(٥٥) كِتَابُ الأضَاحِي


١- بابُ سُنَّةِ الأُضْحِيَّةِ، ومتى تُذبَحُ، والسِّنُّ الَّتي تُجزئ فيها؟


• [خت] قالَ ابنُ عُمر: هي سُنَّةٌ ومَعروفٌ.
٢٤٨٥. [ق] عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ البَرَاءِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ». فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ -وَقَدْ ذَبَحَ- فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً؟ قَالَ: «اذْبَحْهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». [خ:٥٥٤٥]
٢٤٨٦. [ق] وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فإنَّما يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ». [خ:٥٥٤٦]
1. قال ابن حجر: «في الحديث: أن الإمام يعلم الناس في خطبة العيد أحكام النحر».
2. قال ابن حجر: «المفتي إذا ظهرت له من المُستفتي أمارة الصدق كان له أن يسهل عليه، حتى لو استفتاه اثنان في قضية واحدة جاز أن يفتي كُلاً منهما بما يناسب حاله».
3. قال ابن حجر: «وفي الحديث جواز إخبار المرء عن نفسه بما يستحق الثناء عليه بقدر الحاجة».

٢- بابُ قَسْمِ الإِمام الضَّحايا بَين النَّاس، وأُضْحيةُ الرَّجل عَنْ نِسائِهِ


٢٤٨٧. [ق] عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ قال: قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا، فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صَارَتْ لِي جَذَعَةٌ؟ قَالَ: «ضَحِّ بِهَا». [خ:٥٥٤٧]
• وفي رواية: عَتُود. [خ:٥٥٥٥]
٢٤٨٨. [ق] وعن عَائشةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيْهَا -وَحَاضَتْ بِسَرِفَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ مَكَّةَ- وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: «مَا لَكِ أَنَفِسْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالبَيْتِ». فَلَمَّا كانَ بِمِنًى أُتِيتُ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: ضَحَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ أَزْوَاجِهِ بِالبَقَرِ./ [خ:٥٥٤٨]

٣- بابٌ: يُضَحِّي الإِمام بالمصلَّى، والضَّحيةُ بَكبشَينِ، وَتَسمينُ الأُضحيَّةِ


٢٤٨٩. عنِ ابنِ عُمَرَ قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ بِالمُصَلَّى. [خ:٥٥٥٢]
٢٤٩٠. وقال نافع: وكَان عَبدِ اللهِ ينحرُ في المنْحَر. [خ:٥٥٥١]
٢٤٩١. [ق] وعَنْ أنسٍ قال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ، وَأَنَا أُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ. [خ:٥٥٥٣]
٢٤٩٢. [ق] وعنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ. [خ:٥٥٥٤]
• [ق] في روايةٍ: فرأيتُه واضعًا قدمَه على صِفَاحهما، يُسمِّي ويُكَبِّر. [خ:٥٥٥٨]
• [خت] وعن أَبي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قال: كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالمَدِينَةِ، فكَانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ.
1. قال ابن حجر: «في الحديث استحباب التضحية بالأقرن، وأنه أفضل من الأجم مع الاتفاق على جواز التضحية بالأجم وهو الذي لا قرن له».
2. قال ابن حجر: «استدل بالحديث على مشروعية استحسان الأضحية صفة ولونا، قال الماوردي: إن اجتمع حسن المنظر مع طيب المخبر في اللحم فهو أفضل، وإن انفردا فطيب المخبر أولى من حُسْن المنظر».
3. قوله: (ذبحهما بيده) قال النووي: «فيه أنه يستحب أن يتولى الإنسان ذبح أضحيته بنفسه، ولا يوكل في ذبحها إلا لعذر، وحينئذ يستحب أن يشهد ذبحها، وإن استناب فيها مسلما جاز بلا خلاف».
4. قال النووي: «وفيه: استحباب إضجاع الغنم في الذبح، وأنها لا تذبح قائمة ولا باركة بل مضجعة؛ لأنه أرفق بها، وبهذا جاءت الأحاديث، وأجمع المسلمون عليه، واتفق العلماء، وعمل المسلمين على أن إضجاعها يكون على جانبها الأيسر؛ لأنه أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين، وإمساك رأسها باليسار».

