(٦٢) كِتَابُ الدَّعَواتِ والأذْكَارِ،


وَقَولِهِ تَعَالى: ﴿ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡ ﴾ [غافر:٦٠]
٢٧٩٤. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ/ قَالَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ يَدْعُو بِهَا، وَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الآخِرَةِ». [خ:٦٣٠٤]
1. قال ابن بطال: «في هذا الحديث بيان فضل نبينا محمد ﷺ على سائر الأنبياء حيث آثر أمته على نفسه وأهل بيته بدعوته المجابة، ولم يجعلها أيضاً دعاء عليهم بالهلاك كما وقع لغيره ممن تقدَّم».
2. قال ابن الجوزي: «هذا من حُسْنِ تَصرُّفِه ﷺ؛ لأنَّه جَعَلَ الدَّعوةَ فيما ينبغي، ومن كَثرةِ كَرَمِه؛ لأنَّه آثر أُمَّتَه على نفسِه، ومن صِحَّة نَظَرِه؛ لأنه جعَلَها للمذنبين من أُمتِه؛ لكونهم أحوجَ إليها من الطائعين».
3. قال النووي: «في الحديث كمال شفقته ﷺ على أمته ورأفته بهم واعتناؤه بالنظر في مصالحهم، فجعل دعوته في أهم أوقات حاجتهم».

• [ق] ونحوه عن أنس. [خ:٦٣٠٥]
٢٧٩٥. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، ومَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟». [خ:٧٤٩٤]

١- بابُ مُلَازَمةِ الاسْتغفارِ وأَفْضلِهِ


٢٧٩٦. عن أبي هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «وَاللهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً». [خ:٦٣٠٧]
٢٧٩٧. وعن شدَّادِ بنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ». قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهنَّ بِاللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ». [خ:٦٣٠٦]
1. قوله: (فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، قال ابن حجر: «يؤخذ منه أن من اعترف بذنبه غُفِر له».

٢- بابُ النَّومِ عن طَهارةٍ، ومَا يقولُ عندَه، ووضْع اليدِ تحتَ الخَدِّ


٢٧٩٨. [ق] عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، وَقُلْ: اللهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ». فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ: وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. قَالَ: «لَا، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ». [خ:٦٣١١]
1. قال النووي: «وفي هذا الحديث: ثلاث سنن مهمة مستحبة، ليست بواجبة: إحداها: الوضوء عند إرادة النوم، فإن كان متوضئا كفاه ذلك الوضوء؛ لأن المقصود النوم على طهارة؛ مخافة أن يموت في ليلته، وليكون أصدق لرؤياه، وأبعد من تلعب الشيطان به في منامه، وترويعه إياه. الثانية النوم على الشق الأيمن لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن، ولأنه أسرع إلى الانتباه، والثالثة: ذكر الله تعالى ليكون خاتمة عمله».
2. قال النووي: «ومعنى (ألجأت ظهري إليك) أي: توكلت عليك، واعتمدتك في أمري كله، كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما يسنده».
3. قوله صلى الله عليه وسلم:(مت على الفطرة) قال النووي: « أي: الإسلام».

٢٧٩٩. وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ: «اللهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا». وَإِذَا اسْتَيْقَظَ/ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَمَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». [خ:٦٣١٤]
1. قوله صلى الله عليه وسلم:(الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور) قال النووي: « المراد بأماتنا النوم وأما النشور فهو الإحياء للبعث يوم القيامة، فنبه صلى الله عليه وسلم بإعادة اليقظة بعد النوم الذي هو كالموت على إثبات البعث بعد الموت، قال العلماء: وحكمة الدعاء عند إرادة النوم أن تكون خاتمة أعماله، وحكمته إذا أصبح أن يكون أول عمله بذكر التوحيد والكلم الطيب».

