(٥٩) كِتَابُ اللِّبَاسِ


١- بابُ إِبَاحةِ الزِّينةِ وأَكْلِ الطَّيِّباتِ إذَا سَلِمَ ذلك مِن الآفاتِ


قال الله تعالى: ﴿قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِینَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِیۤ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّیِّبَـٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِ﴾ الآية [الأعراف:٣٢]
• [خت] وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:/ «كُلُوا وَاّْشْرَبُوا وَاّْلبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيْلَةٍ».
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ، وَاّْلبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ.

٢- بابُ تَحْريمِ جَرِّ الثَّوبِ خُيَلاءَ،


وحُكمِ مَن جَرَّهُ على غيرِ ذلكَ، وإِلى أَينَ يَنتهي بِالإِزارِ
٢٥٩٦. [ق] عَنِ ابنِ عُمر، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». فقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي، إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ». [خ:٥٧٨٤]
٢٥٩٧. وعَنْ أبي بَكْرَةَ قال: خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلًا... الحديثَ [خ:٥٧٨٥]، وقد تقدَّم [ر:٥٣٤].
٢٥٩٨. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فِي النَّارِ». [خ:٥٧٨٧]
٢٥٩٩. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «لَا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا». [خ:٥٧٨٨]
٢٦٠٠. [ق] وعنه قال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ». [خ:٥٧٨٩]
1. فيه بيان الوعيد الشديد في الإعجاب بالنفس، والخيلاء في البردين ونحوهما.
2. قوله: (فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلًا) قال النووي: «فيه: أن الكبير إذا خرج من منزله تجمل بثيابه، ولا يقتصر على ما يكون عليه في خلوته في بيته، وهذا من المروءات والآداب المحبوبة».

• ونحوه عَنِ ابنِ عمر. [خ:٥٧٩٠]

٣- بابُ إِبَاحةِ لُبْسِ القميصِ والعَمائمِ والسَّراويلِ لِغير المُحْرِمِ،


ولُبْسِ الأَرْديةِ والصُّوفِ والقَبَاءِ
• قد تقدَّم مِن حَديثِ عليِّ بن أبي طَالب أنَّه لمَّا شَكَى للنَّبيِّ ﷺ مَا فعلَ حمزةُ في نَاقتيه قال: فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى، ثُمَّ انْطَلَقَ [ر:١٤٦٨].
• وقد تقدَّم مِن حَديث ابْن عمرَ أنَّ رجلًا قال: يَا رسولَ اللهِ! ما يَلبس المُحْرِمُ مِن الثِّياب؟ فقالَ النَّبيُّ ﷺ: «لَا يلبس المُحرم القَميصَ ولا السَّراويلَ ولا البَرانِسَ -في رواية: وَلا العَمائم - ولا الخُفَّيْن» الحَديثَ. [ر:٩٩٣]
1. قوله: (لَا يلبس المُحرم القَميصَ ولا السَّراويلَ ولا البَرانِسَ) قال النووي: «قال العلماء: والحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم ولباسه الإزار والرداء أن يبعد عن الترفه ويتصف بصفة الخاشع الذليل؛ وليتذكر أنه محرم في كل وقت، فيكون أقرب إلى كثرة أذكاره، وأبلغ في مراقبته وصيانته لعبادته، وامتناعه من ارتكاب المحظورات؛ وليتذكر به الموت ولباس الأكفان، ويتذكر البعث يوم القيامة، والناس حفاة عراة مهطعين إلى الداعي».

• ومِن حديث المُغيرة بن شُعبة أنَّ النَّبيَّ ﷺ لَبسَ في السَّفر جُبَّةً مِن صِوفٍ شاميَّةً، ضيِّقة الكُمَّيْن./ الحديثَ. [خ:٥٧٩٨] وقد تقدَّم [ر:١١٩، ٢٠٥].
٢٦٠١. [ق] ومِن حديث المِسْوَر بْن مَخْرَمةَ أنَّه قال: قسَمَ النَّبيُّ ﷺ أَقْبِيَةً، وَلمْ يُعطِ مَخْرَمَة مِنها شيئًا، فقالَ مخْرَمة: يا بُنَيَّ! انطلقْ بِنا إلى رَسولِ اللهِ ﷺ. فانطلقتُ معه، فقال: «ادْخلْ فادْعُه لي». قال: فدعوتُه له، فخرجَ إليه وعليه قَبَاءٌ مِنها، فقال: «خَبَّأْتُ هذا لكَ». قال: فنظر إليه، فقال: «رَضِيَ مخْرَمةُ». [خ:٥٨٠٠]
1. في الحديث: دعاء الخليفة والعالم وإخراجه لما يظهر إليه من حاجات الناس، وأن ذلك من التواضع والفضل.

