٢٤- بابُ النَّفخِ في الصُّورِ


• [خت] قال مجاهدٌ: الصُّور: كهيئة البُوقِ. ﴿زَجۡرَةࣱ﴾ [الصافات:١٩]: صَيْحَة.
وقال ابن عبَّاس: ﴿ٱلنَّاقُورِ﴾ [المدثر:٨]: الصُّور. ﴿ٱلرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات:٦]: النَّفخة الأولى. و﴿ٱلرَّادِفَةُ﴾ [النازعات:٧]: النَّفخة الثَّانية.
٢٨٩٥. [ق] عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ: رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ، فَقَالَ المُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى العَالَمِينَ. فَقَالَ اليَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى العَالَمِينَ. قَالَ: فَغَضِبَ المُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ اليَهُودِيِّ، فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إِلَى النَّبيِّ ﷺ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ المُسْلِمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى/ مُوسَى؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ مُوسَى فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللهُ». [خ:٦٥١٧]
• وقد تقدَّم القولُ عَلى هَذا الحَديث في النُّبوات [ر:١٥٦١-١٥٦٢].

٢٥- بابُ كَيْفيَّةِ أرْضِ المَحشرِ، وكيف الحَشر؟


• تقدَّم في التَّفسير [ر:٢١٢٧].
٢٨٩٦. [ق] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَتَكَفَّؤُهَا الجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ، نُزُلًا لِأَهْلِ الجَنَّةِ». فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ يَا أَبَا القَاسِمِ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «بَلَى». قَالَ: تَكُونُ الأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً... كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَيْنَا ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكمْ بِإِدَامِهِمْ؟ قَالَ: إِدَامُهُمْ بَالَامٌ وَنُونٌ، قَالُوا: مَا هَذَا؟ قَالَ: ثَوْرٌ وَنُونٌ، يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا. [خ:٦٥٢٠]
1. فيه: أنّ المؤمنين لا يعاقبون بالجوع في طول زمان الموقف، بل يقلب الله لهم بقدرته طبع الأرض حتى يأكلوا منها من تحت أقدامهم ما شاء الله، بغير علاج، ولا كلفة.
2. وفيه: أنه ينبغي للمسلم أن يأخذ الحقّ ممّن قاله، ولا ينظر إلى أهليّة قائله، إذا لم يظهر منه ما يردّه.
3. وفيه: بيان عجيب صنع الله سبحانه وتعالى؛ حيث يجعل الأرض التي نشاهدها خبزة يأكل أهل الجنّة منها!