٣- بابُ الدُّعاءِ إِذا انْتبَهَ مِن اللَّيلِ


٢٨٠٠. [ق] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَتَى حَاجَتَهُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ فَأَتَى القِرْبَةَ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ الوُضُوءَيْنِ لَمْ يُكْثِرْ وَقَدْ أَبْلَغَ، فَصَلَّى، فَتَمَطَّيْتُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَرَى أَنِّي كُنْتُ أَرْقُبُهُ، فَتَوَضَّأْتُ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَتَتَامَّتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ اّْضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، فَآذَنَهُ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا». قَالَ كُرَيْبٌ: وَسَبْعٌ فِي التَّابُوتِ، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ وَلَدِ العَبَّاسِ، فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ فَذَكَرَ: عَصَبِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعَرِي وَبَشَرِي. وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ. [خ:٦٣١٦]
1. قوله:(فقمت عن يساره فأخذ بيدي فأدارني عن يمينه) قال النووي: «في الحديث: أن موقف المأموم الواحد عن يمين الإمام، وأنه إذا وقف عن يساره يتحول إلى يمينه، وأنه إذا لم يتحول حوله الإمام».
2. قال النووي: «وفيه أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة».
3. قال النووي: «وفيه أن صلاة الصبي صحيحة، وأن له موقفا من الإمام كالبالغ».
4. قال النووي: « وفيه أن الجماعة في غير المكتوبات صحيحة».
5. قوله:( فنام حتى نفخ فقام فصلى ولم يتوضأ) قال النووي: « هذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أن نومه مضطجعا لا ينقض الوضوء؛ لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه، فلو خرج حدث لأحس به بخلاف غيره من الناس.
6. قوله:(اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا) إلى آخره قال النووي: «قال العلماء: سأل النور في أعضائه وجهاته، والمراد به بيان الحق وضياؤه والهداية إليه، فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه وتصرفاته وتقلباته وحالاته وجملته في جهاته الست، حتى لا يزيغ شيء منها عنه»
.
7. قوله:(وسبعا في التابوت) قال النووي: «قال العلماء: والمراد بالتابوت الأضلاع وما يحويه من القلب وغيره، تشبيها بالتابوت الذي كالصندوق يحرز فيه المتاع، أي وسبعا في قلبي ولكن نسيتها».

تنبيه: يعني في (التَّابوت): الجَسد. وذكرَ خمسًا وسَكتَ عن خصلتين، ذكرهما مسلمٌ^([م٧٦٣]) وهما: اللِّسان والنَّفْس. والله أعلم. وقال أبو الفَرَج الجَوزيُّ: إنَّه يعني بالتَّابوت الصُّندوق، أي هَذه السَّبع مكتوبةٌ عندَه في الصُّندوق، أي: لم يحفظْها في ذلك الوقت، وهي عندَه مكتوبة في الصُّندوق. وفيه بُعْدٌ، والأوَّل أَوْلَى. وهذه الأنْوار المعيَّنة هُنا هي -والله أعلم- الهِداية الشَّاملة لهذه الأرْكان والأعضاء، والسَّداد بالتَّوفيق والعِلم، والله أعلم.

٤- بابُ ما يقولُ إِذا أصْبحَ، والدُّعاءُ في الصَّلاةِ


• قد تقدَّم حديث شدَّاد [ر:٢٧٩٧] وَحَديث حُذَيْفَةَ [ر:٢٧٩٩].
٢٨٠١. [ق] عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي؟ قَالَ: «قُلْ: اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ/ وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيم». [خ:٦٣٢٦]
1. قال ابن حجر: «قوله (علمني دعاءً أدعو به في صلاتي)، فيه: استحباب طلب التعليم من العالم، خصوصاً في الدعوات المطلوب فيها جوامع الكلم».
2. قال ابن حجر: «قوله (ظلمت نفسي)، فيه: أن الإنسان لا يَعْرَى عن تقصير ولو كان صِدّيقاً».
3. (مغفرة من عندك) قال الطيبي: «دل التنكير على أن المطلوب غفران عظيم لا يُدرك كُنْهُهُ، ووصَفَهُ بكونه من عنده سبحانه وتعالى مُرِيداً لذلك العِظَم؛ لأن الذي يكون من عند الله لا يُحيط به وصف».
4. (مغفرة من عندك) قال ابن دقيق العيد: «فيه إشارة إلى طلب مغفرة مُتَفَضَّل بها لا يقتضيها سبب من العبد من عمل حسن ولا غيره».
5. وفيه أن المرء ينظر في عبادته إلى الأرفع فيتسبب في تحصيله، وفي تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر هذا الدعاء إشارة إلى إيثار أمر الآخرة على أمر الدنيا.

