(٦٣) كِتَابُ الرَّقَائِق
١- بابٌ: لَا عَيْشَ إلَّا عيشُ الآخرةِ، وحَقَارةُ الدُّنيا
٢٨٣١. [ق] عن سهلِ بن سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِالخَنْدَقِ، وَهُوَ يَحْفِرُ وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ، وبَصُرَ بِنَا، فَقَالَ:
«اللهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ» [خ:٦٤١٤]
٢٨٣٢. [ق] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». [خ:٦٤١٥]
٢- بابُ الزُّهْدِ في الدُّنيا، وقِصَرِ الأمَلِ
قال الله تَعالى: ﴿قُلۡ مَتَـٰعُ ٱلدُّنۡیَا قَلِیلࣱ﴾ [النساء:٧٧]،
وَقال: ﴿ذَرۡهُمۡ یَأۡكُلُوا۟ وَیَتَمَتَّعُوا۟ وَیُلۡهِهِمُ ٱلۡأَمَلُۖ فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ﴾ [الحجر:٣]
• [خت] وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁: ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً، وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اليَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلَ.
٢٨٣٣. وعَنِ ابنِ عمر قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِمَنْكِبِي فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. [خ:٦٤١٦]
٢٨٣٤. عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ ﷺ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطُطًا صِغَارًا إِلَى/ هَذَا الَّذِي فِي الوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الوَسَطِ، فَقَالَ: «هَذَا الإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ -أَوْ: قَدْ أَحَاطَ بِهِ- وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذا الخُطُطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَ هَذهِ نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا». [خ:٦٤١٧]
٢٨٣٥. وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ ﷺ خُطُوطًا فَقَالَ: «هَذَا الأَمَلُ وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الخَطُّ الأَقْرَبُ». [خ:٦٤١٨]
٣- بابُ مَن بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً فقدْ أعذَرَ اللهُ إليه، ونِعمتان مغبونٌ فيهما
٢٨٣٦. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَعْذَرَ اللهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَة». [خ:٦٤١٩]
1. في الحديث: أن الشيخوخة نذير الموت والرحيل عن الدنيا؛ ولهذا ينبغي لمن بلغ الستين الاستعداد للقاء الله.
2. وفيه: إشارة إلى أن استكمال الستين مظنة انقضاء الأجل.
2. وفيه: إشارة إلى أن استكمال الستين مظنة انقضاء الأجل.
٢٨٣٧. [ق] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «لَا يَزَالُ قَلْبُ الكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الأَمَلِ». [خ:٦٤٢٠]
1. في الحديث: أن حب الدنيا وكراهية الموت يتساوى فيه الشباب والشيوخ.
٢٨٣٨. [ق] وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَتانِ: حُبُّ المَالِ، وَطُولُ العُمُرِ». [خ:٦٤٢١]
٢٨٣٩. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ». [خ:٦٤١٢]
٤- بابُ ما يُحْذَرُ مِن زَهْرَةِ الدُّنيا، والتَّنافُسِ فِيها
٢٨٤٠. [ق] عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ: «إِنِّي فَرَطٌ لَكمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». [خ:٦٤٢٦]
[]٢٨٤١. [ق] وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ». قِيلَ: مَا بَرَكَاتُ الأَرْضِ؟ قَالَ: «زَهْرَةُ الدُّنْيَا». فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ يَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَصَمَتَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ،/ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» قَالَ: أَنَا. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَقَدْ حَمِدْنَاهُ حِينَ طَلَعَ ذَلِكَ. قَالَ: «لَا يَأْتِي الخَيْرُ إِلَّا بِالخَيْرِ، إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ، إِلَّا آكِلَةَ الخَضِرَةِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ، وَإِنَّ هَذَا المَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ». [خ:٦٤٢٧]
الغَريب: (الفَرَطُ): المتقدِّم إِلى الماء، والجَمع فُرَّاط. و(زَهْرَة الدُّنيا): زِينتها. و(الخَيرُ) هنا: المال، وقد يُقال على مقابل الشَّرِّ. و(الخَضِرَة): ما يُستطاب مِن الثَّمر والفواكه. و(الحَبَط): انتفاخُ الجوف. و(اجتَرَّتْ): أخرجتْ الجِرَّةَ ومضَغَتْها. و(ثَلَطَتْ): ألْقت الرَّوثَ.
1. قال النووي: «في هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن معناه الإخبار بأن أمته تملك خزائن الأرض، وقد وقع ذلك، وأنها لا ترتد جملة، وقد عصمها الله تعالى من ذلك، وأنها تتنافس في الدنيا، وقد وقع كل ذلك».
2. قوله:( أخوف ما أخاف عليكم) قال النووي: «فيه التحذير من الإغترار بالدنيا والنظر إليها، والمفاخرة بها».
3. قال النووي: «فيه: فضيلة المال لمن أخذه بحقه وصرفه في وجوه الخير، وفيه حجة لمن يرجح الغني على الفقير».
4. قوله:( الدنيا حلوة خضرة) قال ابن الأثير: « الخضر نوع من البقول ليس من أحرارها وجيدها، فشبه الدنيا للرغبة فيها والميل إليها بالفاكهة الحلوة الخضرة، فإن الحلو مرغوب فيه من حيث الذوق، والأخضر مرغوب فيه من حيث النظر، فإذا اجتمعا زادت الرغبة، وفيه إشارة إلى عدم بقائها».
2. قوله:( أخوف ما أخاف عليكم) قال النووي: «فيه التحذير من الإغترار بالدنيا والنظر إليها، والمفاخرة بها».