٢٨٩٧. [ق] وعن سهلِ بن سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ». قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ: لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لِأَحَدٍ. [خ:٦٥٢١]
٢٨٩٨. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ: رَاغِبِينَ ورَاهِبِينَ، وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي حَيْثُ أَمْسَوْا». [خ:٦٥٢٢]
٢٨٩٩. [ق] وعن أنسِ بنِ مالكٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، يُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟». قَالَ قَتَادَةُ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا. [خ:٦٥٢٣]
٢٩٠٠. [ق] وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ -في رواية [خ:٦٥٢٥] يخطُبُ على المنبرِ يقول-: «إِنَّكُمْ مُلَاقُو اللهِ حُفَاةً عُرَاةً مُشَاةً غُرْلًا». قَالَ سُفْيَانُ: هَذَا مِمَّا يُعَدُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ./ [خ:٦٥٢٤]
٢٩٠١. [ق] وفي رواية عنه قال: قَامَ فِيْنَا النَّبيُّ ﷺ يخطُبُ فقال: «إنَّكم محشورون حُفَاةً عُراةً غُرْلًا، ﴿كَمَا بَدَأۡنَاۤ أَوَّلَ خَلۡقࣲ نُّعِیدُهُۥ﴾ [الأنبياء: ١٠٤]، وإنَّ أوَّل الخلائِقِ يُكسى يومَ القيامة إبراهيم، وإنَّه سيُجاء بِرجالٍ مِن أُمَّتي فيُؤخذُ بهم ذات الشِّمال فأقول: يا ربِّ أصحابي. فيقول: إنَّك لا تدري ما أَحدثوا بعدكَ. فأقول كما قال العبد الصَّالح: ﴿وَكُنتُ عَلَیۡهِمۡ شَهِیدࣰا مَّا دُمۡتُ فِیهِمۡ﴾ إلى قوله: ﴿ٱلۡحَكِیمُ﴾ [المائدة: ١١٧-١١٨]، فَقال: إنَّهم لم يزالوا مُرتدِّين على أَعْقَابِهم». [خ:٦٥٢٦]
٢٩٠٢. [ق] وعن عائشةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: «الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَلِك». [خ:٦٥٢٧]
1. عقبت عائشة على (عراة) واستنكرت الوضع بما جبلت عليه من الحياء والتحرز من رؤية العورات فعند ابن أبي شيبة (قلت يا رسول الله فما نستحي) وعند النسائي (قلت يا رسول الله فكيف بالعورات) وعند الترمذي والحاكم (فقالت واسوأتاه) وفي الكلام استفهام تعجبي أي أيحشر النساء والرجال جميعا، وقد نفى رسول الله ﷺ في الجواب فقال: (الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض).
2. وفيه مناقشة التلميذ للشيخ، وصبر الشيخ وحلمه على التلميذ.
3. قال ابن أبي جمرة: «وفائدة الإخبار بذلك أن يتنبه السامع فيأخذ في الأسباب التي تخلصه من تلك الأهوال ويبادر إلى التوبة من التبعات ويلجأ إلى الكريم الوهاب في عونه على أسباب السلامة ويتضرع إليه في سلامته من دار الهوان وإدخاله دار الكرامة بمنه وكرمه».

٢٦- بابُ مِقْدَارِ أَهْلِ الجنَّةِ وأَهلِ النَّارِ


٢٩٠٣. [ق] عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ: «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟» قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلَّا كَالشَّعَرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ». [خ:٦٥٢٨]
٢٩٠٤. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ القِيَامَةِ آدَمُ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ، فَيُقَالُ: هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ. فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، فَيَقُولُ: كَمْ أُخْرِجُ؟ فَيَقُولُ: أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ مِئَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ». فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذَا أُخِذَتْ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِئَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا؟ قَالَ: «إِنْ أُمَّتِي فِي الأُمَمِ إِلَّا كَالشَّعَرَةِ البَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ». [خ:٦٥٢٩]

٢٧- بابٌ: ﴿إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَیۡءٌ عَظِیمࣱ﴾ [الحج:١]


٢٩٠٥. [ق] وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «يَقُولُ اللهُ ﷿: يَا آدَمُ. فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ/ وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ. قَالَ: يَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ. قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَذَلكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ﴿وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَـٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَـٰرَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِیدࣱ﴾ [الحج: ٢]» فاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ فقَالَ: «أَبْشِرُوا؛ فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا وَمِنْكُمْ رَجُلٌ». ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ». فَحَمِدْنَا اللهَ وَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوِ كَالرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الحِمَارِ». [خ:٦٥٣٠]

٢٨- بابٌ: أيْنَ يَقَعُ عَرَقُ النَّاسِ يومَ القِيامةِ؟


٢٩٠٦. [ق] عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: ﴿یَوۡمَ یَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [المطففين:٦] قالَ: «يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ». [خ:٦٥٣١]
٢٩٠٧. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ». [خ:٦٥٣٢]

٢٩- بابُ القِصَاصِ يومَ القيامةِ، ومَن نُوقِشَ الحِسَابَ عُذِّبَ


٢٩٠٨. [ق] عن شَقِيقٍ قال: سمعتُ عبدَ اللهِ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ». [خ:٦٥٣٣]
1. قال ابن حجر: «في الحديث عِظَمُ أمر الدم، فإن البداءة إنما تكون بالأهم، والذنب يعظم بحسب عِظَم المفسدة وتفويت المصلحة، وإعدام البنية الإنسانية غاية في ذلك».
2. قوله: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ) قال النووي: «فيه تغليظ أمر الدماء، وأنها أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة، وهذا لعظم أمرها وكثير خطرها، وليس هذا الحديث مخالفا للحديث المشهور في السنن: أول ما يحاسب به العبد صلاته؛ لأن هذا الحديث الثاني فيما بين العبد وبين الله تعالى، وأما حديث الباب فهو فيما بين العباد».

