاطمَةَ بنتِ قيسٍ


٢٣٩٣. عَنِ القَاسم بن محمَّد وسُليمان بن يسار: أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ العَاصِي طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَكَمِ وهُوَ أَمِيرٌ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَرْوَانَ ابْنِ الحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ المَدِينَةِ: اتَّقِ اللهَ وَارْدُدْهَا إِلَى بَيْتِهَا. قَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَكَمِ غَلَبَنِي؟ وَقَالَ القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَوَمَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟ قَالَتْ: لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ. فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ كَانَ بِكِ الشَّرُّ، فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ. [خ:٥٣٢١]
٢٣٩٤. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا لِفَاطِمَةَ، أَلَا تَتَّقِي اللهَ؟ يَعْنِي فِي قَوْلِهَا: لَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ. [خ:٥٣٢٣]
٢٣٩٥. [ق] وعَنْ عُروة بْن الزُّبَيْرِ أنَّه قال لِعَائِشَةَ: أَلَمْ تَرَيْ إِلَى فُلَانَةَ بِنْتِ الحَكَمِ، طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَلْبَتَّةَ فَخَرَجَتْ؟ فَقَالَتْ: بِئْسَ مَا صَنَعَتْ. قَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِي قَوْلَ فَاطِمَةَ؟ قَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا خَيْرٌ في ذكر هذا الحديثِ. [خ:٥٣٢٥]
• [خت] وفي رواية عنه قال: عَابَتْ عَائِشَةُ أَشَدَّ العَيْبِ، وَقَالَتْ: إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ النَّبِيُّ ﷺ لها. [خت:٥٣٢٥]

٤- بابُ عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها وإِحْدادُها فيها


٢٣٩٦. [ق] عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ:
قَالَتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ ابْنُ حَرْبٍ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ، خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ/ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».
قَالَتْ زَيْنَبُ: فَدَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: أَمَا وَاللهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».
قَالَتْ زَيْنَبُ: وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جَاءَت امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَنَكْحِلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا»، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لَا». ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ ﷺ: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالبَعَرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ».
قَالَ حُمَيْدٌ: قُلْتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِي بِالبَعَرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتِ المَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ -حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ- فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِي بِها، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وسُئِلَ مَالِكٌ: مَا تَفْتَضُّ؟ قَالَ: تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا. [خ:٥٣٣٤-٥٣٣٧]
الغَريب: (الحِفْش): البيت الصَّغير الرَّديء. و(تَفْتَضُّ): هو بالفَاء والضَّاد المُعجمة، وقد فسَّره مالكٌ بأنَّها كانت تمسح به جِلدها كالنُّشْرة. وقال ابن وَهْبٍ: تمسح بيدها عليه أو عَلى ظهره. وقيل معناه: تَمسح به ثمَّ تفتضُّ؛ أي: تَغتسل بالماء العَذْب حَتَّى تصير كالفضَّة. قَال الأَزْهريُّ: رَواه الشَّافعي: «فتقبص به» بالقاف والصَّاد المهملة وبالباء بواحدة، والقَبْصُ: الأَخْذُ بأطراف الأصابع./
1. قال النووي: «قال العلماء والحكمة في وجوب الإحداد في عدة الوفاة دون الطلاق، لأن الزينة والطيب يدعوان إلى النكاح ويوقعان فيه فنهيت عنه ليكون الامتناع من ذلك زاجرا عن النكاح، لكون الزوج ميتا لا يمنع معتدته من النكاح ولا يراعيه ناكحها، ولا يخاف منه بخلاف المطلق الحي فإنه يستغني بوجوده عن زاجر آخر، ولهذه العلة وجبت العدة على كل متوفى عنها وإن لم تكن مدخولا بها بخلاف الطلاق فاستظهر للميت بوجوب العدة وجعلت أربعة أشهر وعشرًا».

