(٥١) كِتَابُ الأَطْعِمَةِ


١- بابُ الأمْرِ بإطْعامِ الجَائِعِ، وأجرِ مَن جَوَّعَ نفسَهُ في اللهِ تعالىَ


٢٤١٠. عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ». قَالَ سُفْيَانُ: العَانِي: الأَسِيرُ. [خ:٥٣٧٣]
٢٤١١. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ طَعَامٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قُبِضَ. [خ:٥٣٧٤]
٢٤١٢. [ق] وعنه قال: أَصَابَنِي جَهْدٌ شَدِيدٌ، فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ،/ فَاسْتَقْرَأْتُهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَدَخَلَ دَارَهُ وَفَتَحَهَا عَلَيَّ، فَمَشَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ فَخَرَرْتُ لِوَجْهِي مِنَ الجَهْدِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ ﷺ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ». فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ. فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَقَامَنِي وَعَرَفَ الَّذِي بِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَحْلِهِ، فَأَمَرَ لِي بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: «عُدْ يَا أَبَا هُريرةَ». فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ، ثُمَّ قَالَ: «عُدْ». فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ، حَتَّى اسْتَوَى بَطْنِي فَصَارَ كَالقِدْحِ. فَلَقِيتُ عُمَرَ وَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِي، وَقُلْتُ لَهُ: فَوَلَّى اللهُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ يَا عُمَرُ، وَاللهِ لَقَدِ اسْتَقْرَأْتُكَ الآيَةَ وَلَأَنَا أَقْرَأُ لَهَا مِنْكَ. قَالَ عُمَرُ: وَاللهِ لَأَنْ أَكُونَ أَدْخَلْتُكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي حُمْرُ النَّعَمِ. [خ:٥٣٧٥]
1. في الحديث: فضل أبي هريرةَ ﵁ وعلمه، وتعفّفه عن التّصريح بسؤال النّاس.
2. وفيه: بيان فطنة النّبيّ ﷺ ومعرفته لحاجة ومقصد من يسأله.
3. وفيه: التعريض بالمسألة والاستحياء.
4. وفيه: إباحة الشّبع عند الجوع.
5. قال ابن هبيرة: «وفيه أيضًا من الفقه: جواز الري من اللبن؛ فإنه غذاء يجمع بين الطعام والشراب».

٢- بابُ التَّسميةِ عَلى الطَّعامِ والأكْلِ ممَّا يلي، وباليمينِ


٢٤١٣. [ق] عَنْ وَهْبِ بن كَيْسَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». فَمَا زَالَتْ طِعْمَتِيْ بَعْدُ. [خ:٥٣٧٦]
٢٤١٤. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طُهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ. وفي رواية: في شَأنِه كلِّه. [خ:٥٣٨٠]
1. قال القرطبي: «وعلى الجملة فاليمين وما نُسِب إليها وما اشتق منها محمود لغة وشرعاً وديناً، والشمال على نقيض ذلك، وإذا تقرر ذلك فمن الآداب المناسبة لمكارم الأخلاق والسيرة الحسنة عند الفضلاء اختصاص اليمين بالأعمال الشريفة والأحوال النظيفة».
2. قوله: (وكل بيمينك) وعند مسلم: (فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله)، قال ابن حجر: «فيه أنه ينبغي اجتناب الأعمال التي تُشبه أعمال الشياطين والكفار».
3. قال ابن حجر: «في الحديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى في حال الأكل».
4. قال النووي: «فيه أنه يستحب البداءة باليمنى في كل ما كان من باب التكريم والزينة والنظافة ونحو ذلك كلبس النعل والخف والمداس، والسراويل والكم، وحلق الرأس وترجيله، وقص الشارب ونتف الإبط، والسواك والاكتحال، وتقليم الأظفار، والوضوء والغسل، والتيمم، ودخول المسجد، والخروج من الخلاء، ودفع الصدقة وغيرها من أنواع الدفع الحسنة، وتناول الأشياء الحسنة، ونحو ذلك».