٤- بابُ لِبَاسِ البُرُودِ والحِبَرَةِ والشَّمْلَةِ


• [خت] وقال خبَّابٌ: شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ. (خ: ٣٦١٢)
٢٦٠٢. [ق] وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبيِّ ﷺ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ البُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. [خ:٥٨٠٩]
1. قوله: (غليظ الحاشية) يدل على إيثار النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا والتبلغ منها بما أمكن من اللباس والمطعم وغيره، وأنه لم يكن بالذي يترفه في الدنيا، ولا يتوسع فيها.
2. قال النووي: « فيه احتمال الجاهلين والإعراض عن مقابلتهم».
3. قال النووي: «فيه ودفع السيئة بالحسنة وإعطاء من يتألف قلبه، والعفو عن مرتكب كبيرة لا حدّ فيها بجهله».
4. قال النووي: «وفيه إباحة الضحك عند الأمور التي يتعجب منها في العادة».
5. قال النووي: «وفيه كمال خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلمه وصفحه الجميل».

٢٦٠٣. وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ -قَالَ سَهْلٌ: هَلْ تَدْرونَ مَا البُرْدَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، هِيَ الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا- قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ عَلَينا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَجَسَّهَا رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اكْسُنِيهَا، قَالَ: «نَعَمْ». فَجَلَسَ مَا شَاءَ اللهُ فِي المَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ وطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلًا. فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللهِ مَا سَأَلْتُهَا إِلَّا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ. قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ. [خ:٥٨١٠]
1. قال ابن حجر: «في الحديث: حسن خلق النبي ﷺ وسعة جوده وقبوله الهدية».

٢٦٠٤. [ق] وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَيُّ الثِّيَابِ كَانَ أَحَبَّ لرَسولِ اللهِ ﷺ أَنْ يَلْبَسَهَا؟ قَالَ: الحِبَرَةُ. [خ:٥٨١٢]
• ومِن حديث ابن عبَّاس أنَّه قال: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا. الحديثَ [خ:٤٤٤٣]، وقد تقدَّم [ر:٢٢٩].
٢٦٠٥. [ق] وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال: أَخْرَجَتْ لَنَا عَائِشَةُ كِسَاءً وَإِزَارًا/ غَلِيظًا، قَالَتْ: قُبِضَ رُوحُ النَّبِيِّ ﷺ فِي هَذَيْنِ. [خ:٥٨١٨]

٥- بابُ النَّهي عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَعَنِ الاحْتباءِ في ثوبٍ واحدٍ، ومَن كَرِه الطَّيالسةَ


٢٦٠٦. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ المُلَامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ، وَعَنْ صَلَاتَيْنِ: بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ بِالثَّوْبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ. [خ:٥٨١٩]
٢٦٠٧. وَعَنْ أَبِي عِمْرَانَ قال: نَظَرَ أَنَسٌ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَرَأَى طَيَالِسَةً فَقَالَ: كَأَنَّهُمُ السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ. [خ: ٤٢٠٨]

٦- بابُ لِبَاسِ الثِّيابِ المُلَوَّنةِ للصِّغارِ والنِّساءِ


٢٦٠٨. عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ، فَقَالَ: «مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟» فَسَكَتَ القَوْمُ، فقَالَ: «ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ». فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ، فَأَخَذَ الخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا، فقَالَ: «أَبْلِي وَأَخْلِقِي». وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ -أَوْ أَصْفَرُ- فَقَالَ: «يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَاهْ». وَسَنَاهْ بِالحَبَشِيَّةِ -في رَواية:- يعني حَسَنًا. [خ:٥٨٢٣]
1. في الحديث: الدعاء لمن لبس ثوبا جديدا.

٢٦٠٩. وعنها قالت: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَعَ أَبِي وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «سَنَهْ سَنَهْ» -قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَهِيَ بِالحَبَشِيَّةِ: حَسَنَةٌ- قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ فَزَبَرَنِي أَبِي، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «دَعْهَا» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَبْلِي وَأَخْلِقِي». ثَلَاثَ مرَّاتٍ، فَبَقِيَتْ حَتَّى دَكِنَ.[خ:٥٩٩٣]
1. قال النووي: «وفي هذا الحديث جواز ترك الصبيان يلعبون بما ليس بحرام».

٢٦١٠. [ق] وعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ القُرَظِيُّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَعَلَيْهَا خِمَارٌ أَخْضَرُ، فَشَكَتْ إِلَيْهَا وَأَرَتْهَا خُضْرَةً بِجِلْدِهَا، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ -وَالنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا- قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا يَلْقَى المُؤْمِنَاتُ؟ لَجِلْدُهَا أَشَدُّ خُضْرَةً مِنْ ثَوْبِهَا. وَسَمِعَ أَنَّهَا قَدْ/ أَتَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا، قَالَتْ: وَاللهِ مَا بِي إِلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ إِلَّا أَنَّ مَا مَعَهُ لَيْسَ بِأَغْنَى عَنِّي مِنْ هَذِهِ. وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهَا، فَقَالَ: كَذَبَتْ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأَدِيمِ، وَلَكِنَّهَا نَاشِزٌ، تُرِيدُ رِفَاعَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَإِنْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ تَحِلِّين لَهُ -أَوْ: لَمْ تَصْلُحِين لَهُ- حَتَّى يَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِكِ». قَالَ: وَأَبْصَرَ مَعَهُ ابْنَيْنِ لَهُ، فَقَالَ: «بَنُوكَ هَؤُلَاءِ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «هَذَا الَّذِي تَزْعُمِينَ مَا تَزْعُمِينَ؟! فَوَاللهِ، لَهُمْ أَشْبَهُ بِهِ مِنَ الغُرَابِ بِالغُرَابِ». [خ:٥٨٢٥]