٤- بابُ قولِ النَّبِيِّ ﷺ لأبِي بُرْدَة في الجَذَعِ مِن المَعِزِ:


«ضحِّ بها ولَنْ تَجزيَ عَنْ أَحدٍ بَعدَكَ»
٢٤٩٣. [ق] عَنِ البَرَاءِ قال: ضَحَّى خَالِي أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ المَعَزِ، قَالَ: «اذْبَحْهَا، وَلَا تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ». ثُمَّ قَالَ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ». [خ:٥٥٥٦]
• [ق] وفي رواية قال: ذَبَحَ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أَبْدِلْهَا». قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي إِلَّا جَذَعَةٌ هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، قَالَ: «اّْجْعَلْهَا مَكَانَهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ».[خ:٥٥٥٧]
• [ق] وفي رواية: قال: فإنَّ عِندي جَذَعة هِي خيرٌ مِن مُسِنَّتين، أَذْبحُها؟ قالَ: «نَعم، ثمَّ لا تَجْزِيَ عن أحدٍ بعدكَ». [خ:٥٥٦٣]
1. (شاتك شاة لحم أبدلها)، قال ابن أبي جمرة: «فيه أن العمل وإن وافق نية حسنة لم يصح إلا إذا وقع على وفق الشرع».
2. قال ابن حجر: «وفي الحديث: كرم الرب سبحانه وتعالى لكونه شرع لعبيده الأضحية مع ما لهم فيها من الشهوة بالأكل والادخار ومع ذلك فأثبت لهم الأجر في الذبح، ثم من تصدق أُثيب وإلا لم يأثم».
3. قال النووي: «أي: أطيب لحما وأنفع لسمنها ونفاستها، وفيه: إشارة إلى أن المقصود في الضحايا طيب اللحم لا كثرته، فشاة نفيسة أفضل من شاتين غير سمينتين بقيمتها».

تنبيهٌ: حديث عُقبةَ المتقدِّم معارِضٌ لحديث أبي بُردةَ هَذا، فإنَّه ﷺ قَد أجازَ له الأُضحية بعَتُودٍ، وهو الجَذَع مِن المَعْز، وَلذلك قال علماؤنا: إنَّ حديث عُقبة منسوخٌ بحديث أبي بُردة، بدليل الإجماع على عَدم إجزاء الجَذَع مِنَ المَعْزِ. قلت: ويحتمل أنْ يُقال: إنَّ الجَذعة في حديث عُقبة مِن الضَّأن، ويجوز للرَّاوي تَسميتُه عَتودًا لاسْتوائهما في الوَقت والحَال، وَلو سلَّمنا أنَّه مِن المَعز فيكونُ قد دخَل في أوَّل سِنِّ/ الثَّنيِّ، فاستُصحب اسم العَتُود عليه للقُرب، ويدلُّ على صحَّة هذا التَّأويل ما حكاه القاضي عياضٌ عن أهل اللُّغة أنَّ العَتُود: الجديُ الَّذي يبلغ السِّفاد. قال ابن الأعْرابيِّ: المعْز والإبل والبقر لا تَضْربُ فحولُها إلَّا بعد أنْ تُثْني. وحَمْلُ الحديث على هذا أَوْلَى، والله أعلم.

٥- بابُ ما يُؤكلُ مِن لُحُوم الأضاحي، وما يُتزوَّد منها


٢٤٩٤. [ق] عن جابرٍ قال: كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى المَدِينَةِ. [خ:٥٥٦٧]
• [ق] وفي رواية: لُحوم الهَدْيِ. [خ:٥٥٦٧]
٢٤٩٥. [ق] وعن أَبي سَعيدٍ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فَقَدِمَ، فَقُدِّمَ إِلَيْهِ لَحْمٌ، وقَالُوا: هَذَا مِنْ لَحْمِ ضَحَايَانَا. فَقَالَ: أَخِّرُوهُ لَا أَذُوقُهُ. قَالَ: ثُمَّ قُمْتُ فَخَرَجْتُ حَتَّى آتِيَ أَخِي أَبَا قَتَادَةَ -وَكَانَ أَخَاهُ لِأُمِّهِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا- فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ. [خ:٥٥٦٨]
٢٤٩٦. [ق] وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ». فَلَمَّا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا في العَامَ المَاضِي؟ قَالَ: «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ العَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا». [خ:٥٥٦٩]
٢٤٩٧. [ق] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: الضَّحِيَّةُ كُنَّا نُمَلِّحُ مِنْهُ، فَنَقْدَمُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِالمَدِينَةِ، فَقَالَ: «لَا تَأْكُلُوا إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَلَيْسَتْ بِعَزِيمَةٍ؛ وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُ. [خ:٥٥٧٠]
٢٤٩٨. [ق] وَعن أَبِي عُبيدٍ مَولى ابن أَزهرَ قال: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لَحْمَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلَاثٍ. [خ:٥٥٧٣]
٢٤٩٩. [ق] وعَنْ سالمٍ، عَنْ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كُلُوا مِنَ الأَضَاحِيِّ ثَلَاثًا». وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَأْكُلُ بِالزَّيْتِ حَتَّى يَنْفِرُ مِنْ مِنًى مِنْ أَجْلِ لُحُومِ الهَدْيِ. [خ:٥٥٧٤]