٥- بابُ ما يُكْرَه مِنَ السَّجعِ في الدُّعاءِ


٢٨٠٢. عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ قال لعِكْرمة: حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلَاثَ مرَّاتٍ، وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا القُرْآنَ، وَلَا أُلْفِيَنَّكَ تَأْتِي القَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ، فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ، وانْظُرِ السَّجْعَ فِي الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ، فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. [خ:٦٣٣٧]
1. فيه: بيان أن خلو أوقات الناس من الشواغل مع اشتياقهم للموعظة هو أنسب الأوقات لوعظهم.
2. قال ابن عثيمين: « المراد بهذا حديث الموعظة، الذي يقصد به تحريك القلوب والوعظ، أما العلم فإن العلم يكون كل وقت، ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس لأصحابه دائما، لكن يتخولهم بالموعظة التي يراد بها ترقيق القلب وحثه على الإقبال».

٦- بابٌ: ليَعْزِمِ المَسْألَةَ ولا يَسْتَعجِل، ويَرْفَعُ يَدَيْهِ


٢٨٠٣. [ق] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، وَلَا يَقُولَنَّ: اللهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي، فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ». [خ:٦٣٣٨]
٢٨٠٤. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: اللهُمَّ اّْغْفِرْ لِي، اللهُمَّ اّْرْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ». [خ:٦٣٣٩]
٢٨٠٥. [ق] وعنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي». [خ:٦٣٤٠]
• [خت] وَقَالَ أَبُو مُوسَى: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. (خ:٤٣٢٣)
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: رَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ». (خ:٤٣٣٩)
1. قال النووي: «قال العلماء: عزم المسألة الشدة في طلبها، والجزم من غير ضعف في الطلب، ولا تعليق على مشيئة ونحوها، وقيل: هو حسن الظن بالله تعالى في الإجابة».
2. قال النووي: «ومعنى الحديث: استحباب الجزم في الطلب، وكراهة التعليق على المشيئة، قال العلماء: سبب كراهته أنه لا يتحقق استعمال المشيئة إلا في حق من يتوجه عليه الإكراه، والله تعالى منزه عن ذلك، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: فإنه لا مستكره له».
3. قال ابن هبيرة: «في الحديث ما يدل على أن الأمير إذا كان له مقصود عام فجرت منه هفوة خاصة؛ فإنها لا يقتص منه بها، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أبرأ إليك مما عمل خالد)، ثم لم يقتص من خالد بما فعل؛ لأن الأمر كان فيه نوع اشتباه».

٢٨٠٦. وعَن أَنسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. [خ:٦٣٤١]

٧- بابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الكَرْبِ، والتَّعوُّذِ مِن جَهْدِ البَلَاءِ


٢٨٠٧. [ق] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ». [خ:٦٣٤٥]
1. قال النووي: «حديث جليل، ينبغي الاعتناء به، والإكثار منه عند الكرب والأمور العظيمة» ، قال الطبري: « كان السلف يدعون به، ويسمونه دعاء الكرب».