٣- بابٌ: إِذا اخْتلفَ الطَّعامُ أكلَ مِن حَيثُ شاءَ


٢٤١٥. [ق] عن أَنسِ بنِ مَالكٍ قال: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ ﷺ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ -في رواية [خ:٥٤٣٦]: فَقَرَّبَ خُبزَ شعيرٍ، ومَرَقًا فيه دُبَّاءٌ وقَدِيدٌ- فرأيتُه يتَّبَّع الدُّبَّاءَ مِن حَوالي القَصعة، قال: فلمْ أزلْ أحبُّ الدُّبَّاءَ مِن يَومئذٍ. [خ:٥٣٧٩]

٤- بابُ جوازِ الشَّبعِ/ إِذا لم يَعُدْ بضررٍ في دِينٍ أو بَدَنٍ


• وقد تقدَّم في النُّبوَّات مِن حديث أنس في طَعام أبي طَلحة أنَّ أصحابَ النَّبيِّ ﷺ الثَّمانين رَجلًا أكلوا حتَّى شَبِعُوا. [ر:١٦١٧]
٢٤١٦. [ق] وعن عبد الرَّحمن بن أبي بَكْر قالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ثَلَاثِينَ وَمِئَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟» فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَبَيْعٌ أَمْ عَطِيَّةٌ؟» -أَوْ قَالَ: «هِبَةٌ؟»- قَالَ: لَا، بَلْ بَيْعٌ. قَالَ: فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ، وأَمَرَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ بِسَوَادِ البَطْنِ فَشُوِيَ، وَايْمُ اللهِ، مَا في الثَّلَاثِينَ وَمِئَةٍ إِلَّا قَدْ حَزَّ لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ، ثُمَّ جَعَلَ لهُ قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلْنَا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، وَفَضَلَ فِي القَصْعَتَيْنِ، فَحَمَلْتُهُ عَلَى البَعِيرِ. أَوْ كَمَا قَالَ. [خ:٥٣٨٢]
٢٤١٧. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ حِينَ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ: التَّمْرِ وَالمَاءِ. [خ:٥٣٨٣]
الغريب: (مُشْعَانٌّ): شَعَثُ الرَّأسِ ثائِرُهُ، يُقال فيه: اشْعَانَّ شَعَرُه اشْعينانًا، فهو مُشْعَانٌّ. و(حَزَّ له) أي: قَطع له بالسِّكين، والحُزَّةُ: القِطعة، وهَي الفِلْذَة.

٥- بابُ تركِ التَّرَفُّهِ بالأَطْعمةِ الشَّهيَّةِ، والآلاتِ الفَاخرةِ، والاكْتفاءِ بما تيسَّرَ


٢٤١٨. عَنْ قَتَادَةَ قالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ، فَقَالَ: مَا أَكَلَ النَّبِيُّ ﷺ خُبْزًا مُرَقَّقًا، وَلَا شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى لَقِيَ اللهَ. [خ:٥٣٨٥]
٢٤١٩. وعنه قال: مَا عَلِمْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَكَلَ عَلَى سُكُرُّجَةٍ قَطُّ، وَلَا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قَطُّ، وَلَا أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ. قِيلَ لِقَتَادَةَ: فَعَلَامَ كَانُوا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: عَلَى السُّفَرِ. [خ:٥٣٨٦]
٢٤٢٠. [ق] وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قال: كَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ يُعَيِّرُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُونَ: يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ. فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ: يَا بُنَيَّ إِنَّهُمْ يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ، هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ النِّطَاقَانِ؟ إِنَّمَا كَانَ نِطَاقِي شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ، فَأَوْكَيْتُ قِرْبَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ/ بِأَحَدِهِمَا، وَجَعَلْتُ فِي سُفْرَتِهِ آخَرَ، قَالَ: وَكَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ إِذَا عَيَّرُوهُ بِالنِّطَاقَيْنِ، يَقُولُ: إِيهًا وَالإِلَهِ:
... ... ... ... ... ... فَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا [خ:٥٣٨٨]
1. قوله: (ذات النطاقين) قال النووي: «قال العلماء: النطاق أن تلبس المرأة ثوبها، ثم تشد وسطها بشيء، وترفع وسط ثوبها وترسله على الأسفل، تفعل ذلك عند معاناة الأشغال لئلا تعثر في ذيلها، وسميت أسماء ذات النطاقين لأنها شقت نطاقها الواحد نصفين، فجعلت أحدهما نطاقا صغيرا، واكتفت به، والآخر لسفرة النبي ﷺوأبي بكر ﵁».