(٥٦) كِتَابُ الأشْرِبَةِ/


٦- بابُ تَحْريمِ الخَمْرِ،


وقولِهِ تعالىَ: ﴿إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَیۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَـٰمُ رِجۡسࣱ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ﴾ الآيةَ [المائدة:٩٠]
٢٥٠٠. [ق] وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ أَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، وَلَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ». [خ:٥٥٧٦]
• وقد تقدَّم مِن حَديث مَالكِ بن صَعْصَعةَ: أنَّه ﷺ أُتِيَ ليلةَ الإسْراء بِثلاثة أقْداح، وزاد: قَدَحًا مِن عَسَلٍ[ر:١٧٨٣].
1. قال ابن حجر: «يؤخذ من قول جبريل عليه السلام (غَوَتْ أُمَّتُكَ)، أن الخمر ينشأ عنها الغي، ولا يختص ذلك بقدر معين».
2. استحباب التفاؤل بالبشائر الحسنة والأمارات السارة.

٢٥٠١. [ق] وعَنْ أَنَسٍ قال: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ غَيْرِي، قَالَ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَقِلَّ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ خَمْسوُنَ امْرَأَةً قَيِّمُهُنَّ وَاحِدٌ». [خ:٥٥٧٧]

٧- بابٌ: الخَمْرُ مِن العِنَبِ وغيرِه


٢٥٠٢. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: لَقَدْ حُرِّمَتِ الخَمْرُ وَمَا بِالمَدِينَةِ مِنْهَا شَيْءٌ. [خ:٥٥٧٩]
٢٥٠٣. [ق] وعَنْ أَنَسٍ قال: حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الخَمْرُ حِينَ حُرِّمَتْ وَمَا نَجِدُ خَمْرَ الأَعْنَابِ إِلَّا قَلِيلًا، وَعَامَّةُ خَمْرِنَا البُسْرُ وَالتَّمْرُ. [خ:٥٥٨٠]
٢٥٠٤. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: قَامَ عُمَرُ عَلَى المِنْبَرِ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ: العِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالعَسَلِ وَالحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ. [خ:٥٥٨١]
٢٥٠٥. [ق] وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، [عَن أَنَسٍ] قال: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ، فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: قُمْ يَا أَنَسُ فَأَهْرِقْهَا، فَأَهْرَقْتُهَا. [خ:٥٥٨٢]
• [ق] قال أنسٌ: والخَمْر يومئذٍ البُسْر والتَّمر. [خ:٥٥٨٤]
1. في الحديث: فضل أبي طلحة والصحابة رضي الله عنهم؛ إذ استجابوا لأمر الله بسرعة ودون سؤال، وهذا هو الذي ينبغي للمسلم الحق.

٢٥٠٦. [ق] وعَنْ عَائشةَ: أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ سُئِلَ عَنِ البِتْعِ؟ فقال: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ». [خ:٥٥٨٦]
• [ق] وفي رواية: قَالتْ: وَهو نَبيذُ العَسلِ، وكانَ أهلُ المدينةِ يشرَبونَهُ. [خ:٥٥٨٦]
1. قوله: (سئل رسول الله ﷺ عن البتع فقال: كل شراب أسكر فهو حرام) قال النووي: «هذا من جوامع كلمه ﷺ، وفيه أنه يستحب للمفتي إذا رأى بالسائل حاجة إلى غير ما سأل أن يضمه في الجواب إلى المسؤول عنه، ونظير هذا الحديث حديث: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته».