٢٩٠٩. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ». [خ:٦٥٣٤]
٢٩١٠. وعن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَخْلُصُ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقتصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ/ لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا». [خ:٦٥٣٥]
٢٩١١. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ عُذِّبَ». قَالَتْ: قُلْتُ: أَلَيْسَ يَقُولُ اللهُ: ﴿فَسَوۡفَ یُحَاسَبُ حِسَابࣰا یَسِیرࣰا﴾؟ [الانشقاق:٨] قالَ: «ذَلِكِ العَرْضُ». [خ:٦٥٣٦]
• [ق] وفي رواية: «وليسَ أحدٌ يُنَاقَشُ الحِسَابَ يومَ القيامة إلَّا عُذِّب». [خ:٦٥٣٧]

٣٠- بابُ مُكَالمةِ اللهِ الخَلقَ يومَ القيامةِ مُشافهةً، وكم يَدْخُلُ الجنَّةَ بغير حِسَابٍ؟


٢٩١٢. [ق] عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَه وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلَا يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». [خ:٦٥٣٩]
٢٩١٣. [ق] وعَنِ ابنِ عبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَأَجِدُ النَّبِيَّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ، وَالنَّبِيَّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ، وَالنَّبِيَّ مَعَهُ العَشَرَةُ، وَالنَّبِيَّ مَعَهُ الخَمْسَةُ، وَالنَّبِيَّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، هَؤُلَاءِ أُمَّتِي؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قَالَ: هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ. قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: كَانُوا لَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: «اللهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ». ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ». [خ:٦٥٤١]
1. قوله للرجل الثاني: (سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ) قال القاضي عياض: «قيل إن الرجل الثاني لم يكن ممن يستحق تلك المنزلة ولا كان بصفة أهلها بخلاف عكاشة، وقيل: بل كان منافقا فأجابه النبي ﷺ بكلام محتمل، ولم ير ﷺ التصريح له بأنك لست منهم لما كان ﷺ عليه من حسن العشرة، وقيل: قد يكون سبق عكاشة بوحي أنه يجاب فيه ولم يحصل ذلك للآخر».

قلتُ: هذا الحديثُ رواه البخاري فقال: حدَّثني أَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ، ويُكنى أبا محمَّد، يُعرف بالجمَّال -بالجيم- انفردَ به البخاريُّ، وهو ضعيفٌ، ضعَّفه ابن مَعين وغيره، وإنَّما أَدخل البخاريُّ حديثه على معنى الاعْتبار. نقلتُه مِن حواشي على الأصل.
• [ق] وفي الباب عن أبي هُرَيْرَةَ [خ:٦٥٤٢]، وسَهلِ بنِ سَعدٍ [خ:٦٥٤٣].

٣١- بابُ شَفَاعةِ النَّبيِّ ﷺ لأَهْلِ المَوْقفِ، ولأهْلِ الكَبَائرِ مِن أُمَّتِهِ


٢٩١٤. [ق] عَنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ/ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ مَلَائِكَتَهُ فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّنَا. فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ -وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ- ائْتُوا نُوحًا، أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ -وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ- ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللهُ خَلِيلًا. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ -وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ- ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ -فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ- ائْتُوا عِيسَى. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا، فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ، ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِي، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ -أَوِ الرَّابِعَةِ- حَتَّى لَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ». وَكَان قَتادة يقول عِند هَذا: أي وَجب عَليه الخُلود. [خ:٦٥٦٥]
٢٩١٥. وعن عِمران بن حُصين، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحمَّدٍ ﷺ، فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، يُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الجَنَّةِ: الجَهَنَّمِيِّينَ». [خ:٦٥٦٦]
• ونحوه عن أنسٍ غير أنَّه قال: «بعدَما مسَّهم مِنها سَفْعٌ». [خ:٦٥٥٩]
٢٩١٦. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلَُ مِنْكَ؛ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ خَالِصًا مِنْ قلبِهِ».[خ:٦٥٧٠]
1. في الحديث: الحرص على العلم والخير؛ فإنّ الحريص يبلغ بحرصه إلى البحث عن الغوامض، ودقيق المعاني، فيكون ذلك سببا للفائدة، ويترتّب عليه أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
2. وفيه: تفرّس العالم في متعلّمه، وتنبيهه على ذلك؛ ليكون أبعث على اجتهاده.
3. وفيه: سكوت العالم عن العلم إذا لم يسأل حتّى يسأل، ولا يكون ذلك كتما؛ لأنّ على الطّالب السّؤال، اللّهمّ إلّا إذا تعيّن عليه، فليس له السّكوت.