٦- بابُ أكْلِ الضَّبِّ علىَ المائِدةِ


٢٤٢١. [ق] عَنِ ابْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: سَيْفُ اللهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى مَيْمُونَةَ، وَهِيَ خَالَتُهُ وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا قَدْ قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فقَدَّمَتِ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَانَ قَلَّمَا يُقَدِّمُ يَدَهُ لِطَعَامٍ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ وَيُسَمَّى لَهُ، فَأَهْوَى رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدَهُ إِلَى الضَّبِّ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ الحُضُورِ: أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ، هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللهِ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدَهُ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ: أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ». قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَالنَّبيُّ ﷺ يَنْظُرُ إِلَيَّ. [خ:٥٣٩١]
٢٤٢٢. [ق] وعَنه أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ خَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَتَرَكَهُنَّ النَّبِيُّ ﷺ كالمُتقذِّر لَهُنَّ، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَةِ النَّـبِيِّ ﷺ، وَلَا أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ. [خ:٥٣٨٩]
٢٤٢٣. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الضَّبُّ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ». [خ:٥٥٣٦]
1. قال ابن بطال: «فيه أن من ترك طعاماً لا يحبه أنه لا لوم عليه كفعله ڠ في الضب».
2. في الحديث أن مطلق النفرة عن الشيء، وعدم استطابته لا يستلزم التحريم.
3. وفيه أن المنقول عنه ﷺ أنه كان لا يعيب الطعام إنما هو فيما صنعه الآدمي؛ لئلا ينكسر خاطره، وينسب إلى التقصير فيه، وأما الذي خُلِق كذلك فليس نفور الطبع منه ممتنعاً.
4. قال ابن حجر: «ويؤخذ منه أن من خشي أن يتقذر شيئاً لا ينبغي أن يُدَلَّس له؛ لئلا يتضرر به».
5. قوله: (ولو كان حراما ما أكل على مائدة رسول الله ﷺ) قال النووي: «هذا تصريح بما اتفق عليه العلماء، وهو إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الشيء وسكوته عليه إذا فعل بحضرته يكون دليلا لإباحته، ويكون بمعنى قوله: أذنت فيه وأبحته، فإنه لا يسكت على باطل، ولا يقر منكرا».

٧- بابٌ: طَعَامُ الاثْنينِ كافي الثَّلاثةِ، والمُؤمنُ يأكلُ في مِعًى واحدٍ


٢٤٢٤. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «طَعَامُ الِاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلَاثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلَاثَةِ كَافِي الأَرْبَعَةِ». [خ:٥٣٩٢]
1. قال ابن المنذر: «يؤخذ من الحديث استحباب الاجتماع على الطعام، وألا يأكل المرء وحده».
2. قال ابن حجر: «في الحديث الإشارة إلى أن المواساة إذا حصلت حَصَلَتْ معها البركة فتعم الحاضرين».
3. قال ابن حجر: «في الحديث أنه لا ينبغي للمرء أن يستحقر ما عنده فيمتنع من تقديمه، فإن القليل قد يحصل به الاكتفاء».

٢٤٢٥. [ق] وعَنْ نَافِعٍ قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَكَلَ كَثِيرًا، فَقَالَ: يَا نَافِعُ،/ لَا تُدْخِلوا عَلَيَّ هَذَا، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «المُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». [خ:٥٣٩٣]
1. قال ابن حجر: «يؤخذ من الحديث: الحض على التقلل من الدنيا، والحث على الزهد فيها والقناعة بما تيسر منها، وقد كان العقلاء في الجاهلية والإسلام يتَمدَّحون بقلة الأكل ويَذمُّون كثرة الأكل».
2. قال القاضي عياض: «قيل: إن هذا في رجل بعينه، فقيل له على جهة التمثيل، وقيل: إن المراد أن المؤمن يقتصد في أكله، وقيل: المراد المؤمن يسمي الله تعالى عند طعامه، فلا يشركه فيه الشيطان، والكافر لا يسمي فيشاركه الشيطان فيه».
3. وفي صحيح مسلم (إن الشيطان يستحل الطعام ألا يذكر اسم الله تعالى عليه).