3. قال النووي: «فيه: فضيلة المال لمن أخذه بحقه وصرفه في وجوه الخير، وفيه حجة لمن يرجح الغني على الفقير».
4. قوله:( الدنيا حلوة خضرة) قال ابن الأثير: « الخضر نوع من البقول ليس من أحرارها وجيدها، فشبه الدنيا للرغبة فيها والميل إليها بالفاكهة الحلوة الخضرة، فإن الحلو مرغوب فيه من حيث الذوق، والأخضر مرغوب فيه من حيث النظر، فإذا اجتمعا زادت الرغبة، وفيه إشارة إلى عدم بقائها».
٥- بابُ ذمِّ الحِرْصِ على الدُّنيا
٢٨٤٢. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ ﷺ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالقَطِيفَةِ وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ». [خ:٦٤٣٥]
٢٨٤٣. [ق] وعَنِ ابنِ عبَّاس قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ». [خ:٦٤٣٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَا أَدْرِي مِن القُرْآنِ هُوَ أَمْ لَا؟. [خ:٦٤٣٧]
1. قال النووي: « فيه ذم الحرص على الدنيا وحب المكاثرة بها والرغبة فيها، ومعنى (لا يملأ جوفه إلا التراب) أنه لا يزال حريصا على الدنيا حتى يموت، ويمتلئ جوفه من تراب قبره، وهذا الحديث خرج على حكم غالب بني آدم في الحرص على الدنيا، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم:(ويتوب الله على من تاب) وهو متعلق بما قبله، ومعناه: أن الله يقبل التوبة من الحرص المذموم وغيره من المذمومات».
• [ق] ونحوه عن أنسٍ، غير أنَّه قال: «وادٍ مِن ذَهَب». [خ:٦٤٣٩]
• ونحوه عن ابنِ الزُّبيرِ. [خ:٦٤٣٨]
٢٨٤٤. [ق] وعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى». [خ:٦٤٤١]
1. قال المهلب: «فيه أن سؤال السلطان الأكبر ليس بعار».
2. وفيه: أن السائل إذا ألحف لا بأس برده، وموعظته وأمره بالتعفف، وترك الحرص.
3. فيه أن الإنسان لا يسأل إلا عند الحاجة والضرورة؛ لأنه إذا كانت يده السفلى مع إباحة المسألة، فهو أحرى أن يمتنع من ذلك عند غير الحاجة.
4. قوله: (إن هذا المال خضرة حلوة) قال النووي: «شبهه في الرغبة فيه والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء الحلوة المستلذة، فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده، والحلو كذلك على انفراده فاجتماعهما أشد».
5. قال النووي: « وفيه إشارة إلى عدم بقائه؛ لأن الخضراوات لا تبقى ولا تراد للبقاء».
6. وفيه أنه ينبغي للإمام ألا يبين للطالب ما في مسألته من المفسدة إلا بعد قضاء حاجته؛ لتقع موعظته له الموقع؛ لئلا يتخيل أن ذلك سبب لمنعه حاجته.
7. قال النووي: « في هذا الحديث الحث على التعفف والقناعة والرضا بما تيسر في عفاف وإن كان قليلا، وأنه لا يغتر الإنسان بكثرة ما يحصل له بإشراف ونحوه فإنه لا يبارك له فيه، وهو قريب من قول الله تعالى:{یَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰا۟ وَیُرۡبِی ٱلصَّدَقَـٰتِۗ } [سورة البقرة:276] ».
8. فيه أن الإجمال في الطلب مقرون بالبركة.
9. فيه أن رد السائل بعد ثلاث ليس بمكروه.
2. وفيه: أن السائل إذا ألحف لا بأس برده، وموعظته وأمره بالتعفف، وترك الحرص.
3. فيه أن الإنسان لا يسأل إلا عند الحاجة والضرورة؛ لأنه إذا كانت يده السفلى مع إباحة المسألة، فهو أحرى أن يمتنع من ذلك عند غير الحاجة.
4. قوله: (إن هذا المال خضرة حلوة) قال النووي: «شبهه في الرغبة فيه والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء الحلوة المستلذة، فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده، والحلو كذلك على انفراده فاجتماعهما أشد».
5. قال النووي: « وفيه إشارة إلى عدم بقائه؛ لأن الخضراوات لا تبقى ولا تراد للبقاء».
6. وفيه أنه ينبغي للإمام ألا يبين للطالب ما في مسألته من المفسدة إلا بعد قضاء حاجته؛ لتقع موعظته له الموقع؛ لئلا يتخيل أن ذلك سبب لمنعه حاجته.
7. قال النووي: « في هذا الحديث الحث على التعفف والقناعة والرضا بما تيسر في عفاف وإن كان قليلا، وأنه لا يغتر الإنسان بكثرة ما يحصل له بإشراف ونحوه فإنه لا يبارك له فيه، وهو قريب من قول الله تعالى:{یَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰا۟ وَیُرۡبِی ٱلصَّدَقَـٰتِۗ } [سورة البقرة:276] ».
8. فيه أن الإجمال في الطلب مقرون بالبركة.
9. فيه أن رد السائل بعد ثلاث ليس بمكروه.
