(٦٤) كِتَابُ القَدَرِ،

وقوله تعالىَ: ﴿إِنَّا كُلَّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَـٰهُ بِقَدَرࣲ﴾ [القمر:٤٩]،
وقوله تعالىَ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ﴾ [الأنبياء:١٠١]

١- بابُ وُجُوبِ الإيْمَانِ بالقَدَرِ

• قد تقدَّم في حديث جَبريل: «وأنْ تُؤمن بالقَدَر خَيرِه وشرِّه».
• [خت] وقال أبو هُرَيْرَةَ: قال لي النَّبيُّ ﷺ: «جَفَّ القَلمُ بما أنتَ لَاقٍ». (خ: ٥٠٧٦)
• [خت] وقال ابن عبَّاس: ﴿وَهُمۡ لَهَا سَـٰبِقُونَ﴾ [المؤمنون:٦١]: سَبَقتْ لهمُ السَّعادة.
٢٩٣٧. [ق] عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُعْرَفُ أَهْلُ الجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَلِمَ يَعْمَلُ العَامِلُونَ؟ قَالَ: «كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ». أَوْ: «لِمَا يُسِّرَ لَهُ». [خ:٦٥٩٦]
فوائد
٢٩٣٨. [ق] وعن عبدِ اللهِ -هو ابنُ مَسعودٍ- قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ -وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ- قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ: بِرِزْقِهِ وَأَجَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، فَوَاللهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ -أَوْ: الرَّجُلَ- ليَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذِرَاعٍ أَوْ باعٍ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذِرَاعٍ أَوْ باعٍ⁽²⁾، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا». [خ:٦٥٩٤]
٢٩٣٩. [ق] وعَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «وَكَّلَ اللهُ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ، أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ، أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ. فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهَا قَالَ: يا رَبِّ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَمَا الرِّزْقُ؟ فَمَا/ الأَجَلُ؟ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ». [خ:٦٥٩٥]
فوائد

٢- بابُ الأعْمَالِ بالخَوَاتِيمِ

٢٩٤٠. [ق] عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَعْظَمِ المُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنِ المُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الحَالِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى المُشْرِكِينَ، حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَجَعَلَ ذُبَابَةَ سَيْفِهِ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ للنَّبِيِّ ﷺ مُسْرِعًا فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ. فَقَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» قَالَ: قُلْتَ لِفُلَانٍ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ»، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِنَا غَنَاءً عَنِ المُسْلِمِينَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا جُرِحَ اسْتَعْجَلَ المَوْتَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَ ذَلِكَ: «إِنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ». [خ:٦٦٠٧]

٣- بابٌ: اّْعْمَلُوا، كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، والمَعصومُ مَن عُصِمَ

٢٩٤١. [ق] عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَمَعَهُ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الجَنَّةِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَلَا نَتَّكِلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لَا، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ﴾ الآية [الليل: ٥]». [خ:٦٦٠٥]
٢٩٤٢. وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ». [خ:٦٦١١]
فوائد

٤- بابٌ: تَحاجُّ آدمَ ومُوسىَ، ولا مُعْطِي لما مَنعَ اللهُ

٢٩٤٣. [ق] عَنْ أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى،/ فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الجَنَّةِ، فقَالَ لَهُ آدَمُ: يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللهُ بِكَلَامِهِ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى». ثَلَاثًا. [خ:٦٦١٤]
٢٩٤٤. [ق] وعَنِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ خَلْفَ الصَّلَاةِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ». [خ:٦٦١٥]

٥- بابُ تَقْلِيبِ القُلوبِ، والتَّعوُّذِ مِن دَرَك الشَّقاءِ، وسُوءِ القَضَاءِ

٢٩٤٥. عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كَانَ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَحْلِفُ: «لَا وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ». [خ:٦٦١٧]
٢٩٤٦. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ جَهْدِ البَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ». [خ:٦٦١٦]

٦- بابٌ: ﴿قُل لَّن یُصِیبَنَاۤ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا﴾ [التوبة:٥١]،