٢٤٢٦. [ق] وعَنْ عَمْرٍو قال: كَانَ أَبُو نَهِيكٍ رَجُلًا أَكُولًا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». قَالَ: أَنَا أُؤمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ. [خ:٥٣٩٥]
٢٤٢٧. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ كَثِيرًا فَأَسْلَمَ، فَكَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا قَلِيلًا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «إِنَّ المُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». [خ:٥٣٩٧]

٨- بابٌ: لَا يأكل متَّكئًا، ويَنْهَسُ اللَّحم، ويَقطعُه بالسِّكين، والأكْلُ مَعَ الخادمِ


٢٤٢٨. عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قال: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ: «لَا آكُلُ وَأَنَا مُتَّكِئٌ». [خ:٥٣٩٩]
٢٤٢٩. [ق] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَعَرَّقَ النَّبيُّ ﷺ كَتِفًا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
وفي رواية: انْتَشَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَرْقًا مِنْ قِدْرٍ، فَأَكَلَ ثُمَّ صَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. [خ:٥٤٠٤-٥٤٠٥]
٢٤٣٠. [ق] وعن عمرو بن أُميَّة أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِي يَدِهِ، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ الَّتِي يَحْتَزُّ بِهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. [خ:٥٤٠٨]
٢٤٣١. [ق] وعن أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ». [خ:٥٤٦٠]
1. الأفضل لصاحب البيت أن يؤاكل خدمه، ومماليكه، وضيوفه الصغار، ولا يترفَّع، ولا يتكبَّر عن مؤاكلتهم ومؤانستهم، وأن يكون ذلك باحتشام.

٩- بابٌ: مَا عابَ النَّبيُّ ﷺ طَعامًا، وشدَّةُ مَا كَانوا عليه مِن العَيشِ وخُشونَتُهُ


٢٤٣٢. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: مَا عَابَ رسولُ اللهِ ﷺ طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. [خ:٥٤٠٩]
1. قال ابن بطال: «هذا من حسن الأدب؛ لأن المرء قد لا يشتهي الشيء ويشتهيه غيره، وكل مأذون في أكله من قِبَل الشرع، ليس فيه عيبٌ».

٢٤٣٣. وعنه قال: قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ تَمْرًا، فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَانِي سَبْعَ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ، فَلَمْ تَكُنْ فِيهِنَّ تَمْرَةٌ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْهَا، شَدَّتْ فِي مَضَاغِي. [خ:٥٤١١]
٢٤٣٤. [ق] وعن سَعد/ بنِ أبي وقَّاص قال: رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الحُبْلَةِ -أَوِ الحَبَلَةِ- حَتَّى يَضَعَ أَحَدُنَا مَا تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلَامِ، خَسِرْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِي. [خ:٥٤١٢]
٢٤٣٥. وَعَنْ أبي حازم قال: سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَقُلْتُ: هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النَّقِيَّ؟ قَالَ سَهْلٌ: مَا رَأَى رَسُولُ اللهِ ﷺ النَّقِيَّ مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ. قَالَ: فَقُلْتُ: هَلْ كَانَ لَكُمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مَنَاخِلُ؟ قَالَ: مَا رَأَى رَسُولُ اللهِ ﷺ مُنْخُلًا مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ. قَالَ: فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قَالَ: كُنَّا نَطْحَنُهُ ثمَّ نَنْفُخُهُ، فَيَطِيرُ مَا طَارَ، وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْنَاهُ فَأَكَلْنَاهُ. [خ:٥٤١٣]
٢٤٣٦. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ فَدَعَوْهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، وَقَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ. [خ:٥٤١٤]
٢٤٣٧. [ق] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ مِنْ طَعَامٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ. [خ:٥٤١٦]
الغَريب: (مَضَاغي) هو بِالغين المُعجمة، مِن المَضغ. و(الحُبْلَة) بضمِّ الحاء وسكون الباء، ورق السَّمُر، وبفتحها: ورق الكَرْم. و(تُعَزِّرُنِي) بالزَّاي والرَّاء، تؤذيني وتُعاتبني. و(النَّقِيُّ): الحَوَارِيُّ. و(ثَرَّيْنَاه): بَللْناه بالماء. و(المَصْلِيَّةُ): المَشويَّة.

١٠- بابُ فَضْلِ التَّلْبِينةِ والثَّريدِ، وَأمرِها


٢٤٣٨. [ق] عَنْ عَائشةَ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ المَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ». [خ:٥٤١٧]
1. فيه جواز اجتماع الجيران عند أهل الميت؛ ليخففوا عنهم ألم الحزن ويسلّوهم، ويحثّوهم على الصبر.
2. قال الهروي: «سميت تلبينة تشبيها باللبن لبياضها ورقتها، وفيه استحباب التلبينة للمحزون».