٢٨٤٥. وعن عَبدِ اللهِ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ. قَالَ: «فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ». [خ:٦٤٤٢]
٦- بابُ المُكْثرونَ هم المُقِلُّونَ،/
وقولِهِ ﷿: ﴿مَن كَانَ یُرِیدُ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا وَزِینَتَهَا﴾ الآيةَ [هود:١٥]
٢٨٤٦. [ق] عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فَإِذَا رَسُولُ اللهِ ﷺ يَمْشِي وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي ظِلِّ القَمَرِ، فَالْتَفَتَ فَرَآنِي، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» قُلْتُ: أَبُو ذَرٍّ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَالَهْ». قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَالَ: «إِنَّ المُكْثِرِينَ هُمُ المُقِلُّونَ، إِلَّا مَنْ أَعْطَاهُ اللهُ خَيْرًا، فَنَفَخَ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا». قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ، فَقَالَ لِي: «اجْلِسْ هَاهُنَا». قَالَ: فَأَجْلَسَنِي فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ، فَقَالَ لِي: «اجْلِسْ هَاهُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ». قَالَ: فَانْطَلَقَ فِي الحَرَّةِ حَتَّى لَا أَرَاهُ، فَلَبِثَ عَنِّي فَأَطَالَ اللُّبْثَ، ثُمَّ إِنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ، يَقُولُ: «وَإِنْ سَرَقَ، وَإِنْ زَنَى». قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، مَنْ تُكَلِّمُ فِي جَانِبِ الحَرَّةِ، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قَالَ: «ذَلِكَ جِبْرِيلُ، عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الحَرَّةِ، قَالَ: بَشِّرْ أُمَّتَكَ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ. قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى. قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ شَرِبَ الخَمْرَ». [خ:٦٤٤٣]
1. قال ابن حجر: «في الحديث: أن الصغير إذا رأى الكبير منفرداً لا يتسور عليه ولا يجلس معه ولا يُلازمه إلا بإذن منه، وهذا بخلاف ما إذا كان في مجمع كالمسجد والسوق فيكون جلوسه معه بحسب ما يليق به».
2. قوله:(قلت من هذا؟ قال: (أبو ذَر)، قال ابن حجر: «فيه جواز تكنية المرء نفسه لغرض صحيح كأن يكون أشهر من اسمه، ولا سيما إن كان اسمه مشتركاً بغيره وكنيته فَرْدة».
3. قوله:(فنفح فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيراً) قال النووي: «فيه الحث على الصدقة في وجوه الخير، وأنه لا يقتصر على نوع من وجوه البر، بل ينفق في كل وجه من وجوه الخير يحضر».
4. قوله:(يا أبا ذر) قال النووي: « فيه مناداة العالم والكبير صاحبه بكنيته إذا كان جليلا».
5. قوله:( من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق) قال النووي: «فيه دلالة لمذهب أهل الحق: أنه لا يخلد أصحاب الكبائر في النار خلافا للخوارج والمعتزلة، وخص الزنا والسرقة بالذكر لكونهما من أفحش الكبائر، وهو داخل في أحاديث الرجاء».
6. قوله:( قلت: وإن سرق وإن زنا؟ قال: نعم، وإن شرب الخمر) قال النووي: « فيه تغليظ تحريم الخمر».
2. قوله:(قلت من هذا؟ قال: (أبو ذَر)، قال ابن حجر: «فيه جواز تكنية المرء نفسه لغرض صحيح كأن يكون أشهر من اسمه، ولا سيما إن كان اسمه مشتركاً بغيره وكنيته فَرْدة».
3. قوله:(فنفح فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيراً) قال النووي: «فيه الحث على الصدقة في وجوه الخير، وأنه لا يقتصر على نوع من وجوه البر، بل ينفق في كل وجه من وجوه الخير يحضر».
4. قوله:(يا أبا ذر) قال النووي: « فيه مناداة العالم والكبير صاحبه بكنيته إذا كان جليلا».
5. قوله:( من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق) قال النووي: «فيه دلالة لمذهب أهل الحق: أنه لا يخلد أصحاب الكبائر في النار خلافا للخوارج والمعتزلة، وخص الزنا والسرقة بالذكر لكونهما من أفحش الكبائر، وهو داخل في أحاديث الرجاء».
6. قوله:( قلت: وإن سرق وإن زنا؟ قال: نعم، وإن شرب الخمر) قال النووي: « فيه تغليظ تحريم الخمر».
٢٨٤٧. [ق] وعنه قال: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَرَّةِ المَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ». فقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «مَا يَسُرُّنِي أَنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا، تَمْضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلَّا شَيءٌ أَرْصُدُهُ لِدَيْني، إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللهِ هَكَذَا وَهَكَذَا». عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ مَشَى ثمَّ قَالَ: «إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا -عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ- وَقَلِيلٌ مَا هُمْ». ثُمَّ قَالَ لِي: «مَكَانَكَ لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ». ثُمَّ انْطَلَقَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ، وذكر نحو ما تقدَّم [خ:٦٨٠٦].
٢٨٤٨. [ق] وعن أبي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا يَسرُّنِيْ أَنْ لَا تَمُرَّ عَلَيَّ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَّا شَيْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ»./ [خ:٦٤٤٥]
٧- بابٌ: يَذْهبُ الصَّالحونَ الأوَّلُ فالأوَّلُ، والغِنَى غِنى النَّفْسِ
٢٨٤٩. عَنْ [قَيْس بنِ] أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مِرْدَاسٍ الأَسْلَمِيِّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ، الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ -أَو: التَّمْرِ- لَا يُبَالِيهِمُ اللهُ بَالَةً». [خ:٦٤٣٤]
٢٨٥٠. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ». [خ:٦٤٤٦]
1. قال النووي: «ومعنى الحديث: الغنى المحمود غنى النفس وشبعها وقلة حرصها، لا كثرة المال مع الحرص على الزيادة؛ لأن من كان طالبا للزيادة لم يستغن بما معه فليس له غنى».