٨- بابُ ما جاءَ فيمَن يَستحلُّ الخَمْر ويُسمِّيه بغير اسمه


٢٥٠٧. عن عبد الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ قال: قال/ لي أَبُو عَامِرٍ -أَوْ أَبُو مَالِكٍ- الأَشْعَرِيُّ، وَاللهِ مَا كَذَبَنِي: سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، تأْتِيهِمْ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ». [خ:٥٥٩٠]
قلتُ: مُعظم رُواة البخاريِّ يَذْكرون هذا الحديث معلَّقًا تحتَ التَّرجمة المذكورة فيقول: (وقال هشام بن عمَّارٍ...) وقد أسندَه أبو ذرٍّ عن شيوخه فقال: قال البُخاري: حدَّثنا الحَسن بن إدريسَ قال: حدَّثنا هِشَام... وعلى هذا فيكون هذا الحديث صحيحًا على شرط البخاري، والله أعلم.
الغريب: (الحِرَ): بالحاء والرَّاء المهملتين وتخفيفهما، هو الفَرْجُ، وهو هنا كِنَاية عَنِ الزِّنا. و(المَعازف): آلات الغِناء واللَّهو. و(العَلَم) بفتح اللَّام، الجَبل. و(السَّارِحَة): الشَّاة الَّتي تَسْرَح في المرعى.
٢٥٠٨. عَنْ أَبِي الجُوَيْرِيَةِ قال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ البَاذَقِ؟ فَقَالَ: سَبَقَ مُحَمَّدٌ البَاذَقَ، فَمَا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ، قَالَ: الشَّرَابُ الحَلَالُ الطَّيِّبُ؟ قَالَ: لَيْسَ بَعْدَ الحَلَالِ الطَّيِّبِ إِلَّا الحَرَامُ الخَبِيثُ. [خ:٥٥٩٨]

٩- بابُ تَرْخيصِ النَّبيِّ ﷺ في الانْتباذِ في الأَوْعِيةِ والظُّروفِ بعدَ النَّهي


٢٥٠٩. عَنْ جَابِرٍ قال: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ الظُّرُوفِ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: إِنَّهُ لَا بُدَّ لَنَا مِنْهَا، قَالَ: «فَلَا إِذًا». [خ:٥٥٩٢]
٢٥١٠. [ق] وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قال: لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الأَسْقِيَةِ، قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: لَيْسَ كُلٌّ يَجِدُ سِقَاءً، فَرَخَّصَ فِي الجَرِّ غَيْرِ المُزَفَّتِ. [خ:٥٥٩٣]
تنبيه: كَذا وقع هذا اللَّفظ هنا فيما رَأيناه مِن النُّسَخ: (نَهَى عَنِ الأَسْقِيَةِ)، وإنَّما صوابه: (عَنِ الظُّروف إلَّا في الأسْقية) كما قد جاء مفصَّلًا في حديثِ وفد عبد القَيس[خ:٧٥٥٦] وغيره، ولمَا يدلُّ عليه باقي الحديث، فتأمَّلْه.
٢٥١١. [ق] وعَنْ عَلِيٍّ قال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ. [خ:٥٥٩٤]
• [ق] ونحوه عن عائشةَ./ [خ:٥٥٩٥]
٢٥١٢. وعن عَبدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الجَرِّ الأَخْضَرِ. قُلْتُ: أَنَشْرَبُ فِي الأَبْيَضِ؟ قَالَ: «لَا». [خ:٥٥٩٦]

١٠- بابُ النَّهيِ عن خَلْطِ شَيئينِ يَبْغِي كلُّ واحدٍ منهما على الآخَرِ


٢٥١٣. [ق] عن جابِرٍ قال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالبُسْرِ وَالرُّطَبِ. [خ:٥٦٠١]
٢٥١٤. [ق] وعن أَبِي قَتَادَةَ قال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْوِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَلْيُنْبَذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ. [خ:٥٦٠٢]

١١- بابُ شُربِ اللَّبنِ وشَوْبِه بالماءِ، وتَخْميرِ الإِناء، ومُناولةِ الشَّرابِ


٢٥١٥. [ق] عَنْ جَابِرٍ قال: جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ -رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ- مِنَ النَّقِيعِ بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَلَّا خَمَّرْتَهُ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا». [خ:٥٦٠٦]
٢٥١٦. [ق] وعَنْ أنسِ بنِ مَالكٍ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ ﷺ يَشْرَبُ لَبَنًا، وَأَتَى دَارَهُ فَحُلِبْتْ شَاةً، فَشِيْبَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ مِنَ البِئْرِ، فَتَنَاوَلَ القَدَحَ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِيَّ، ثُمَّ قَالَ: «الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ». [خ:٥٦١٢]
٢٥١٧. وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي شَنَّةٍ وَإِلَّا كَرَعْنَا». قَالَ: وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ المَاءَ فِي حَائِطِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عِنْدِي مَاءٌ بَائِتٌ، فَانْطَلِقْ إِلَى العَرِيشِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ بِهِمَا، فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ، قَالَ: فَشَرِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، ثُمَّ شَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ. [خ:٥٦١٣]
الغريب: (الشَّنَّةُ): القِرْبَة البالية، وهي أكثرُ تبريدًا للماء مِن الجَديدة. و(كَرَعْنَا): شَرِبنا بأَفْواهنا مِن غَير يدٍ وَلا إناء. مِن «الصِّحاح».