٧- بابُ لُبسِ الحَريرِ، وقَدْرِ مَا يجوزُ منه للرِّجالِ


٢٦١١. [ق] وعَنْ أبي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قال: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ بِأَذْرَبِيجَانَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى عَنِ الحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَ. قَالَ: فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الأَعْلَامَ. [خ:٥٨٢٨]
٢٦١٢. [ق] وفي رواية: قال عمرُ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا يُلْبَسُ الحَرِيرُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لَمْ يُلْبَسْه فِي الآخِرَةِ». [خ:٥٨٣٠]
٢٦١٣. وعن عبدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ قال: قَالَ مُحَمَّدٌ ﷺ: «مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ». [خ:٥٨٣٣]
• ونحوه عن أنسٍ. [خ:٥٨٣٢]

٨- بابُ مسِّ الحَريرِ، وما يُرَخَّصُ منه للرِّجالِ للحِكَّةِ


٢٦١٤. [ق] عَنِ البَرَاءِ قال: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ ﷺ ثَوْبُ حَرِيرٍ، فَجَعَلْنَا نَلْمِسُهُ وَنَتَعَجَّبُ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا؟» قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «مَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا». [خ:٥٨٣٦]
٢٦١٥. [ق] وَعَنْ أَنَسٍ قال: رَخَّصَ النَّبِيُّ ﷺ لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي لُبْسِ الحَرِيرِ لِحِكَّةٍ بِهِمَا. [خ:٥٨٣٩]

٩- بابُ النَّهي عَنْ افْتِراشِ الحَريرِ، وَعَنْ لُبْسِ القَسِّيِ، وعَنِ المِيثَرَةِ


٢٦١٦. عَنْ حُذَيْفَةَ قال: نَهَانَا النَّبِيُّ ﷺ أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الفِضَّةِ والذَّهَبِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ/ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ. [خ:٥٨٣٧]
٢٦١٧. [ق] وعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال: نَهَانَا النَّبِيُّ ﷺ عَنِ المَيَاثِرِ الحُمْرِ، وعَنِ القَسِّيِّ. [خ:٥٨٣٨]
• [خت] قال عاصمٌ، عن أبي بُرْدَةَ: قلنا لعليٍّ: مَا القَسِّيَّة؟ قال: ثيابٌ أتتنا مِن الشَّامِ أو مِصرَ، مُضَلَّعَةٌ بالحرير، وفيها أمثالُ الأُتْرجِّ، والمِيثَرَةُ كانت النِّساء تصنعُهُ لبُعولتهنَّ مِثْلَ القطائِفِ، يصبغونها .
• [خت] وفي رواية: والمِيثَرَةُ جُلُودُ السِّباعِ.

١٠- بابُ جَوازِ لِبَاسِ النِّساءِ للحَريرِ


٢٦١٨. [ق] وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قال: كَسَانِي النَّبِيُّ ﷺ حُلَّةً سِيَرَاءَ، فَخَرَجْتُ فِيهَا، فَرَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي. [خ:٥٨٤٠]
1. في الحديث: هديّة ما يجوز تملّكه ولو كان يكره لبسه أو يحرم؛ لأنَّ لصاحبه التّصرّف فيه بالبيع والهبة لمن يجوز له لبسه مثل النّساء والصّبيان.
2. (فشققتها بين نسائي) المراد: نساء قومه؛ لأنّه لم يتزوّج في حياة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم غير فاطمة رضي الله عنها، ويوضّحه رواية مسلم في صحيحه قال: «شَقِّقْه خُمُرًا بيْن الفواطمِ»، وقولُه: «خُمرًا» جمْعُ خِمارٍ، وهو ما تُغطِّي به المرأةُ رَأْسَها، والمرادُ بالفواطمِ، قيل: همْ ثَلاثٌ: فاطمةُ بنتُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفاطمةُ بنتُ أسَدٍ، وهي أمُّ علِيِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنْه، وفاطمةُ بنتُ حَمزةَ بنِ عبدِ المطَّلب.