﴿وَمَا كُنَّا لِنَهۡتَدِیَ لَوۡلَاۤ أَنۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ﴾ [الأعراف:٤٣]
٢٩٤٧. عن عَائِشَةَ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنِ الطَّاعُونِ فَقَالَ: «كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَكُونُ فِي بَلدةٍ يَكُونُ فِيهِ، وَيَمْكُثُ فِيهِ لَا يَخْرُجُ مِنَ البَلدةِ، صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ». [خ:٦٦١٩]
٢٩٤٨. [ق] وعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ الخَنْدَقِ يَنْقُلُ التُّرَابَ مَعَنَا، وَهُوَ يَقُولُ:
«وَاللهِ لَوْلَا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا صُمْنَا وَلَا صَلَّيْنَا [خ:٦٦٢٠]
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
وَالمُشـْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا»

(٦٥) كِتَابُ الأَيْمَانِ والنُّذورِ

٧- بابُ قولِهِ تَعالى:/ ﴿لَا یُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِیۤ أَیۡمَـٰنِكُمۡ﴾ [المائدة:٨٩]،

وجَوازِ الكفَّارةِ قبلَ الحِنْثِ
٢٩٤٩. عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ يَحْنَثُ فِي يَمِينٍ قَطُّ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ كَفَّارَةَ اليَمِينِ وَقَالَ: لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتُ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي. [خ:٦٦٢١]
٢٩٥٠. [ق] وعن عبد الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا عنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ». [خ:٦٦٢٢]
فوائد
٢٩٥١. [ق] وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بن أبي مُوسى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ: «وَاللهِ لَا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ». ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللهُ أَنْ نَلْبَثَ، ثُمَّ أُتِيَ بِثَلَاثِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَحَمَلَنَا عَلَيْهَا، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا -أَوْ قَالَ بَعْضُنَا-: وَاللهِ لَا يُبَارَكُ لَنَا، أَتَيْنَا النَّبِيَّ ﷺ نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا، ثُمَّ حَمَلَنَا، فَارْجِعُوا بِنَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَنُذَكِّرُهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَالَ: «مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، بَلِ اللهُ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللهِ -إِنْ شَاءَ اللهُ- لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ». أَوْ: «أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي». [خ:٦٦٢٣]
الغَريب: (نَسْتَحْمِلُه): نسألُه مَا نتحمَّل عليه، أي: نَرتحلُ، أي: طلبوا ظَهْرًا. و(غُرُّ الذُّرَى)؛ أي: بأسْنِمتها بياض، وأصلُ الغُرَّة: بياضٌ في الجبْهة، وقد استُعير هنا، وذِرْوة الشَّيء: أعلاه، وهي هُنا السَّنَام.

٨- بابُ تَرْكِ اللَّجَاجِ في اليَمَينِ أفضلُ مع الكفَّارةِ

٢٩٥٢. [ق] عن أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ». [خ:٦٦٢٤]
٢٩٥٣. [ق] وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَاللهِ لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ، آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ». [خ:٦٦٢٥]
٢٩٥٤. [ق] وعنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنِ اسْتَلَجَّ فِي أَهْلِهِ بِيَمِينٍ فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمًا»/ ليسَ تُغْنِي الكَفَّارَةُ.[خ:٦٦٢٦]
تنبيه: وجدنا هذا اللَّفظ في بعض الأمَّهات: (تُغْنِي) بالتَّاء المضمومة وبالغين المُعجمة، وهذا ليس بشيءٍ، ووجدناه في الأصْل المعتمَد عليه بالتَّاء المفتوحة وبالعين المُهملة، وعليه علامةُ أبي محمَّد الأَصِيلي، وفيه بُعْد، ووجدناه بالياء باثنتين مِن تحتها، وهو أقرب. وعند ابن السَّكن: «يعني ليس الكفَّارَة» وهذا عندي أشبهُها إذا كانت (ليس) استثناءً بمعنى: إلَّا؛ أي: إذا أَلَجَّ في يمينه كان أعظمَ، إلَّا أن يُكفِّر، والله أعلم.