• وقد تقدَّم في المَناقب قولُ النَّبيِّ ﷺ: «وفَضلُ عائشةَ/ عَلى النِّساء كفَضلِ الثَّريدِ عَلى سَائرِ الطَّعام». [ر:١٥٧١]

١١- بابُ حُبِّ النَّبيِّ ﷺ الحَلواءَ والعَسَلَ، وأكلِ القِثَّاءِ بالرُّطبِ، والعَجْوةِ


٢٤٣٩. [ق] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُحِبُّ الحَلْوَاءَ وَالعَسَلَ. [خ:٥٤٣١]
1. قال ابن القيم: «وهذه الثلاثة أعني: اللحم والعسَل والحلواء - مِن أفضل الأغذية، وأنفعها للبدن والكبد والأعضاء، وللاغتذاء بها نفعٌ عظيمٌ في حِفْظ الصحة والقوة، ولا ينفر منها إلا مَن به عِلَّةٌ وآفةٌ».
2. قال الخَطَّابي: «لم يكن حبُّه ﷺ لها على معنى كثرة التشهِّي لها، وشدة نزاع النَّفْس إليها؛ وإنما كان يتناول منها إذا حضرتْ إليه نيلًا صالحًا، فيعلم بذلك أنها تُعجبه».
3. قال القسطلَّاني: «في فقه اللغة للثعالبي: أن حلوى النبي ﷺ التي كان يحبها هي المجيع بالجيم بوزن عَظِيم، وهو تَمْرٌ يُعجن بلبن، فإن صَحَّ هذا، وإلا فلفظ الحلوى يعمُّ كل ما فيه حلو، وما يُشابه الحلوى».

٢٤٤٠. [ق] وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالقِثَّاءِ. [خ:٥٤٤٠]
1. قوله: (يأكل الرطب بالقثاء)، قال النووي: «في حديث الباب جواز أكل الشيئين من الفاكهة وغيرها معاً وجواز أكل طعامين معاً».
2. قال ابن حجر: «يؤخذ من الحديث جواز التوسع في المطاعم، ولا خلاف بين العلماء في جواز ذلك، وما نُقِلَ عن السلف من خلاف هذا محمول على الكراهة منعاً لاعتياد التوسع والترفه والإكثار لغير مصلحة دينية».
3. قال القرطبي: «يؤخذ من الحديث جواز مراعاة صفات الأطعمة وطبائعها واستعمالها على الوجه اللائق بها على قاعدة الطب، لأن في الرطب حرارة وفي القثاء برودة، فإذا أُكلا معاً اعتدلا، وهذا أصل كبير في المركبات من الأدوية».

٢٤٤١. [ق] وَعن عَامرِ بن سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ». [خ:٥٤٤٥]
1. قال الشيخ بكر أبو زيد: «وقد رأيتُ شيخنا ابن باز منذ أن عرفته وهو يتصبَّح بسبع تمرات، ويرى عموم الحديث، وكأنه يرجو أن يكون كذلك، فهو عالم بالسنَّة ويعرف عامّها وخاصّها، وقد وردت بألفاظٍ منها: (عجوة) دون تحديد البلد، ومنها: (من عجوة المدينة)، ومنها: (العالية)، وهي طرف المدينة الشرقي مما يلي نجد وورد: (ما بين لابتيها)، وهي حَرَّتي المدينة، وكلما اقتربت من التخصيص أكثر اقتربت من المقصود».

١٢- بابُ النَّهيِ عَنِ الأكْلِ والشُّرْبِ فِي أَوَانِي الذَّهبِ والفِضَّةِ


٢٤٤٢. [ق] عَنْ عبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ حُذَيْفَةَ، فَاسْتَسْقَى فَأسقَاهُ مَجُوسِيٌّ، فَلَمَّا وَضَعَ القَدَحَ فِي يَدِهِ رَمَى بِهِ وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي نَهَيْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ -كَأَنَّهُ قَالَ: لَمْ أَفْعَلْ هَذَا- وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: «لَا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ لكُمْ فِي الآخِرَةِ». [خ:٥٤٢٦]