٨- بابُ فَضْلِ الفَقْرِ
٢٨٥١. [ق] عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». [خ:٦٤٤٩]
٢٨٥٢. وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمْ يَأْكُلِ رسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ. [خ:٦٤٥٠]
٢٨٥٣. [ق] وعن عائشةَ قالت: لَقَدْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ وَمَا فِي رَفِّي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ. [خ:٦٤٥١]
1. قولها: (فكلته ففني) هذه مسألة مهمة في البركة لمن يطلب البركة في الرزق، وفي المال، وفي الطعام في بيته، ونحو ذلك، فإذا جلس الإنسان يعد كم بقي، وهذه لكذا، وهذه لكذا، وهذه أوفرها لكذا، ويجلس يعد وكل يوم يفتح الحساب ينظر كم بقي منه، كم نقص، كم صرف من ريال أو مائة، أو نحو هذا أو وضعها في صندوق، وكل يوم يعد ما بقي منها، فهذا قد تُنزع منه البركة وتتلاشى وتطير لا يعرف كيف ذهبت لقوله عليه الصلاة والسلام (لا تحصي فيحصي الله عليكِ، ولا توكي فيوكي الله عليكِ)، وليس المقصود أن الإنسان يتعامل بشيء من التوسع، أو يكون أخرق في التصرف في المال، لكن يصرف المال في مصارفه الصحيحة، ويتصدق ولا يجلس يحصي إحصاء الشحيح كم بقي.
٩- بابٌ: كيفَ كانَ عَيْشُ رسُولِ اللهِ ﷺ وأَصحابِهِ
٢٨٥٤. عن مجاهد أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ عُمَرُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ ولَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو القَاسِمِ ﷺ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي، وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي وَمَا فِي وَجْهِي، ثُمَّ قَالَ: «أَبَا هُرَيْرَةَ». قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الحَقْ». وَمَضَى فاتَّبعْته، فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟» قال: أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ -أَوْ: فُلَانَةُ- قَالَ: «أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «الحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ/ لِي». قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ عَلى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَلَا عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ، كُنْتُ أَحَقَّ أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاؤوا أَمَرَنِي فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ البَيْتِ، قَالَ: «يَا أَبَا هُريرة». قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «خُذْ فَأَعْطِهِمْ». فَأَخَذْتُ القَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثمَّ يَردُّ عَليَّ القَدَحَ، فانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَقَدْ رَوِيَ القَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ القَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ». قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ». فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: «اشْرَبْ». فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: «اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لَا والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا. قَالَ: «فَأَرِنِي». فَأَعْطَيْتُهُ القَدَحَ، فَحَمِدَ اللهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الفَضْلَةَ. [خ:٦٤٥٢]
1. في الحديث: أن الإيثار من أشرف أخلاق المؤمنين.
2. وفيه: حسن الظن بالله سبحانه وتعالى أنه يبارك في القليل من الزاد؛ فيعم الجمع الكبير.
3. وفيه: أن الجوع قد يسحق المؤمن حتى تضيق نفسه.
4. وفيه: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، حيث شرب من فضل أصحاب الصفة؛ فلا ينبغي للمؤمن أن يستنكف من سؤر المؤمنين وإن كانوا فقراء، ولا أن يترفع عن شربه.
5. وفيه: أن كتمان الحاجة والتلويح بها أولى من إظهارها.
2. وفيه: حسن الظن بالله سبحانه وتعالى أنه يبارك في القليل من الزاد؛ فيعم الجمع الكبير.
3. وفيه: أن الجوع قد يسحق المؤمن حتى تضيق نفسه.
4. وفيه: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، حيث شرب من فضل أصحاب الصفة؛ فلا ينبغي للمؤمن أن يستنكف من سؤر المؤمنين وإن كانوا فقراء، ولا أن يترفع عن شربه.
5. وفيه: أن كتمان الحاجة والتلويح بها أولى من إظهارها.
٢٨٥٥. [ق] وَعَنْ سَعْدٍ -هو ابن أبي وقَّاص- أنَّه قال: إِنِّي لَأَوَّلُ العَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ ﷿، وَرَأَيْتُنَا وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ، وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلَامِ، خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِي. [خ:٦٤٥٣]
٢٨٥٦. وعن قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ، فَقَالَ: كُلُوا، فَمَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ، وَلَا رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ. [خ:٦٤٥٧]
٢٨٥٧. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يَأْتِي عَلَيْنَا الشَّهْرُ مَا نُوقِدُ فِيهِ نَارًا، إِنَّمَا هُوَ التَّمْرُ وَالمَاءُ، إِلَّا أَنْ نُؤْتَى بِاللَّحْم.[خ:٦٤٥٨]
٢٨٥٨. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ ﷺ: «اللهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتًا»./ [خ:٦٤٦٠]
١٠- بابُ القَصْدِ والمُداومَةِ عَلى العَمَلِ
٢٨٥٩. [ق] عن مسروقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُّ العَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَت: الدَّائِمُ. قُلْتُ: فَأَيَّ حِينٍ كَانَ يَقُومُ؟ قَالَتْ: يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ. [خ:٦٤٦١]
1. قولها:(الدائم) قال النووي: «فيه: الحث على القصد في العبادة، وأنه ينبغي للإنسان ألا يحتمل من العبادة إلا ما يطيق الدوام عليه ثم يحافظ عليه».
2. قولها:(يقوم إذا سمع الصارخ) قال النووي: «الصارخ هنا هو الديك باتفاق العلماء قالوا: وسمي بذلك لكثرة صياحه».
2. قولها:(يقوم إذا سمع الصارخ) قال النووي: «الصارخ هنا هو الديك باتفاق العلماء قالوا: وسمي بذلك لكثرة صياحه».