٩- بابٌ: كيف كانت يَمِينُ رسولِ اللهِ ﷺ، وبماذا كان يَحْلِفُ؟

• قد تقدَّم مِن حديثِ ابنِ عُمر أنَّه ﷺ كان يَحْلِف: «ومُقلِّب القُلُوبِ» [ر:٢٩٤٥]، ومِن حديث أبي هُرَيْرَةَ وسعدٍ وزيدِ بن خالدٍ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ أَقْسَمَ بــ«والَّذي نَفْسي بِيَدِهِ»[ر:٣٣٣، ١٦٦٢، ٣٠٢١]، «والذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ» [ر:١١٨٣، ١٨٢٤، ٢٩٠٣، ٢٩١٠].
• ومِن حديث عائشةَ: «والله لو تعلمونَ ما أعلمُ لضَحكتمْ قليلًا ولبَكيتمْ كثيرًا» [ر:٥٢٩].
٢٩٥٥. [ق] وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يقولُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ: «هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الكَعْبَةِ». قُلْتُ: مَا شَأْنِي، أَيَرَى فِيَّ شَيئًا، مَا شَأْنِي؟ فَجَلَسْتُ وَهُوَ يَقُولُ، فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَسْكُتَ، وَتَغَشَّانِي مَا شَاءَ اللهُ، فَقُلْتُ: مَنْ هُمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هم الأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». [خ:٦٦٣٨]
٢٩٥٦. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمْارَتِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «إِنْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ، وَايْمُ اللهِ إِنْ كَانَ خَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ [وإنَّ هذا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ] بَعْدَهُ». [خ:٦٦٢٧]
قلت: معنى: (ايْمُ الله): بقاء الله، أو حياته.

١٠- بابُ الاسْتِثْنَاءِ بمشيئةِ اللهِ في اليَمَينِ بأسْماءِ اللهِ تعالى

• وقد تقدَّم مِن حَديث أبي موسى قولُه ﷺ: «والله، إنْ شاء الله، لا أحلفُ على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا مِنها إلَّا كفَّرت عن يميني»[ر:٢٩٥١].
٢٩٥٧. [ق] وعَنْ/ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَالَ سُلَيْمَانُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلُّهُنَّ تَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ صَاحِبُهُ -يعني المَلَك-: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ. فَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ». [خ:٦٦٣٩]

١١- بابٌ: لا تَحْلِفُوا بآبائِكُم، ومَن كَان حَالِفًا فلْيحلفْ باللهِ أو لِيَصْمُتْ

٢٩٥٨. [ق] عَنِ ابنِ عمرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ: «أَلَا إِنَّ اللهَ نهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ». [خ:٦٦٤٦]
• [ق] زادَ في رِواية: قال عمرُ: فواللهِ ما حَلفتُ بها منذ سَمعتُ النَّبيَّ ﷺ ذَاكرًا، ولا آثِرًا. يَعني: ولا مُخبرًا. [خ:٦٦٤٧]

١٢- بابٌ: لا يُحْلَفُ باللَّاتِ والعُزَّى وَلا بالطَّواغيتِ، وإثم مَن حَلفَ بِمِلَّةٍ سِوىَ الإسْلامِ

٢٩٥٩. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: بِاللَّاتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ». [خ:٦٦٥٠]
٢٩٦٠. [ق] وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ». [خ:٦٦٥٢]

١٣- بابُ إِبْرَارِ المُقْسِمِ إذا لمْ يكنْ هناكَ مانعٌ شرعيٌّ

٢٩٦١. [ق] عَنِ البَراءِ بنِ عَازبٍ قال: أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ بِإِبْرَارِ المُقْسِمِ. [خ:٦٦٥٤]
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ فِي الرُّؤْيَا. قَالَ: «لَا تُقْسِمْ».(خ:٧٠٤٦)

١٤- بابُ لَغْوِ اليَمَينِ، ومَن حَنَثَ ناسيًا،/

وقولِهِ تعالىَ: ﴿لَا یُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِیۤ أَیۡمَـٰنِكُمۡ﴾ [المائدة:٨٩]،
وقولِهِ تعالىَ: ﴿وَلَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ جُنَاحࣱ فِیمَاۤ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ﴾ [الأحزاب:٥]،
وقولِهِ: ﴿لَا تُؤَاخِذۡنَاۤ إِن نَّسِینَاۤ أَوۡ أَخۡطَأۡنَا﴾ [البقرة:٢٨٦] فقال: نعم، وقد فعلتُ
٢٩٦٢. عن عروة، عَنْ عَائِشَةَ: ﴿لَّا یُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِیۤ أَیۡمَـٰنِكُمۡ﴾ [البقرة:٢٢٥] قالَ: قَالتْ: أُنْزِلَتْ فِي قَوْلِه: لَا وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ. [خ:٦٦٦٣]
٢٩٦٣. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ -أَوْ حَدَّثَتْ- بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ». [خ:٦٦٦٤]