١٣- بابٌ: صَاحبُ الدَّعوةِ مُخيَّرٌ فيمَن يَتْبَعُ المَدْعُوَّ


٢٤٤٣. [ق] عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قال: كَانَ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ، فَقَالَ: اصْنَعْ لِي طَعَامًا أَدْعُو رَسُولَ اللهِ ﷺ خَامِسَ خَمْسَةٍ. فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّكَ دَعَوْتَنَا خَامِسَ خَمْسَةٍ، وَهَذَا رَجُلٌ قَدْ تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ». قَالَ: بَلْ أَذِنْتُ لَهُ. [خ:٥٤٣٤]
1. فيه أن من دعا أحداً استُحِبّ أن يدعو معه من يرى من أخصائه وأهل مجالسته.
2. قال النووي: «فيه أن المدعو إذا تبعه رجل بغير استدعاء ينبغي له ألا يأذن له وينهاه، وإذا بلغ باب دار صاحب الطعام أعلمه به ليأذن له أو يمنعه، وأن صاحب الطعام يستحب له أن يأذن له إن لم يترتب على حضوره مفسدة بأن يؤذي الحاضرين أو يشيع عنهم ما يكرهونه، أو يكون جلوسه معهم مزريا بهم؛ لشهرته بالفسق ونحو ذلك، فإن خيف من حضوره شيء من هذا لم يأذن له، وينبغي أن يتلطف في رده، ولو أعطاه شيئا من الطعام إن كان يليق به ليكون ردا جميلا كان حسنا».

١٤- بابٌ: ليتَحَلَّق عَشرةٌ عَشرةٌ، والنَّهيُ عَنِ القِرَانِ في التَّمرِ


٢٤٤٤. [ق] وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّهُ عَمَدَت إِلى مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ/ جَشَّتْهُ، وَجَعَلَتْ مِنْهُ خَطِيفَةً، وَعَصَرَتْ عُكَّةً عِنْدَهَا، ثُمَّ بَعَثَتْنِي إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ فَدَعَوْتُهُ، قَالَ: «وَمَنْ مَعِي؟» فَجِئْتُ فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَقُولُ: وَمَنْ مَعِي؟ فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَنَعَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ. فَدَخَلَ فَجِيءَ بِهِ، وَقَالَ: «أَدْخِلْ عَلَيَّ عَشَرَةً». فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ: «أَدْخِلْ عَلَيَّ عَشَرَةً». فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ: «أَدْخِلْ عَلَيَّ عَشَرَةً». حَتَّى عَدَّ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أَكَلَ النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ قَامَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ هَلْ نَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ؟! [خ:٥٤٥٠]
٢٤٤٥. [ق] وعن شُعبَة، [عَنْ جَبَلَةَ] بنِ سُحَيْمٍ قالَ: أَصَابَنَا عَامُ سَنَةٍ فَرُزِقنَا تَمْرًا، وكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا وَنَحْنُ نَأْكُلُ، وَيَقُولُ: لَا تُقَارِنُوا، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ. قَالَ شُعْبَةُ: الإِذْنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. [خ:٥٤٤٦]
• [خت] وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُنَاوِلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا يُنَاوِلُ مِنْ هَذِهِ المَائِدَةِ إِلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى.
1. فيه بيان حرص الشريعة على إبعاد الظلم عن المجتمع، ومراعاة حقوق الناس.
2. قال ابن الأثير: «إنما نُهِيَ عن القران؛ لأن فيه شرهاً، وذلك يزري بصاحبه، أو لأن فيه غبناً برفيقه».

١٥- بابُ أَكْلِ الجُمَّارِ والكَبَاثِ


٢٤٤٦. [ق] عنِ ابنِ عُمَر قال: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ أُتِيَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ المُسْلِمِ». فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِي النَّخْلَةَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ التَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرَةٍ أَنَا أَحْدَثُهُمْ فَسَكَتُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هِيَ النَّخْلَةُ». [خ:٥٤٤٤]
٢٤٤٧. [ق] وعن جَابرِ بن عَبدِ الله قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْنِي الكَبَاثَ فَقَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ أَطَيَبُ». فَقيلَ: أَكُنْتَ تَرْعَى الغَنَمَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا رَعَاهَا؟». [خ:٥٤٥٣]
الغريب: (الجُمَّار): قلْبُ النَّخلة. و(الكَبَاثُ) بفتح الكَاف، هو ثمر الأَراك، والأسْود مِنه أطْيبه لانتهائه، ويُسمَّى أيَضًا: البَرِير.