٢٨٦٠. [ق] وعنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ -في روايةٍ [خ:٦٤٦٧]: قالوا: وَلا أنتَ يا رَسُولَ اللهِ؟ قال: «ولا أنا إلَّا أن يتغمَّدني الله بمغفرة ورحمة»- وأَنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى الله أدومُها وإنْ قلَّ». [خ:٦٤٦٤]
٢٨٦١. [ق] وفي رواية: «اكلَفُوا مِن العَمل مَا تُطيقون». [خ:١٩٦٦]
٢٨٦٢. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ». قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا». [خ:٦٤٦٣]
١١- بابٌ: في الرَّجَاءِ والخَوْفِ والتَّوكُّلِ
• [خت] قَالَ سُفْيَانُ: مَا فِي القُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ: ﴿لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَیۡءٍ حَتَّىٰ تُقِیمُوا۟ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ﴾ [المائدة:٦٨].
٢٨٦٣. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِئَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنَ العَذَابِ لَمْ يَأْمَنِ النَّارَ». [خ:٦٤٦٩]
1. قال النووي: «هذه الأحاديث من أحاديث الرجاء والبشارة للمسلمين، قال العلماء: لأنه إذا حصل للإنسان من رحمة واحدة في هذه الدار - المبنية على الأكدار - الإسلام والقرآن والصلاة والرحمة في قلبه وغير ذلك مما أنعم الله تعالى به، فكيف الظن بمائة رحمة في الدار الآخرة، وهي دار القرار ودار الجزاء».
وقال الله تَعالى: ﴿وَمَن یَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥۤ﴾ [الطلاق:٣].
• [خت] وقال الرَّبيع بن خُثَيْم: مِنْ كلِّ مَا ضَاق عَلى النَّاس.
٢٨٦٤. [ق] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». [خ:٦٤٧٢]
يعني بذلك: يَتركون ذلكَ كلَّه اتِّكالًا عَلى الله، ورِضًا بما يُجْرِيه. والله أعلم.
١٢- بابُ حِفْظِ اللِّسانِ،/ وما يُكرَهُ مِن قيلٍ وقالَ،
وقولِهِ تعالىَ: ﴿مَّا یَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَیۡهِ رَقِیبٌ عَتِیدࣱ﴾ [ق:١٨]
٢٨٦٥. وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ». [خ:٦٤٧٤]
٢٨٦٦. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». [خ:٦٤٧٥]
1. (فليقل خيراً أو ليصمت) قال النووي: «وقد ندب الشرع إلى الإمساك عن كثير من المباحات لئلا ينجر صاحبها إلى المحرمات أو المكروهات».
٢٨٦٧. [ق] وعنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ». [خ:٦٤٧٨]
• [ق] وفي رواية: «إنَّ العَبدَ لَيَتَكَلَّم بالكَلِمةِ مَا يتبيَّن مَا فِيها يَزِلُّ بِها في النَّار أبعدَ ممَّا بين المشرق والمغرب». [خ:٦٤٧٧]
٢٨٦٨. [ق] وعَنِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ: سمعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقول عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَعُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ البَنَاتِ. [خ:٦٤٧٣]
١٣- بابُ الخَوفِ مِن اللهِ تَعالىَ، والبُكَاءِ مِن خَشيتِهِ
• وقد تقدَّم في حَديث السَّبعة الَّذين يظلُّهم الله في ظلِّه: «وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ»[ر:٧٠١].
1. قوله:(ورجل ذكر الله تعالى خاليا ففاضت عيناه) قال النووي: «فيه فضيلة البكاء من خشية الله تعالى، وفضل طاعة السر لكمال الإخلاص فيها».
٢٨٦٩. عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَحَرِّقُوْنِي، فَذَرُّونِي فِي البَحْرِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ. فَفَعَلُوا بِهِ، فَجَمَعَهُ اللهُ ثُمَّ قَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِي صَنَعْتَ؟ قَالَ: مَا حَمَلَنِي إِلَّا مَخَافَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ». [خ:٦٤٨٠]
٢٨٧٠. [ق] وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «ذَكَرَ رَجُلًا فِيمَنْ كَانَ سَلَفَ -أَوْ قَبْلَكُمْ- آتَاهُ اللهُ مَالًا، قَالَ: فَلَمَّا حُضِرَ قَالَ لِبَنِيهِ: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ. قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا -فَسَّرَهَا قَتَادَةُ: لَمْ يَدَّخِرْ- وَإِنْ يَقْدَمْ عَلَى اللهِ يُعَذِّبْهُ، فَانْظُرُوا فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، حَتَّى إِذَا صِرْتُ/ فَحْمًا فَاسْحَقُونِي -أَوْ قَالَ: فَاسْهَكُونِي- ثُمَّ إِذَا كَانَ رِيحٌ عَاصِفٌ فَأَذْرُونِي فِيهَا. وَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ -وَرَبِّي- فَفَعَلُوا، فَقَالَ اللهُ: كُنْ. فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ، فَقَالَ: أَيْ عَبْدِي مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ -أَوْ: فَرَقٌ مِنْكَ- فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ». [خ:٦٤٨١]
1. قال ابن هبيرة: «كل أمارة دلتك على خير من عند الله فاقبلها فإنها أهل كل خير، وكل أمارة أوهمك الشيطان أنها تدل على خلاف الجميل من ربك سبحانه وتعالى فلا تركن إليها، فإنه لا يحل لمؤمن أن يسيء الظن بربه عز وجل».