١٢- بابُ الشُّرْبِ قائمًا، واسْتئذانِ الأَصْغرِ في إعطاءِ الأكبرِ


٢٥١٨. عَنِ النَّزَّال بن سَبْرَة عَنْ عَلِيِّ بن أبي طَالبٍ/ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي رَحَبَةِ الكُوفَةِ، حَتَّى حَضَرَتْ صَلَاةُ العَصْرِ، ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ، فَشَرِبَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قائمًا، وَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ. [خ:٥٦١٦]
٢٥١٩. [ق] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: شَرِبَ النَّبِيُّ ﷺ قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ. [خ:٥٦١٧]
٢٥٢٠. [ق] وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: «أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاء؟» فَقَالَ الغُلَامُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي يَدِهِ. [خ:٥٦٢٠]
1. قال النووي: «في هذه الأحاديث بيان هذه السنة الواضحة، وهو موافق لما تظاهرت عليه دلائل الشرع من استحباب التيامن في كل ما كان من أنواع الإكرام».
2. قال النووي: «وفيه بيان هذه السنة، وهي أن الأيمن أحق، ولا يدفع إلى غيره إلا بإذنه، وأنه لا بأس باستئذانه، وأنه لا يلزمه الإذن، وينبغي له أيضا ألا يأذن إن كان فيه تفويت فضيلة أخروية، ومصلحة دينية كهذه الصورة».
3. قوله: ( فتله في يده ) قال النووي: «أي وضعه فيها، وقد جاء في مسند أبي بكر بن أبي شيبة أن هذا الغلام هو عبد الله بن عباس ؛ ومن الأشياخ خالد بن الوليد - رضي الله تعالى عنه - قيل: إنما استأذن الغلام دون الأعرابي إدلالا على الغلام وهو ابن عباس، وثقة بطيب نفسه بأصل الاستئذان والأشياخ أقاربه، قال القاضي عياض: وفي بعض الروايات: (عمك وابن عمك أتأذن لي أن أعطيه) وفعل ذلك أيضا تألفا لقلوب الأشياخ، وإعلاما بودهم وإيثار كرامتهم إذا لم تمنع منها سنة».
4. قال النووي: «وأما الأعرابي فلم يستأذنه مخافة من إيحاشه في استئذانه في صرفه إلى أصحابه ﷺ، وربما سبق إلى قلب ذلك الأعرابي شيء يهلك به لقرب عهده بالجاهلية وأنفتها، وعدم تمكنه في معرفته خلق رسول الله ﷺ، وقد تظاهرت النصوص على تألفه ﷺ قلب من يخاف عليه».
5. قال النووي: «وفي الحديث أن من سبق إلى موضع مباح أو مجلس العالم والكبير فهو أحق به ممن يجيء بعده».
6. وفيه أن من استحق شيئاً لم يدفع عنه إلا بإذنه كبيراً كان أو صغيراً، إذا كان ممن يجوز إذنه.

١٣- بابُ تَغْطيةِ إِناءِ الطَّعامِ والشَّرابِ والتَّسميةِ عِندَ ذلكَ


٢٥٢١. [ق] عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قَالَ: قال رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ -أَوْ: أَمْسَيْتُمْ- فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، فَإِنَّ الشَّياطِينَ لَا تَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكِؤُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْه شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ». [خ:٥٦٢٣]
• [ق] وفي رواية: «وخَمِّرُوا الطَّعام والشَّراب». [خ:٥٦٢٤]
1. قال النووي: «هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير والأدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا، فأمر ﷺ بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان، وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه فلا يقدر على كشف إناء ولا حل سقاء، ولا فتح باب، ولا إيذاء صبي وغيره، إذا وجدت هذه الأسباب».
2. وفي هذا الحديث: الحث على ذكر الله تعالى في هذه المواضع، ويلحق بها ما في معناها.
3. قوله: ( فإن الشيطان ينتشر ) قال النووي: «أي: جنس الشيطان، ومعناه أنه يخاف على الصبيان ذلك الوقت من إيذاء الشياطين لكثرتهم حينئذ».
4. قال النووي: «ذكر العلماء للأمر بالتغطية فوائد: منها الفائدتان اللتان وردتا في هذه الأحاديث، وهما: صيانته من الشيطان؛ فإن الشيطان لا يكشف غطاء، ولا يحل سقاء، وصيانته من الوباء الذي ينزل في ليلة من السنة، والفائدة الثالثة: صيانته من النجاسة والمقذرات، والرابعة: من الحشرات والهوام، فربما وقع شيء منها فيه فشربه وهو غافل، أو في الليل فيتضرر به».
5. قال ابن الجوزي: «إنما خيف على الصبيان في تلك الساعة؛ لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالبا، والذكر الذي يحرز منهم مفقود من الصبيان غالبا، والشياطين عند انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به، فلذلك خيف على الصبيان في ذلك الوقت».