٢٩١٧. [ق] وعَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ كَأَنَّهُمُ الثَّغَارِيرُ». قُلْتُ: مَا الثَّغَارِيرُ؟ قَالَ: الضَّغَابِيسُ. وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ. [خ:٦٥٥٨]
٢٩١٨. [ق] وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ رسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ، الجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، يَقُولُ اللهُ ﷿: مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيَخْرُجُونَ قَدِ امْتَحَشُوا/ وَعَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ» -أَوْ قَالَ: «في حَمِيَّةِ السَّيْلِ»- قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَلَمْ تَرَوْا أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً». [خ:٦٥٦٠]
الغَريبُ: (الضَّغابيسُ): صِغار القِثَّاء، قَاله ابْن الأعْرابي، وقال أبو عُبيد: هِي شبه قِثَّاءٍ صغارٍ تُؤكل -يعني الضَّغابيس-، وهي الشَّعارير أيضًا بالشِّين، وقال الأصْمعي: الضَّغابيس: نبتٌ ينبتُ في أصول الثُّمام يشبه الهِلْيُونَ، يُسْلق ويُؤكل بالخلِّ والزَّيت. وقال أيضًا: الضَّغابيس: نبتٌ ضعيفٌ، يشبهُ الضَّعيف مِن الرِّجال. قلتُ: وهذا أشبه ما قيل فيه، وأقرب في التَّشبيه المذكور في الحَديث. وواحد الضَّغابيس: ضُغْبُوس، وواحد (الثَّعَارير): ثُعْرور، ويُقال فيها أيضًا: طَراثِيث، وواحدها: طُرْثُوث. والله أعلم.

٣٢- بابُ صِفَةِ الجنَّةِ، ومَنْ أكثرُ أهلِها، وصِفَةِ النَّارِ، ومَنْ أكثرُ أهلِها


٢٩١٩. [ق] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَقُولُ اللهُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ؟ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا: يَا رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا». [خ:٦٥٤٩]
1. فيه بيان أن الخير كله والفضل والاغتباط إنما هو في رضا الله سبحانه وتعالى.

٢٩٢٠. [ق] وعَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَيَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا -أَوْ سَبْعُ مِئَةِ أَلْفٍ،لَا يَدْرِي أَبُو حَازِمٍ أَيُّهُمَا قَالَ- مُتَمَاسِكُونَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ». [خ:٦٥٥٤]
٢٩٢١. [ق] وعن سهلِ بنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ الغُرَفَ فِي الجَنَّةِ، كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ فِي السَّمَاءِ». [خ:٦٥٥٥]
• [ق] زادَ مِن حديث أَبي سَعيدٍ: «كَمَا تَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الغَابِر فِي الأُفُقِ الغَرْبِيِّ والشَّرقيِّ». [خ:٦٥٥٦]
٢٩٢٢. وعن أنسٍ قال: أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ/ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُ فِي الجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: «وَيْحَكِ، أَوَهَبِلْتِ؟! أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟! إِنَّهَا جَنَّاتٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ لَفِي جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ». [خ:٦٥٥٠]
٢٩٢٣. [ق] وعَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «اّْطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاّْطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». [خ:٦٥٤٦]
٢٩٢٤. [ق] وعَنْ أُسَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «قُمْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، وَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الفُقَراء، وَاّْطَّلَعْتُ عَلَى النَّارِ فكَان عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ». [خ:٦٥٤٧]
1. قال القاضي عياض: «ظاهر هذا الحديث أن النساء أكثر أهل الجنة، وفي الحديث الآخر أنهن أكثر أهل النار، قال: فيخرج من مجموع هذا أن النساء أكثر ولد آدم، قال: وهذا كله في الآدميات، وإلا فقد جاء للواحد من أهل الجنة من الحور العدد الكثير».