٥- باب ما تُنهى عنه المُحِدُّ مِن الكُحْلِ


٢٣٩٧. [ق] عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثة إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا لَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَمَسُّ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ». [خ:٥٣٤٢]
• [ق] وفي رواية: قالتْ أمُّ عطيَّة: كنَّا نُنهى أن نُحِدَّ على ميتٍ فوق ثلاثٍ، إلَّا على زوجٍ أربعة أشهر وعشرًا، وَلا نَكْتَحِلَ وَلا نطَّيَّبَ، ولا نَلْبسَ ثوبًا مَصْبُوغًا إلَّا ثوبَ عَصْبٍ، وقَد رُخِّص لَنا عِند الطُّهر إذا اغتسلتْ إِحْدانا مِن حيضتها في نُبْذَةٍ مِن كُسْت أَظْفَار، وكُنَّا ننهى عَنْ اتِّباع الجَنائز. [خ:٥٣٤١]
• [خت] وفي رواية: «وَلا تَمَسَّ طِيْبًا إِلَّا أَدْنَى طُهْرِهَا إِذَا طَهَرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ». [خت:٥٣٤٣].
قال البخاري: القُسْط والكُسْتُ مثل الكَافُور والقَافُور.
الغريب: (العَصْبُ): بُرُودُ اليَمَنِ، يُعْصَبُ غَزْلها ثمَّ يُنسجُ ويُوَشَّى به. و(النُّبْذَةُ): الشَّيءُ اليسيرُ، ودخلتِ الهاءُ لأنَّه بمعنى القِطعة، والقُسْط والأظْفار يجوز أن يُتبخَّر بهما ولَيسا مِن مؤنَّث الطِّيب. وقال الدَّاودي: تسحقُ القُسْطَ وَتُلقيه في الماء آخِرَ غُسلِها، والأوَّل هو المعروف.

٦- باب مَهْر البَغِيِّ والنِّكاح الفَاسِد


• [خت] وَقَالَ الحَسَنُ: إِذَا تَزَوَّجَ مُحَرَّمَةً وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَهَا مَا أَخَذَتْ، وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: لَهَا صَدَاقُهَا.
٢٣٩٨. [ق] عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ. [خ:٥٣٤٦]
الغريب: (الكَلبُ): هنا هو غير المُنتفع به مِنها، الَّتي أَمر النَّبيُّ ﷺ بقتلِها. و(حُلْوان الكَاهنُ): هو مَا يأخذُه على تَكَهُّنِهِ، وهو ادِّعاؤُهُ الغَيبَ. و(البَغِيُّ): الزَّانِيةُ.

(٥٠) كِتَابُ النَّفَقَاتِ


١- فَضْلُ النَّفقةِ على الأهْلِ،/


وقولِ الله تعالى: ﴿وَیَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا یُنفِقُونَ قُلِ ٱلۡعَفۡوَ﴾ [البقرة:٢١٩]
• [خت] قال الحَسنُ: ﴿ٱلۡعَفۡوَ﴾: الفَضْل.
٢٣٩٩. [ق] وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «إِذَا أَنْفَقَ المُسْلِمُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً». [خ:٥٣٥١]
1. قال النووي: «فيه بيان أن المراد بالصدقة والنفقة المطلقة في باقي الأحاديث إذا احتسبها، ومعناه أراد بها وجه الله تعالى، فلا يدخل فيه من أنفقها ذاهلا، ولكن يدخل المحتسب، وطريقه في الاحتساب أن يتذكر أنه يجب عليه الإنفاق على الزوجة وأولاده والمملوك وغيرهم ممن تجب نفقته على حسب أحوالهم، فينفق بنية أداء ما أمر به، وقد أُمِرَ بالإحسان إليهم».

٢٤٠٠. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: «قَالَ اللهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ». [خ:٥٣٥٢]
٢٤٠١. [ق] وعنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ والصَّائِمِ النَّهَارَ». [خ:٥٣٥٣]
• وقد تقدَّم في حديث سَعدٍ قوله ﷺ: «وإنَّك مهما أنفقتَ مِن نفقةٍ فإنَّها صَدقةٌ، حتَّى اللُّقْمةُ ترفعُها إلى فِيْ امْرأتِك» [ر:١٣١٤].
1. قال النووي: «المراد بالسّاعي: الكاسب لهما العامل لمؤنتهما، والأرملة من لا زوج لها سواء كانت تزوّجت أم لا، وقيل هي التي فارقت زوجها، قال بن قتيبة: سمّيت أرملة لما يحصل لها من الإرمال، وهو الفقر وذهاب الزّاد بفقد الزّوج، يقال أرمل الرّجل إذا فني زاده».
2. قال ابن هبيرة: «والمراد أن الله تعالى يجمع له ثواب الصائم والقائم والمجاهد في دفعة؛ وذلك أنه قام للأرملة مقام زوجها الذي سلبها إياه القدر، وأرضاها عن ربها، وقام على ذلك المسكين الذي عجز عن قيامه بنفسه؛ فأنفق هذا فضل قوته وتصدق بجَلَدِه ؛ فكان نفعه إذا يكافئ الصوم والقيام والجهاد».
3. قال ابن بطال: «من عجز عن الجهاد في سبيل الله وعن قيام الليل وصيام النهار، فليعمل بهذا الحديث، وليسع على الأرامل والمساكين ليحشر يوم القيامة في جملة المجاهدين في سبيل الله دون أن يخطو في ذلك خطوة أو ينفق درهمًا أو يلقى عدوًا يرتاع بلقائه، أو ليحشر في زمرة الصائمين والقائمين وينال درجتهم وهو طاعم نهاره نائم ليله أيام حياته، فينبغي لكل مؤمن أن يحرص على هذه التجارة التي لا تبور، ويسعى على أرملة أو مسكين لوجه الله تعالى فيربح في تجارته درجات المجاهدين والصائمين والقائمين من غير تعب ولا نصب، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء».
4. قوله: (ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا أجرت بها، حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك) قال النووي: «فيه استحباب الإنفاق في وجوه الخير، وفيه أن الأعمال بالنيات، وأنه إنما يثاب على عمله بنيته، وفيه أن الإنفاق على العيال يثاب عليه إذا قصد به وجه الله تعالى».
5. قال النووي: «وفيه أن المباح إذا قصد به وجه الله تعالى صار طاعة، ويثاب عليه، وقد نبه صلى الله عليه وسلم على هذا بقوله ﷺ: (حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك) لأن زوجة الإنسان هي من أخص حظوظه الدنيوية وشهواته وملاذه المباحة، وإذا وضع اللقمة في فيها فإنما يكون ذلك في العادة عند الملاعبة والملاطفة والتلذذ بالمباح، فهذه الحالة أبعد الأشياء عن الطاعة وأمور الآخرة، ومع هذا فأخبر ﷺ أنه إذا قصد بهذه اللقمة وجه الله تعالى، حصل له الأجر بذلك، فغير هذه الحالة أولى بحصول الأجر إذا أراد وجه الله تعالى».