١٦- بابُ لعْقِ الأَصابِعِ والمَضْمضةِ مِن الطَّعامِ والتَّمندلِ


• وقد تقدَّم مِن حَديث [سُوَيدِ بنِ] النُّعمان أنَّه ﷺ أَكَلَ/ سَوِيقًا فَتَمَضْمَضَ، وَتمَضْمضَ مَن كَانَ أكلَ مَعَهُ. [ر:١٠٢، ١٢٣]
٢٤٤٨. [ق] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا». [خ:٥٤٥٦]
1. قال النووي: «في هذه الأحاديث أنواع من سنن الأكل، منها استحباب لعق اليد محافظة على بركة الطعام وتنظيفا لها».
2. وفيه المحافظة على عدم إهمال شيء من فضل الله تعالى، كالمأكولات أو المشروب، وإن كان تافهاً حقيراً في العرف.
3. قال المناوي: «وفيه ترك الكبر وتغيير عادة الأكابر، وإرغام الشيطان بلعق الأصابع، وأكل المتناثر، وإطابة المطاعم حِسّاً ومعنى».
4. قال النووي: «وفيه جواز مسح اليد بالمنديل، لكن السنة أن يكون بعد لعقها».
5. قوله: (حتى يَلعقها أو يُلعِقها) قال النووي: «معناه - والله أعلم - لا يمسح يده حتى يلعقها، فإن لم يفعل فحتى يلعقها غيره ممن لا يتقذر ذلك كزوجة وجارية وولد وخادم يحبونه ويلتذون بذلك ولا يتقذرون».

٢٤٤٩. وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَسُئِلَ عَنِ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْه النَّارُ؟ فَقَالَ: لَا، قَدْ كُنَّا زَمَانَ النَّبِيِّ ﷺ لَا نَجِدُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا قَلِيلًا، فَإِذَا نَحْنُ وَجَدْنَاهُ لَمْ تَكُنْ لَنَا مَنَادِيلُ إِلَّا أَكُفَّنَا وَسَوَاعِدَنَا وَأَقْدَامَنَا، ثُمَّ نُصَلِّي وَلَا نَتَوَضَّأُ. [خ:٥٤٥٧]

١٧- بابُ ما يقولُ إذا فرَغَ مِن طَعامِهِ، وفضلِ الطَّاعِمِ الشَّاكِرِ


٢٤٥٠. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا». [خ:٥٤٥٨]
1. قوله: (طيباً مباركاً فيه)، قال ابن هبيرة: «هذا من مليح المناسبة فإنه إذا أطعمه طعاماً طيباً ناسب أن يقول: نحمد الله حمداً طيباً، فتقابل الطيب من الرزق بالطيب من الحمد».

٢٤٥١. وعنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ -وَقَالَ مَرَّةً: إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ- قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ». [خ:٥٤٥٩]
• [خت] وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ: «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ». ذكرَه البخاري معلَّقًا.

١٨- بابٌ: يُقدِّمُ الصَّائمُ عَشاءَه عَلى عِشائه


٢٤٥٢. [ق] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «إِذَا وُضِعَ العَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَابْدَؤوا بِالعَشَاءِ». [خ:٥٤٦٣]
• [ق] ونحوه عَنِ ابْنِ عمر. [خ:٥٤٦٤]
1. تقديم حضور القلب في الصلاة على فضيلة أول الوقت.
2. التَرَخُّص بترك الجماعة؛ لأجل الانشغال بالطعام الحاضر، إنما هو مقيَّد بالحاجة إلى الطعام، وهذا الذي تؤكده مقاصد الشريعة في باب الصلاة.

٢٤٥٣. [ق] وقال نافع: إنَّ ابن عمرَ تعشَّى مرَّةً وهو يَسمع قراءة الإمام. [خ:٥٤٦٤]

١٩- بابُ جَوازِ ادِّخارِ مَا لَا يفسُدُ مِن الطَّعامِ واللَّحمِ وغيرِهِ


٢٤٥٤. [ق] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ؟ قَالَتْ: مَا فَعَلَهُ إِلَّا فِي عَامٍ جَاعَ النَّاسُ فِيهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الغَنِيُّ الفَقِيرَ، وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الكُرَاعَ فَنَأْكُلُهُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ. قِيلَ: مَا اضْطَرَّكُمْ إِلَيْهِ؟ فَضَحِكَتْ، قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ خُبْزِ مَأْدُومٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ. [خ:٥٤٢٣]
٢٤٥٥. [ق] وعَنْ جَابِرٍ قال: كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الهَدْيِ/ عَلَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ ﷺ إِلَى المَدِينَةِ. [خ:٥٤٢٤]