١٥- بابُ قَوْلِهِ تَعَالىَ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَیۡمَـٰنِهِمۡ ثَمَنࣰا قَلِیلًا﴾ الآيةَ [آل عمران:٧٧]،

وإثمِ اليمينِ الغَمُوسِ
٢٩٦٤. [ق] عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». [خ:٦٦٧٦]
• وقد تقدَّم في التَّفسير [ر:٢٠٠٢].
٢٩٦٥. وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ». [خ:٦٦٧٥]

١٦- بابُ مَن نَذَرَ أن يُطِيعَ الله فلْيطِعْه،

ومَن نَذرَ مَا ليس بطاعةٍ لم يَلزمْه، ولا تلزمُه كفَّارة،
وقولِهِ تعالىَ: ﴿وَمَاۤ أَنفَقۡتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوۡ نَذَرۡتُم مِّن نَّذۡرࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُهُۥ﴾ [البقرة:٢٧٠]
٢٩٦٦. وَعَنْ عَائِشَةَ قالت: قال النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ». [خ:٦٦٩٦]
٢٩٦٧. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ يَقُودُ إِنْسَانًا بِخِزَامَةٍ فِي أَنْفِهِ، فَقَطَعَهَا النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ. [خ:٦٧٠٣]
فوائد
٢٩٦٨. وعنه قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ». [خ:٦٧٠٤]
قلتُ: فأَمَرَهُ أنْ يُتِمَّ ما كانَ للهِ طاعةً، ويتركَ ما ليسَ للهِ بطاعةٍ، ولم يأمرْهُ بكفَّارةٍ/ لتَرْكِ ذلكَ، ولو كانَ ذلكَ واجبًا كما يقولُهُ بعضُ النَّاسِ لَمَا أخَّرَ البيانَ عَنْ وقتِ الحاجةِ.
فوائد

١٧- بابُ مَن نذرَ أن يَصُومَ أيَّامًا فيوافقَ النَّحرَ أو وقْتَ الفِطرِ

٢٩٦٩. [ق] عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثَـُلَاثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ مَا عِشْتُ، فَوَافَقْتُ هَذَا اليَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ فَقَالَ: أَمَرَ اللهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ مِثْلَهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ. [خ:٦٧٠٦]
فَقَالَ ابنُ عُمر: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ﴾ [الأحزاب:٢١] لَمْ يَكُنْ يَصُومُ يَوْمَ الفِطْرِ والأَضْحَى، وَلَا يَرَى صِيَامَهُمَا. [خ:٦٧٠٥]

١٨- بابُ مَن نَذَرَ شيئًا مِن الطَّاعاتِ في الجَاهليَّةِ، ثمَّ أَسْلَمَ، ومَن مَاتَ وعَليهِ نَذْرٌ

٢٩٧٠. [ق] عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ. قَالَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ». [خ:٦٦٩٧]
٢٩٧١. [ق] وعَنِ ابنِ عبَّاس أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيَّ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ ﷺ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَأَفْتَاهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهَا، وَكَانَتْ سُنَّةً بَعْدُ. [خ:٦٦٩٨]
• [خت] وأمَر ابنُ عُمر امرأةً جعلتْ أمُّها على نفسِها صلاةً بقُبَاء، فقال: صلِّي عنها.

(٦٦) كِتَابُ الكفَّارَاتِ

١- بابُ كفَّاراتِ الأَيْمَانِ، وقولِهِ تعالىَ: ﴿فَكَفَّـٰرَتُهُۥۤ إِطۡعَامُ عَشَرَةِ مَسَـٰكِینَ﴾ [المائدة:٨٩]

• [خت] وَيُذْكَرُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ: مَا كَانَ فِي القُرْآنِ (أَوْ، أَوْ)، فَصَاحِبُهُ بِالخِيَارِ.
• [خت] وَقَدْ خَيَّرَ النَّبِيُّ ﷺ كَعْبًا فِي الفِدْيَةِ. (خ:٦٧٠٨)

٢- بابٌ: يُعطي في الكفَّارةِ عَشَرةَ مَسَاكينَ، أقرباءَ كانوا أو بُعَداءَ، وبيانُ أنَّ ذلك بصاعِ المدينةِ ومُدِّ النَّبيِّ ﷺ، وهو مَا توارثه أهلُ المدينة قرْنًا بعدَ قرْنٍ