١٤- بابُ النَّهيِ عنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ،


والشُّرْبِ مِن فَمِ السِّقَاءِ، والتَّنفُّسِ في الإِناء، وكم يتنفَّسُ في الشُّربِ؟
٢٥٢٢. [ق] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قال: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ. يَعْنِي: أَنْ تُكْسَرَ أَفْوَاهُهَا فَيُشْرَبَ مِنْهَا. [خ:٥٦٢٥]
٢٥٢٣. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ. [خ:٥٦٢٨]
٢٥٢٤. [ق] وعن أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ، وَإِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا تَمَسَّحَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ». [خ:٥٦٣٠]
1. قال ابن حجر: «وهذا النهي للتأدب لإرادة المبالغة في النظافة، إذ قد يخرج مع النَّفَس بصاق أو مخاط أو بخار رديء فيكسبه رائحة كريهة فيتقذر بها هو أو غيره من شربه».

٢٥٢٥. [ق] وعن أنسٍ أنَّه كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا./ [خ:٥٦٣١]

١٥- بابُ النَّهي عَنِ الشُّربِ في آنيةِ الذَّهبِ وَالفِضَّةِ


٢٥٢٦. [ق] عَنْ حُذَيفةَ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ قال: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ». [خ:٥٦٣٣]
٢٥٢٧. [ق] وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّ النبيَّ ﷺ قال: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَة الفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ». [خ:٥٦٣٤]
٢٥٢٨. [ق] وعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ المُقْسِمِ، وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِمِ الذَّهَبِ، وَعَنِ الشُّرْبِ فِي الفِضَّةِ -أَوْ قَالَ: آنِيَةِ الفِضَّةِ- وَعَنِ المَيَاثِرِ وَالقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالإِسْتَبْرَقِ. [خ:٥٦٣٥]
الغَريب: (المياثر): جمع مِيثَرَة -غير مهموز- وهي مُقَيْعِدٌ يُجعلُ على السَّرْجِ، والغَالب منها أنَّها تكون مِن حريرٍ، وهي حُمْرٌ، وقيل: هي مِن جُلُودِ السِّباعِ، وسيأتي [ر:٢٦١٧]، وما ذُكِرَ بَعْدُ أنواعٌ مِن الحرير.
1. قال ابن دقيق العيد: «من فوائد التشميت: تحصيل المودة والتأليف بين المسلمين، وتأديب العاطس بكسر النفس عن الكبر، والحمل على التواضع، لما في ذكر الرحمة من الإشعار بالذنب الذي لا يَعرى عنه أكثر المكلفين».

١٦- بابُ كيفيَّةِ قَدَحِ النَّبيِّ ﷺ والتَّبرُّكِ بالشُّربِ منه


٢٥٢٩. [ق] عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ قال: رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِيِّ ﷺ عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -فكَانَ قَد انْصَدَعَ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ- قَالَ: وَهُوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ مِنْ نُضَارٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: لَقَدْ سَقَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي هَذَا القَدَحِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ: لَا تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ. فَتَرَكَهُ. [خ:٥٦٣٨]
• [خت] وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ: أَلَا أَسْقِيكَ فِي قَدَحٍ شَرِبَ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ. (خ:٧٣٤٢)
تنبيه: وَجدتُ في بعض نُسخ كتاب البُخاري -وهي نسخةٌ جيِّدةٌ عتيقةٌ-:/ قال أبو عبدِ الله: قد رأيتُ هذا القَدح بالبصرة، وشَربتُ فيه، وقد اشتُرِي مِن مِيراث النَّضر بن أنس بثمانِ مئة ألف.

١ السنه في ذبح الاضحيه :

٥/٠