٢٦١٩. [ق] وعَنْ عَبْدِ اللهِ بن عمر أَنَّ عُمَرَ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ تُبَاعُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ ابْتَعْتَهَا تَلْبَسُهَا لِلْوَفْدِ إِذَا أَتَوْكَ وَالجُمُعَةِ؟ قَالَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ». وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ حُلَّةً سِيَرَاءَ حَرِيرٍ كَسَاهَا إِيَّاهُ، فَقَالَ عُمَرُ: كَسَوْتَنِيهَا، وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَقُولُ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَبِيعَهَا، أَوْ لتَكْسُوَهَا». [خ:٥٨٤١]
1. قال النووي: «فيه دليل لتحريم الحرير على الرجال وإباحته للنساء، وإباحة هديته، وإباحة ثمنه، وجواز إهداء المسلم إلى المشرك ثوبا وغيره».
2. قال النووي: «وفيه استحباب لباس أنفس ثيابه يوم الجمعة والعيد، وعند لقاء الوفود ونحوهم».
3. قال النووي: «وفيه عرض المفضول على الفاضل، والتابع على المتبوع ما يحتاج إليه من مصالحه التي قد لا يذكرها».
4. قال النووي: «وفيه صلة الأقارب والمعارف وإن كانوا كفارا، وجواز البيع والشراء عند باب المسجد».
5. وفيه بيان بعض ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من السخاء، وصلة الإخوان بالعطاء.

٢٦٢٠. وعَنْ أنْسِ بن مَالِكٍ أَنَّهُ رَأَى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بُرْدَ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ. [خ:٥٨٤٢]
الغَريب: قد تقدَّم أنَّ الحُلَّة عِند العَربِ: كلُّ ثَوبين لم يكونا مُلَفَّقيْن حَريرًا كَانا أو غيره. و(السِّيَرَاء): الَّتي فيها خُطُوطٌ أمثالُ السُّيُور.

١١- بابُ لِبَاسِ النِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ، وأحْكامِ التَّنَعُّلِ


• قد تقدَّم مِن حَديثِ ابْنِ عُمر أنَّ رسولَ الله ﷺ كَان يلبسُ النِّعال السِّبْتِيَّة، وهي الَّتي لَيس فيها شَعرٌ، وَكان يَصبغُ بالصُّفْرة.
٢٦٢١. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: «إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِاليُمنى، وَإِذَا انْتَزَعَ فَلْيَبْدَأْ باليُسْرَى، لِتَكُوْنَ اليُمْنى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ». [خ:٥٨٥٥]
1. قال النووي: «فيه أنه يستحب البداءة باليمنى في كل ما كان من باب التكريم والزينة والنظافة ونحو ذلك كلبس النعل والخف والمداس، والسراويل والكم، وحلق الرأس وترجيله، وقص الشارب ونتف الإبط، والسواك والاكتحال، وتقليم الأظفار، والوضوء والغسل، والتيمم، ودخول المسجد، والخروج من الخلاء، ودفع الصدقة وغيرها من أنواع الدفع الحسنة، وتناول الأشياء الحسنة، ونحو ذلك».
2. قال النووي: «وفيه أنه يستحب البداءة باليسار في كل ما هو ضدّ ما يُبدأ به باليمين من التكريم، فمن ذلك خلع النعل والخف والمداس، والسراويل والكم، والخروج من المسجد، ودخول الخلاء، والاستنجاء، وتناول أحجار الاستنجاء، ومس الذكر، والامتخاط والاستنثار، وتعاطي المستقذرات، وأشباهها».

٢٦٢٢. [ق] وعنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: «لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا». [خ:٥٨٥٦]
1. قال النووي: « فيه أنه يكره المشي في نعل واحدة أو خف واحدة أو مداس واحد لا لعذر، ودليله هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم، قال العلماء: وسببه أن ذلك تشويه ومثله، ومخالف للوقار، ولأن المنتعلة تصير أرفع من الأخرى، فيعسر مشيه، وربما كان سببا للعثار، وهذه الآداب الثلاثة التي في المسائل الثلاث مجمع على استحبابها، وأنها ليست واجبة، وإذا انقطع شسعه ونحوه، فليخلعهما، ولا يمش في الأخرى وحدها حتى يصلحها وينعلها كما هو نص في الحديث».
2. قال ابن هبيرة: «في الحديث كراهية أن يمشي الرجل في نعل واحدة، وذلك منافٍ لاستعمال العدل بين الرجلين، والعدل في ذلك أن ينعلهما معاً أو يحفهما معاً».