٢- بابُ الابتداءِ بالنِّفقةِ عَلى الأهمِّ فالأهمِّ


٢٤٠٢. [ق] عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». تَقُولُ المَرْأَةُ: إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي، وَيَقُولُ العَبْدُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي، وَيَقُولُ الِابْنُ: أَطْعِمْنِي، إِلَى مَنْ تَدَعُنِي؟ قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قَالَ: لَا، هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ. [خ:٥٣٥٥]
• [ق] وفي رواية مرفوعًا: «خيرُ الصَّدقة ما كان عن ظَهر غنىً، وابْدَأ بمَن تعولُ». [خ:٥٣٥٦]
1. قوله: (وابدأ بمن تعول) فيه تقديم نفقة نفسه وعياله؛ لأنها منحصرة فيه بخلاف نفقة غيرهم.
2. وفيه الابتداء بالأهم فالأهم في الأمور الشرعية.
3. قال النووي: «في هذا الحديث: الحث على الإنفاق في وجوه الطاعات، والمراد بالعلو: علو الفضل والمجد ونيل الثواب».
4. وفيه: أنّ الإنسان لا يتصدّق بكلّ ما عنده.
5. وفيه: الحضّ على معالي الأمور، وترك دنيئها.

٣- بابُ حَبْسِ الرَّجلِ قُوتَ سَنَةٍ على أهله


٢٤٠٣. [ق] عَنْ عُمَرَ بن الخطَّاب أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ. [خ:٥٣٥٧]
• وقد قدَّمت في كِتاب الوَصايا الحديثَ الطَّويل الَّذي قال فيه عمرُ بن الخطَّاب: فكانَ رسولُ اللهِ ﷺ يُنفق على أهلِه نفقة سَنَتِهم مِن هذا المال، ثمَّ يأخذ ما بقي فيجعلُه مَجْعَل مال الله. [ر:١٤٧٠]
1. قال النووي: «أي يعزل لهم نفقة سنة ولكنه كان ينفقه قبل انقضاء السنة في وجوه الخير، فلا تتم عليه السنة، ولهذا توفي ﷺ ودرعه مرهونة على شعير استدانه لأهله، ولم يشبع ثلاثة أيام تباعاً».
2. قال النووي: «وفيه جواز ادّخار قوت سنة وجواز الادخار للعيال، وأن هذا لا يقدح في التوكل».

٤- بابٌ: ﴿وَٱلۡوَ ٰ⁠لِدَ ٰ⁠تُ یُرۡضِعۡنَ أَوۡلَـٰدَهُنَّ حَوۡلَیۡنِ كَامِلَیۡنِ﴾ إلى قولِهِ:﴿بَصِیرࣱ﴾ [البقرة:٢٣٣]،


وقال: ﴿وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَـٰلُهُۥ ثَلَـٰثُونَ شَهۡرًا﴾/ [الأحقاف:١٥]، وَقال: ﴿وَإِن تَعَاسَرۡتُمۡ فَسَتُرۡضِعُ لَهُۥۤ أُخۡرَىٰ﴾ [الطلاق:٦]، وَقال: ﴿لِیُنفِقۡ ذُو سَعَةࣲ مِّن سَعَتِهِۦ﴾ الآية [الطلاق:٧]
• [خت] وقَالَ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ: نَهَى اللهُ أَنْ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، وَذَلِكَ: أَنْ تَقُولَ الوَالِدَةُ: لَسْتُ مُرْضِعَتَهُ. وَهِيَ أَمْثَلُ لَهُ غِذَاءً، وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ، وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْبَى بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا جَعَلَ اللهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يُضَارَّ بِوَلَدِهِ وَوَالِدَتِهِ، فَيَمْنَعَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ ضِرَارًا بِهَا إِلَى غَيْرِهَا، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْتَرْضِعَا عَنْ طِيبِ نَفْسِ الوَالِدِة وَالوَالِدِ، وإن أرادا فصالًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ.
﴿وَفِصَـٰلُهُۥ﴾ [لقمان:١٤]: فِطَامُهُ.