• [ق] وفي رواية: «لا إله إلَّا الله العَظيم الحَليم، لا إله إلَّا الله ربُّ العَرشِ العَظيمِ، لَا إِله إلَّا اللهُ ربُّ السَّمواتِ والأَرْضِ ربُّ العَرشِ الكَريمِ»./ [خ:٦٣٤٦]
٢٨٠٨. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ البَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ. قَالَ سُفْيَانُ: الحَدِيثُ ثَلَاثٌ، زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً، لَا أَدْرِي أَيَّتُهُنَّ هِيَ. [خ:٦٣٤٧]
1. قال النووي: «فأما الاستعاذة من سوء القضاء فيدخل فيها سوء القضاء في الدين والدنيا، والبدن والمال والأهل، وقد يكون ذلك في الخاتمة، وأما درك الشقاء، فيكون أيضا في أمور الآخرة والدنيا، ومعناه: أعوذ بك أن يدركني شقاء، وشماتة الأعداء هي فرح العدو ببلية تنزل بعدوه، وأما جهد البلاء؛ فروي عن ابن عمر أنه فسره بقلة المال وكثرة العيال، وقال غيره: هي الحال ».

٨- بابُ النَّهي عَنِ الدُّعاءِ بالموتِ


٢٨٠٩. [ق] عن قيسٍ أنَّه قَالَ: أَتَيْتُ خَبَّابًا، وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا فِي بَطْنِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ. [خ:٦٣٥٠]
٢٨١٠. [ق] وعن أنسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي». [خ:٦٣٥١]

٩- بابُ الدُّعَاءِ للصِّبيانِ، ومَسْحِ رؤُوسِهِم


• [خت] وقال أبو موسى: وُلِدَ لِي، فَدَعَا النَّبيُّ ﷺ بِالبَرَكَةِ. (خ:٥٤٦٧)
• وقد تقدَّم حديث السَّائب بن يَزيدَ [ر:١٥٩٩].
٢٨١١. وعَنْ أَبِي عَقِيْلٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ هِشَامٍ مِنَ السُّوقِ -أَوْ: إِلَى السُّوقِ- فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عُمَرَ فَيَقُولَانِ: أَشْرِكْنَا؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ دَعَا لَكَ بِالبَرَكَةِ. فَيُشْرِكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى المَنْزِلِ. [خ:٦٣٥٣]
• وقد تقدَّم قول عائشةَ إِنَّ رَسول الله ﷺ كَان يُؤتَى بالصِّبيانِ فيبرِّك عليهم ويُحَنِّكهم[ر:٢٤٥٧].

١٠- بابُ التَّعوُّذِ مِن الفِتنِ والشَّدائدِ والمِحَنِ


٢٨١٢. [ق] عَنْ أَنَسٍ قال: سُئل رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى أَحْفَوْهُ المَسْأَلَةَ، فَغَضِبَ فَصَعِدَ المِنْبَرَ فَقَالَ: «لَا تَسْأَلُونِي اليَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُم». فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافٌّ رَأْسَهُ بثَوْبِهِ يَبْكِي، فَإِذَا رَجُلٌ كَانَ إِذَا لَاحَى الرِّجَالَ يُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «حُذَافَةُ»،/ ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الفِتَنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا رَأَيْتُ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ كَاليَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَ لِي الجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا وَرَاءَ الحَائِطِ». [خ:٦٣٦٢]
• [ق] وعنه قال: كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللهِ ﷺ كلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكثِرُ أن يَقُول: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» وذكر الحديث، وقد تقدَّم [ر:١٣٨٢].
٢٨١٣. [ق] وعنه قال: كَانَ النبيُّ ﷺ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ». [خ:٦٣٦٧]
٢٨١٤. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالهَرَمِ، وَالمَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى وَالفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ». [خ:٦٣٦٨]
٢٨١٥. وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ يَأْمُرُ بِهَؤُلَاءِ الخَمْسِ الكَلِماتِ، وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ». [خ:٦٣٧٠]
1. قال النووي: «وأما استعاذته صلى الله عليه وسلم من فتنة الغنى وفتنة الفقر؛ فلأنهما حالتان تخشى الفتنة فيهما بالتسخط وقلة الصبر، والوقوع في حرام أو شبهة للحاجة، ويخاف في الغنى من الأشر والبطر والبخل بحقوق المال، أو إنفاقه في إسراف وفي باطل، أو في مفاخر، وأما (الكسل): فهو عدم انبعاث النفس للخير، وقلة الرغبة مع إمكانه».
2. قوله:( وأن أرد إلى أرذل العمر) قال النووي: لما فيه من الخرف، واختلال العقل والحواس والضبط والفهم، وتشويه بعض المنظر، والعجز عن كثير من الطاعات، والتساهل في بعضها.
3. قال النووي: «وأما استعاذته صلى الله عليه وسلم من الجبن والبخل، فلما فيهما من التقصير عن أداء الواجبات، والقيام بحقوق الله تعالى، وإزالة المنكر، والإغلاظ على العصاة، ولأنه بشجاعة النفس وقوتها المعتدلة تتم العبادات، ويقوم بنصر المظلوم والجهاد، وبالسلامة من البخل يقوم بحقوق المال، وينبعث للإنفاق والجود ولمكارم الأخلاق، ويمتنع من الطمع فيما ليس له، قال العلماء: واستعاذته صلى الله عليه وسلم من هذه الأشياء لتكمل صفاته في كل أحواله وشرعه أيضا تعليما».