٢٦٢٣. وعن أنسٍ أَنَّ نَعْلَ النَّبِيِّ ﷺ كَانَ لَهُما/ قِبَالَانِ. [خ:٥٨٥٧]
٢٦٢٤. وعن عِيسى بن طَهْمَانَ قال: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ بْن مَالكٍ نَعْلَيْنِ لَهُمَا قِبَالَانِ. وقال ثابتٌ البُنَانيُّ: هذه نَعلُ النَّبيِّ ﷺ. [خ:٥٨٥٨]

١٢- بابُ اتِّخَاذِ الخَوَاتيمِ، ومِنْ مَاذا تُتَّخذُ؟


٢٦٢٥. [ق] عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ، وَنَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ مِثْلَهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدِ اتَّخَذُوهَا رَمَى بِهِ وَقَالَ: لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا -وفي رواية [خ:٦٦٥١]: قَال: والله، لا أَلبسه أبدًا- ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الفِضَّةِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَلَبِسَ الخَاتَمَ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ أَرِيسَ. [خ:٥٨٦٦]
• وفي روايةٍ: قال أنسٌ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ، جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ فَسَقَطَ، قَالَ: فَاخْتَلَفْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَعَ عُثْمَانَ نَنْزَحُ البِئْرَ فَلَمْ نَجِدْهُ. [خ:٥٨٧٩]
٢٦٢٦. [ق] وعَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ النَّبيِّ ﷺ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اصْطَنَعُوا الخَوَاتِيمَ مِنْ وَرِقٍ فَلَبِسُوهَا، فَطَرَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ خَاتَمَهُ، فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. [خ:٥٨٦٨]
تنبيهٌ: هَذا الحديثُ -وإنْ كان سندُه مِن الصِّحَّة بحيث هو- لكنْ في مَتْنه وَهْمٌ، وهو وضع الوَرِق موضعَ الذَّهب، فإنَّ الخاتمَ الَّذي طرحَهُ النَّبيُّ ﷺ فطَرح النَّاسُ خواتيمهم عنده إنَّما كَان ذَهَبًا، كما رواه ابن عمر فوقَ هذا [ر:٢٦٢٥]، والله أعلم.
٢٦٢٧. وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَبيَّ اللهِ ﷺ كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ. [خ:٥٨٧٠]
• وقد تقدَّم في حديث سَهْلٍ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال للخَاطب: «التمسْ ولو خاتمًا مِن حَدِيدٍ». [ر:٢٢٨٩]

١٣- بابُ بيانِ السَّببِ الَّذي لأجلِهِ اتَّخذَ النَّبيُّ ﷺ الخاتمَ ونَقَشَه


٢٦٢٨. [ق] عن أنسٍ قال: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّوم، فقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يَقْرَؤونَ كِتَابًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا،/ فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَه: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَكَأَنَّما أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ. [خ:٥٨٧٥]
• [ق] وفي رواية: لَا يقبلون كِتابًا إلَّا عَليه خَاتَمٌ. [خ:٥٨٧٢]
1. في الحديث: مشروعية اتخاذ الخاتم -وما يستجد من الوسائل- لتوثيق مكاتبات ووثائق الدولة.
2. فيه بيان جواز كتابة العالم بالعلم إلى البلدان.
3. وفيه جواز الكتابة إلى الكفار.

٢٦٢٩. [ق] وعنه قال: اصْطَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ خَاتَمًا، فقَالَ: إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا، فَلَا يَنْقُشَنَّ أَحَدٌ عَلى نَقْشِهِ. [خ:٥٨٧٤]
٢٦٣٠. وعنه قال: كَانَ نَقْشُ الخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللهِ سَطْرٌ. [خ:٥٨٧٨]

١٤- بابُ اتِّخاذِ خَواتمِ الذَّهَبِ والسِّخابِ


• [خت] قال البخاري: وَكان عَلى عائِشَةَ خَوَاتيم الذَّهب.
٢٦٣١. [ق] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ عيدٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي قُرْطَهَا. [خ:٥٨٨٣]
• [ق] في آخر: تَصَدَّق بخُرْصِها وسِخَابِها وفَتَخِها. [خ:٥٨٨١]

١٥- بابُ لَعْنِ المُتشبِّهينَ مِن الرِّجالِ بالنِّساءِ، وإخْراجِهم مِن البيوتِ


٢٦٣٢. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: لَعَنَ النَّبيُّ ﷺ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. [خ:٥٨٨٥]
• وفي طريق أُخرى: لَعَنَ النَّبِيُّ ﷺ المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ: «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ». قَالَ: فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ ﷺ فُلَانةَ، وَأَخْرَجَ [عُمَرُ] فُلَانًا. [خ:٥٨٨٦]
1. فيه بيان حجب النساء عمن يفطن لمحاسنهن.

٢٦٣٣. [ق] وَعن زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ عِنْدَهَا وَفِي البَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللهِ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ: يَا عَبْدَ اللهِ، إِنْ فَتَحَ اللهُ غَدًا لَكُمْ الطَّائِفَ، فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلَانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُم». [خ:٥٨٨٧]
قلت: يعني بِذلك العُكَن، وهو الطَّيُّ الَّذي يكون في جانبي البطن مِن السِّمَنِ، يُريد المخنَّث أنَّ هذه المرأة إذا أقبلتْ كان لها مِن كلِّ جانب مِن جوانبِ بطنها عُكْنَتان، وإذا أدبرتْ كان لها مِن خلفها ثمان.