١٤- بابُ الانْتهاءِ والحَذَرِ عَنِ المَعَاصِي
٢٨٧١. [ق] عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ: رَأَيْتُ الجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ العُرْيَانُ، فَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ. فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فَصَبَّحَهُمُ الجَيْشُ فَاجْتَاحَهُمْ». [خ:٦٤٨٢]
1. قوله:(وإني أنا النذير العريان) قال النووي: «قال العلماء: «أصله أن الرجل إذا أراد إنذار قومه وإعلامهم بما يوجب المخافة نزع ثوبه، وأشار به إليهم إذا كان بعيدا منهم ليخبرهم بما دهمهم، وأكثر ما يفعل هذا ربيئة القوم، وهو طليعتهم ورقيبهم، قالوا: وإنما يفعل ذلك لأنه أبين للناظر، وأغرب وأشنع منظرا، فهو أبلغ في استحثاثهم في التأهب للعدو، وقيل: معناه أنا النذير الذي أدركني جيش العدو، فأخذ ثيابي، فأنا أنذركم عريانا».
٢٨٧٢. [ق] وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَزَعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَقْتَحِمُونَ فِيهَا». [خ:٦٤٨٣]
الغريب: (النَّجَاءَ): السُّرعة، وهو ممدودٌ. (النَّذِير): هو المُحَذِّر مِن الشَّرِّ. و(العُرْيَان): الَّذي يُلقي ثيابه عند فُجاءة العَدوِّ. و(أدْلجوا): سَاروا مِن اللَّيل. و(الحُجَز): جمع حُجْزَة: السَّراويل. و(يَتَقحَّمْنَ): يَنْفَلِتْنَ ويقَعْنَ.
1. قال ابن العربي: «المقصود أن الخلق لا يأتون ما يجُرهم إلى النار على قصْد الهلكة، وإنما يأتونه على قصد المنفعة واتباع الشهوة، كما أن الفراش يقتحم النار لا لِيْهْلك فيها بل لِمَا يُعجبه من الضياء».
١٥- بابُ قولِهِ ﷺ: «لو تَعْلَمُونَ مَا أَعْلمُ لَضَحِكتُمْ قليلًا، ولبكَيْتُم كثيرًا»،
«وحُجِبَتِ النَّارُ بالشَّهواتِ»، وقُرْبِ الجنَّةِ والنَّارِ
٢٨٧٣. عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». [خ:٦٤٨٥]
• [ق] ونحوه عن أنس. [خ:٦٤٨٦]
٢٨٧٤. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ». [خ:٦٤٨٧]
1. قال النووي: « قال العلماء: «هذا من بديع الكلام وفصيحه وجوامعه التي أوتيها صلى الله عليه وسلم من التمثيل الحسن، ومعناه: لا يوصل الجنة إلا بارتكاب المكاره، والنار بالشهوات، وكذلك هما محجوبتان بهما، فمن هتك الحجاب وصل إلى المحجوب، فهتك حجاب الجنة باقتحام المكاره، وهتك حجاب النار بارتكاب الشهوات، فأما المكاره فيدخل فيها الاجتهاد في العبادات، والمواظبة عليها، والصبر على مشاقها، وكظم الغيظ، والعفو والحلم والصدقة والإحسان إلى المسيء والصبر عن الشهوات، ونحو ذلك، وأما الشهوات التي النار محفوفة بها، فالظاهر أنها الشهوات المحرمة كالخمر والزنا والنظر إلى الأجنبية والغيبة واستعمال الملاهي ونحو ذلك، وأما الشهوات المباحة فلا تدخل في هذه لكن يكره الإكثار منها مخافة أن يجر إلى المحرمة، أو يقسي القلب، أو يشغل عن الطاعات أو يحوج إلى الاعتناء بتحصيل الدنيا للصرف فيها ونحو ذلك».
٢٨٧٥. وعَن عبدِ اللهِ -هو ابن مسعودٍ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ»./ [خ:٦٤٨٨]
١٦- بابُ ما يُتَّقىَ مِن مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، والأَعْمَالِ بالخَوَاتيمِ
٢٨٧٦. عن أنسٍ قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رسُولِ اللهِ ﷺ مِنَ المُوبِقَاتِ. يَعْنِي: المُهْلِكَاتِ. [خ:٦٤٩٢]
٢٨٧٧. [ق] وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ المُشْرِكِينَ -وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ المُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنْهُمْ- فَقَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». فَتَبِعَهُ رَجُلٌ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَقَالَ بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ -فِيمَا يَرَى النَّاسُ- عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ -فِيمَا يَرَى النَّاسُ- عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ [وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا]».[خ:٦٤٩٣]
1. قوله:(إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة) قال النووي: «والمراد بهذا الحديث أن هذا قد يقع في نادر من الناس، لا أنه غالب فيهم، ثم أنه من لطف الله تعالى وسعة رحمته انقلاب الناس من الشر إلى الخير في كثرة، وأما انقلابهم من الخير إلى الشر ففي غاية الندور، ونهاية القلة، وهو نحو قوله تعالى: {إن رحمتي سبقت غضبي وغلبت غضبي} ويدخل في هذا من انقلب إلى عمل النار بكفر أو معصية، لكن يختلفان في التخليد وعدمه، فالكافر يخلد في النار، والعاصي الذي مات موحّدا لا يخلد فيها».
2. قال النووي: «وفي هذا الحديث تصريح بإثبات القدر، وأن التوبة تهدم الذنوب قبلها، وأن من مات على شيء حكم له به من خير أو شر، إلا أن أصحاب المعاصي غير الكفر في المشيئة».