٢٩٢٥. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ المُسْرِعِ». [خ:٦٥٥١]
• وقد تقدَّم حديث ذَبْحِ الموتِ في التَّفسير[ر:٢١١٢].
٢٩٢٦. [ق] وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ رَجُلٌ في أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي المِرْجَلُ بالقُمْقُم». [خ:٦٥٦٢]

٣٣- بابٌ الصِّراطُ جِسْرُ جهنَّمَ


٢٩٢٧. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ القَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللهُ ﷿ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ، وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ». قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ صَلَّى/ اللهُ عَلَيْهِم وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: اللهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَبِهِ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللهُ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، مِنْهُمُ المُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ المُخَرْدَلُ، ثُمَّ يَنْجُو حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ العِبادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَرَادَ مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَمَرَ المَلائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلامَةِ آثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنَ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدْ امْتَحَشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ: مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الحِبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مِنْهُمْ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَاصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ. فَلا يَزَالُ يَدْعُو اللهَ، فَيَقُولُ: لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: يَا رَبِّ قَرِّبْنِي إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ؟ وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ. فَلَا يَزَالُ يَدْعُو، فَيَقُولُ: لَعَلِّي إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ تَسْأَلُنِي غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. فَيُعْطِي اللهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ، فَيُقَرِّبُهُ إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: يا رَبِّ أَدْخِلْنِي الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَوَلَستَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ. فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قِيلَ لَهُ: تَمَنَّ مِنْ كَذَا. فَيَتَمَنَّى، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: تَمَنَّ مِنْ كَذَا. فَيَتَمَنَّى، حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِيُّ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قالَ أبو هُريرة: وَذَلِكَ الرَّجُلُ هُو آخِرُ أَهْلِ الجنَّة دُخُولًا الجَنَّة. قَالَ: وَأَبُو سَعِيدٍ جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: حَفِظْتُ «مِثْلُهُ مَعَهُ». [خ:٦٥٧٣-٦٥٧٤]