١٦- بابُ خِصَالِ الفِطْرَةِ/


٢٦٣٤. عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مِنَ الفِطْرَةِ: حَلْقُ العَانَةِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». [خ:٥٨٩٠]
٢٦٣٥. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: سمعتُ النَّبيَّ ﷺ يقول: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الإِبْطِ». [خ:٥٨٨٩]
٢٦٣٦. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «خَالِفُوا المُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ. [خ:٥٨٩٢]
٢٦٣٧. [ق] وعَنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «انْهَكُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى». [خ:٥٨٩٣]

١٧- بابُ الشَّيْبِ والخِضَابِ


٢٦٣٨. [ق] عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ خِضَابِ النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغِ الخِضَابَ، لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتٍ فِي لِحْيَتِهِ. [خ:٥٨٩٥]
٢٦٣٩. وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ قال: أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ -وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلَاثَ أَصَابِعَ- مِنْ فِضَّة، فِيهِ شَعَرٌ مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَ إِذَا أَصَابَ الإِنْسَانَ عَيْنٌ أَوْ شَيْءٌ بَعَثَ إِلَيْهَا مِخْضَبَهُ، فَاطَّلَعْتُ فِي الجُلْجُلِ، فَرَأَيْتُ شَعَرَاتٍ حُمْرًا. [خ:٥٨٩٦]
٢٦٤٠. وعنه قال: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا شَعَرَاتٍ مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ ﷺ مَخْضُوبًا. [خ:٥٨٩٧]
٢٦٤١. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَخْضِبُونَ فَخَالِفُوهُمْ». [خ:٥٨٩٩]
1. قال النووي: «والمختار أنه صلى الله عليه وسلم صبغ في وقت، وتركه في معظم الأوقات، فأخبر كل بما رأى، وهو صادق وهذا التأويل كالمتعين، فحديث ابن عمر في الصحيحين، ولا يمكن تركه، ولا تأويل له».

١٨- بابُ تَلْبِيدِ الشَّعَرِ، وفَرْقِهِ، وسَدْلِهِ، واتِّخاذِ الذَّوَائِبِ


٢٦٤٢. [ق] عن عبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: مَنْ ضَفَّرَ فَلْيَحْلِقْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيدِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ مُلَبِّدًا. [خ:٥٩١٤]
٢٦٤٣. [ق] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ، وَكَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ المُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُؤوسَهُمْ، فَسَدَلَ النَّبِيُّ ﷺ نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ. [خ:٥٩١٧]
1. قال القاضي عياض: «واختلف العلماء في تأويل موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه شيء، فقيل: فعله استئلافا لهم في أول الإسلام، وموافقة لهم على مخالفة عبدة الأوثان، فلما أغنى الله تعالى عن استئلافهم، وأظهر الإسلام على الدين كله، صرح بمخالفتهم في غير شيء، منها صبغ الشيب، وقال آخرون: يحتمل أنه أمر باتباع شرائعهم فيما لم يوح إليه شيء، وإنما كان هذا فيما علم أنهم لم يبدلوه».

• وقد/ تقدَّم في حَديث ابنِ عبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ ﷺ أخذَ بذُؤَابَته فأدَاره حتَّى جعَله عن يَمينه[ر:٣٥٧].
٢٦٤٤. [ق] وعن أنسٍ قال: كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللهِ ﷺ رَجِلًا، لَيْسَ بِالسَّبِطِ وَلَا الجَعْدِ، بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ. [خ:٥٩٠٥]
٢٦٤٥. [ق] وعنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُهُ مَنْكِبَيْهِ. [خ:٥٩٠٣]

١٩- بابُ التَّطَيُّبِ بالمِسْكِ والذَّرِيْرةِ


• قد تقدَّم مِن حَديثِ عائشةَ: أنَّها كانتْ تُطَيِّبُ رسولَ الله ﷺ قبلَ أن يُحْرِم [ر:٢٧٠]، وقبل أن يَطوفَ بالبيتِ بالمِسْك وبالطِّيب، وذكرتْ هنا أنَّها طيَّبته بذَرِيرةٍ [خ:٥٩٣٠]. وهذا كلُّه صحيحٌ لا تناقُضَ فيه ولا اضْطراب، فإنَّها جمَعَتْ كلَّ ذلك فطيَّبَته به. [خ:٥٩٢٨]
• وقد تقدَّم مِن حَديث أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لَخُلُوف فَمِ الصَّائم أطيبُ عِند الله مِن رِيْح المِسْكِ»[ر:٣٢٠٦].
1. فيه استحباب الطيب للرجال والنساء مطلقاً؛ لأنه إذا فُعِلَ في هذه الحالة التي من شأنها الشعث، فغيرها أولى.
2. فيه بيان مشروعية خدمة المرأة زوجها.