3. وفيه أن الاعتبار بالخاتمة، قال ابن أبي جمرة: «هذه التي قطعت أعناق الرجال، مع ماهم فيه من حُسن الحال؛ لأنهم لا يَدرون بماذا يُختم لهم.
4. وفيه الحث على الاستعاذة بالله تعالى من سوء الخاتمة».
5. وفيه ألا ينبغي لأحد أن يغتر بظاهر الحال، ومن ثَمَّ شُرِع الدعاء بالثبات على الدِّين، وبحسن الخاتمة.
2. قال النووي: «وفي هذا الحديث تصريح بإثبات القدر، وأن التوبة تهدم الذنوب قبلها، وأن من مات على شيء حكم له به من خير أو شر، إلا أن أصحاب المعاصي غير الكفر في المشيئة».
3. وفيه أن الاعتبار بالخاتمة، قال ابن أبي جمرة: «هذه التي قطعت أعناق الرجال، مع ماهم فيه من حُسن الحال؛ لأنهم لا يَدرون بماذا يُختم لهم.
4. وفيه الحث على الاستعاذة بالله تعالى من سوء الخاتمة».
5. وفيه ألا ينبغي لأحد أن يغتر بظاهر الحال، ومن ثَمَّ شُرِع الدعاء بالثبات على الدِّين، وبحسن الخاتمة.
• [ق] وفي رواية: «وإنَّما الأعمالُ بالخَوَاتيمِ». [خ: ٦٦٠٧]
١٧- بابٌ العُزْلَةُ رَاحةٌ مِن خُلَطاءِ السُّوءِ
٢٨٧٨. [ق] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ». [خ:٦٤٩٤]
1. في الحديث: بيان أنّ من أدب من يريد العزلة أن يقصد إبعاد شرّه عن المسلمين، لا إبعاد شرورهم عنه، وإن كان حاصلا ضمنا، وذلك هضما لنفسه؛ كيلا يرى الفضل له عليهم، وامتثالا للأمر بالتّواضع الّذي أمر الله تعالى به.
2. قال ابن حجر: «والخبر دالّ على فضيلة العزلة لمن خاف على دينه».
2. قال ابن حجر: «والخبر دالّ على فضيلة العزلة لمن خاف على دينه».
٢٨٧٩. وعَن أَبي سعيدٍ أيضًا قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، خَيْرُ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِه شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ». [خ:٦٤٩٥]
١٨- بابُ مَا يُتَّقى مِن رَفْع الأمَانة، وكيفَ تُرْفَعُ؟
٢٨٨٠. عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». [خ:٦٤٩٦]
1. فيه: أنّ من أكبر الأمانة إسناد الأمر إلى أهله، وأنّ تضييع ذلك تضييع للأمانة.
2. وفيه: مراجعة العالم إذا لم يفهم السائل.
2. وفيه: مراجعة العالم إذا لم يفهم السائل.
٢٨٨١. [ق] وعن حُذَيفةَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ: حَدَّثَنَا «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ». وَحَدَّثَنَا/ عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِه، فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ! وَمَا أَظْرَفَهُ! وَمَا أَجْلَدَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ». وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَلَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الإِسْلَامُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أوْ يَهُودِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا اليَوْمَ: فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا. [خ:٦٤٩٧]
الغريب: (الجَذْر): الأَصْلُ مِن كلِّ شيءٍ، ويُقال بكسر الجيم وفتحها. و(الوَكْتُ) بالكَاف: الأَثر الخفيُّ. ومنه: بُسْر مُوَكَّتٌ: إذا بدتْ فيه نقطةٌ مِن الإرْطَاب. و(المَجْلُ) بالجيم:أثَر العملِ في الكفِّ، يُقال منه: مَجَلَتْ يدُه تَمْجُل: إذا صارَ فيها نُفَّاخات مِن العَمِل. وقوله: (بَايعتُ): مِن البَيْع، لا مِن المبايعة، والله أعلم.
1. فيه: أنّ فضل الإنسان في كمال أمانته، لا في كمال قوّته وشجاعته وحسن تدبيره في الأمور الدّنيويّة؛ فإنّ هذه لا اعتبار لها إلّا مع قوّة الإيمان وكماله.
٢٨٨٢. [ق] وعَنِ ابنِ عمر قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِئَةِ لَا تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً». [خ:٦٤٩٨]
(الرَّاحلة): النَّاقة القويَّة على الارْتحال والحَمْل.
1. قال ابن بطّال: «معنى الحديث: أنّ النّاس كثير، والمرضيّ منهم قليل، وإلى هذا المعنى أومأ البخاريّ بإدخاله في باب رفع الأمانة، لأنّ من كانت هذه صفته فالاختيار عدم معاشرته».
2. فيه: السّعي والاجتهاد في تأهيل الرّجال الذين يصلحون للقيام بالمهمّات، والأمور الكلّيّة العامّة النّفع.
2. فيه: السّعي والاجتهاد في تأهيل الرّجال الذين يصلحون للقيام بالمهمّات، والأمور الكلّيّة العامّة النّفع.