الغَريب:/ (الطَّواغيت): جمع طَاغُوت، وهو كلُّ معبود سِوى الله تعالى. وقوله: (فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ) معناه -والله أعلم- أنَّ الله تعالى يظهر لهم صورة هائلة امْتحانًا لهم، وكما قال مسلم^([(٢٩٩) (١٨٢)]) في هذا الحَرف: «فيأتيهم الله في صُورةٍ غير الَّتي يعرفون» أي: بصورة. فالفاء بمعنى الباء، كما قال تعالى: ﴿هَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّاۤ أَن یَأۡتِیَهُمُ ٱللَّهُ فِی ظُلَلࣲ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ﴾ [البقرة:٢١٠] أي: بِظُلَلٍ. وهذا محتملٌ، والتَّسليم أسلم، والله بمراد رسولِه أعْلم. و(السَّعْدَان): نبتٌ له شوك، وهو مَرْعَى حَسَنٌ، إذا أكلتْه الإبل سَمِنَت. و(المَوبَق): المُهلَكُ. و(المُخَرْدَل): الَّذي تخدشُه الكَلَاليبُ، أي: تَقطعهُ. و(امْتَحَشُوا): احْترقوا وتَغيَّروا. و(قَشَبَنِي): أَيْبَسَني. و(ذَكَاؤُها): شدَّة حرَّها ووهجها. و(ضحِكُ الله تعالى) رَحمته وإحسانه. و(غَضَبُه) عِقابُه وانتقامُه⁽¹⁾.
1. قال ابن بطال: «قوله عليه الصلاة السلام: (وَحَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنَ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ) يدل على أن الصلاة أفضل الأعمال لما فيها من الركوع والسجود، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد إلى الله إذا سجد) وقرأ: { وَٱسۡجُدۡ وَٱقۡتَرِب ۩} [سورة العلق:19]. ولعن الله إبليس لإبائه عن السجود لعنةً أبلسه بها وأَيأسهُ من رحمته إلى يوم القيامة، وقال ثوبان لرسول الله: (دلني على عمل أكون به معك في الجنة قال: أكثر من السجود)».
2. قال المهلب: «وفيه إثبات الرؤية لله تعالى نصاً من كلام رسول الله، وهو تفسير لقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [سورة القيامة:22-23]. يعني: مبصرة لله تعالى، ولو لم يكن هذا القول للنبي بالرؤيا نصاً لكان لنا في قوله تعالى ما فيه كفاية لمن أنصف، وذلك أن النظر إذا قرن بذكر الوجه لم يكن إلا نظر البصر، وإذا قرن بذكر القلب كان بمعنى اليقين، فلا يجوز أن ينقل حكم الوجوه إلى حكم القلوب».
3. قال ابن بطال: «قوله: (فِيهَا مُنَافِقُوهَا) يدل أن المنافقين يتبعون محمداً لِمَا انكشف لهم من الحقيقة رجاء منهم أن ينتفعوا بذلك، ويلتزموا الرياء في الآخرة كما التزموه في الدنيا حتى تُبَيِّنهم الغُرَرُ والتحجيل من أثر الوضوء عند الحوض، فيتبين حينئذ المنافق؛ إذ لا غرة له ولا تحجيل، ويؤخذ بهم ذات الشمال في جملة من ارتد بعده عليه الصلاة والسلام فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فيقول: سحقاً سحقاً».
4. قوله: (وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا) قال النووي: «قال العلماء: إنما بقوا في زمرة المؤمنين، لأنهم كانوا في الدنيا متسترين بهم فيتسترون بهم أيضا في الآخرة وسلكوا مسلكهم ودخلوا في جملتهم وتبعوهم ومشوا في نورهم، حتى ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، وذهب عنهم نور المؤمنين».
5. قوله: (وَدُعَاءُ الرُّسُلِ ﷺ يَوْمَئِذٍ: اللهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ) قال النووي: «هذا من كمال شفقتهم ورحمتهم للخلق وفيه أن الدعوات تكون بحسب المواطن فيدعى في كل موطن بما يليق به».
6. قوله: (وَحَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنَ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ) فيه أن النار مع عِظَمها وشدتها لا تتجاوز الحد الذي أُمرت بإحراقه، والآدمي مع حقارة جِرْمه يُقْدم على المخالفة، ففيه معنى شديد من التوبيخ.
7. قوله: (قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا) قال ابن عثيمين: «أي: آذاني ريح النار، وفي هذا دليل على أن النار لها رائحة كريهة؛ لأن وقود النار الناس والحجارة، فستكون هناك رائحة كريهة مما سيحترق فيها من الأجسام والحجارة».
8. قوله: (فَاصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ) فيه بيان فضل الدعاء وقوة الرجاء في إجابة الدعوة، ولو لم يكن الداعي أهلاً لذلك في ظاهر الحكم، لكن فضل الكريم واسع.
9. أن في قوله في المرة الثانية: (مَا أَغْدَرَكَ!) إشارة إلى أن الشخص لا يوصف بالفعل الذميم، إلا بعد أن يتكرر ذلك منه.

٣٤- بابٌ: في الحَوْضِ، وقولِ اللهِ ﷿: ﴿إِنَّاۤ أَعۡطَیۡنَـٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ﴾ [سورة الكوثر]