١١- بابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الاسْتخارةِ


٢٨١٦. عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ: «إِذَا هَمَّ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي/ -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاّْقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ». [خ:٦٣٨٢]
٢٨١٧. [ق] وعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ». وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ». [خ:٦٣٨٣]

١٢- بابُ الذِّكْرِ والدُّعَاءِ إِذا عَلا عَقَبَةً أو هَبَطَ وَاديًا


٢٨١٨. [ق] عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اّْرْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا». ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ وَأَنَا أَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. فَقَالَ: «يا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ». أَوْ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ». [خ:٦٣٨٤]
1. قال النووي: «وفيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه، فإن دعت حاجة إلى الرفع رفع، كما جاءت به أحاديث».
2. قوله:(ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة) قال النووي: «قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعتراف بالإذعان له، وأنه لا صانع غيره، ولا راد لأمره، وأن العبد لا يملك شيئا من الأمر».
3. قال النووي: «ومعنى الكنز هنا: أنه ثواب مدخر في الجنة، وهو ثواب نفيس، كما أن الكنز أنفس أموالكم».
4. قال النووي: «قال أهل اللغة:(الحول) الحركة والحيلة، أي: لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: معناه لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله، وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكي هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه، وكله متقارب».

٢٨١٩. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». [خ:٦٣٨٥]

١٣- بابُ الدُّعَاءِ عَلى مَنْ يُئِسَ مِنْ هِدايتهِ مِنَ الكُفَّارِ، ولمَن رُجيَ مِنهم ذَلكَ


٢٨٢٠. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ العِشَاءِ قَنَتَ: «اللهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ ابْنَ الوَلِيدِ، اللهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللهُمَّ اّْشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللهُمَّ/ اّْجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ». [خ:٦٣٩٣]
٢٨٢١. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللهَ عَلَيْهَا، فَظَنَّ النَّاسُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ». [خ:٦٣٩٧]

١٤- بابُ التَّنَصُّلِ مِن الذُّنُوبِ والاسْتغفارِ مِنها، وَذِكْرُ تَفاصيلِ أَنْواعِها


٢٨٢٢. [ق] عَن أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: «رَبِّ اّْغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَعَمْدِي وَجَهْلِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». [خ:٦٣٩٨]

١٥- بابُ فَضْلِ التَّهْلِيلِ والتَّسْبيحِ والتَّحْميدِ


٢٨٢٣. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بهِ إِلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ». [خ:٦٤٠٣]
1. قال النووي: «وظاهر إطلاق الحديث أنه يحصل هذا الأجر المذكور في هذا الحديث من قال هذا التهليل مائة مرة في يومه، سواء قالها متوالية أو متفرقة في مجالس، أو بعضها أول النهار وبعضها آخره، لكن الأفضل أن يأتي بها متوالية في أول النهار، ليكون حرزا له في جميع نهاره».