٢٠- بابُ لَعْنِ الوَاشماتِ والمتنمِّصَات والمتفَلِّجات للحُسْنِ


٢٦٤٦. [ق] عَنْ عَبدِ اللهِ -هو ابنُ مَسعودٍ- قَالَ: لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ، وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، مَالِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَه النَّبِيُّ ﷺ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ، قالتْ أمُّ يعقوب: والله لقد قرأتُ ما بين اللَّوْحَين فما وجدتُه؟ قال: وَاللهِ لَئِنْ كنتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ: ﴿وَمَاۤ⁽١⁾ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُوا۟﴾ [الحشر:٧]. [خ:٥٩٣١، ٥٩٣٩]
الغريب: (الوَاشِمَةُ): هي الَّتي تَصْنع الوَشْمَ، قال نافع: الوَشْم في اللِّثَة^([خ:٥٩٣٧]). قلتُ: وهو تغييرها بالكُحل بعد الشَّرط. و(المُسْتَوْشِمَةُ): هي المُستدعِية لِذلك. و(المُتَنَمِّصَة): هِي الَّتي تَقلع ما يُخْلَقُ في وجْهها مِن الشَّعر بالمِنْمَاص. و(المُتَفَلِّجَة): هِي الَّتي تفرِّق بَين الأسْنان المتَّصلة. و(الوَاشِرَة): هيَ التي تَصنع في أطراف الأسْنان حُزَزًا تشبيهًا بالشَّوَابِّ.

٢١- بابُ لَعْن ِالوَاصِلةِ والمُسْتَوصِلَةِ/


٢٦٤٧. [ق] عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ -فتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ بِيَدِ حَرَسِيٍّ-: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ، وَيَقُولُ: «إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ». [خ:٥٩٣٢]
1. قوله: (يا أهل المدينة أين علماؤكم) قال النووي: «هذا السؤال للإنكار عليهم بإهمالهم إنكار هذا المنكر وغفلتهم عن تغييره، وفيه اعتناء الخلفاء وسائر ولاة الأمور بإنكار المنكر، وإشاعة إزالته، وتوبيخ من أهمل إنكاره ممن توجه ذلك عليه».
2. قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم) قال القاضي عياض: «قيل: يحتمل أنه كان محرما عليهم، فعوقبوا باستعماله، وهلكوا بسببه، وقيل: يحتمل أن الهلاك كان به وبغيره مما ارتكبوه من المعاصي، فعند ظهور ذلك فيهم هلكوا».
3. قال النووي: «وفيه معاقبة العامة بفشو المنكر بين أظهرهم».

٢٦٤٨. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ». [خ:٥٩٣٣]
• [ق] ونحوه عَنِ ابنِ عُمر. [خ:٥٩٣٧]
٢٦٤٩. [ق] وعن عائشةَ أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ، وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ». [خ:٥٩٣٤]
٢٦٥٠. [ق] وَعَنْ أَسْمَاءَ ابْنَة أَبِي بَكْرٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَتْ: إِنِّي أَنْكَحْتُ ابْنَتِي، ثُمَّ أَصَابَهَا شَكْوَى، فَتَمَزَّقَ شَعَرُها، وَزَوْجُهَا يَسْتَحِثُّنِي بِهَا، أَفَأَصِلُ رَأْسَهَا؟ فَسَبَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ. [خ:٥٩٣٥]
1. فيه أن المعين على الحرام يشارك فاعله في الإثم، كما أن المعاون في الطاعة يشارك في ثوابها.
2. وفيه تحريم الغش، وأنواع الخداع، والتدليس.

٢٢- بابُ لَعْنِ المُصَوِّرينَ، وتوعُّدِهم بالعَذابِ، وتَحْريمِ اتِّخاذِ الصُّوَرِ


٢٦٥١. عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عن أبيه أنَّه اشْتَرى غُلَامًا حَجَّامًا، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الكَلْبِ، وكَسب البغيِّ، وَلَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ، والمُصَوِّرَ. [خ:٥٩٦٢]
٢٦٥٢. [ق] وعَنِ ابْنِ عبَّاس قال: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا ﷺ يَقُولُ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ». [خ:٥٩٦٣]
٢٦٥٣. [ق] وقال ابنُ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا تَصَاوِيرُ». [خ:٥٩٤٩]
1. سبب عدم دخول الملائكة استنكارهم لمخالفة أمر الله عز وجل، ولما في الكلب من رائحة كريهة ونجاسة.
2. الملائكة الذين يمتنعون عن الدخول هم ملائكة الرحمة، أما الحفظة فهم لا يفارقون العباد، وكذلك ملائكة العذاب إذا حلَّ لا يمتنعون، وكذلك ملك الموت إذا حلَّ الأجل.