٢٩٢٨. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، وَلَيُرْفَعَنَّ مَعِي رِجَالٌ مِنْكُمْ، ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي أُصَيْحابي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ». [خ:٦٥٧٦]
٢٩٢٩. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَمَامَكُمْ حَوْضي كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ». [خ:٦٥٧٧]
٢٩٣٠. [ق] وعن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، ومَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ يشربُ مِنْهُ فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا». [خ:٦٥٧٩]
٢٩٣١. [ق] وعَن أنسِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ إيليَاء وَصَنْعَاءَ مِنَ اليَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ الأَبَارِيقَ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ». [خ:٦٥٨٠]
٢٩٣٢. [ق] وعَنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِيبُهُ -أَوْ: طِيْنُهُ- مِسْكٌ أَذْفَرُ». شَكَّ هُدْبَةُ. [خ:٦٥٨١]
٢٩٣٣. [ق] وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَيَّ يَشْرَبُ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ/ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ». [خ:٦٥٨٣]
• [ق] ومِن حديث أَبِي سعيدٍ: «فَأَقُولُ: إِنَّهُمْ مِنِّي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي». [خ:٦٥٨٤]
• [خت] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ القِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَيُحْلَؤُون عَنِ الحَوْضِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي؟ فَيَقُالُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ عِنْدَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ القَهْقَرَى». [خت:٦٥٨٥]
• وفي رِواية الزُّهري: «فيُجْلَوْن».[خت:٦٥٨٦]
٢٩٣٤. [ق] وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أيضًا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائمٌ إِذَا زُمْرَةٌ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ وَعَرفُوني خَرَجَ رَجُلٌ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ، فَقَالَ: هَلُمَّ. فَقُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَاللهِ. قُلْتُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمْ القَهْقَرَى. ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ، فَقَالَ: هَلُمَّ. فقُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَاللهِ. قُلْتُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ القَهْقَرَى. فَلَا أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ». [خ:٦٥٨٧]
٢٩٣٥. [ق] وعن حَارثةَ بنِ وَهْبٍ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَذَكَرَ الحَوْضَ فَقَالَ: «كَمَا بَيْنَ المَدِينَةِ وَصَنْعَاءَ». [خ:٦٥٩١]
• [ق] ومِن حديث المُستَوردِ: «فِيه الآنِيَةُ مِثْلَ الكَوَاكِبِ». [خ:٦٥٩٢]
٢٩٣٦. [ق] وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنِّي عَلَى الحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِي فَأَقُولُ: يَا رَبِّ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي. فَيُقَالُ: هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ؟ وَاللهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ». وَكَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، يَقُولُ: اللهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا، أَوْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنَا. [خ:٦٥٩٣]
الغَريب: (لَيُخْتَلَجُنَّ) ليُخرجنَّ. (مِن دُوني): مِن عندي. و(جَرْبَاء) و(أَذْرَح): قريتان بالشَّام بينهما مسيرة ثلاثة أيَّامٍ. قاله السَّمَرْقَندي. وهذا مخالفٌ لقوله: (كَما بين المدينة وصَنْعَاءَ)، ولقوله: (كما بين أَيْلَة وصنعاء)، فيرتفع هذا بأنَّ هذه أقوالٌ صُوِّرت على جهة الإغياء في بُعد أقطار الحوض. وخاطَبَ ﷺ أهل كلِّ جهة بما يعرفون مِن المواضع، وهو تمثيل وتقريب، لكلِّ أحدٍ بما يعرفه مِن تلك المواضع، والله أعلم./ و(الكَوْثر): بمعنى الكَثرة، وعَدَلَ عنها للمبالغة. و(سُحْقًا سُحْقًا): بُعدًا بُعدًا. و(يُحْلَؤُون): بالحاء والهمزة هُو الصَّحيح، ومعناه: يُطردون عَنِ الماء. و(يُجْلونَ) بالجيم بمعناه. و(النَّعَم): الإبلُ. و(هَمَلُهَا): مُهمَلُها، وهي الَّتي لَا رَاعيَ لها. و(عَقِبُ الرَّجُلِ) آخِرُه، ومِن ذلك: رَجع على عَقبِه: انْصرفَ عن وجههِ، وأَقبلَ عَلى ما وراءه.
1. قال ابن عبد البر: «كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض كالخوارج والروافض وسائر أصحاب الأهواء، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق والمعلنون بالكبائر، قال: وكل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا ممن عنوا بهذا الخبر».

١ ما معنى " النّاقور" ؟

٦/٠