١٩- بابُ التَّحْذِيرِ مِنَ الرِّياءِ والسُّمعةِ، وأنْ يُرْفَعَ شيءٌ مِن الدُّنيا
٢٨٨٣. [ق] عن جُنْدُبٍ قال: قَالَ رسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللهُ بِهِ». [خ:٦٤٩٩]
1. قال ابن حجر: «قال الخطَّابي: «المعنى مَنْ عمل عملاً على غير إخلاص، يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزِيَ على ذلك بأن يُشهِّر اللهُ به ويفضحه ويُظهر ما كان يُبطنه، وقيل: مَنْ قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله فإنَّ اللهَ يجعله حديثاً عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم ولا ثواب له في الآخرة، وقيل المراد: مَنْ قصد بعمله أن يسمعه الناس ويروه ليُعَظِّموه وتعلو منزلته عندهم، حصل له ما قصد، وكان ذلك جزاؤه على عمله، ولا يُثاب عليه في الآخرة، وقيل: المعنى مَنْ سَمَّع بعيوب الناس وأذاعها أظهر اللهُ عيوبه وسمَّعَه المكروه، وقيل معنى سمَّع الله به شهره أو ملأ أسماع الناس بسوء الثناء عليه في الدنيا أو في القيامة بما ينطوي عليه من خبث السريرة».
٢٨٨٤. وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ نَاقَةٌ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ تُسَمَّى العَضْبَاءَ، وَكَانَتْ لَا تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَقَالُوا: سُبِقَتِ العَضْبَاءُ ناقةُ رسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ لَا يُرْفَعَ شَئٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ». [خ:٦٥٠١]
1. في الحديث: مشروعيّة السّبق في الإبل.
2. وفيه: التّنبيه على ترك المباهاة والفخر بمتاع الدّنيا.
2. وفيه: التّنبيه على ترك المباهاة والفخر بمتاع الدّنيا.
٢٠- بابُ قولِهِ ﷺ: «بُعثتُ/ أنا والسَّاعةَ كهاتَينِ»، وطُلُوعِ الشَّمسِ مِن مَغْربِها
٢٨٨٥. [ق] عَنْ سَهْلٍ -هو ابن سعدٍ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَينِ». وَيُشِيرُ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا فَيَمُدُّهُمَا. [خ:٦٥٠٣]
• [ق] ونحوه عن أنسٍ [خ:٦٥٠٤]، وأبي هُرَيْرَةَ [خ:٦٥٠٥].
٢٨٨٦. [ق] وعنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ: ﴿لَا یَنفَعُ نَفۡسًا إِیمَـٰنُهَا﴾ الآيةَ [الأنعام: ١٥٨] وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ بَيْنَهُمَا وَلَا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَحَدُكُمْ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا». [خ:٦٥٠٦]
٢١- بابٌ: مَنْ أحبَّ لقاءَ اللهِ أحبَّ اللهُ لقاءَهُ
٢٨٨٧. [ق] عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ». فقَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبيِّ ﷺ: إِنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ. قَالَ: «لَيْسَ ذَلِك، وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَكَرِهَ لِقَاءَ اللهِ فَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ». [خ:٦٥٠٧]
٢٨٨٨. [ق] وعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ». [خ:٦٥٠٨]
1. في الحديث: أنّ المجازاة من جنس العمل؛ فإنّه قابل المحبّة بالمحبّة، والكراهة بالكراهة.
• [خت] ونحوه عَنْ عَائِشَةَ.
٢٢- بابٌ: في سَكَراتِ المَوْتِ، ومَوتُ كلِّ إنْسانِ سَاعتُهُ
٢٨٨٩. عَنْ عائشةَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ -أَوْ: عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ- فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي المَاءِ فَيَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ». ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: «فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى»، حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: العُلْبَةُ مِنَ الخَشَبِ، وَالرَّكْوَةُ مِنَ/ الأَدَمِ. [خ:٦٥١٠]
٢٨٩٠. [ق] وعنها قَالَتْ: كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَعْرَابِ جُفَاةً يَأْتُونَ النَّبِيَّ ﷺ يَسْأَلُونَهُ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فدَارَ يَنْظُرُ إِلَى أَصْغَرِهِمْ فَيَقُولُ: «إِنْ يَعِشْ هَذَا لَا يُدْرِكْهُ الهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ». قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي مَوْتَهُمْ. [خ:٦٥١١]
٢٣- بابُ المَوْتى مُسْترِيحٌ ومُسْتَراحٌ منه، ومَا يَتْبَعُ المَيِّتَ
٢٨٩١. [ق] عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ النبيَّ ﷺ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، قَالَ: «مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: «العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللهِ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلَادُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ». [خ:٦٥١٢]
1. قال النووي: «معنى الحديث أن الموتى قسمان: مستريح ومستراح منه، وأما استراحة العباد من الفاجر معناه: اندفاع أذاه عنهم، وأذاه يكون من وجوه منها: ظلمه لهم، ومنها ارتكابه للمنكرات فإن أنكروها قاسوا مشقة من ذلك، وربما نالهم ضرره، وإن سكتوا عنه أثموا، واستراحة الدواب منه كذلك؛ لأنه كان يؤذيها ويضر بها ويحملها ما لا تطيقه، ويجيعها في بعض الأوقات وغير ذلك، واستراحة البلاد والشجر، فقيل: لأنها تُمنع القطر بمصيبته، قاله الداودي».
٢٨٩٢. [ق] وعَن أَنسِ بنِ مالكٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ: يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ». [خ:٦٥١٤]
٢٨٩٣. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، إِمَّا النَّارُ وَإِمَّا الجَنَّةُ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ إِلَيْهِ». [خ:٦٥١٥]
1. قال العراقي: «فيه أنّ الميّت يعرض عليه في قبره بالغداة والعشيّ مقعده من الجنّة إن كان من أهلها أو مقعده من النّار إن كان من أهلها، ويقال له هذا مقعدك، وفي هذا تنعيم لمن هو من أهل الجنّة وتعذيب لمن هو من أهل النّار بمعاينة ما أعدّ له وانتظاره ذلك إلى اليوم الموعود».
٢٨٩٤. وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا». [خ:٦٥١٦]