٢٦٥٤. [ق] وعَن عبدِ اللهِ -هُو ابنُ مَسعودٍ- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا المُصَوِّرُونَ». [خ:٥٩٥٠]
٢٦٥٥. [ق] وعَنِ ابنِ عُمرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». [خ:٥٩٥١]

٢٣- بابُ تَغييرِ مَا وُجِد منها،/ ولَو كان نَقْشًا في حَائطٍ، أو رَقْمًا في سِتْرٍ


٢٦٥٦. [ق] عَنْ أبي زُرْعَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ دَارًا بِالمَدِينَةِ، فَرَأَى غلامًا مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ، فقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً». ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إِبْطَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَشَيْءٌ سَمِعْتَ مِنَ النَّبيِّ ﷺ؟ قَالَ: مُنْتَهَى الحِلْيَةِ. [خ:٥٩٥٣]
٢٦٥٧. [ق] وعن عائِشةَ قالتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ -في رِواية [خ: ٥٩٥٥]: دُرْنُوكًا- لِي عَلَى سَهْوَةٍ لِي فِيه تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ هَتَكَهُ وَقَالَ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ خَلْقَ اللهِ»، قَالَتْ: فَجَعَلْنَاها وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ. [خ:٥٩٥٤]
٢٦٥٨. [ق] وَعنها: أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ بِالبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَقُلْتُ: أَتُوبُ إِلَى اللهِ مَا أَذْنَبْتُ؟ قَالَ: «مَا هَذِهِ النُّمْرُقَةُ؟» قُلْتُ: لِتَجْلِسَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. قَالَ: «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورُ». [خ:٥٩٥٧]
الغريب: (السَّهْوَة): بيتٌ صَغيرٌ يَشْبه المِخْدَع، وقال الأصْمَعي: هي شِبْهُ الطَّاق. وقد بيَّن المُراد بِها في هذا الحديث بعضُ الرُّواة لحديثِ عائشةَ فقال: (كان قِرَامٌ لعائشةَ سترتْ به جانب بيتها)^([خ:٣٧٤]). و(القِرَامُ) و(النَّمَطُ) و(الدُّرْنُوك): أسماء لشيءٍ واحد، وهو السِّتر الَّذي كَان فيه التَّماثيل، وَهي خيلٌ ذواتُ أجْنحة، وكانتْ -والله أعلم- ممَّا يعملُه أهل اليمن بالأَصْبغة. فأمَّا (النُّمْرُقَةُ): فهي الوِسَادة، وتُجمَع: نَمارق. قلت: وهذه الأحاديث كلُّها تدلُّ على مَنْع الصُّور كلِّها ما كان منها ذَا جرْمٍ أو نَقْشًا أو رَقْمًا، وهو مذهب الزُّهري، ولغيره فيها تفصيلٌ ذكرناه في «المُفْهِم»^([٥/٤٢٦]).
1. قال ابن حجر: «في الحديث صفة تعذيب المصور، وهو أن يُكلف نفخ الروح في الصورة التي صورها، وهو لا يقدر على ذلك فيستمر تعذيبه».

٢٤- بابُ مَن قالَ بجَوَازِ مَا كان مِن الصُّوَرِ رَقْمًا في ثَوبٍ/


٢٦٥٩. [ق] عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أنَّه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُوْرَةٌ». قَالَ بُسْرٌ: ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللهِ رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَوْمَ الأَوَّلِ؟ فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قَالَ: «إِلَّا رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ». [خ:٥٩٥٨]

٢٥- بابُ الإِرْدَافِ على الدَّوابِّ مَا تحمَّلهُ


٢٦٦٠. [ق] عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قال: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى إِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ. [خ:٥٩٦٤]
٢٦٦١. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ مَكَّةَ اسْتَقْبَلَهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ. [خ:٥٩٦٥]
٢٦٦٢. وَعن أيُّوبَ: ذُكِرَ الأَشَرُّ -أي: مِنَ الثَّلَاثَةِ- عِنْدَ عِكْرِمَةَ فَقَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَى رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَدْ حَمَلَ قُثَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالفَضْلَ خَلْفَهُ -أَوْ قُثَمَ خَلْفَهُ وَالفَضْلَ بَيْنَ يَدَيْهِ- فَأَيُّهُمْ أشَرُّ، وَأَيُّهُمْ أخَيْرُ؟!. [خ:٥٩٦٦]
٢٦٦٣. [ق] وَعن أنسِ بن مَالكٍ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْ خَيْبَرَ، وَإِنِّي لَرَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ وَهُوَ يَسِيرُ، وَبَعْضُ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ ﷺ رَدِيفُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، إِذْ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَقُلْتُ: المَرْأَةَ، فَنَزَلْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّهَا أُمُّكُمْ». فَشَدَدْتُ الرَّحْلَ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا دَنَا، -أَوْ: رَأَى- المَدِينَةَ قَالَ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». [خ:٥٩٦٨]

٢٦- بابُ الاسْتِلقاءِ، ووَضْعِ الرِّجْلِ عَلى الأُخرى إذا لم تَنكشف عَورةٌ


٢٦٦٤. [ق] عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ: أَنَّهُ أَبْصَرَ النَّبِيَّ ﷺ يَضْطَجِعُ فِي المَسْجِدِ رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى./ [خ:٥٩٦٩]

١ قال ﷺ: ما أخطأتك اثنتان:

٥/٠