٢٨٢٤. [ق] وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «مَنْ قَالَ عَشْرًا كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ». [خ:٦٤٠٤]
• [خت] وقد رواه عَنِ ابنِ مسعودٍ قوله، ورواه أيضًا عَنْ أبي أيُّوب الأنْصاريِّ قوله.
٢٨٢٥. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ عَنْه خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ». [خ:٦٤٠٥]
٢٨٢٦. [ق] وعنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ:/ سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ». [خ:٦٤٠٦]
1. قوله: (حبيبتان إلى الرحمن) قال ابن حجر: «وخص لفظ الرحمن بالذكر؛ لأن المقصود من الحديث بيان سَعة رحمة الله - تعالى - على عباده؛ حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل».
2. قوله: (خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان)؛ قال ابن حجر: «وصفهما بالخِفة والثِّقَل؛ لبيان قلة العمل وكثرة الثواب».

١٦- بابُ فَضْلِ مَجَالسِ الذِّكْرِ، والذَّاكرِ


٢٨٢٧. [ق] عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ». [خ:٦٤٠٧]
٢٨٢٨. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ: مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالَ: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ. قَالَ: فَيَقُولُ: فَهَلْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا وَاللهِ مَا رَأَوْكَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا، قَالَ: فَيَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونِي؟ قَالَ: يَسْأَلُونَكَ الجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: مِنَ النَّارِ. قَالَ: يَقُولُ: هَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: فَيقُولونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً. قَالَ: فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ المَلَائِكَةِ: فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى جَلِيسُهُمْ». [خ:٦٤٠٨]
1. قال النووي: «فضيلة الذكر، وفضيلة مجالسه، والجلوس مع أهله، وإن لم يشاركهم، وفضل مجالس الصالحين وبركتهم».
2. قال القاضي عياض: «وذكر الله تعالى ضربان: ذكر بالقلب، وذكر باللسان، وذكر القلب نوعان: أحدهما: وهو أرفع الأذكار وأجلها الفكر في عظمة الله تعالى وجلاله وجبروته وملكوته وآياته في سماواته وأرضه، ومنه الحديث: خير الذكر الخفي والمراد به هذا، والثاني: ذكره بالقلب عند الأمر والنهي، فيمتثل ما أمر به ويترك ما نهي عنه، ويقف عما أشكل عليه، وأما ذكر اللسان مجردا فهو أضعف الأذكار، ولكن فيه فضل عظيم كما جاءت به الأحاديث».

١٧- بابٌ


٢٨٢٩. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ القِيَامَةِ». [خ:٦٣٦١]

١٨- بابُ فَضْلِ حِفْظِ/ أَسْماءِ اللهِ تَعالىَ


٢٨٣٠. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ: «لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا -مِئَةٌ إِلَّا وَاحِدًا- لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ، وَهُوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الوِترَ». [خ:٦٤١٠]
(لَا يَحْفَظُها): يعني عَددًا وفهمًا، وأحسنُ مَا قيل في قوله: (يُحبُّ الوِتْرَ) أنَّه التَّوحيد؛ أي: أنَّ الله تعالى واحدٌ ويحبُّ أن يُوَحَّد.
1. قوله صلى الله عليه وسلم:( والله وتر يحب الوتر) قال النووي: « الوتر: الفرد، ومعناه في حق الله تعالى: الواحد الذي لا شريك له ولا نظير، ومعنى (يحب الوتر): تفضيل الوتر في الأعمال، وكثير من الطاعات، فجعل الصلاة خمسا، والطهارة ثلاثا، والطواف سبعا، والسعي سبعا، ورمي الجمار سبعا، وأيام التشريق ثلاثا، والاستنجاء ثلاثا، وكذا الأكفان، وفي الزكاة خمسة أوسق وخمس أواق من الورق، ونصاب الإبل وغير ذلك، وجعل كثيراً من عظيم مخلوقاته وترا: منها السماوات، والأرضون، والبحار، وأيام الأسبوع، وغير ذلك، وقيل: إن معناه منصرف إلى صفة من يعبد الله بالوحدانية، والتفرد مخلصا له».

١ من قال سيّد الاستغفار ثم مات وهو موقنٌ به:

٥/٠