٢٩٧٢. وعَنِ الجَعْد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ/ مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمُ اليَوْمَ، فَزِيدَ فِيهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ. [خ:٦٧١٢]
٢٩٧٣. وعَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي زَكَاةَ رَمَضَانَ بِمُدِّ النَّبِيِّ ﷺ المُدِّ الأَوَّلِ، وَفِي كَفَّارَةِ اليَمِينِ بِمُدِّ النَّبِيِّ ﷺ. وقَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ: مُدُّنَا أَعْظَمُ مِنْ مُدِّكُمْ، وَلَا نَرَى الفَضْلَ إِلَّا فِي مُدِّ النَّبِيِّ ﷺ. وَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَوْ جَاءَكُمْ أَمِيرٌ فَضَرَبَ مُدًّا أَصْغَرَ مِنْ مُدِّ النَّبِيِّ ﷺ، بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ؟ قُلْتُ: كُنَّا نُعْطِي بِمُدِّ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ الأَمْرَ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى مُدِّ النَّبِيِّ ﷺ؟ [خ:٦٧١٣]
٢٩٧٤. [ق] وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَصَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ». [خ:٦٧١٤]
قلت: يعني المدينةَ.

٣- بابٌ: أيُّ الرِّقابِ تُعْتَقُ؟

وعِتقُ المُدَبَّر وأمِّ الوَلد والمُكاتَبِ في الكفَّارة، وعِتقُ وَلدِ الزِّنا
٢٩٧٥. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ». [خ:٦٧١٥]
٢٩٧٦. [ق] وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟» فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِ مِئَةِ دِرْهَمٍ، قالَ جَابِرٌ: عَبْدًا قِبْطِيًّا، مَاتَ عَامَ أَوَّلَ. [خ:٦٧١٦]
قلت: هذه التَّرجمة تُصرِّحُ بخلافِ مَذهبِ مَالكٍ؛ فإنَّه لا يُجيز في الكفَّارة عِتقَ شيءٍ ممَّا ذَكَره فيها.

٤- بابٌ: لا يُسْتَغْفَلُ الحالفُ، ويُذكَّر يَمِينه

٢٩٧٧. [ق] عَنْ زَهْدَمٍ الجَرْمِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذَا الحَيِّ مِنْ جَرْمٍ إِخَاءٌ وَمَعْرُوفٌ، قَالَ: فَقُدِّمَ طَعَامُهُ، قَالَ: وَقُدِّمَ فِي طَعَامِهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، قَالَ: وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مَوْلًى، قَالَ: فَلَمْ يَدْنُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: ادْنُ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَأْكُلُ مِنْهُ. قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَطْعَمَهُ أَبَدًا. قَالَ: ادْنُ أُخْبِرْكَ عَنْ ذَلِكَ، أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ،/ وَهُوَ يَقْسِمُ نَعَمًا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ -قَالَ أَيُّوبُ: أَحْسِبُهُ قَالَ: وَهُوَ غَضْبَانُ- قَالَ: «وَاللهِ لَا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ». قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَقِيلَ: «أَيْنَ هَؤُلَاءِ الأَشْعَرِيُّونَ؟ أَيْنَ هَؤُلَاءِ الأَشْعَرِيُّونَ؟» فَأَتَيْنَا، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، قَالَ: فَانْدَفَعْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ ﷺ نَسْتَحْمِلُهُ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْنَا فَحَمَلَنَا، نَسِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَمِينَهُ، وَاللهِ لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللهِ ﷺ لَا نُفْلِحُ أَبَدًا، ارْجِعُوا بِنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَلْنُذَكِّرْهُ يَمِينَهُ. فَرَجَعْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَيْنَاكَ نَسْتَحْمِلُكَ فَحَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا، ثُمَّ حَمَلْتَنَا، فَظَنَنَّا -أَوْ: فَعَرَفْنَا- أَنَّكَ نَسِيتَ يَمِينَكَ؟ قَالَ: «انْطَلِقُوا، إِنَّمَا حَمَلَكُمُ اللهُ، إِنِّي وَاللهِ -إِنْ شَاءَ اللهُ- لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا». [خ:٦٧٢١]
• وقد تقدَّم هذا الحَديث، وشَرْحُ غَريبه في أوَّل كِتاب الأَيْمَان[ر:٤٩٢٩]، وهذا أكْملُ.