٥- بابُ عملِ المَرْأةِ في بيتِ زَوْجِها،


وصَبْرِها عَلى ذلك والتَّسلِّي بالأذْكار، وخِدْمة الرَّجلِ في بيتِهِ
٢٤٠٤. [ق] عن عليِّ بن أبي طَالبٍ أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ: «عَلَى مَكَانِكُمَا». فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا -أَوْ: أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا- فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». [خ:٥٣٦١]
• [ق] وفي رواية: قال عليٌّ: فما تركتهنَّ بعدُ، قيل: ولا ليلة صِفِّين؟ قال: ولا ليلة صِفِّين. [خ:٥٣٦٢]
1. قوله: (ألا أدلكما على خير مما سألتما)، قال ابن حجر: «الذي يظهر أن المراد أن نفع التسبيح مختص بالدار الآخرة، ونفع الخادم مختص بالدار الدنيا، والآخرة خير وأبقى».
2. قال ابن حجر: «يحتمل أن يكون من واظب على هذا الذكر لا يتضرر بكثرة العمل، ولا يشق عليه ولو حصل له التعب».
3. قال ابن حجر: «في الحديث ما كان عليه السلف الصالح من شظف العيش وقلة الشيء وشدة الحال، وأن الله حماهم الدنيا مع إمكان ذلك صيانة لهم من تبعَاتها، وتلك سنة أكثر الأنبياء والأولياء».
4. قال ابن حجر: «في الحديث بيان إظهار غاية التعطف والشفقة على البنت والصهر ونهاية الاتحاد برفع الحشمة والحجاب حيث لم يُزعجمها عن مكانهما فتركهما على حالة اضطجاعهما».
5. قال ابن هبيرة: «في الحديث جواز الاستخدام للرجل الصالح والمرأة الصالحة، ألا ترى أن فاطمة طلبت من أبيها ﷺ خادماً ولم ينكر ذلك عليها؟».

٢٤٠٥. وعَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، سَأَلْتُ عَائِشَةَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصْنَعُ فِي البَيْتِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الأَذَانَ خَرَجَ. [خ:٥٣٦٣]
1. فيه: تولّي الأئمّة والفضلاء خدمة أمورهم بأنفسهم وأنّ ذلك من فعل الصالحين اتّباعًا لسيّدهم ﷺ.

٦- بابٌ: إذا لمْ يُنفقِ الرَّجلُ فلِلمَرْأةِ أنْ تأخذَ بغيرِ عِلمِهِ، ونفقةُ المُعْسِرِ


٢٤٠٦. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ هِنْدَ ابْنةَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ/ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ. فَقَالَ: «خُذِيْ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالمَعْرُوفِ». [خ:٥٣٦٤]
• وقد تقدَّم في الصِّيام قَول النَّبيِّ ﷺ للمُكَفِّر حِين قَال له: والله مَا بين لابتيها أفقرَ مِن أهل بيتي، فأعطاه عَرْق التَّمر وقال: «أَطْعِمُهُ أَهْلَكَ».[ر:٧٧٢]

٧- بابُ حِفْظِ المَرأةِ زوجَها في ذاتِ يَدِهِ، وأَجْرِها في نَفَقَتِها عَلىَ أَوْلادِهِ


٢٤٠٧. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ». [خ:٥٣٦٥]
1. قوله: (أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده)، قال ابن حجر: «فيه فضل الحنو والشفقة وحسن التربية والقيام على الأولاد وحفظ مال الزوج وحسن التدبير فيه».

٢٤٠٨. [ق] وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا، إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ». [خ:٥٣٦٩]

٨- بابُ قولِ النَّبيِّ ﷺ: «مَن تَرَكَ مالًا أو ضَياعًا فإليَّ»


٢٤٠٩. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ المُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: «هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ قَضَاءً؟» فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى عَلَيه، وَإِلَّا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الفُتُوحَ، قَالَ: «أَنَا أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ». [خ:٥٣٧١]

١ قال النبي ﷺ: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد فوق (…) إلا على زوج…" :

٥/٠