(٥٢) كِتَابُ العَقِيقَةِ


١- بابُ تَسْميةِ المَوْلودِ عِندما يُولَدُ، وتَحْنِيكِهِ


٢٤٥٦. [ق] عَنْ أَبِي مُوسَى قال: وُلِدَ لِي غُلَامٌ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ. وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي مُوسَى. [خ:٥٤٦٧]
٢٤٥٧. [ق] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِصَبِيٍّ يُحَنِّكُهُ فَبَالَ عَلَيْهِ، فَأَتْبَعَهُ المَاءَ. [خ:٥٤٦٨]
1. قال النووي: «فيه استحباب تحنيك المولود، قال النووي: فيه جواز التسمية يوم الولادة، وفيه أن قوله ﷺ: (أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن) ليس بمانع من التسمية بغيرهما».
2. قال النووي: «وفيه الندب إلى حسن المعاشرة واللين والتواضع والرفق بالصغار وغيرهم».

٢٤٥٨. [ق] وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ المَدِينَةَ فَنَزَلْتُ قُبَاءً، فَوَلَدْتُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ فِيها وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلَامِ، وَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا؛ لِأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ اليَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلَا يُولَدُ لَكُمْ. [خ:٥٤٦٩]
1. قال النووي: «يعني أول من ولد في الإسلام بالمدينة بعد الهجرة من أولاد المهاجرين، وإلا فالنعمان بن بشير الأنصاري ولد في الإسلام بالمدينة قبله بعد الهجرة، وفيه مناقب كثيرة لعبد الله بن الزبير، منه: أن النبي ﷺ مسح عليه وبارك عليه ودعا له، وأول شيء دخل جوفه ريقه عليه السلام».

٢٤٥٩. [ق] وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: كَانَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ: وَارُوا الصَّبِيَّ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «اللهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا». فَوَلَدَتْ غُلَامًا، قَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اّْحْفَظْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ. فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ ﷺ وَأَرْسَلَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «أَمَعَهُ شَيْءٌ؟» قَالُوا: نَعَمْ، تَمَرَاتٌ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ﷺ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ وَحَنَّكَهُ بِهِ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ./ [خ:٥٤٧٠]
1. قال ابن بطال: «فيه أنه من ترك شيئاً لله تعالى وآثر ما ندب إليه وحض عليه من جميل الصبر أنه معوض خيراً فيما فاته؛ ألا ترى قوله: فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن».
2. قال ابن بطال: «ولقد أخذت أم سليم في الصبر إلى أبعد غاية، على أن النساء أرق أفئدة؛ لأننا نقول: ما في النساء ولا في الجلة من الرجال مثل أم سليم؛ لأنها كانت تسبق الكثير من الشجعان إلى الجهاد، وتحتسب في مداوة الجرحى».
3. في الحديث استحباب التسمية يوم الولادة.
4. قال النووي: «في هذا الحديث مناقب لأم سليم ﵂ من عظيم صبرها، وحسن رضاها بقضاء الله تعالى، وجزالة عقلها في إخفائها موته على أبيه في أول الليل ليبيت مستريحا بلا حزن، ثم عشته وتعشت، ثم تصنعت له، وعرضت له بإصابته فأصابها».
5. قال النووي: «وفيه استعمال المعاريض عند الحاجة لقولها: (هو أسكن مما كان) فإنه كلام صحيح، مع أن المفهوم منه أنه قد هان مرضه وسهل، وهو في الحياة، وشرط المعاريض المباحة ألا يضيع بها حق أحد».
6. قوله: (أعرّستم الليلة؟) قال النووي: «هذا السؤال للتعجب من صنيعها وصبرها، وسرورا بحسن رضاها بقضاء الله تعالى، ثم دعا ﷺ لهما بالبركة في ليلتهما، فاستجاب الله تعالى ذلك الدعاء، وحملت بعبد الله بن أبي طلحة، وجاء من أولاد عبد الله إسحاق وإخوته التسعة صالحين علماء ﭫ».
7. قال النووي: «في ضربها لمثل العارية دليل لكمال علمها وفضلها وعظم إيمانها وطمأنينتها، قالوا: وهذا الغلام الذي توفي هو أبو عمير صاحب النغير».

٢- بابُ إِماطةِ الأذَى عَنِ المولودِ والعَقِيقةِ


٢٤٦٠. عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَعَ الغُلَامِ عَقِيقَتُه، وهَرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى». [خ:٥٤٧١]
٢٤٦١. [ق] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ». وَالفَرَعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ، وَالعَتِيرَةُ فِي رَجَبٍ. [خ:٥٤٧٣]

١ "يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك" قالها النبي ﷺ لــ :

٥/٠